نتنياهو يزجّ واشنطن في معركته الانتخابية

الجمعة 23 يناير 2015 01:01 ص

ازدادت صورة العلاقة الأميركية ــ الإسرائيلية تعقيداً، بعد تأكيد رئيس مجلس النواب الأميركي جون بوينر أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو طلب منه تأجيل موعد كلمته أمام مجلسَي الكونغرس، لتقترب أكثر من موعد الانتخابات الإسرائيلية.

وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن نتنياهو معنيّ بأن تحقق زيارته إلى أميركا هدفَي إلقاء كلمته أمام الكونغرس وحضور المؤتمر السنوي للوبي الصهيوني (إيباك) في واشنطن. واعتبر معلقون أن ترتيب هذه الزيارة يعني عملياً تدخلاً أميركياً في الشؤون الإسرائيلية لمصلحة حزب يتدخل أيضاً في الشؤون الأميركية لمصلحة مناصريه الجمهوريين. 

وأكد ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أمس المعلومات، التي نشرها بوينر على حسابه على «تويتر»، من أن نتنياهو طلب منه تأجيل موعد الخطاب أسابيع عدة ليغدو في الثالث من آذار المقبل، أي قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الإسرائيلية، حيث من المقرر أصلاً أن يحضر مؤتمر «إيباك» السنوي. 

وحاول ديوان نتنياهو تقليص أثر الانتقادات الرسمية الأميركية للزيارة، عبر الإعلان أن الخطاب أمام الكونغرس يأتي بدعوة من قيادة الحزبين الجمهوري والديموقراطي، وأنه ينوي استغلال الفرصة للثناء على الرئيس باراك أوباما، والكونغرس والشعب الأميركي، على دعمهم لإسرائيل. ومن جانبه أعلن نتنياهو أن دعوته للكونغرس «تعبر عن الصداقة الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأيضاً عن دعم الحزبين القوي لإسرائيل في أرجاء أميركا».

وأعلن زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد أن قادة الجمهوريين في الكونغرس لم يستشيروه بشأن دعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس. وقال «لم أُستشر»، مضيفاً «تربطني علاقة جيدة بنتنياهو. اتصل بي بشأن إصابتي في عيني وهو ما أقدّره. لكنكم تعرفون أنّه زعيم دولة.. سيأتي لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس. سننصت لما سيقوله».

وأوضح معلقون إسرائيليون أنه لا ريب في أن دعوة رئيس الحكومة لإلقاء خطاب في الكونغرس تبدو محاولة للتدخل لمصلحة نتنياهو في المعركة الانتخابية الإسرائيلية. كما أشاروا إلى أن الدعوة تمثل تحدياً لأوباما، خصوصاً في المسألة النووية الإيرانية، على خلفية المواجهة الشديدة حول ذلك بين البيت الأبيض ومعارضي المفاوضات مع طهران في الكونغرس، وغالبيتهم من الحزب الجمهوري.

وكشفت «هآرتس» عن أن مَن قاد الاتصالات مع بوينر وزعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل كان السفير الإسرائيلي في واشنطن رون دريمر، الذي خدم في الماضي لسنوات طويلة كأحد أقرب المستشارين لنتنياهو. وذكرت أن دريمر بحث الزيارة منذ أسابيع عدة في اتصالاته مع مسؤولين في الكونغرس بشأن إيران. ويشجع دريمر أعضاء كونغرس على سن تشريع جديد يفرض عقوبات إضافية على طهران، خلافاً لموقف البيت الأبيض.

وكان أوباما أوضح في خطاب «حال الاتحاد» أنه سيستخدم حق النقض (الفيتو) ضد أي قانون بهذا الشأن. ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن اسمه، أن دريمر تواصل مع بوينر وماكونيل وآخرين بتوجيهات من نتنياهو وأنه «طبخ الدعوة مع بوينر».

ونشر موقع «بوليتيكو» الأميركي أن فكرة الخطاب أمام الكونغرس أثيرت في محادثة هاتفية بين بوينر ودريمر في 8 كانون الثاني الماضي، ودريمر فحص جاهزيّة نتنياهو. وقال مصدر جمهوري إن ردّ السفارة الإسرائيلية كان سريعاً وإيجابياً. ومعروف أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية ردّتا بغضب على الدعوة واعتبرتاها خرقاً للأعراف الديبلوماسية، بل إن وزير الخارجية جون كيري أشار للأمر بالقول إن الإدارة ترحّب دوماً بزيارة رئيس حكومة إسرائيل «إلا أن الأمر كان شاذاً بعض الشيء أن نسمع عن دعوة لإلقاء خطاب كهذا من رئيس مجلس النواب».

كما أن البيت الأبيض استبق الزيارة وأعلن أن أوباما لن يلتقي نتنياهو عند زيارته واشنطن. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي برناديت ميهان أن سبب إحجام أوباما عن دعوة نتنياهو لمحادثات في البيت الأبيض هو «تجنّب الظهور» كمن يحاول التأثير على الانتخابات الإسرائيلية. وأعلنت وزارة الخارجية ايضاً أن وزير الخارجية جون كيري لن يلتقي نتنياهو خلال الزيارة.

وأشار المعلق السياسي لصحيفة «معاريف الأسبوع» بن كسبيت إلى أن دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس تشكل نجاحاً له وإهانة للأميركيين. وأوضح أن الخطاب يعتبر «الجائزة الكبرى» التي يمكن أن تنجد نتنياهو من ضائقته في وقت حرج وتنصره في الانتخابات، لكن إدارة أوباما أصيبت بالصدمة لسماع أمر الدعوة في وسائل الإعلام.

وعبّرت عن ذلك علناً وليس سراً لأنها شعرت بالمهانة، «فأيّ نكران جميل، أيّ سلوك، وقال الأميركيون لكل من يريد السماع كيف يفعلون أمراً كهذا، ألا يخجل عندما يقوم كل يوم بالاتصال هاتفياً بالإدارة طالباً منها مساعدة هنا وهناك، مرة في المحكمة الجنائية الدولية، وأخرى في الأمم المتحدة، وثالثة لتمويل بطاريات قبة حديدية، ورابعة لمساعدة عاجلة في مجلس الأمن، ولا يمرّ أسبوع من دون طلبات، وبعد ذلك نسمع في الإعلام أنه رتّب لنفسه دعوة لمجلسَي الكونغرس». واعتبر بن كسبيت أن نتنياهو أهان الإدارة الأميركية بشكل لم يسبق له مثيل.

وتحت عنوان «من بعدي الطوفان» كتب كبير المعلقين في «يديعوت احرونوت» ناحوم بارنياع أن نتنياهو خلافاً لأسلافه ذهب أبعد من اللازم، و«عقد هنا صفقة لم يكن لها مثيل: الحزب الجمهوري الأميركي يتدخل في الانتخابات هنا، وبالمقابل، يتدخّل حزب إسرائيلي في السياسة هناك. وهم يساعدون نتنياهـــو على الانتــصار على خصومــه هنا، وهــو يســاعدهم على إهانة خصمهم هناك. هذا خطــير. هـــذا سامّ. هذا لم يعد مسلياً جداً».

وفي نظر بارنياع «ليس للإدارة الأميركية شك في أن الدعوة أعدّت بمؤامرة مشتركة من الجمهوريين في الكونغرس، مكتب رئيس الوزراء وأسياد الطرفين اليهود». وأشار إلى أن المسؤولين الأميركيين يتحدثون عن الثمن الواجب جبايته من نتنياهو.

وخلص إلى أنه كان يخيل في الماضي أن «الهوس الإيراني يُفقد نتنياهو صوابه. هذا لم يعد الحال. ليست إيران بل 17 مارس/آذار (موعد الانتخابات). منذ وقت غير بعيد كتبت عن تصريح بلفور خاصته: أنا سأبقى في منزل رئيس الوزراء في شارع بلفور، بكل ثمن. إذا كان محكوماً على الدولة أن تدفع هذا الثمن، فهذا لا يحرّك عندي ساكناً، فالدولة هي أنا، وأنا هي الدولة».

 

المصدر | حلمي موسى | السفير

  كلمات مفتاحية

أوباما كيري مقاطعة الزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو واشنطن معركة الانتخابات