«سيسي كير».. نظام جديد للتأمين الصحي في مصر

الثلاثاء 5 ديسمبر 2017 08:12 ص

حذر خبراء مصريون، من خطورة نتائج مشروع قانون التأمين الصحي، الذي تقول الحكومة المصرية، إنه أول خطوة في إصلاح المنظومة الصحية.

وأكدوا أن القانون الجديد، الشبيه بنظام «أوباما كير» الأمريكي، يستهدف خصخصة المستشفيات الحكومية، وزيادة أسعار الخدمات على المواطنين.

ومنذ سنوات، تتحدث الحكومات المتعاقبة عن تطوير المنظومة الصحية الحالية التي تأسست قبل 50 عاما، لتعلن الحكومة المصرية، في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، موافقتها على مشروع القانون وإحالته إلى مجلس النواب.

وقبل أسبوع، بدأ البرلمان مناقشة القانون لإبداء رأيه، وحال الموافقة يتم إرساله إلى مجلس الدولة (جهة قضائية تنظر في دستورية القوانين) لضبط صياغته وإعادته مرة أخرى إلى مجلس النواب لإصدار موافقته النهائية.

وكان وزير الصحة المصري، «أحمد عماد الدين»، وصف القانون خلال مؤتمر صحفي بمجلس الوزراء مطلع الشهر الجاري، بأنه «نقلة نوعية في جودة الخدمات المقدمة للمواطن».

وأوضح «عماد الدين» أن القانون يعتمد على 3 كيانات أساسية، تتمثل في «هيئة التأمين الصحي الاجتماعي الشامل»، المختصة بتوفير التمويل وشراء الخدمات، و«الهيئة العامة للرعاية الصحية»، المعنية بتقديم الخدمات الطبية، و«الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية» التي تتولى وضع معايير الجودة واعتماد تطبيقها.

بدوره، قال رئيس هيئة التأمين الصحي (حكومية تتبع وزارة الصحة)، «علي حجازي»، إن القانون الجديد إلزامي لجميع المواطنين، مشبها إياه بنظام «أوباما كير» الأمريكي للرعاية الصحية، نظراً لكونه يشمل الجميع.

ويسمح القانون بحصول كل شخص على «كارت أمان صحي»، للعلاج في أي مستشفى يختاره بعد اعتماد جودته، بحسب «حجازي».

وأضاف: «القانون الجديد يغطي 42% من المواطنين غير الخاضعين لمظلة التأمين الصحي الحاليّة، كما ستتكلف الدولة بعلاج 30% من المواطنين غير القادرين، في حين تدفع الفئات الأخرى اشتراكات دورية في المنظومة الجديدة».

مخاوف وتحذيرات

في المقابل، أثار مشروع القانون تخوف معارضيه من اتجاه الحكومة نحو خصخصة المستشفيات الحكومية، لاسيما التي لن تحصل على معيار الجودة الذي يستوجبه بنود القانون الجديد، فضلا عن التخوف من رفع قيمة المساهمات (مبالغ إضافية يدفعها المريض خلال تلقي الخدمة الطبية) على المواطنين.

وقال مدير المركز المصري للحق في الدواء (حقوقي مستقل)، «محمود فؤاد»، إن النسخة النهائية من المشروع تكشف ارتفاع المساهمات لنسبة تصل 5% من الدخل الشامل لأصحاب المهن الحرة، و1% للموظف فقط، إضافة إلى 3% للزوجة التي لا تعمل، و1% للطفل الأول والثاني، و1.5% لكل طفل بعد الثاني، أي يدفع 10% من دخله الشهري، إذا كان لديه زوجة وطفلان فقط.

وأشار «فؤاد»، إلى أن مصير المستشفيات الحكومية (665 مستشفى) غير الحائزة على الجودة مجهول، وهو ما سيؤدي لاستبعادها والاستعانة بالقطاع الخاص بدلًا منها.

وانتقدت وكيل نقابة الأطباء المصريين، «منى مينا»، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، مشروع القانون قائلة، إنه ينص على «إلغاء إعفاء أصحاب المعاشات من دفع المساهمات، ورفع قيمة المساهمات بشكل عام إلى 10% من قيمة الدواء، ومثلها من قيمة الإشاعات الطبية، و20% من تكلفة التحاليل، بخلاف الاشتراكات الشهرية».

وتابعت: «القانون يفرض دفع رسوم 10 آلاف جنيه (570 دولارا) عند استخراج ترخيص العيادة، و20 ألف جنيه (1150 دولارا) عند استخراج ترخيص الصيدلية، و1000 جنيه (60 دولارا) عند تجديد الترخيص لأي منشأة طبية»، معتبرة ذلك «جباية» غير مقبولة.

وأشار أمين عام نقابة الأطباء المصريين، «إيهاب الطاهر»، إلى إيجابيات القانون كالبند الخاص بتحمل الدولة الاشتراكات الشهرية لغير القادرين، لكن في المقابل هناك سلبيات جوهرية؛ مثل عدم وضوح تعريف لفئة غير القادرين والطرق التي ستحدد بناءً عليها.

وأكد «الطاهر»، أنه من ضمن السلبيات أيضاً عدم ذكر ما يتعلق بأجور الأطباء والعاملين بالمنظومة الجديدة في ظل الأجور المتدنية.

واقترحت النقابة إلغاء المساهمات التي يتم دفعها عند إجراء التحاليل في مقابل رفع قيمة الاشتراك الشهري، لكنه لم يؤخذ به، حسب ما ذكر «الطاهر».

ويعاني الأطباء من انخفاض رواتبهم، إذ تتراوح -وفق تقارير صحفية- بين ألف و218 جنيها شهرياً (69 دولار) إلى 6 آلاف و365 جنيها (361 دولار)، فيما تعاني المستشفيات من عجز في الأطباء بواقع طبيب لكل 800 مواطن.

وانتقد عضو مجلس النواب، «هيثم الحريري»، عدم عرض الحكومة الدراسة المالية للقانون والتي تجيب عن كل الأسئلة المتعلقة بنسب المشاركة والمساهمات، إضافة إلى إخراج المستشفيات الجامعية والتي تقدم خدمة جيدة للمواطنين خارج المنظومة والاكتفاء بشراء الخدمة منها.

ملامح المشروع الجديد

وعددَ نائب وزير المالية، «محمد معيط»، عيوب المنظومة الحالية، موضحًا أن عدد المستفيدين يبلغ 54 مليون مواطن بنسبة 58% من السكان، وتقدر الميزانية المخصصة لهم في العام المالي الحالي بنحو 6.5 مليار جنيه، بمتوسط استفادة للمشترك 110 جنيهات سنويا.

واعتبر «معيط»، في حوار مع صحيفة «الأهرام» الحكومية، مؤخرا أن «المنظومة الحالية فشلت في تأدية دورها وتقديم خدمة صحية جيدة للمواطنين».

وعزا السبب في ذلك إلى التضارب بين الجهات في النظم المعمول بها، كما أن النظام الحالي يُكلف المواطن حوالي 60% من إجمالي الإنفاق على الصحة، والذي ينخفض في النظام الجديد إلى أقل من 25%.

وتصل تكلفة المواطن في النظام الجديد إلى ألف و300 جنيه (75 دولارا) مع بداية التطبيق، ثم 4 آلاف جنيه (230 دولار) بعد نهاية تطبيقه، ويغطي النظام كل أفراد أسر المؤمن عليهم.

وحسب المشروع الجديد، الذي تقدر تكلفته بـ140 مليار جنيه، فإن تطبيق المنظومة الجديدة سيستغرق من 12 إلى 13 عاما، على أن يُطبق تجريبيًا في خلال 6 أشهر على الأكثر من إقراره بمجلس النواب، أي في الربع الأول من 2018 بخمس محافظات أولية من بين 27 محافظة مصرية.

وهذه المحافظات هي بورسعيد، السويس، الإسماعيلية، جنوب وشمال سيناء (شمال شرق) على الترتيب، ثم تباعا في باقي المحافظات لينتهي المشروع بحلول عام 2031.

وأوضح رئيس اللجنة الحكوميّة لإعداد قانون التأمين الصحي، «عبدالحميد أباظة»، أن القانون الجديد يعمل على إصلاح المنظومة، لأنه يفصل الخدمة عن التمويل وهو ما يعطي فرصة للرقابة، وتقديم خدمة صحية بمعايير الجودة العالمية، كما أنه يعالج المواطنين من جميع الأمراض دون استثناء.

وعن تعثر المستشفيات في الحصول على الجودة، تابع: «سيتم إعطاؤها فرصة أخرى وإذا لم توفق أوضاعها، يكون الخيار النهائي بضمها لكيان حكومي آخر، يديرها وتكون فرع منه».

واستدرك: «مستشفيات الدولة ستظل مملوكة لها، ولن يتم بيعها للقطاع الخاص تحت أي ظرف، فيما ستحدد اللائحة التنفيذية للقانون أوضاع العاملين بالمنظومة، خاصة الأجور التي ستتحسن كثيرا عن الوضع الحالي وسيكون الأجر فيها مقابل العمل».

و«أوباما كير» وضعه الرئيس الأمريكي السابق، «باراك أوباما» في 2010، من أجل إصلاح نظام الرعاية الصحية في بلاده، وهو عبارة عن مجموعة من الإصلاحات الخاصة بالتأمين الصحي، وسوق المستشفيات.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

قانون التأمين الصحي وزارة الصحة المصرية مجلس النواب المصري نقابة الأطباء أوباما كير