«هاف بوست»: «السيسي» يكثف من حملة القمع لتغطية فشله السياسي

الثلاثاء 5 ديسمبر 2017 08:12 ص

من المرجح أن يكون الجنرال المصري «عبدالفتاح السيسي» الذي أصبح رئيسا للبلاد، أول من يدرك أن القبضة الحديدية ليست ضمانا للبقاء في السلطة، ليس بسبب مصير أطول حاكم استبدادي للبلاد، «حسني مبارك»، الذي أطاحت به ثورة شعبية عام 2011، ولكن لأن قبضة السيسي الحديدية لم تخضع المقاومة، كما أنها لم تمكنه من تقديم السلع والخدمات العامة التي تمس الحاجة إليها في مصر.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2018، كان من المنتظر أن يظهر «السيسي» النية لتخفيف القبضة القمعية أو تخفيض دور الجيش في الاقتصاد -الذي يسيطر على قطاعات عديدة من العمل الخاص- مع اختيار سياسات اقتصادية لا تتمحور حول مشاريع البنية التحتية الضخمة التي تفتقر للعائد، واستهداف -بدلا من ذلك- المشاريع التي تخلق فرص العمل وتخرج الملايين من براثن الفقر، لكن «السيسي» لم يفعل.

وبدلا من ذلك، يقوم «السيسي» -بدعم من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية- بتشديد قبضته وقمعه ضد مجموعات الشباب التي مثلت قلب ثورة يناير/كانون الثاني عام 2011، ويبدو أنه يحاول أيضا منع المرشحين الرئاسيين المحتملين من الترشح للانتخابات، رغم أنه لم يعلن بعد ترشحه لها.

وكان «السيسي» قد جاء إلى منصبه عام 2013، في انقلاب عسكري مدعوم من الإمارات والسعودية، أطاح فيه بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد.

وقد أثبتت مصر مقاومة لصيغة السياسة التي تبنتها الإمارات والسعودية في الداخل، ودعت إليها في أماكن أخرى في المنطقة، وقد تبنت الدولتان الخليجيتان إصلاحا اقتصاديا وحرية اجتماعية أكبر، مع استخدام القمع للاحتفاظ بالسيطرة السياسية، ويبدو أن القمع والسيطرة السياسية المطلقة هما الجانب الوحيد من الصيغة السعودية الإماراتية التي اعتمدتها مصر بكل إخلاص.

وأجبرت سياسات «السيسي» الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» -وهو من محبي الزعيم المصري- على قطع بعض المساعدات العسكرية في وقت سابق من هذا العام، امتثالا للقانون الأمريكي الذي يشدد على ملف حقوق الإنسان.

جزء من المشكلة

وفي مقال افتتاحي لصحيفة «واشنطن بوست» عن الهجوم العنيف الذي وقع الشهر الماضي على مسجد صوفي في سيناء، وقتل فيه أكثر من 300 شخص، وصفت «السيسي» بأنه جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل، وأضافت الصحيفة أن «النظام استخدم الإرهاب كذريعة لأشد حملات القمع في تاريخ مصر الحديث».

وفي هذا الأسبوع، ادعى رئيس الوزراء المصري الأسبق المرشح الرئاسي السابق «أحمد شفيق»، الذي قد يكون أكثر منافسي السيسي قوة، أن الإمارات قد منعته من السفر إلى وطنه، ونفى وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات «أنور قرقاش» هذا الاتهام، لكنه اعترف بأن بلاده «تحفظت بشدة على بعض مواقفه (شفيق)»، لكن الإمارات قامت بنقل «شفيق» جبرا إلى مصر في وقت لاحق.

وكان «شفيق» قد انتقل إلى الإمارات عام 2012، بعد اتهامه بالفساد في أعقاب هزيمته في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها «محمد مرسي» -عضو جماعة «الإخوان المسلمون»- الذي أجبره «السيسي »على ترك منصبه بعد عام واحد.

وعلى الرغم من اعتماده على الدعم المالي من الإمارات والسعودية، لكن «السيسي» اختلف مع البلدين حول السياسات تجاه إيران وسوريا، لكنه انضم إلى المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية لقطر -المستمرة منذ 6 أشهر- بسبب دعم الدوحة لجماعة «الإخوان المسلمون».

وفي خطوة من المحتمل أن تثير الغضب في الولايات المتحدة، وافقت مصر وروسيا هذا الأسبوع على مشروع اتفاق يسمح للقوات الجوية الروسية بالعمل انطلاقا من القواعد المصرية، ومن شأن الاتفاق أن يسمح للإمارات والسعودية بتعزيز التعاون العسكري مع روسيا - خاصة في ليبيا - حيث يدعمان القائد العسكري المثير للجدل «خليفة حفتر».

وبدأ «السيسي»، بعد أعوام من الجهود الفاشلة لإقامة حوار سياسي مع الشباب المصري، جهدا ذا شقين للسيطرة على المنظمات الشبابية والرياضية.

وقد رفضت روابط مشجعي كرة القدم (الألتراس)، التي لعبت دورا رئيسيا في إسقاط «مبارك»، وقادت الاحتجاجات الطلابية ضد «السيسي» -التي تعرضت للقمع الوحشي عامي 2013 و2014- عدة اقتراحات من قبل الرئيس، وقد شهدوا في الأشهر الأخيرة -مرة أخرى- الجانب المظلم من حكمه.

وتم اعتقال المئات من أفراد رابطة الألتراس الخاصة بالنادي الأهلي -في الأشهر الأخيرة- لارتدائهم رقم 74، الذي يشير إلى ذكرى وقوع 74 ضحية من مشجعي النادي عام 2012، في مذبحة تم تحميل مسؤوليتها سياسيا إلى أبناء مدينة بورسعيد المصرية الواقعة على قناة السويس، لكن الكثيرين -خاصة بين أفراد الألتراس- يعتبرون الحادث الأسوأ في التاريخ الرياضي المصري محاولة من قبل قوات الأمن لتلقين المشجعين درسا بسبب أدوارهم السياسية والثورية.

كما تم اعتقال 500 عضو آخر من ألتراس «وايت نايتس»، وهي رابطة تشجع نادي الزمالك، منافس الأهلي، في يوليو/تموز، أثناء محاولتهم حضور مباراة لفريقهم ضد أهلي طرابلس الليبي، وقد أطلق سراح الكثير منهم منذ ذلك الحين.

ووافق البرلمان المصري الشهر الماضي -من حيث المبدأ- على قانون جديد يحكم المنظمات الشبابية والرياضية، وعلى الرغم من أنه يصور كهدية للشباب المصري، لكنه يمنع الروابط الرياضية من الانخراط «في أي نشاط سياسي أو حزبي أو الترويج لأي نشاط سياسي أو حزبي أو حتى تشجيع أي أفكار أو أهداف سياسية».

وقد تأسست العديد من الأندية المصرية، بما في ذلك الأهلي والزمالك، في الأعوام الأولى من القرن العشرين، كأندية وطنية ذات دوافع سياسية، واحتفظت بتلك الهالة لوقت طويل جدا، وتم تأسيس الأهلي كناد مناهض للملكية والاستعمار، ومؤيد للشعب، في حين كان الزمالك مؤيدا للنظام الملكي والبريطانيين.

وكان القانون هدية البرلمان للشباب قبل انعقاد منتدى عالمي للشباب في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، وهو واحد من العديد من هذه التجمعات التي تهدف إلى إعطاء الشباب المصري شعورا بالمشاركة، مهما كان محدودا، من خلال ربطهم بصناع القرار.

وقد أشارت السعودية إلى الأهمية التي توليها للسيطرة على الأندية الرياضية من خلال حضور سفيرها في القاهرة هذا الأسبوع لدعم رمز كرة القدم «محمود الخطيب» في سباق رئاسة النادي الأهلي.

ومن المرجح أن ما يقيد محاولة المسؤولين الحكوميين المصريين في استكمال السيطرة على الرياضة والأندية الرياضية هو الرغبة في تجنب جذب الانتباه إلى حقيقة أن الحكومة - في انتهاك لقواعد كرة القدم العالمية للاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا- تمتلك أغلبية نوادي الدوري الرئيسية في البلاد، وقد غض الفيفا الطرف -منذ فترة طويلة- عن تلك الممارسات في بلدان مثل مصر وإيران.

ويأتي تشديد «السيسي» قبضته على زمام الأمور قبل مشاركة مصر للمرة الأولى -منذ 28 عاما- في نهائيات كأس العالم لكرة القدم في روسيا عام 2018، ويثير النجاح في كرة القدم في الشرق الأوسط، غالبا، مشاعر هائلة في هذا الجزء من العالم المجنون بكرة القدم، وبالنسبة للحكومات، فإن هذا يمثل سيفا ذا حدين.

حيث تمنح النجاحات الرياضية الفرصة للمسؤولين السياسيين لتلميع صورهم المشوهة، وإثارة الحماس الوطني بالتأكيد.

ومع ذلك، قد تؤدي العاطفة المتزايدة -التي تحركها كرة القدم أيضا- إلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وهذا أحد الأسباب الإبقاء على الملاعب المصرية مغلقة إلى حد كبير أمام الجمهور خلال الأعوام الـ 6 الماضية، ومن غير المحتمل أن يقلل القانون الجديد -الذي يحكم المنظمات الشبابية والرياضية- من خطر تحول الملاعب مرة أخرى لمنصات احتجاجية إذا رفع الحظر عن حضور الجماهير.

المصدر | جيمس دورسي - هاف بوست

  كلمات مفتاحية

السيسي قمع السيسي مصر الألتراس