استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مجزرة مسجد الروضة

الأربعاء 6 ديسمبر 2017 03:12 ص

المجزرة التي ارتكبت في مسجد قرية الروضة في بئر العبد غرب العريش تستدعي تعليقًا ثلاثي الأبعاد:

الأول يتعلق بالجماعة الإرهابية التي ارتكبتها.

الثاني يتعلق بالنظام السياسي المصري للدولة التي وقعت فيها.

الثالث يتعلق بالمجتمع الذي كتب عليه أن يدفع ثمنها غاليًا.

يلاحظ هنا أن أيًا من الجماعات الإرهابية لم يعلن مسؤوليتها عن تلك المجزرة، ربما بسبب بشاعتها وإحساس التنظيم الذي ارتكبها بأن إعلان مسؤوليته عنها سيجلب عليه من الكراهية والسخط أضعاف ما قد يجلب له من الرضا والولاء، حتى من جانب أشرس المعارضين للنظام الحاكم..

فتلك هي المرة الأولى التي تقوم فيها جماعة إرهابية باستهداف مسجد ومحاولة قتل جميع المصلين فيه، بمن فيهم الأطفال، بدم بارد ومع سبق الإصرار والترصد.. ويبدو لي أن الهدف الوحيد من هذه العملية كان قتل أكبر عدد ممكن من الأفراد، أيًا كان دينهم أو مذهبهم أو حتى عمرهم، وأن الكل مستهدف لا فرق بين مسلم وقبطي، أو بين سني وشيعي، أو بين سلفي وإخواني وصوفي..

لذا لا أتفق مع الأطروحات القائلة بأن المسجد تم استهدافه، لأنه تابع لجماعة أو لطريقة صوفية بعينها، أو لتصفية صراعات قبلية بسبب موقف القبائل السيناوية من التعاون مع النظام الحاكم..

فالهدف كان في رأيي إثبات أن الجماعات المسلحة لاتزال قوية وذراعها طائلة وقادرة على الضرب في أي وقت وفي أي مكان، وبالتالي إثارة الذعر في كل أرجاء البلاد، اعتقادًا منها بأن ذلك سيسارع بدوران عجلة إسقاط النظام الحاكم..

لكني أعتقد أن هذه الاستراتيجية ستفشل، بل وستؤدي إلى نتائج معاكسة تمامًا وخلق حالة من الكراهية الشديدة لكل من يحمل السلاح ليقتل بهذه الطريقة، أيًا كانت دوافعه.

تمكن العناصر الإجرامية من ارتكاب هذه المجزرة يكشف قصورًا في أداء الأجهزة الأمنية، خصوصًا أن الجريمة وقعت في منطقة مواجهة مع الإرهابيين! لكنني أعتقد أن لوقوع هذه المجزرة دلالات أكبر تتجاوز الجوانب الفنية..

فتكرار الحوادث الإرهابية بمعدلات سريعة على هذا النحو يعد كاشفًا ليس فقط عن قصور الخطط أو نقص الكفاءة الفنية للأجهزة الأمنية وإنما أيضًا عن افتقاد النظام الحاكم للرؤية السياسية وقصور السياسات المطبقة في مختلف المجالات..

لذا فما لم يغير النظام من سياساته، أو حتى من بنيته نفسها، فسيفشل فشلًا ذريعًا على كل الجبهات، ليس تحت وقع ضربات الإرهاب، ولكن بسبب قصور سياساته التي تساعد على تفشي الإرهابية وليس انحساره.

وأخيرًا يمكن القول إن نجاح الجماعات الإرهابية في ارتكاب هذه المجزرة البشعة يؤكد من جديد أن المجتمع المصري بات محشورًا بين قوتين فاشيتين بطبيعتهما:

الأولى تستغل بريق الدين لإحكام قبضتها وفرض سيطرتها بقوة السلاح، والثانية تستغل بريق الوطنية والحرص على سلامة الدولة لإحكام قبضتها وفرض سيطرتها اعتمادًا بسطوة الأجهزة الأمنية واغتيال الحياة السياسية وخنق المجتمع المدني..

فالنظام الذي يحكم مصر الآن لا يحارب الإرهاب والجماعات الإرهابية فقط بل يحارب كل فكر مختلف وكل تنظيم لا يقدم له تأييدًا غير مشروط..

لا شك أن المجتمع المصري يدرك يقينًا أن الإرهاب والجماعات الإرهابية تمثل الخطر الأكبر عليه وعلى مستقبله، ومن ثم يرفض رفضًا قاطعًا تأييد ما تقوم به هذه الجماعات بحجة أنها تقاوم نظامًا يرفض سياساته.

فهذه الجماعات لا تختلف في الواقع مع سياسات النظام الحاكم، وإنما تطعن فقط في شرعيته، لا لشيء إلا لأنها تعتبر نفسها الممثل الشرعي لأي مجتمع مسلم يطمح إلى تطبيق شرع الله.. وهنا تكمن المعضلة الحقيقية!

فهذه الجماعات تعتقد أنها الوحيدة المؤهلة لتطبيق شرع الله في صورته النقية، لكنها في الحقيقة أبعد ما تكون عن فهمه.

مجزرة مسجد الروضة جريمة كاشفة لمأزق كبير يعيشه المجتمع المصري حاليًا، وما لم يغير النظام الحاكم من سياساته فسوف ينتهي به الطريق إلى تسليم مصر على طبق من ذهب لأكثر الجماعات الإرهابية توحشًا.

* د. حسن نافعة أستاذ علوم السياسة بجامعة القاهرة.

المصدر | الوطن القطرية

  كلمات مفتاحية

مصر سيناء مجزرة مسجد الروضة جماعات الإرهاب فاشية النظام الحاكم إسقاط النظام خنق المجتمع المدني