بالوعود والتسليح.. مصر تستخدم القبائل للقضاء على مسلحي سيناء

السبت 16 ديسمبر 2017 08:12 ص

«القبائل هي الحل».. هكذا خلص النظام المصري لطريقة القضاء على تنظيم «ولاية سيناء»، في ظل مرور أكثر من أسبوعين على المهلة التي منحها الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، للجيش للقضاء على الإرهاب في شبه الجزيرة المصرية.

وما بين إلغاء الأحكام الصادرة ضد أبناء القبائل، وتسليح المدنيين لمواجهة المسلحين، يفكر النظام في السبل الممكنة للقضاء على التنظيم الموالي لـ«الدولة الإسلامية»، قبل انتهاء المهلة.

وحدد «السيسي» هذه المهلة، عقب مجزرة مسجد الروضة، التي راح ضحيتها 310 قتلى وأصيب العشرات، محمّلا رئيس أركان حرب الجيش المصري الفريق «محمد فريد حجازي» مسؤولية القضاء على الإرهاب.

ومن المقرر أن تنتهي هذه المهلة التي أطلقها الجيش المصري، بنهاية فبراير/شباط المقبل، حيث حدد «السيسي» هذه الفترة نهاية نوفمبر/تشرين الأول الماضي.

استمالة القبائل

فالنظام على ما يبدو، بحسب مصادر تحدثت إلى صحيفة «العربي الجديد»، قد «وصل إلى قناعة مفادها أن استخدام القوة في حربه بسيناء لا يكفي، فهو بحاجة إلى الحاضنة الشعبية التي توصله إلى إنجازات حقيقية في مواجهة التنظيم».

وأشارت المصادر إلى أنّ «توفير الحاضنة الشعبية لحربه في سيناء بحاجة لتغيير نمط التعامل مع المدنيين، وكسب القبائل التي لها وزن بشري ومادي في سيناء، وبإمكانها كشف ظهر التنظيم في حال أرادت الاصطفاف فعلياً إلى جانب الدولة، وهذا لم يحصل من قبل».

ولطالما طرحت قبائل سيناء مبادرات للحل مع النظام المصري خلال السنوات الماضية، إلا أنها جميعها ذهبت أدراج الرياح بسبب تجاهلها من قبل الاستخبارات المصرية، وهو ما انعكس سلباً على مجريات الأحداث الأمنية في سيناء، وأدى لتزايدها مع مرور الوقت.

وكان رئيس اتحاد قبائل سيناء «إبراهيم المنيعي»، قال في وقت سابق إن لدى القبائل أفكارا تصلح لأن تكون مبادرات حقيقية يبنى عليها حل شامل للأزمة في سيناء، بما يضمن إعادة الهدوء والاستقرار للمحافظة، فيما تتركز فحوى المبادرات على حفظ الأمن القومي المصري وإعادة الكرامة لآلاف المصريين من سكان سيناء.

مطالب القبائل

ووفقا لمصادر قبلية مطلعة، فإن النظام المصري بدأ بالتواصل مع بعض الشخصيات القبلية لجس نبض القبائل في حال الاتجاه لعقد صفقة تتضمن فتح صفحة جديدة معها مبنية على إلغاء الأحكام الغيابية التي صدرت في المحاكم المدنية والعسكرية بحق أبناء القبائل، نظراً لما يمثله هذا الملف من حساسية لدى مئات المواطنين في سيناء.

بيد أن للقبائل مطالب كبيرة أخرى، قد لا يقوى النظام المصري وأجهزته الأمنية على تنفيذها، ويرى فيها تنازلات لا يمكن تحقيقها لصالح القبائل، أهمها الأحكام الغيابية، والإفراج عن العشرات من أبناء سيناء، وإعادة آلاف المهجرين من مدينتي رفح والشيخ زويد، وإعادة ممتلكات كالمباني والسيارات والأموال إلى أصحابها بعد مصادرتها خلال الحرب التي يشنها الجيش المصري في مناطق سيناء.

يضاف إلى ما سبق، البدء في تنمية شاملة وحقيقية في سيناء، وتوفير فرص عمل لمئات الشبان العاطلين من العمل، والذين يلاحقون في حال فكروا بالخروج من محافظتهم، وكذلك إعطاء أبناء سيناء الأحقية بتملّك الأراضي، إضافةً إلى وقف الانتهاكات اليومية بحق المدنيين، وإزالة عشرات الكمائن والحواجز التي قطّعت أوصال المدن، وإعادة شبكات الكهرباء والمياه لمناطق واسعة انقطعت عنها بسبب العمليات العسكرية.

وعود زائفة

ويسعى الجيش، في استمالة أهالي سيناء من خلال طرح مسألة ضخّ استثمارات كبيرة في المنطقة خلال الفترة المقبلة، لتحسين الأوضاع السيئة هناك، وتأكيد فكرة الاهتمام بسيناء التي كانت مهملة خلال السنوات الماضية.

وقال رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين «محمد فريد خميس»، إنه سيتم إنشاء شركة قابضة لتنمية سيناء، برأسمال مليار جنيه، وطرحها للاكتتاب العام.

بيد أن شيخ قبلي، قال إن «أهالي سيناء تشبعوا بوعود التنمية التي لم تتحقق مطلقاً، وتأتي فقط لتحقيق استفادة للمستثمرين وليس لسكان المحافظة».

وأضاف أنه «إذا كانوا صادقين في ما يقولون عن تأسيس شركة قابضة، فلماذا لم يعلنوا عن تاريخ تأسيسها وإشهارها وعملها»، مشيراً إلى أنها «محاولة فقط لاستمالة قبائل سيناء للتعاون مع الدولة والجيش ضد المسلحين».

وأبدى الشيخ القبلي ضيقه الشديد من تعامل الدولة بهذه الطريقة مع الأهالي، إذ «يتم استغلالهم فقط بلا حماية من الدولة، بل وعلى العكس يتم التنكيل بهم وسط حملات الاعتقالات والاختفاء القسري والتصفيات الجسدية من دون رادع».

وتساءل: «كيف يقتنع الأهالي بهذه الوعود، في حين يتعرّضون لانتهاكات شديدة تهدد حياتهم يومياً؟».

تسليح القبائل

وأمام ذلك، يفكر الجيش، في دعم بعض أبناء القبائل التي تواجه عناصر «ولاية سيناء» خلال الفترة المقبلة، بعدما كان هذا الأمر مرفوضاً.

وبحسب المصادر، فإن كيفية الدعم لم تحدد بعد، في الوقت الذي رجّحت أن يتم السماح بإدخال أسلحة إلى أبناء القبائل من دون إمداد أسلحة من الجيش لهم، خصوصاً وأنها ستكون أزمة إذا تم اكتشاف الأمر، ولكن ربما يكون الدور فقط تسهيل عملية دخول أسلحة وسيارات دفع رباعي.

وحول قدرة هذه المجموعات على مواجهة عناصر «ولاية سيناء»، قلّلت المصادر من هذا الأمر بالصورة التي يمكنها القضاء على التنظيم تماما، ولكن ستكون عاملا مساعدا في ملاحقة تلك العناصر في بعض الدروب الصحراوية، والإبلاغ عن تلك التجمعات تمهيداً لقصف المسلحين.

وشددت المصادر ذاتها، على أن بعض أبناء القبائل الذين يدعمون الجيش، مطلوبون لدى تنظيم «ولاية سيناء»، ولديهم استعداد لدفع الأموال لتسليح القبائل، لأن لديهم مصالح مع الجيش ويعملون في مشاريع بسيناء، ومن مصلحتهم القضاء على تلك العناصر المسلحة.

وسبق أن أعلنت قبائل سيناوية، حمل السلاح ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، بالتعاون مع الجيش والشرطة، في تكرار للسيناريو العراقي؛ عبر استنساخ ظاهرة «الصحوات» التي تشكلت لمساندة السلطات ضد جماعات متشددة.

إجراءات عسكرية

ميدانيا، يواصل الجيش المصري اتخاذ مجموعة من الإجراءات وشنّ حملات موسّعة في سيناء، لمواجهة التنظيم، الذي يعتقد أنه المسؤول الأساسي عن مجزرة الروضة، ولكنه لم يعلن مسؤوليته عن الجريمة حتى الآن.

وتابعت المصادر أنّ رئيس الأركان وجه رسالة شديدة اللهجة لكل قيادات الجيش في سيناء والتي تتابع العمليات العسكرية، مفادها أنه: «سيتم تحويل أي شخص يقصّر في عمله للمحاكمة العسكرية فوراً، خصوصاً مع تكرار الأخطاء»، مشيرة إلى أنه وجه أيضا بضرورة اليقظة بشكل كامل خلال الأشهر المقبلة.

وكشفت مصادر قريبة من المؤسسة العسكرية، عن فتح تحقيق حول عدم وجود كمين الجيش المصري الذي كان يفترض أن يتواجد على مدخل قرية الروضة بشكل معتاد، خلال يوم الجمعة الذي شهد هجوم المسلحين.

وطلب رئيس أركان الجيش المصري، فتح تحقيق عاجل في هذه المسألة، لمعرفة من المتسبّب في عدم وجود قوات الجيش في القرية، خصوصاً مع وجود تهديدات سابقة للتنظيم تجاه أهالي القرية.

وقتل في «مجزرة الروضة»، أثناء صلاة الجمعة، 310 أشخاص، بینهم 27 طفلا، وأصيب 128 آخرين، بينهم حالات حرجة.

وتتكتم السلطات المصرية حول تفاصيل الحادث، وأسباب تأخر الدعم الأمني للتصدي للمهاجمين، ومنعت المصابين من الإدلاء بأي أحاديث متلفزة، كما منعت الصحفيين من زيارة موقع الحادث.

وأمام ذلك، كلف «السيسي»، قوات الجيش والشرطة، عقب المجزرة، باستخدام ما أسماه «كل القوة الغاشمة» من أجل استعادة الأمن والاستقرار خلال 3 أشهر في محافظة «شمال سيناء».

المصدر | الخليج الجديد + العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر سيناء الجيش ولاية سيناء القبائل