استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الاستفاضة في استدعاء الانتفاضة

الأحد 24 ديسمبر 2017 06:12 ص

الصفعة الأميركية الجديدة للفلسطينيين وغيرهم في مجلس الأمن في شأن القدس، هزت كثيراً من القناعات والرهانات والأوهام بعملية السلام والوساطة الأميركية «النزيهة»، ووضعت الفلسطيني وجهاً لوجه أمام سؤاله الأساسي: أي استراتيجية وطنية؟

ومَن تابع التظاهرات الفلسطينية احتجاجاً على منح القدس لإسرائيل، سيُلاحظ أنها لم تكن على مستوى الحدث الجسيم. بالتأكيد ليس هذا نتيجة لنقص في الوطنية، بل ربما لأن القيادة بدت كمن أقعدته المفاجأة، فلم تبادر إلى طرح برنامج لمواجهة القرار الأميركي. فكأنما لسان حال الفلسطيني يقول: ما النفع، وغداً نعود إلى عملية سلام تستمر دهراً، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه.

ما من فلسطيني لا يُدرك أن التناقض الأساسي هو مع الاحتلال، سواء في قضية القدس أو غيرها، وهذا كان جوهر التنظيرات والأدبيات الأولى لفصائل العمل الوطني، قبل تغييبها أو تجاهلها.

وإلا، ما معنى النضال الفلسطيني إن لم يكن التحررَ الوطني ومقاومة الاحتلال وآلياته؟ وهذه كثيرة، من توسع استيطاني ومصادرة أراض واستغلال كولونيالي للأراضي المحتلة إلى طمس الهوية الوطنية للفلسطينيين وحرمانهم حقهم في تقرير المصير.

لم تتغير هذه الآليات منذ بدء الاحتلال، ومثلُها الحل السياسي الإسرائيلي مذ طرح وزير الدفاع موشيه دايان استراتيجية «الضم الزاحف» عام ١٩٦٧، وتطبيقها الفعلي خطة إيغال آلون لضم الأغوار إلى السيادة الإسرائيلية ومنح الفلسطينيين حكماً ذاتياً. لم يتغير شيء.

فما الفرق بين خطة آلون وتطويراتها وبين ما هو مطروح اليوم على الفلسطينيين من حل سياسي؟ آخر نسخة من هذه الخطة هو ما يُسرّب على دفعات، عن حكم ذاتي أو دويلة منزوعة السلاح، من دون القدس والأغوار وحق عودة اللاجئين وضمن حدود ١٩٦٧، وضم المستوطنات.

ثم، ماذا إن كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة ضمن آليات هذا الاحتلال؟ لقد أخذت إسرائيل من الفلسطينيين، باسم عملية السلام التي رعتها أميركا منفردة، أكثر بكثير مما أخذته عبر الاحتلال العسكري والحروب. وحين يتحكم الكونغرس بالقرار الأميركي، يصبح هو المحتل، ويتحول إلى كنيست.

فمعظم القرارات التي أدت إلى هذه الكوارث، منذ قرار نقل السفارة، إلى تجميد المساعدات للسلطة، قرارات من الكونغرس، وهو في غالبيته من اليهود أو الصهاينة أو أنصارهم. هكذا، تصبح أميركا جزءاً من المشكلة وليست جزءاً من الحل.

وليس صعباً أن نرى استراتيجية الضم الزاحف وتطوراته في صلب أي قرار دولي صدر منذ الاحتلال، مروراً بكامب ديفيد الذي كرّس هذا الاحتلال، إلى اتفاق أوسلو. وتفكيك هذه الدائرة المغلقة يوصلنا إلى مقولة إن التناقض الأساسي هو مع الاحتلال.

لكنّ الحديث عن الانتفاضة يبدو فائضاً عن الحاجة لأنها، كتعريف لا نملّ من تكراره، شكل الوجود السياسي لشعب تحت الاحتلال (أي شعب). أما وتائرها، فقد تعلو أو تهبط وفق هذه الظروف وقد تأخذ أشكالاً.

فهل توقفت التظاهرات الفلسطينية كشكل احتجاجي منذ العام 1967؟ أما الكفاح المسلح، فله متطلبات وشروط ليست في متناول الحركة الفلسطينية الآن، ولا يجهلها المتمرسون في المقاومة!

لذلك، فإن الاستفاضة في استدعاء الانتفاضة يجب أن يُنظر إليها بتمحيص. والمطلوب اليوم هو العودة إلى المقولة الأساسية: التناقض الأساسي هو مع الاحتلال.

هنا تجد الاستراتيجيات الفلسطينية نفسها مكبّلة بحقائق الماضي والحاضر، بانتظار أن يُبدع الشعب الفلسطيني، وهو ما عوّدَنا عليه، ارتقاءً آخر وأسلوباً جديداً في مواجهة الاحتلال لا يمكن التكهن به أو بطبيعته.

* فاتنة الدجاني كاتبة صحفية فلسطينية

  كلمات مفتاحية

استدعاء الانتفاضة الاستراتيجيات الفلسطينية شروط الكفاح المسلح أشكال المقاومة التناقض مع الاحتلال