«أردوغان» بالسودان.. خطوة استراتيجية نحو أفريقيا

الأحد 24 ديسمبر 2017 02:12 ص

وصل الرئيس التركي، «رجب طيب أردوغان»، إلى العاصمة السودانية الخرطوم، في مستهل جولة أفريقية تشمل السودان وتشاد وتونس.

وكان في استقبال «أردوغان»، وعقيلته «أمينة» في مطار الخرطوم الدولي، الرئيس السوداني «عمر البشير»، وعقيلته «وداد بابكر عمر موداوي»، إلى جانب السفير التركي لدى السودان «عرفان نذير أوغلو»، والسفير السوداني لدى أنقرة «يوسف الكردفاني». 

وأقام الرئيس السوداني «عمر البشير» لنظيره التركي مراسم استقبال رسمية، فيما قدم أطفال سودانيون باقات الأزهار للرئيس التركي وعقيلته، تعبيرا عن ترحيبهم بالضيوف.

ويرافق «أردوغان» في جولته رئيس الأركان «خلوصي أكار»، ووزراء الخارجية «مولود جاويش أوغلو»، والدفاع «نورالدين جانيكلي»، والاقتصاد «نهاد زيبكجي»، والمالية «ناجي أغبال»، ووزراء آخرون، فضلا عن عدد كبير من رجال الأعمال.

وتعتبر الخرطوم المحطة الأولى من جولة «أردوغان» الأفريقية، التي تستمر من 24 حتى 27 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وتشمل تشاد وتونس أيضا، فضلًا عن أنها أول زيارة لرئيس تركي إلى السودان منذ استقلاله عام 1956.

وتعد هذه هي الزيارة الثانية لـ«أردوغان» إلى السودان (الأولى عندما كان رئيسا للوزراء في مارس/آذار 2006)، فيما يمكث  بالخرطوم 3 أيام بصحبة وفد سياسي واقتصادي؛ ومن المقرر توقيع 12 اتفاقية «للتعاون الاستراتيجي» بمجالات الزراعة والنفط والتعدين والبنية التحتية والصناعات والتبادل السلعي.

دلالات سياسية

قال وزير الخارجية السوداني، «إبراهيم غندو»، إن زيارة «أردوغان تحمل دلالات سياسية، من شأنها الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى استراتيجي».

وتأتي زيارة «أردوغان» للخرطوم في توقيت يحمل مغزى سياسيا أيضا، حيث تمر المنطقة العربية بأزمة كبيرة حول وضع مدينة القدس بعد قرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، بنقل سفارة واشنطن لها، وهي الأزمة التي تعد تركيا اللاعب الأكبر فيها. 

كما تأتي الزيارة بعد تأكيد وزير الخارجية المصري، «سامح شكري»، السبت، أن مصر تأمل في عودة العلاقات مع تركيا، وأن القاهرة منفتحة ولديها رغبة دائمة في تجاوز أي توتر.

وعبر حسابه بـ«تويتر»، أشار الصحفي المصري بالتليفزيون التركي «سمير العركي»، إلى أن رأس أولويات الجولة التي تشمل السودان وتشاد وتونس؛ هو «الملف الاقتصادي ومكافحة تنظيم كولن».

علاقة الزيارة بمصر

وحول أهداف الزيارة سياسيا، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الدكتور «عبدالله الأشعل»، أن «الرئيس التركي، يتبع بشكل عام سياسة هجومية مع أعدائه»، مشيرا إلى أن «السيسي تحرك من قبل مع اليونان وقبرص مشكلا تحالفا سياسيا جنوب تركيا مناهضا لأنقرة».

وأكد أن «أردوغان يتحرك في السودان اقتصاديا أيضا، وفي نفس الوقت تتحرك قطر»، مشيرا لانفتاح السوق السودانية على دول عدة بينها روسيا من خلال قاعدة عسكرية مقترحة ومفاعل نووي على غرار المصري مقرر أن تبنيهما روسيا بكلتا الدولتين، وفقا لـ«عربي 21».

وأشار إلى أن «أردوغان يطمح بشدة في الدخول إلى القارة الأفريقية المفتوحة للاستثمارات والتي يتبارى حولها دول كبرى مثل الصين وروسيا وإيران»، لافتا إلى أن «روسيا كانت تسيطر في عهد الاتحاد السوفيتي على نصف دول القارة تقريبا».

وحول خسائر مصر من التقارب التركي السوداني وزيارة «أردوغان»، أكد «الأشعل»، أنه «في الملفات الشائكة بين القاهرة والخرطوم كمياه النيل وحلايب لا تأثير لتركيا»، نافيا «أن يكون هناك تحالف بين أردوغان والبشير ضد مصر حول ملف حوض النيل»، موضحا أن «أردوغان رئيس مسلم مهما كان بينه وبين النظام المصري من تباين في المواقف لكنه لا يسمح بأن يتضرر الشعب المصري».

واستبعد أن تكون الزيارة موجهة للجانب الأمريكي، بعد أزمة القدس، نافيا أن تكون زيارة أردوغان للسودان وتشاد وتونس ردا على تهديد «ترامب«» بعقاب الدول المصوتة ضد قرار بلاده بيهودية القدس في الأمم المتحدة، خاصة أن «أردوغان» أعلن عن رغبته في التعاون مع الدول التي أكدت عربية القدس. 

جدول الزيارة

وعلى جدول الزيارة، فمن المقرر أن يجري الرئيسان مباحثات مشتركة، وسيوقعان عددا من الاتفاقيات، كما سيشاركان في ختام انعقاد الملتقى الاقتصادي بين البلدين، بمشاركة أكثر من 150 شركة تركية.

ومن المقرر أن يزور الرئيس التركي مدينتي بورتسودان وسواكن (شرق) لتفقد الآثار العثمانية، كما سيشهد توقيع عدد من الاتفاقيات الخاصة بالمنطقة الحرة والميناء.

وضمن الزيارة سيتسلم «أردوغان» درجة الدكتوراة الفخرية من جامعة الخرطوم (أعرق جامعات السودان)، اعترافا بجهده في قيادة نموذج ناهض للتنمية في بلاده، وخلق شراكات مع السودان والمجتمع المدني في مجالات مختلفة.

تنسيق سياسي

وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسيمة «سونا»، فإن البلدين عملا على تقديم الدعم لبعضهما في المحافل الدولية.

وأشارت الوكالة إلى دور السودان في فوز تركيا بالعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن، لفترة 2009-2010.

وفي ملف أصدرته الوكالة حول العلاقات بين أنقرة والخرطوم، الخميس، بمناسبة زيارة «أردوغان»، لفتت إلى دعم الحكومة السودانية لمرشح تركيا لمنصب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي في 2007.

وأشارت إلى دعوة الحكومة السودانية المستمرة لحل المسألة القبرصية في إطار الأمم المتحدة.

وظلت الحكومة التركية، وفق الملف، تؤكد على دعوة المجتمع الدولي لاعتماد الطرق الدبلوماسية في التعامل مع السودان وحل قضاياه.

كما أعلنت موقفا صريحا برفضها ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية ضد «البشير»، الذي تتهمه منذ 2009، بـ«ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، في إقليم دارفور، إضافة إلى اتهامه بالإبادة الجماعية في 2010».

ولفت الملف ذاته، إلى تقديم تركيا مقترحا لدعم السلام والاستقرار بين السودان ودولة جنوب السودان، عبر آلية للتعاون الثلاثي بين أنقرة والخرطوم وجوبا، لتنفيذ بعض المشاريع الاقتصادية، بما يعزز السلام والاستقرار عقب انفصال دولة الجنوب في 2011.

اتفاقيات البلدين

في هذا الإطار، وقع السودان وتركيا اتفاقية للتعاون الفني في 1989، قبل أن يوقعا برتوكولا للتعاون الثقافي، واتفاقية لجدولة ديون السودان في 1992. 

وشهد 2002 توقيع عدة اتفاقيات للتسهيلات الائتمانية، لبناء الجسور ومشاريع الصرف الصحي، تلتها اتفاقية للتعاون الصحي في 2007.

ووقع البلدان أيضا اتفاقية للتعاون بين المركز القومي للدراسات الدبلوماسية السوداني (حكومي)، والأكاديمية الدبلوماسية التركية في 2010.

وفي العام ذاته، تم التوقيع على اتفاقية إلغاء تأشيرات الدخول لحاملي الجوازات الدبلوماسية بين البلدين.

وبعد خمسة أعوام وقعا مذكرة تفاهم في مجال الإرشاد والأوقاف، وأخرى في مجال المعلومات والتقنيات الإلكترونية بين وزارتي خارجية البلدين.

وفي أبريل/ نيسان 2015 جرى توقيع اتفاقيات تعاون في مجالات الصحة الإلكترونية، والفنون والعلوم والجوانب العسكرية.

التبادل التجاري

بلغ حجم التبادل التجاري في 2013، 291 مليون دولار، ليرتفع في 2015 إلى نحو 320 مليون دولار، حسب وكالة «سونا».

وقالت وزارة الاستثمار السودانية، الخميس، إن حجم الاستثمارات التركية في البلاد بلغ 2 مليار دولار، خلال الأعوام الـ17 الماضية.

وذكر تقرير صادر عن الوزارة أن «عدد المشاريع الاستثمارية (في السودان) بلغ 288 مشروعا، خلال الفترة ذاتها».

ويتبادل البلدان الصادرات الزراعية، في حين تستورد السودان من تركيا الأجهزة الكهربائية، ومدخلات الإنتاج الصناعي والزراعي والملابس.

وساهم بنك تنمية الصادرات التركي، وفق الملف الذي أصدرته الوكالة السودانية، في مشروعات البنى التحتية بالخرطوم، إذ تم إنشاء جسري «المك نمر» و«الحلفايا» بالعاصمة، فضلا عن محطتي «مياه الخرطوم بحري»، والصرف الصحي، بتمويل يبلغ نحو 100 مليون دولار.

منح تركيا إلى السودان

قدمت تركيا للسودان تسهيلا ائتمانيا، بحدود 100مليون دولار في 2008، رفعته لاحقا إلى 200 مليون دولار. 

ومنحت أنقرة الخرطوم أيضا، مبلغ 4.7 مليون دولار، لإنشاء «المستشفى التركي» في ضاحية الكلاكلة جنوب العاصمة الخرطوم، في عام 2000.

وخصصت منحة بمبلغ 50 مليون دولار، لإنشاء «المستشفى التركي»، في مدينة نيالا، غربي البلاد.

وتواصل تركيا تقديم المنح العلاجية السنوية للمرضى السودانيين، كما تخصص منحا دراسية للطلاب في كل المستويات التعليمية بالجامعات التركية.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

أردوغان السودان أفريقية مصر العلاقات السودانية التركية تركيا