«الإندبندنت»: «علي صالح» يصيب بلاده بالارتباك حيا وميتا

الأربعاء 6 ديسمبر 2017 03:12 ص

قال الرئيس اليمني السابق «علي عبدالله صالح» سابقا إن الحكم في اليمن مثل الرقص على رؤوس الثعابين.

لكن صورة بلاده كعش للأفعى كانت دائما من فعل يديه وتخدم مصالحه، فخلال ثلاثة عقود من الانقسام والفساد والخداع والعنف، لعب «صالح» على كل الحبال من أجل مصالحه قصيرة الأجل، وتنوعت علاقاته من الرؤساء في واشنطن إلى الجهاديين في كهوف الجبال.

ومع حلول يوم الإثنين، كانت حيل «صالح» قد نفدت، حيث طوقه مسلحو «عبدالملك الحوثي»، الذي أقام معه تحالفا منذ عام 2014 حتى الأسبوع الماضي.

وكان «صالح» الذي أصبح رئيسا عام 1978، قد أطيح به عام 2011، بعد أن أطلقت القوات الموالية له النار على الاحتجاجات التي خرجت في شوارع اليمن ضد حكمه.

وفقدت الإدارة التالية شرعيتها سريعا، وبحلول عام 2014، وجد «صالح» الفرصة، وشكل تحالفا مع الحوثيين، وأصدر تعليمات إلى جنود الجيش اليمني الذين كانوا ما زالوا مخلصين له بالتخلي عن مواقعهم والسماح للحوثيين بالحصول على العاصمة، وجزء كبير من بقية البلاد في وقت لاحق.

لكن «الحوثيين» لم يسمحوا لـ«صالح» بالهيمنة، وهكذا، خطط «صالح» للتوصل إلى اتفاق مع المملكة العربية السعودية وحلفائها للإطاحة بالحوثيين وتحقيق السلام بشكل منفرد، واندلعت بسبب ذلك التوترات التي تسببت في اشتعال القتال الأسبوع الماضي.

وفي الوقت الذي لقي فيه حتفه، وحملت جثته على ظهر شاحنة صغيرة، ملفوفة ببطانية، كانت الدولة التي بناها قد دمرت، وكان البلد الذي وحده عام 1990 قد تم تقسيمه مرة أخرى، وفشلت لعبته النهائية لتأمين النفوذ المستقبلي لعائلته على السياسة اليمنية.

اختبار للقدرة

وكان «صالح» قد عزز صفوف الحوثيين بقوة كبيرة ومدربة من ضباط وجنود الجيش اليمني، والآن، بعد قتلهم لـ«صالح»، سيتم اختبار قدرة تلك الحركة على مقاومة أعدائها وحدها.

وقد أفادت الأنباء أن القوات الموالية لحكومة الرئيس «عبدربه منصور هادي» - التي تتخذ من الرياض مقرا لها - تستعد للتوجه إلى العاصمة عبر الجبال إلى الشرق في محاولة للاستفادة من الارتباك والانقسام الذي سببه الحوثيون.

وفي أقرب نقطة، قد يكون المقاتلون المناهضون للحوثيين على بعد 30 ميلا، ولكنهم لم يحققوا تقدما - تقريبا - في العام الماضي، لكن من غير المعروف كم تغير ميزان القوى، خاصة بعد أن سيطر الحوثيون على تمرد الموالين لـ«صالح» وراء خطوطهم.

وإذا نجح الحوثيون، وفشل الهجوم المتوقع، فإن التحالف الذي تقوده السعودية - وعلى رأسه الأمير المتهور «محمد بن سلمان» - سيضطر إلى مواجهة خيارات صعبة للغاية، فإذا لم يتمكنوا من هزيمة الحوثيين عبر تخريب البنية التحتية للبلاد، ولا من خلال المعركة المفتوحة على الأرض، ولا من خلال الأزمة الإنسانية التي تسببوا فيها بحصارهم للشمال، فما هي الخيارات المتبقية؟

وتتصاعد كذلك الانقسامات داخل التحالف السعودي، حيث كان هناك معارك مسلحة في عدن هذا الأسبوع بين أطراف من داخل الائتلاف، وكان هناك إطلاق نار مجهول، ولم يظهر سلوك التحالف في الآونة الأخيرة مؤشرات تعطينا الأمل في أن يختاروا حلا وسطا بدلا من التصعيد الإضافي المدمر على هذه الجبهة أو تلك، في بلد يشهد بالفعل أشد أزمة إنسانية في العالم.

وربما هذا هو السبب في أن الملايين من اليمنيين الذين يكرهون «صالح» لن يفرحوا بمقتله، فطوال حياته السياسية، جعل نفسه حلقة الوصل بين التحالفات، حتى في الموقف الذي تسبب في موته، كان يسعى إلى وضع نفسه كمحاور وحيد متاح في الشمال أمام الائتلاف السعودي، وبالتالي، كان وجوده ضروريا لإنهاء الحرب بشكل قد ينقذ ماء وجه الجميع.

وفي الحقيقة، رغم رد فعل الحوثيين، وإصرار السعودية على التشكيك في قدرته على التأثير في مثل هذا الاتفاق، لكن هذا هو ما يبدو أن الكثيرين كانوا يأملون فيه، أن تؤدي تحركات «صالح» الأخيرة لإنقاذ اليمن، حتى إن كان عن غير قصد.

لكن ذلك ربما لم يكن ليحدث.

والآن، لا أحد يعرف حقا ما سيحدث لاحقا، فقد بنى «صالح» دولته على الخوف وعدم اليقين، وقد تتسبب وفاته - في حد ذاتها - بالكثير من القلق والارتباك.

في الحقيقة، لم يكن «صالح» هو الراقص، بل كان الأفعى، ورقص جميع من في اليمن على لحنه.. وتلك الحقبة قد انتهت الآن.

المصدر | الإندبندنت

  كلمات مفتاحية

اليمن الحوثيين علي صالح مقتل علي صالح