مجزرة «الروضة» تغيب «ولاية سيناء».. تكتيك أم أزمة؟

السبت 9 ديسمبر 2017 08:12 ص

غاب تنظيم «ولاية سيناء»، الفرع المصري لـ«الدولة الإسلامية»، خلال الأسبوعين الماضيين، عن الساحة العسكرية، منذ مجزرة مسجد الروضة، التي أحدثت صدمة بالغة لدى أهالي سيناء والعالم، في آخر صلاة جمعة من الشهر الماضي.

وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، اختفى النشاط العسكري للتنظيم واقتصر نشاطه فقط على اشتباكات قصيرة في المنطقة العازلة بمدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة، وقتل أربعة مواطنين بحجة التعاون مع قوات الأمن المصرية.

ولم يعتد التنظيم على حالة الصمت التي تسود نشاطه في الوقت الحالي في كافة مناطق محافظة شمال سيناء، إذ أنه طيلة الأشهر الماضية كانت له هجمات متنوعة في مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، إلا أنها طيلة الأسبوعين الماضيين كانت عبارة عن ساحات هادئة.

وبحسب مراقبين، فإن هذا الاختفاء للتنظيم يعد دليلا إضافيا على مسؤوليته عن مجزرة الروضة، بالنظر إلى عدم وجود سبب يمنع «ولاية سيناء» من مواصلة نشاطه العسكري، ولا وجود أي متغير على ساحة سيناء طيلة الأسابيع الماضية، سوى وقوع المجزرة.

ولم تعلن بعد أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الأعنف الذي تشهده مصر عبر تاريخها الحديث، لكن النيابة المصرية قالت إن منفذي الهجوم كانوا يحملون رايات تنظيم «الدولة الإسلامية». (طالع المزيد)

امتصاص رد الفعل

ويرى المتابعون للشأن السيناوي، أن هدوء التنظيم في الوقت الحالين قد يعود إلى تفضيله عدم مواجهة قوات الأمن المستنفرة منذ وقوع المجزرة، وأن يمتص ردة فعل قوات الجيش التي بدأت بعمليات عسكرية انتقامية في مناطق جنوب رفح والشيخ زويد والعريش على مدار الأيام الماضية.

إلا أن الوقائع على الأرض، ترد على هذا الاعتقاد، بأن التنظيم لطالما صد حملات قوات الجيش التي كانت تستهدفه عقب الهجمات الدموية، وكان يتعمد نشر صور لأشكال التصدي، وهذا ما حصل في مناطق جنوب العريش قبل عدة أشهر، وفي مدينة رفح مطلع العام الحالي.

انقسام قيادي

ووفقاً لمصادر قبلية، فإن حالة من الانقسام تسود الصفوف القيادية في التنظيم بعد المجزرة، نظراً إلى العدد الهائل من القتلى المدنيين، الذي سقط نتيجة الهجوم الذي يتهم التنظيم بتنفيذه، اعتماداً على حالة العداء مع أتباع الطريقة الصوفية، أصحاب المسجد، وعدم نفيه للاتهامات التي حملته مسؤولية الهجوم، رغم مرور أسبوعين على وقوعه.

وأوضحت المصادر، أن الانقسام ناجم عن رفض عدد من قيادات التنظيم المحليين من أبناء سيناء، الذين رأوا أن حجم الهجوم لم يكن مبرراً، وأن حجم الخسائر الناجمة عنه أكبر من الفوائد، خصوصاً في خسارة شريحة واسعة من المحايدين في الصراع القائم بين «ولاية سيناء» والأمن المصري، وأنه أنهى أدنى أشكال الحاضنة الشعبية للتنظيم، وأوجد حالة من العداء من قبل كل أبناء سيناء.

كما أن الانقسام جاء بسبب رفض قادة مجموعات عسكرية في التنظيم لما جرى في المسجد، بحكم القرابة التي تربط عدداً منهم بقبيلة «السواركة»، التي كان لها النصيب الأكبر من الضحايا، ما استدعى إيقافاً للنشاط العسكري للتنظيم إلى حين انتهاء الأزمة القائمة.

لا تعاطف

وتعليقاً على ذلك، قال رئيس اتحاد قبائل سيناء «إبراهيم المنيعي»، إن حالة الغضب والكره للتنظيم باتت مستقرة في كل نفوس أبناء سيناء، نظراً لهول الفاجعة التي أصابت المنطقة، وأنهت أي شكل من أشكال التعاطف على كافة المستويات.

وأشار إلى أن «التنظيم بات مكشوف الظهر في كافة مناطق تواجده في سيناء، رغم أن القبائل لم ولن تتحدث مع الأمن المصري في مواجهة التنظيم خلال الفترة المقبلة، أو ضمن عملياته الانتقامية من التنظيم على خلفية هجوم الروضة».

وأوضح أن «حالة من عدم الثقة باتت تسود العلاقة بين القبائل والتنظيم، كما الحال مع الأمن»، ما يلغي أي احتمالية لإنشاء تحالفات بين الأطراف سابقة الذكر.

وأكد «المنيعي»، في الوقت ذاته، أن هناك محاولات جادة من النظام، عبر شخصيات مختلفة من سيناء، لجرّ القبائل إلى حرب مع «ولاية سيناء» على خلفية مجزرة الروضة لما أوقعته من ضرر مادي ونفسي على نفوس أهالي سيناء.

وسبق أن أعلنت قبائل سيناوية، حمل السلاح ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، بالتعاون مع الجيش والشرطة، في تكرار للسيناريو العراقي؛ عبر استنساخ ظاهرة «الصحوات» التي تشكلت لمساندة السلطات ضد جماعات متشددة.

كما كشفت مصادر أمنية مصرية، عن بدء استراتجية جديدة في إطار مواجهتها مع المسلحين في سيناء، تعتمد على التنسيق مع شيوخ قبائل سيناء وعواقلها.

وسبق أن أعلن اتحاد قبائل سيناء، حالة الاستنفار بين صفوف مقاتليه، لشن عملية موسعة بالتنسيق مع الجيش المصري، ضد مقاتلي التنظيم، تشمل تحركات القبائل على الأرض، وغلق الطرق والمدقات الجبلية في شمال سيناء، إضافة إلى إغلاق مدقات تؤدي من تلك الطرق الرئيسية المعبدة إلى قلب الصحراء الجنوبية المتاخمة لمدينتي رفح والشيخ زويد، بهدف قطع أي طرق محتملة لفرار أو تسلل المسلحين الذين يلوذون بجبال سيناء.

وتتزامن تحركات القبائل، مع إعلان الجيش المصري، إطلاق عملية عسكرية وأمنية في وسط وشمال سيناء، لتعقب منفذي الهجوم على مسجد «الروضة» قبل أسبوعين، ما أسفر عن مقتل 310 أشخاص وإصابة العشرات.

وكلف الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، قوات الجيش والشرطة، عقب المجزرة، باستخدام ما أسماه «كل القوة الغاشمة» من أجل استعادة الأمن والاستقرار خلال 3 أشهر في محافظة «شمال سيناء».

المصدر | الخليج الجديد + العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

الروضة ولاية سيناء سيناء الدولة الإسلامية قبائل سيناء الانقسامات