مفاعل الضبعة.. ديون مصرية تتفاقم وأزمة بيئية في الأفق

السبت 16 ديسمبر 2017 06:12 ص

«25 مليار دولار بفائدة سنوية 3%».. هي قيمة بناء مفاعل «الضبعة» النووي (شمال غربي مصر)، وهي الاتفاقية الموقعة مع روسيا، وتشهد جدلا واسعا في مصر.

ففي حين تدافع عنه الدولة الرسمية باعتباره فرصة لتنويع مصادر الطاقة، يحذر مراقبون من أنه سيترتب عليه تورط البلد في قرض هو الأكبر في تاريخها.

ووقعت مصر وروسيا، الإثنين، في القاهرة، وثائق عقود بناء وتنفيذ المحطة النووية، ومن المقرر أن يستغرق المشروع 7 سنوات، بتكلفة إجمالية 25 مليار دولار، وتلزم العقود الجانب الروسي، بتقديم كل الدعم اللازم لإقامة وتطوير البنية التحتية النووية في مصر.

ويمثل هذا الاتفاق أحد أبرز أشكال التعاون بين القاهرة وموسكو، ويحمل رمزية سياسية مهمة.

ومرت مصر خلال السنوات الأخيرة بأزمة نقص في إنتاج الكهرباء، في ظل عدم مواكبة البنية الأساسية المولدة للطاقة للزيادة السكانية.

كما عانت البلاد من عدم كفاية الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، وهو ما دفع البلاد للتوجه نحو تنويع مصادر الطاقة والاهتمام بالطاقة المتجددة.

ويدافع وزير الكهرباء والطاقة المصري «محمد شاكر»، في وسائل الإعلام المحلية، عن الاتفاق بقوله إن بلاده لديها فترة سماح لسداد أقساط القرض مدتها 13 عاماً، وهي فترة كافية للانتهاء من بناء المفاعل وتشغيله، وإدخال إيرادات للبلاد تعوضها عن تلك النفقات.

كما لفت الوزير المصري، إلى أن تكلفة تشغيل المحطات النووية تقل بشكل كبير عن تكلفة محطات توليد الكهرباء من الغاز، مؤكدا أن «مصر لديها خطة طموحة للتوسع في الطاقة المتجددة، ستجعل لديها فائض مستقبلي من الطاقة يمكنها من التصدير إلى الخارج».

وأشار إلى أن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، تدخل لخفض أسعار إنشاء المحطة النووية بالضبعة «كثيرا»، دن تفاصيل عن طبيعة هذا التدخل أو القيمة التي خفضها.

وتضمن الاتفاق استخدام الطرف المصري القرض لمدة 13 عاما خلال الفترة من 2016 إلي 2028 حسب الاتفاق بين وزارتي المالية المصرية والروسية في صورة دفعات علي سنوات تتضمن «سداد 247.8 مليون دولار في عام 2016، ومبلغ 241.1 مليون دولار في العام الذي يليه و744.7 مليونا في عام 2018، ومبلغ 1854.8 مليون في العام الذي يليه و2148.5 مليونا في عام 2020».

كما تضمت العقد سداد 2561.1 مليون في عام 2021، ومبلغ 3728.4 مليون في عام 2022 إضافة إلى 4193.5 في عام 2023 و3463.8 في عام 2014.

ومن المقرر سداد مبلغ 2616.3 في عام 2025، ومبلغ 2307.8 مليون في عام 2026، ومبلغ 217.3 مليون دولار عام 2027، وفي عام 2028 يتم سداد قيمة المتبقي من القروض.

وتعتبر نسبة الفائدة المطروحة على القرض الذي ستحصل عليه مصر من روسيا (نحو 25 مليار دولار) في حال التأخر عن سداد الأقساط «نسبة شديدة الارتفاع»، بحسب مراقبين.

أزمة قروض

كما أن كثير من الدوائر المصرية تشعر بالقلق حيال تنامي الالتزامات المستقبلية للدولة تجاه الدائنين.

فقد اضطرت القاهرة هذا العام، أن تطلب من شركائها الخليجيين تأجيل موعد سداد ودائع لدى البنك المركزي، كانت ستصل بإجمالي مستحقات الدائنين في 2018 إلى نحو 14 مليار دولار.

وبحسب تقديرات المحلل الاقتصادي بـ«سي آي إست مانجمنت»، «نعمان خالد»، فإن مستحقات الدين الخارجي المصري في 2018 - بعد تأجيل ودائع خليجية - ستصل لنحو 10 مليارات دولار، وهو ما يقترب من نصف قيمة الصادرات المصرية في 2016 - 2017.

وأضافت المحللة الاقتصادية بـ«المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»، «سلمى حسين»: «هذا القرض ينطوي على مخاطر كبيرة، ليس فقط لما سيسببه من أعباء على الدولة خلال سنوات سداده، ولكن لأن الغرامات الجزائية في حالة التخلف عن السداد قاسية للغاية».

يشار إلى أنه خلال عام واحد، ارتفع الدين الخارجي لمصر بنسبة 41.5%، وهي طفرة غير مسبوقة في نسب ارتفاع الدين الخارجي الذي تترتب عليه نسب فوائد تزيد الاقتصاد المصري المثقل بالديون أصلا قيودا جديدة، كما يستلزم سداده توفير مبالغ طائلة من العملة الصعبة التي لم تتعاف بعد من أزمتها، إلى الحد الذي وصفه مراقبون بأن النظام المالي المصري بات يغرق في دوامة الدين الخارجي التي لا تنتهي. (طالع المزيد)

وتعكف حكومة مصر على تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يشمل فرض ضريبة القيمة المضافة، وتحرير سعر الصرف، وخفض الدعم الموجه للكهرباء والمواد البترولية؛ سعيا لإنعاش الاقتصاد، وإعادته إلى مسار النمو، وخفض واردات السلع غير الأساسية.

أزمة بيئية

كما تعارض الباحثة في مجال العدالة البيئية «آمنة شرف»، المشروع، معتبرة أن «التكلفة الحقيقية لمفاعل الضبعة باهظة».

وتعتبر «آمنة» أن التكلفة الحقيقية تشمل تأثير عمليات الصرف التي سيقوم بها المفاعل في مياه البحر على الحياة البحرية المصرية، وكذلك تكلفة تهجير سكان منطقة الضبعة، وإنشاء حياة بديله لديهم، علاوة على تكلفة مخاطر أي خطأ بشري في إدارة المفاعل، منوهة إلى أنه «بين عامي 2011 و2017، تم إغلاق نحو 30 مفاعلاً حول العالم».

وترى «آمنة»، أنه كان من الممكن الاعتماد على الطاقة الشمسية بشكل أكبر «لأن تكاليفها تتجه للانخفاض بشكل تدريجي، كما أنها مصدر للطاقة المتجددة، بينما تعتمد الطاقة النووية على مصدر من الطبيعة (اليورانيوم) معرض بطبيعة الحال للنضوب».

يشار إلى أن العقد المبرم بين القاهرة والموسكو، تجنب الإشارة لأي مسؤولية على الجانب الروسي في حال حدوث أي شرخ في جسد المفاعل أو حدوث أي تسريب نووي.

كما أن هناك مخاوف مصرية، من استغلال المشروع لدفن النفايات النووية في الأراضي المصرية.

تهجير قسري

وعلى المستوى الإنساني، تعرض المشروع للعديد من الانتقادات بعد مصادرة أراضي سكان المنطقة وتهجيرهم قسرا عام 2003.

وبعد اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني 2011، اجتاح عدد من سكان المنطقة الأراضي بالقوة ودمروا ما فيها، محدثين خسائر تقدر بمليار جنيه بحسب صحيفة «الأهرام».

واستمر الأهالي في الاعتصام داخل المنطقة حتى عام 2013، حين عقدت لقاءات بين مسؤولين أمنيين والمعتصمين أدت إلى إخلاء المنطقة.

ثم أعلنت السلطات المصرية عام 2016، أنها تمكنت من السيطرة على أرض المشروع وتسليمها بالكامل لهيئة الطاقة النووية، مع صرف مبالغ تعويض للأهالي بلغت 134 مليون جنيه مصري.

والأسبوع الماضي أعلنت وسائل إعلام روسية أن شركة المركز الفيدرالي للسلامة النووية والإشعاعية الروسية التابعة لـ «روس آتوم» قد أبرمت اتفاقًا مع مصر لبناء مستودع لتخزين الوقود النووي المستنفد لمحطة الضبعة المستقبلية.

وتضم محطة الضبعة النووية 4 مفاعلات من الجيل الثالث المتقدم «الثالث بلس» مفاعلات القدرة المائية - المائية VVER بقدرة 1200 ميغاوات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الضبعة النووي محطة نووية قروض أزمة اقتصادية