استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«القناص الأميركي» ليس فيلماً سياسياً ؟!

الاثنين 26 يناير 2015 04:01 ص

... وفق كلينت ايستوود، مخرج الفيلم، الذي اشتهر بمعارضته حرب العراق في أيامها (هل هناك دليل أفضل على نقاء أغراضه؟)، ويشدد على الفكرة نفسها بطل الفيلم، الممثل برادلي كوبر، فالفيلم ببساطة عرضٌ لـ «محنة جندي، ويوفّر «دراسة شخصية» عن معاناته، مع دعوة المشاهدين إلى متابعته كمحاولة للغوص في الأعماق النفسية لشخصية متوترة يصادف أنها تمثل كريس كايل.

والأخير «أكثر قناصي وحدات النخبة في الجيش الأميركي قتلاً»، وفق التسمية «الرسمية» التي شاعت عنه وصارت مقبولة ومتداولة، من دون أن نعرف ما إذا كان مطلقها كايل نفسه أم مروّجوه من الذين أجروا معه مقابلات عدة مكتوبة ومرئية، أم ناشرو كتابه الصادر في 2012 والذي سريعاً ما درّ ملايين الدولارات (وبقي 37 أسبوعاً على رأس قائمة الأكثر مبيعاً في نيويورك تايمز).

بالمناسبة فالممثل ذاك شريك في إنتاج الفيلم الذي بلغت إيراداته في الولايات المتحدة في ختام الأسبوع الأول لعرضه في فترة الميلاد 105 ملايين دولار.

وللقصة الصغيرة التزمت دار النشر التي أصدرت الكتاب بدفع تعويض قيمته مليون و800 ألف دولار لجس فانتورا حاكم مينسوتا السابق، لأن المؤلِّف روى كيف لكمه في أحد البارات عام 2006، بعدما قال أمامه إن «بعض رجال المارينز يستحقون الموت».

وجدت المحكمة أن القصة من نسج خيال كايل، وأنها تشهيرية بحق فانتورا! وهناك قصص عدة مشابهة، منها أن كايل قتل وحده 30 شخصاً كانوا ينهبون نيو اورلينز أثناء إعصار كاترينا في 2005، وقتل شخصين حاولا سرقة سيارته.

أي أنه كان ينسج أسطورته المتعلقة بالمنقذ/ القاتل بدم بارد (ويقول بعض محللي شخصيته إنها تشير إلى هاجس إثبات الرجولة! النجدة يا فرويد!) لأميركيين يعتبرهم رعاعاً، وليس فحسب لـ «استمتاعه» بقتل عراقيين «متوحشين» و»حقراء»، وتأكيده أنه «لا يأسف أبداً» على قنص 160 منهم (يدعي أنهم 255، ولكن ما أمكن إثباته هو الرقم الأول. «معليش»!).

يثور بعض نقاد الفيلم المرشح لست اوسكارات، على مجانية لقطة «أضعفت صدقيته»: يحمل كايل بين يديه طفلة رضيعة، يفترض أنها ابنته، وهي في الحقيقة دمية... ويتجادلون. وهو ما نقلت أصداءه بكل جدية نشرة سي ان ان بالعربية مثلاً. التزوير عيب.

ويقدم «البطل» ناقد مختص بالسينما على الشكل التالي: «كريس كايل ليس أكثر من رجل من تكساس أراد أن يصبح كاوبوي، ولكنه في سن الثلاثين وجد أن حياته ربما تحتاج شيئاً آخر، شيئاً يمكنه التعبير بواسطته عن مواهبه الحقيقية، وشيئاً يمكنه أن يخدم أميركا في قتالها ضد الإرهاب. ولذا انضم إلى «SEALs» (وحدات النخبة في المارينز) ليصبح قناصاً.

وبعد زواجه، استدعي هو وأعضاء آخرين من الفريق إلى دورتهم الأولى في العراق. لكن معركة كايل لا تخص مهماته، وإنما علاقته بواقع الحرب، وكيفية تدبره، بعد عودته، لتلك العلاقة في حياته المدنية مع زوجته وأطفاله». ألا ينقص شيء في هذه السردية المعقمة التي تحيل الرجل آدمياً معذباً لدرجة تستدعي التعاطف والإعجاب؟ تفصيل صغير، يتعلق بـ «مهماته» تلك تحديداً في بلد اسمه العراق، دمره العدوان الأميركي عن بكرة أبيه.

المقدمة الدعائية للفيلم، وهي من دقيقتين، تروي هدوء الرجل ورباطة جأشه بينما كانت عينه تترصد امرأة تحمل رضيعها، ثم قنصه لها لأنه اعتقد أنها تحمل أيضاً قنبلة. ويقول إنه بذا حمى رفاقه لأنه كان هناك احتمال أن تلقي المرأة بالقنبلة على دورية أميركية. ويا سادة، لو صحت الرواية، لسمِّيت هنا، في بلادنا، ذه المرأة، بطلة ومقاوِمة.

شارك كايل في أربع جولات حرب في العراق، بين 2003 (حيث وقعت قصة المرأة تلك)، و2009 حين صُرف معززاً مكرماً مثقلاً بالميداليات. وبينهما أطلق عليه العراقيون لقب «شيطان الرمادي» بسبب «نوعية» مشاركته في معارك الفلوجة، وبعدها في معارك مدينة الصدر. فالرجل وطني أميركي لا تهمه التمايزات المذهبية بين العراقيين.

يسرد الفيلم بشكل مؤثر كيفية اهتمام كايل بإنشاء «مشروع الأبطال» للعناية بمصابي الحرب العراقية، وتوفير مستلزمات علاجهم وراحتهم، سواء منهم من كان معطوباً جسدياً أو نفسياً. ويختم برواية مقتل «البطل» عام 2013، في إطار مؤسسة تدريب عسكري كان أنشأها باسم «كرافت انترناشونال»، على يد جندي سابق من المصابين في الحرب العراقية بـ «كرب ما بعد الصدمة» (ويُعتبر معتوهاً، وستبدأ محاكمته الشهر المقبل).

الفيلم يفلت من النقد باعتباره يجسد الوطنية الأميركية، بلا تساؤلات من أي نوع، بل بتغطية لها بالجملة النمطية العجولة عن «محاربة الإرهاب»، بحيث اضطر المخرج الأميركي مايكل مور، الشهير بما يفترض امتلاكه لحصانة ما، إلى استحضار عمه الذي قُتل في الحرب العالمية الثانية على يد قناص، لينتزع حقه في إبداء رأيه كـ «صاحب مصلحة»، أي لديه شرعية المتضرر شخصياً، فوق أنه أميركي (وهي اللغة التي يفهمها تلقائياً عامة الناس هناك)...

ليتمكن بعد ذلك من القول: «نحن نعلم أن القناصين جبناء، لأنهم سيطلقون عليك النار من الخلف. القناصون ليسوا أبطالاً... وكونهم غزاة يجعل الأمر أسوأ». ومن المدهش لجوؤه إلى هذا المقدار من الالتفاف والتجريد لإيصال الفكرة. ثم أردف أن الفيلم جيد (يقصد سينمائياً)، وأثنى على أداء الممثل الرئيسي!

وبالإجمال، وكحد أقصى، لم يتجاوز الانزعاج من الفيلم فكرة مناهضة تمجيد «القتل». مع أنه كان يمكن، خارج السياسة التي يعتبر الفيلم نفسه غير معني بها!، أن يدور نقاش حول مرتكزات العقلية الأميركية السائدة التي تعتبر نفسها متفوقة وصائبة وتقبض على الحقيقة المطلقة...

فتُدرس مثلاً الصلة بين هذا وبلاهة قناة «فوكس نيوز» حين أكد منذ أيام أحد صحافييها، نولان بيترسون، «الخبير» الذي كان أيضاً جندياً في العراق، أن «هناك مناطق خارجة عن القانون في باريس تحكمها الشريعة الإسلامية»، وأظهر خرائط توضيحية، واستحق دعوى ستقيمها رئيسة بلدية المدينة على المحطة على رغم اعتذارها. وكان يمكن، من ضمن التجارب السيكولوجية البحتة، أن يُعرض الفيلم على عيّنة من العراقيين وتُسجّل ملاحظاتهم. هذا لو كان لغير الأميركيين حق الكلام. 

 

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

فيلم القناص الأميركي أميريكان سنايبر كريس كايل

منظمة عربية أمريكية: فيلم "أميريكان سنايبر" يحرض ضد المسلمين