دول الحصار والقمة الإسلامية: المشكلة مع تركيا أم القدس؟

الخميس 14 ديسمبر 2017 07:12 ص

انطلقت أمس الأربعاء في مدينة إسطنبول التركية، قمة منظمة التعاون الإسلامي الطارئة لبحث قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس، برئاسة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بحضور 16 زعيماً من العالم، بينهم الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأميرا قطر والكويت ورؤساء لبنان وإيران وفنزويلا وإندونيسيا والسودان وبنغلادش وأفغانستان وأذربيجان وغينيا والصومال وتوغو واليمن.

وغاب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز واكتفت المملكة بإرسال وزير الشؤون الإسلامية فيها، كما غاب ملك البحرين ورئيس الإمارات اللذان ابتعثا وزيري دولة لتمثيل بلديهما، كما غاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولكنه كان أكثر كرماً من شركائه في دول الحصار فأرسل وزير خارجيته سامح شكري.

وإذا كان معلوماً أن مصر ونظامها على خلاف سياسيّ واضح مع تركيا ورئيسها إردوغان وحزبها الحاكم «العدالة والتنمية» على خلفية موقف الحكومة التركية المناهض بشدة للانقلاب الذي جرى على الرئيس المصري محمد مرسي، والقمع الشديد الذي لحقه وما زال ضد حركة «الإخوان المسلمين»، فإن الدول الأخرى تستطيع أن تجد موقعاً وسطاً لها في الأمر، وجميعها لديها علاقات تجارية جيّدة مع تركيا.

يضاف إلى ذلك أن جميع هذه الدول أعلنت مواقف سياسية واضحة مناهضة لقرار الرئيس الأمريكي حول القدس، بل إن ملك السعودية قام في يوم القمة الإسلامية بالذات بإلقاء خطبة عصماء أكد فيها «استنكار المملكة وأسفها الشديد» للقرار الأمريكي بشأن القدس «لما يمثله من انحياز كبير ضد حقوق الشعب الفلسطيني».

غير أن إشارات كثيرة بدرت عن المملكة وأذرعها الإعلامية تشير إلى أن المسألة تتجاوز العلاقات الباردة مع تركيا، وخصوصاً، بالنسبة للرياض، ما يتعلّق بنشر قوّات أنقرة في قطر، وكانت إعادة هذه القوات إلى بلادها أحد الشروط التعجيزية العديدة التي وضعتها دول الحصار على الدوحة.

هناك بالتأكيد أيضاً نوع من النزاع السياسيّ والجغرافيّ بين السعودية ومصر، من ناحية، وتركيا، من ناحية أخرى، على قيادة العالم الإسلامي، لكن أما كان المفترض، احتراماً لهذا العالم الإسلامي نفسه، ولمقدّساته التي تعتبر القدس أحد أكبر رموزها، أن يتم تجاوز هذه الخلافات لمنع إسرائيل، والموقف الأمريكي المنحاز إليها، من استغلال الصدع بين الدول العربية والإسلامية؟

بعض الإشارات الكثيرة الواردة تتولاها، على ما يبدو، البحرين، التي سمحت لوفد منها بزيارة إسرائيل، فيما قام أمير بحريني، حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يدعى راشد بن خليفة بالتبرع بإنتاج منشورات مطبوعة لمعرض فني إسرائيلي وتوزيعها في العالم، فيما تقوم مطبوعة سعودية بنشر خبر أن قناة «الجزيرة» تحرض على العنف والتظاهر في فلسطين، وتقوم أخرى بمقابلة وزير الاستخبارات الإسرائيلي إسرائيل كاتز، الذي يقوم خلال المقابلة بدعوة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لزيارة إسرائيل.

وعليه فإن موقف دول الحصار ينسجم بشدّة مع التسريبات الكثيرة التي نشرتها صحف عالمية حول تنسيق أمريكي ـ سعوديّ في موضوع تصفية القضية الفلسطينية، وهو تنسيق مبنيّ على حسابات عجيبة، تبادل هذه التصفية للقضية الفلسطينية بمساهمة إسرائيلية مباشرة في الحرب على إيران، أو بانخراط ضمن توجّه أكبر ضمن ما ذكر حول «صفقة القرن» التي تقوم بتصفية كل أزمات المنطقة وتؤسس لنفوذ أمريكي ـ إسرائيلي ـ سعودي فيها.

مشكلة دول الحصار، على ما يظهر، تتجاوز تركيا وتتعلق بفلسطين نفسها.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

دول الحصار قمة القدس الإسلامية تركيا القدس قمة إسطنبول الإسلامية قمة منظمة التعاون الإسلامي قرار ترامب حول القدس