كردستان.. أزمة اقتصادية وسياسية تتصاعد وتهدد بتفكك الإقليم

الخميس 21 ديسمبر 2017 07:12 ص

أزمة اقتصادية وسياسية باتت تهدد وحدة إقليم كردستان العراق، خاصة أنها ترافقت مع انسحاب أحزاب رئيسية من الحكومة، وتصاعد الاحتجاجات، في ظل دعوات رسمية بالتهدئة.

وسحب حزبا «حركة التغيير» (كوران) الكردية، و«الجماعة الإسلامية بإقليم كردستان» (كومال)، الأربعاء، وزراءهم من الحكومة، فيما سعت أجنحة حزب «الاتحاد الوطني» إلى توحيد صفوفها خوفاً من فقدان سيطرته على معقله الأساس في السليمانية، كبرى مدن الإقليم، والتي تشهد أعنف الاحتجاجات، منذ الإثنين الماضي.

الحزبان المذكوران انسحبا من الحكومة بعد يومين من الاضطرابات والمظاهرات التي شابتها أعمال عنف؛ احتجاجاً على التقشف المستمر منذ سنوات، وعدم دفع رواتب العاملين بالقطاع العام، وسط حالة من التوتر بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد، ووصل الأمر إلى حد مطالبة بعض المحتجين بإسقاط حكومة الإقليم.

وأوضح الحزبان أن قرارهما بالانسحاب يأتي احتجاجاً على قمع التظاهرات؛ ما يؤشر إلى اصطفافات جديدة في الإقليم، حسب صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية.

وبعد توتر في العلاقات بين الحزبين الرئيسين بالإقليم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» واتهام «مسعود بارزاني»، زعيم الحزب الأول، قادة في الحزب الثاني، الذي أسسه الرئيس العراقي الراحل «جلال طالباني»، بالخيانة لعقدهم اتفاقاً سمح بدخول القوات الاتحادية إلى محافظة كركوك (شمال)، أتت الحوادث الأخيرة لتجمع الحزبين حرصاً منهما على «حماية الوضع»، وهذا التعبير استخدمته حكومة الإقليم.

فيما سيكون على «حركة التغيير» وبعض القوى الإسلامية إما الاصطفاف مع التظاهرات وتصعيدها أو اتخاذ موقف محايد.

كما لم تكشف السلطات مكان ولا ملابسات اعتقال رئيس حزب «الجيل الجديد»، «شاسوار عبدالواحد» الذي تصدّر حركة الاحتجاج، واختفى فور وصوله إلى مطار مدينة السليمانية.

تصاعد عنف

ورغم الاعتقاد بأن قوات حكومة الإقليم التي يرأسها «نيجيرفان بارزاني» تحاصر المحتجين، فإن القوى الأمنية في السليمانية هي التي تضطلع بالمهمة، كونها منفصلة تماماً عن أربيل، وتخضع لأوامر قياديين في «الاتحاد الوطني» وعائلة «طالباني».

وفرضت قوات الأمن الكردية في السليمانية، الأربعاء، إجراءات مشددة بعد مظاهرات استمرت يومين تخللتها أعمال شغب أدت إلى مقتل 5 أشخاص وإصابة نحو 200 بجروح.

وانتشرت قوات الأمن بينها عناصر مكافحة الشغب المجهزة بخراطيم المياه، على مختلف الطرقات في مدينة السليمانية؛ كبرى مدن المحافظة، وفقا لمراسل وكالة «فرانس برس».

وعلى رغم عدم إدلاء السلطات الأمنية في السليمانية بأي تصريح عن عدد المعتقلين والتهم الموجهة إليهم، فإنها تشكو لجوء المحتجين إلى إحراق المؤسسات ومقار الأحزاب وتخريبها، وتحذر مما تعتبره «مؤامرة» على وحدة الإقليم تقودها قوى في الحكومة الاتحادية.

وقالت بعثة الأمم المتحدة لمساندة العراق «يونامي»، الأربعاء، إنها «قلقة للغاية» بشأن العنف والاشتباكات أثناء الاحتجاجات في الإقليم الكردي المتمتع بالحكم الذاتي في شمال العراق ودعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس.

وأضافت «يونامي» في بيان: «من حق الشعب المشاركة في مظاهرات سلمية وعلى السلطات مسؤولية حماية المواطنين بمن فيهم المتظاهرون السلميون».

وتابع البيان: «نحث قوات الأمن كذلك على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين. وتدعو يونامي المتظاهرين لتجنب أي أعمال عنف بما في ذلك تدمير الممتلكات العامة والخاصة».

ودعت القوة كذلك حكومة إقليم كردستان إلى احترام حرية الإعلام بعدما داهمت قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) مكاتب قناة (إن آر تي/NRT) التلفزيونية الكردية الخاصة في السليمانية وأوقفت بثها.

وتحظى موجة الاحتجاجات التي انطلقت في إقليم كردستان في اليومين الأخيرين باهتمام واسع داخل الأوساط السياسية والشعبية العربية، وتنظر جهات مدنية وصحفية في بغداد بعين القلق لحالات الاعتداء التي مارستها قوات الأمن الكردية على المحتجين وتسببت بمقتل ما لا يقل عن 5 وجرح العشرات من المتظاهرين، إلى جانب القلق من الاعتداءات التي طالت بعض الصحفيين وإغلاق القناة التلفزيونية «NRT» واعتقال مالكها «شاسوار عبدالواحد».

دعوات تهدئة

وأصدر الرئيس العراقي «فؤاد معصوم» (كردي)، الأربعاء، بيانا أهاب فيه بالمتظاهرين بـ«تغليب الهدوء والالتزام بالقانون وضبط النفس وعدم إلحاق الضرر بالمباني الحكومية ومقرات الأحزاب السياسية».

ودعا السلطات الأمنية إلى «التحقيق العاجل مع مسببي الحادث ومحاسبة المقصرين».

كما طالب حكومتي بغداد وإقليم كردستان بـ«العمل الجاد والفوري للاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة، واتخاذ خطوات جدية وعملية لحسم مشكلة الدفع المنتظم لمرتباتهم ومستحقاتهم المتأخرة».

وجدد «معصوم» تأكيده ضرورة البدء بحوار جاد وفوري وشامل بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لحل جميع الخلافات بين الجانبين على أساس الدستور.

من جانبه، قال رئيس مجلس الوزراء، «حيدر العبادي»، خلال مؤتمره الأسبوعي، الثلاثاء: «لن نقف متفرجين إزاء أي خرق خارج القانون في التعامل مع المواطنين، والحكومة الاتحادية عليها واجب حماية المواطن والممتلكات في كل مكان».

وليس من الواضح طبيعة الإجراءات التي سيتخذها «العبادي» لحماية المواطنين الكرد في ظل التعقيد الحاصل في العلاقة بين بغداد وأربيل.

بدوره، دعا رئيس مجلس النواب «سليم الجبوري»، الأربعاء، إلى «التهدئة في إقليم كردستان».

وقال «الجبوري» في بيان صادر، إن «ما يجري في كردستان يجب ألا يخرج عن إطار التظاهر السلمي الذي كفله الدستور، وأن يبقى ضمن إطار المطالب المشروعة بتحسين الخدمات وتوفير العيش الكريم».

وأضاف أن «المظاهرات حق من حقوق الشعب وممارسة سليمة يمكن من خلالها المطالبة بالحقوق»، مؤكدا أنه «يقف مع حقوق الشعب ومطالبه سواء في كردستان أو في أي بقعة من أرض العراق، على ألا تتجه أساليب التظاهر إلى العنف والتخريب وتعريض حياة الآخرين للخطر».

من جانبه، قال رئيس وزراء الإقليم «نيجيرفان بارزاني» الذي يوجد في ألمانيا، مساء الثلاثاء، لوسائل الإعلام، إن «الإقليم يشهد فترة صعبة، ويمكن تفهم غضبكم».

وأكد دعمه المظاهرات السلمية، مستدركا: «لكن العنف مرفوض. أطلب منكم تنظيم مظاهرات سلمية».

وتصاعد التوتر في المنطقة منذ أن فرضت الحكومة المركزية في بغداد إجراءات مشددة بعد أن أجرى الإقليم استفتاء على الاستقلال يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي، صوت الأكراد فيه بأغلبية ساحقة لصالح الانفصال.

وأثارت الخطوة التي مثلت تحديا لبغداد قلق دول مجاورة مثل تركيا وإيران ولدى كل منها أقلية كردية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كردستان العراق السليمانية احتجاجات طالباني احتجاجات السليمانية