«ستراتفور»: مقتل «علي عبدالله صالح» يقلب أوضاع الحرب في اليمن

الأربعاء 6 ديسمبر 2017 04:12 ص

كانت نهاية غير متوقعة لزعيم عربي سيطر على بلاده لعقود، وفي 4 ديسمبر/كانون الأول، قُتل «علي عبدالله صالح»، الديكتاتور اليمني السابق، خارج العاصمة صنعاء، التي أصيبت بالشلل بسبب أسبوع من القتال.

وأظهر مقطع فيديو تم نشره على الإنترنت جثة «صالح» ملفوفة ببطانية وتتقاطر منها الدماء، وتحيط به الميليشيات.

ووصف التليفزيون الحكومي الرئيس السابق بـ«زعيم الخونة»، ومن المحتمل أن يصعد موته حربا أهلية دمرت البلاد تستمر منذ 3 أعوام.

وكصورة مصغرة من التعقيدات في اليمن، يكفي أن نعرف أن «صالح» قد قُتل على يد أعدائه السابقين الذين أصبحوا فيما بعد حلفاء قبل أن يعودوا أعداء مرة أخرى.

وكان «صالح»، الرجل العسكري البالغ من العمر 75 عاما، قد سيطر على شمال اليمن عام 1978، ثم قاد الحرب الأهلية التي أعادت توحيد البلد المقسم عام 1994، وخلال حكمه على مدى عقدين من الزمن، تم اتهامه وحلفاؤه بنهب المليارات من أموال الدولة الأكثر فقرا في العالم العربي.

كما خاض حربا شرسة ضد الحوثيين، وهي مجموعة تضم عددا كبيرا من المسلمين الشيعة الزيدية، الذين شعروا بالتهميش من قبل الحكومة.

وواجه «صالح» احتجاجات جماهيرية عام 2011، خلال الربيع العربي، ونجا من محاولة اغتيال تركته مصابا بحروق بالغة، وقد أجبرته دول الخليج في نهاية المطاف في العام التالي على التنحي، واستبدلته بنائبه «عبدربه منصور هادي».

وسرعان ما تعثرت عملية الانتقال السياسي المدعومة من الأمم المتحدة، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الحوثيين كانوا لا يزالون يشعرون بتقييد حريتهم.

وفي أواخر عام 2014، اقتحم الحوثيون صنعاء، وأطاحوا بـ«هادي» وطردوه خارج العاصمة، وعقدوا تحالفا - لم يكن مرجحا في الغالب - مع «صالح»، الذي رأى أهمية العودة إلى طريق السياسة.

وفي غضون 6 أشهر، وصلت قواتهم إلى مدينة عدن الساحلية الجنوبية، لكن الحوثيين ارتكبوا فظائع أيضا بحق اليمنيين السنة، وبسبب نجاحاتهم، تدخلت المملكة العربية السعودية، التي اعتادت التدخل - منذ فترة طويلة - في شؤون جارتها الجنوبية.

وعلى مدى أكثر من عامين، قام التحالف الذي تقوده السعودية بضرب اليمن بمئات الضربات الجوية، وقد قُتل في ذلك ما لا يقل عن 10 آلاف شخص، معظمهم من المدنيين، وأصبح المرض والجوع منتشرين على نطاق واسع في البلاد.

وقد أصبح الصراع جبهة أخرى في الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران، التي توفر دعما محدودا للحوثيين، ورغم ما لديه من قوة عسكرية، كافح التحالف بقيادة السعودية لهزيمة عدو أضعف بكثير، وقد تمكن الحوثيون مرتين في الشهر الماضي من إطلاق صواريخ باليستية على السعودية.

وفي الأسبوع الماضي، أنهى «صالح» فجأة شراكته التي دامت 3 أعوام مع الحوثيين، وبدعم من الطائرات الحربية السعودية، استولى رجاله على أجزاء كبيرة من العاصمة، وفي خطاب متلفز يوم 2 ديسمبر/كانون الأول، أدان «صالح» تهور حلفائه الحوثيين، ودعا إلى حوار مع التحالف الذي تقوده السعودية.

لكن في غضون أيام، عانى من انتكاسة دراماتيكية واستعاد الحوثيون معظم الأراضي التي خسروها، وحاصروا المنطقة المحيطة بمنزل الرئيس السابق، الذي فجروه في وقت لاحق، وقالت هيئة الصليب الأحمر إن أكثر من 120 شخصا قتلوا في صنعاء خلال الأسبوع الماضي فقط، كان الرئيس السابق واحدا منهم.

وجاء موته ليسبب حرجا كبيرا للسعودية، ولا سيما لولي العهد الشاب «محمد بن سلمان»، الذي عانى من سلسلة من الإخفاقات الأخيرة في السياسة الخارجية.

ومن المحتمل أن يفتح مقتل «صالح» جبهة جديدة في الحرب، بين الحوثيين والموالين القبليين لـ«صالح»، الذين يفتقرون الآن إلى زعيم، ويقف ابن «صالح»، «أحمد»، بالقرب من الإمارات العربية المتحدة، وقد يسعى إلى أخذ مكان والده، وقد يكون الزعيم الجديد هو الفريق «علي محسن الأحمر»، وهو موال سابق لـ«صالح»، ويشغل الآن منصب نائب الرئيس «هادي»، ولكن النتيجة الأكثر احتمالا هي ساحة معركة أكثر انقساما.

وينتظر 28 مليون شخص في اليمن أياما أكثر بؤسا، حيث يحتاج ثلاثة أرباعهم إلى مساعدات إنسانية، وقد وصف «صالح» من يحكم اليمن كالذي «يرقص على رؤوس الثعابين»، وفي النهاية، حتى هذا السياسي البارز الذي نجا سابقا، لا يمكنه تجنب العض.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

مقتل علي صالح اليمن الإمارات أحمد علي صالح