تونسيون: نادي «الترجي» أقدم من الإمارات.. و«السبسي» رد كرامتنا

الاثنين 25 ديسمبر 2017 12:12 م

حالة من الغضب الحزبي والمجتمعي، يعيشه الشارع التونسي، إثر قرار السلطات الإماراتية، منع التونسيات من السفر إليها أو المرور عبر أراضيها أو على متن طائراتها، مشيدين بقرار سلطات بلادهم حظر نشاط طيران الإمارات في جميع مطاراتها.

وشكت عدد من التونسيات خلال الأيام الماضية، من تأخير سفرهن إلى الإمارات على متن طائرات إماراتية وإخضاع بعضهن لإجراءات تفتيش وتدقيق إضافية في تأشيراتهن.

وطلبت تونس من السفير الإماراتي توضيحات حول سبب تأخير سفر التونسيات، مؤكدة أن سفير أبوظبي شدد على أن قرار المنع كان ظرفيا وتم رفعه وتمكين كل المسافرات من المغادرة.

وتكرر الأمر يومي السبت والأحد، قبل أن تعلن الحكومة الإماراتية، أن تأخير صعود تونسيات على متن رحلات متوجهة إلى دولة الإمارات خلال الأيام الماضية جاء بسبب «معلومة أمنية»، لترد تونس عليها بقرار تعليق رحلات شركة الخطوط الإماراتية إلى تونس، إلى حين تمكن الشركة من إيجاد الحل المناسب لتشغيل رحلاتها طبقا للقوانين والمعاهدات الدولية.

غضب إلكتروني

وعبر وسم «تونس تؤدب الإمارات»، شن ناشطون ومغردون على موقعي «تويتر» و«فيسبوك» بتونس، وعدة دول عربية، هجوما عنيفا على الإمارات، مذكرين حكومة أبوظبي بمكانة المرأة التونسية وتاريخها الحافل بالنضال والمساهمات العلمية.

وأشاد الناشطون بقرار الحكومة التونسية منع الطائرات الإماراتية من دخول جميع المطارات في البلاد، واعتبروه «قرارا سياديا، يشرف المرأة التونسية والشعب عامة».

وذكر البعض بالموقف الذي اتخذه الرئيس الأسبق «الحبيب بورقيبة»، عندما أمر بطرد أمير خليجي، بعد إهانته لأحد العمال في نزل تونسي.  

وطالب المغردون، سلطات بلادهم بمعاملة النساء الإماراتيات بالمثل، ودعوة السفير الإماراتي لتوضيح أسباب القرار المجحف في حق التونسيات، والذي اعتبروه مهينا للشعب التونسي كله، خاصة أنه لم تعرف أسباب القرار المفاجئ أو تاريخ انتهاء العمل به.

كما تداول ناشطون تسجيلا مصورا يظهر الإعلامية في إذاعة «Radio MosaiqueFM»، «دليلة مصدق»، وهي تتحدث عن دولة الإمارات بأسلوب حاد، بالقول: «التخلف والجهل والغباء وراثة ومسألة جينية لا تداويها الأبراج العالية ولا متحف اللوفر ولا الجزر الاصطناعية».

وعلقت «دليلة» على القرار بالقول: «أن تمنعوا نساء من صعود طائراتكم أو دخول مدنكم أو العبور منها إلى عوالم أخرى، فذلك من شيمكم وأخلاقكم وطبيعتكم المتشنجة الانفعالية الفاقدة للحكمة والتقدير والقواعد والأعراف والقوانين».

وقارنت «تحية بن علي»، بين تأسيس دولة الإمارات ونادي «الترجي» التونسي، وقالت: «من يصدق أن الامارات تأسست سنة 1971، وتأسس فريق الترجي التونسي سنة 1919 يعني فريق تونسي تأسس قبل 52 سنة من هذه الدولة.. فلا يوجد مجال للمقارنة».

وأضاف «ناصر «خان»: «تونس الخضراء من أجل كرامتها تدعس برجلها في بطن صحراء الإمارات».

كرامة تونس

وقال الصحفي التونسي «بولبابه سالم» في مقال له بعنوان «شكرا سيدي الرئيس»: «كرامة التونسيين فوق كل اعتبار وسمعة تونس الثورة لا يمكن أن يتطاول عليها من أعمت بصيرتهم أموال القطران».

وأضاف: «لا قيمة لدولة تحترم نفسها أن تسمح بالإذلال».

وتابع: «لم يدرك حكام الإمارات أن عنوان الثورة التونسية هو الحرية والكرامة، وأنهم مهما اشتروا من باعوا ذممهم مقابل حفنة دولارات من سماسرة السياسة وبعض الأبواق المأجورة فلن يشتروا الموقف السيادي التونسي الذي ينبع من إرادة شعبية ورقابة برلمانية ومجتمع مدني وأحزاب سياسية بكل ألوان الطيف».

تمويل الانقلابات

أما الإعلامي «الصحبي صمارة»، فأشار في مقال بعنوان «برقية إلى الرئيس»، إلى أنه «مستعد كمواطن تونسي للتضحية بحياتي مقابل وضع حد للتدخلية السافرة والعنجهية الفاقدة لكل أخلاق سياسية والتي تغلغلت بين ثنايا بلادنا في عدد من الفضاءات الحيوية».

وأضاف: «التدخل الإماراتي لم يقف عند حد تمويل ثلة من الوشاة المشرفين على بعض الأحزاب والجمعيات، ولم يقف عند ثلة من المرتزقة من منشطي البرامج الإعلامية المزيفة للحقائق، وإنما طال تجنيدا ممنهجا لتونسيين بغرض ارتكاب أعمال إرهابية في بلادنا».

وتابع: «يعتقد صناع القرار الإماراتي أن تصدير أزمتهم الداخلية عبر تمويل الانقلابات وتخريب الديمقراطيات هو نوع من الوقاية الجغراسياسية، وهو ما رفضته تونس، ولعل الفرق الجوهري بين تونس والإمارات هو أن تونس دولة لها من العمر آلاف السنين ولها تقاليد ثقافية تسمح لها بتجذير مفهوم المواطنة وتحقيقه بينما لا تزال مرتبة المواطنة بعيدة المنال في ظل أنماط الحكم العشائري».

رفض مجتمعي

في الوقت نفسه، دعت أحزاب تونسية إلى اتخاذ موقف صارم ضد التطاول والتشويه الذي طال المرأة التونسية، جراء القرار الإماراتي.

وقال أمين عام حزب «حراك تونس الإرادة»، «عماد الدايمي»: «نحن نعتبر القرار الإماراتي قرارا مستهجنا ومستغربا وغير مبرر، وفيه مس بسمعة تونس، وسمعة التونسيات بصفة خاصة».

وأضاف: «يبدو أن للقرار خلفية سياسية، وأدعو الحكومة للرد على هذا القرار بقرار دبلوماسي مقابل، لأنه من الواضح أن أهداف القرار الضغط على تونس في القضايا العربية بصفة عامة».

فيما قالت حركة «النهضة»، التي وصفت القرار الإماراتي بـ«الأخرق والعنصري والمخالف للقوانين المنظمة للطيران المدني»، إنها تدين بشدة «إقدام الشركة الإماراتية على منع حرائر تونس من امتطاء طائراتها، وتعتبر ذلك سلوكا عنصريا وإهانة لنساء تونس وشعبها. وتدعم قرار رئيس الدولة والسلطات التونسية بتعليق رحلات الشركة الإماراتية، كرد على المس بكرامة التونسيات والتونسيين والتعدي على سيادة الدولة التونسية».

 كما أدان المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل، القرار الإماراتي، ووصفه أنه صدر «تحت تبريرات ضعيفة وواهية وبناء على الشبهة والتعميم».

واعتبر المكتب التنفيذي، هذا الإجراء «مرتجل وتعسفي وعنصري».

كما اعتبره «صلفا وعربدة دولة واعتداء سافرا على كل التونسيات والتونسيين ومسا من كرامتهم».

ودعا اتحاد الشغل، في بيانه، السلطات التونسية، إلى المطالبة بالتراجع عنه والاعتذار أو اللجوء إلى المؤسسات القانونية الدولية لفرض إلغائه أو استصدار القرارات العقابية ضد الإمارات.

كما طالب السلطات التونسية، باتخاذ موقف مشرف، بعيدا عن الحسابات النفعية الواهمة والإصطفافات المفرطة في سيادة تونس وكرامتها.

وليست هذه المرة الأولى التي تمنع فيها الإمارات التونسيين من دخول أراضيها، فقد سبق ذلك أزمة منع التأشيرة قبل سنتين، والتي انتهت بإعلان وزير الخارجية «خميس الجهيناوي»، في فبراير/شباط 2017، أن وزير الخارجية الإماراتي أعلمه أنه تقرر رسميا رفع القيود المتعلقة بمنح تأشيرات للتونسيين، وأنه سيتم افتتاح قسم قنصلي خاص بالتأشيرة بسفارة الإمارات في تونس.

وقال «الجهيناوي»، حينها، إن قرار الحظر يعود إلى إجراءات أمنية اتخذتها الإمارات قبل حوالي سنتين، مضيفا أن المحادثات الدبلوماسية بين البلدين أثمرت عن إلغاء القرار.

وينتظر التونسيون ما ستؤول إليه المفاوضات بين البلدين، وخصوصا الرد الإماراتي، في ظل اتجاه الأزمة إلى مزيد من التعقيد.

يشار إلى أن السلطات الإماراتية كانت قد أعلنت أن الحظر الذي فرضته على التونسيات كان ظرفيا، ولكنها عادت ونفذته في اليومين التاليين. وليس من العاصمة تونس فقط، وإنما من مطارات في عواصم أخرى، ما تسبب في تعقيدات عائلية ومشاكل بالجملة، بسبب احتجاز تونسيين فيها، ورفع من منسوب الاحتقان الشعبي والسياسي والرسمي في تونس.

ولم يكن الرد الإماراتي مقنعا، حيث اكتفى وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي «أنور قرقاش»، بالإشارة، في تغريدة قصيرة، إلى «أسباب أمنية»، ولم يعتذر عما تسبب فيه القرار من مشاكل، بالإضافة إلى أنه كان مفاجئا، ولم يتم أدنى تنسيق مع السلطات التونسية بشأنه كما جرت العادة في مثل هذه الحالات الأمنية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس الإمارات طيران منع من السفر الترجي ثورة الياسمين

انتخاب أول امرأة في تونس رئيسة لنادي كرة قدم