استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

القدس أولا والقدس ثانيا والقدس أخيرا..!

الاثنين 4 ديسمبر 2017 03:12 ص

من أخطر ما يتسرب عن ملامح ما يسمى بـ«صفقة القرن» التي يقال إن فريق التفاوض الأمريكي يعدها، استثناء القدس من الحلول المقترحة، والالتفاف على الإجماع الفلسطيني والعربي والدولي بكونها عاصمة لدولة فلسطين المنشودة.

وتترافق تلك التسريبات مع التصاعد الهستيري لأنشطة الاستيطان التهويدية في القدس، وقرارات التطهير العرقي للتجمعات السكانية الفلسطينية فيما يسمى منطقة (E1) مثل جبل البابا والتجمعات البدوية المطلة على الأغوار، والهدف التطويق الكامل للقدس وفصلها عن محيطها في الضفة الغربية.

وبالتوازي مع ذلك أعلنت اللجنة الوزارية في حكومة «نتنياهو» الاحتلالية اقراراها لفصل التجمعات السكانية الفلسطينية في مناطق مخيم شعفاط وكفر عقب عن مدينة القدس، تمهيدا لسلب حق الإقامة والهوية المقدسية من عشرات آلاف الفلسطينيين المقدسيين.

وترافق ذلك مع تصريحات رعناء لنائب الرئيس الأمريكي «سبنس»، باقتراب موعد نقل السفارة الأمريكية الى مدينة القدس، وبوعود بأن الرئيس الأمريكي «ترامب» سيعلن الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل).

ولعل ما يشجع بعض المروجين الغربيين لشطب موضوع القدس من البنيان الفلسطيني الأوهام التي ترافقت مع تمركز مؤسسات السلطة الفلسطينية في مدينة رام الله بسبب منعها من التواجد في القدس، والتوسع العمراني والاستهلاكي المبالغ فيه في تلك المدينة.

لكن أصحاب تلك الأوهام لا يدركون ما الذي تعنيه مدينة القدس ليس فقط لثلاثة عشر مليون فلسطيني، بل ما تعنيه لأكثر من ثلاثمئة مليون عربي وما يزيد على مليار وستمئة مليون مسلم، وما تعنيه لمليارين ومئتي مليون مسيحي، بل ما تعنيه كمدينة تاريخية مقدسة لكل البشرية بملياراتها السبعة.

ولا أعتقد أنهم يدركون أنه لم يوجد، ولن يوجد قائد أو مسؤول فلسطيني يمكن أن يتجرأ على التخلي عن مدينة القدس كعاصمة لفلسطين، وأن من يتجرأ على مجرد التلميح بامكانية ذلك التخلي، ضمن أي إتفاق أو مشروع سياسي قادم، سيوصم بالخيانة من قبل كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين.

ولا توجد تهمة أبشع وأخطر وأقسى من تهمة الخيانة.

ومن يتجرأ على اقتراح أفكار خطيرة لفصل القدس عن أهلها الفلسطينيين استجابة للمشاريع الصهيونية التي تروج لها الحكومة الإسرائيلية، لا يدرك المغزى التاريخي لما مرت به القدس في تاريخها الطويل، ولا يدرك بالتأكيد قدرتها على النهوض مجددا بعد كل احتلال، وبعد كل غزو، مهما عظمت أو طالت قدرات وفترات الغزو والاحتلال.

وفي التاريخ عبر كثيرة تشير الى أن كل من حاول احتكار السيطرة على القدس أو امتلاكها انتهى به الأمر الى حرق أيديه في شوارعها وعلى أسوارها وإلى الاختفاء في غياهب النسيان، وبقيت القدس لأهلها والصامدين فيها، وعلى تخومها، وفي أكنافها.

ومن لا تكفيه عبر التاريخ عليه أن يأخذ العبرة مما اجترحه أهالي القدس البواسل في شهر يوليو/تموز الماضي عندما انتفضوا بعشرات الآلاف ضد إجراءات «نتنياهو» وقيوده على الدخول للمسجد الأقصى، فأجبروه على التراجع مخذولا، وصنعوا بكفاحهم ومقاومتهم الشعبية ما عجزت عن صنعه حكومات ودول، ومنظمات دولية امتهنت إصدار البيانات بعد أن غدت عاجزة عن الأفعال.

أهل القدس وأهل فلسطين لن يمرروا، ولن يسمحوا بتصفية القدس، ولن يقبلوا بأي حل لا يضمنها عاصمة لشعبهم، وكل شعوب المنطقة التي تسامحت أكثر مما يجب مع ما ارتكب من مظالم بحقها، لن تتسامح بأي حال مع المس بمقدساتها الدينية والتاريخية في مدينة القدس وما تمثله بالنسبة لها.

فليلعب الواهمون في ملاعب أخرى، وليبتعدوا عن المس بالقدس، لأنها كفيلة بحرق مخططاتهم بصورة لم ولن يتخيلوها.

القدس بالنسبة لفلسطين كانت وستبقى أول الحديث وآخره، شاء من شاء وأبى من أبى.

* د. مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

  كلمات مفتاحية

القدس فريق التفاوض الأميريكي عاصمة دولة فلسطين الإستيطان والتهويد التطهير العرقي التجمعات السكانية الفلسطينية الضفة الغربية حكومة نتنياهو الاحتلال الإسرائيلي حق الإقامة الهوية المقدسية نقل السفارة الأميركية دونالد ترامب عاصمة إسرائيل