«ذا نيويوركر»: «ترامب» يقبل بقاء «الأسد» تزامنا مع إعلان «بوتين» النصر في سوريا

الثلاثاء 12 ديسمبر 2017 07:12 ص

على الرغم من وفاة ما يقرب من نصف مليون شخص، العديدين منهم بالأسلحة الكيميائية، في الحرب الأهلية السورية، فإن إدارة «ترامب» مستعدة الآن لقبول حكم الرئيس «بشار الأسد» حتى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في سوريا في عام 2021، وفقا لمسؤولين أمريكيين وأوروبيين. ويأتي القرار معاكسا للتصريحات الأمريكية المتكررة بأن «الأسد» يجب أن يتنحى كجزء من عملية السلام.

وقال وزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون» في وقت سابق من شهر أكتوبر/ تشرين الأول بعد جولة له في الشرق الأوسط إن الولايات المتحدة ترغب في سوريا موحدة دون أي دور لـ«بشار الأسد» في الحكومة. وقال للصحفيين الذين يسافرون معه «إن عهد أسرة الأسد يقترب من نهايته، والقضية الوحيدة هي كيف يمكن تحقيق ذلك».

ويعكس القرار الأمريكي خيارات الإدارة الأمريكية المحدودة، والواقع العسكري على الأرض، ونجاح حلفاء النظام السوري في روسيا وإيران وحزب الله في دعم «نظام الأسد» المحاصر. وفى زيارة مفاجئة لسوريا، أعلن الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» يوم الاثنين انتصارا ضد كل من «تنظيم الدولة والجهاديين والمسلحين المدعومين من الغرب».

وقال «بوتين» للقوات الروسية المتمركزة في القاعدة الجوية في محافظة اللاذقية الساحلية السورية «في غضون قرابة عامين، هزمت القوات المسلحة الروسية والجيش السوري أكبر مجموعة من الإرهابيين الدوليين». ويعتبر قرار روسيا في عام 2015 بتوفير القوة الجوية للأسد، على نطاق واسع، نقطة تحول محورية للنظام، الذي يتحدى الآن الخلافات الحادة حول تمسكه بالسلطة.

تدخلت واشنطن أيضا في سوريا، على الرغم من أنها تدخلت في المقام الأول لمحاربة تنظيم الدولة. ومنذ عام 2014، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من أربعة عشر مليار دولار، أي بمعدل يزيد على ثلاثة عشر مليون دولار يوميا في حملتها الجوية ضد الخلافة الزائفة للدولة الإسلامية، كما نشرت أيضا ألفي جندي أمريكي لإسداء المشورة للقوات الديمقراطية السورية، وهي ميليشيا متمردة أطاحت بتنظيم الدولة من عاصمته، الرقة، في أكتوبر/ تشرين الأول.

ومع ذلك، على مدى الأشهر القليلة الماضية، أدت الحقائق على الأرض إلى تقبل الإدارة الأمريكية أن «الأسد»، الذي حكمت عائلته سوريا منذ ما يقرب من نصف قرن، قد يبقى في السلطة لمدة تصل إلى أربع سنوات أخرى. ويسيطر النظام السوري اليوم على غالبية الأراضي بما في ذلك مدن مثل دمشق وحماة وحمص واللاذقية وحلب-التي كانت في السابق جوهرة التاج للمعارضة- وهي المناطق التي يطلق عليها إجمالا اسم سوريا المفيدة. ويبدو أن النظام وحلفاءه الأجانب، روسيا ، وإيران، وحزب الله اللبناني، قد عززوا ما كان بقعا غير مترابطة من الأراضي ونجحوا في تثبيت حكم «الأسد» على غالبية السكان السوريين.

ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول ، أدت الإطاحة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الذي كان يسيطر على حوالي ثلث سوريا، إلى تحويل التركيز الدولي إلى الحرب الأهلية الأصلية وإلى كيفية إنهائها. ومرة أخرى يبدو «الأسد» فائزا بفضل دعم حلفائه في حين أن جماعات المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة غير فعالة ومنقسمة إلى فصائل ولم تظهر أي قيادة قوية منذ ما يقرب من سبع سنوات، منذ اندلاع انتفاضة الربيع العربي في عام 2011  في حين أًصبح مطلبهم بأن يتنحى «الأسد» كشرط مسبق للسلام أو الانتقال السياسي غير واقعي على نحو متزايد.

مهمشة دبلوماسيا

على المستوى الدبلوماسي، تم تهميش واشنطن من قبل الترويكا القوية المتمثلة في روسيا وإيران وتركيا، التي تسيطر الآن على عملية السلام. ولم تحرز عدة جولات من المحادثات برعاية الأمم المتحدة في جنيف أي تقدم، وقد حلت محادثات السلام التى قادتها روسيا فى يناير/كانون الثاني الماضى فى أستانا بكازاخستان محل جهود الأمم المتحدة. وبعد زيارته لسوريا، توجه «بوتين» إلى تركيا لبحث الخطوات التالية في هذه العملية مع الرئيس «رجب طيب أردوغان».

في أيامها الأولى، كانت إدارة «ترامب» تأمل في أن تكون سوريا قضية يمكن أن تحقق فيها التعاون مع روسيا، ولكن «ترامب» أصدر في الأول من أبريل/نيسان قرارا بإطلاق الصواريخ على قاعدة سورية استخدمت لإطلاق أسلحة كيمياية على خان شيخون وهي بلدة تابعة للمعارصة.

اتخذ «ترامب» خطوة بالوقوف ضد «الأسد»، وقد صرح بالقول: «لقد فشلت سنوات من المحاولات السابقة لتغيير سلوك الأسد». وأضاف: «إننى أدعو كل الدول المتحضرة إلى الانضمام إلينا فى سعيها لإنهاء المذابح وإراقة الدماء فى سوريا وإنهاء الإرهاب بجميع أنواعه».

ولكن نظرا للحقائق السياسية والعسكرية، توصل المسؤولون الأمريكيون الآن إلى أن أي انتقال للسلطة لا بد أن يعتمد على انتخابات ذات مصداقية تجريها الأمم المتحدة. والحقائق المادية في سوريا اليوم صعبة تماما وهناك مساحات واسعة من المدن والمنازل، والأعمال التجارية، والمدارس، ومرافق الرعاية الصحية، والبنية التحتية مثل شبكات الكهرباء والطرق قد تم تدميرها، كما فر أكثر من 5 ملايين من سكان سوريا البالغ عددهم نحو 22 مليون شخص من البلاد. وقال دبلوماسيون إن احتمال إجراء انتخابات حرة ونزيهة في سوريا -تشمل ملايين اللاجئين المنتشرين في عشرات البلدان- سيكون تحديا غير مسبوق. وسوف يستغرق الأمر أيضا وقتا لظهور معارضة سورية جديدة وأكثر مصداقية.

وتقول إدارة «ترامب» إنها لا تزال تريد عملية سياسية تنطوي على احتمال رحيل «الأسد» بيد أنها صارت ترى أن الأمر قد يستغرق حتى عام 2021 حين يكون بالإمكان إجراء انتخابات رئاسية. واعتمادا على نتائج انتخابات الولايات المتحدة عام 2020، يمكن للأسد أن يظل في السلطة بعد ترك «ترامب» منصبه. ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق أن «الأسد» قد يفوز بالانتخابات السورية عام 2021، بطريقة أو بأخرى، ويبقى فى السلطة لسنوات قادمة.

المصدر | روبن رايت - ذا نيويوركر

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا ترامب بشار الأسد بوتين