هل تنجح السعودية في الالتزام بخفض إنفاقها العسكري؟

الثلاثاء 26 ديسمبر 2017 11:12 ص

ما بين احتمالات الحل السلمي والتصعيد الإيراني السعودي، فيما يخص الوضع في اليمن بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، تلقي الشكوك بظلالها حول ما ورد بميزانية السعودية لعام 2018 حول مخصصات الإنفاق العسكري، حيث أشار البيان المالي إلى أن هذه المخصصات ستبلغ نحو 210 مليارات ريال، مقابل 224 مليار ريال في 2017.

فهل سيسفر أداء الحكومة السعودية خلال 2018 عن الالتزام بما جاء بالميزانية من خفض مخصصات الإنفاق العسكري، أم ستضطرها شواهد الواقع إلى تجاوز هذه المخصصات، مما سيؤدي إلى زيادة العجز بالميزانية؟

الحل السلمي

ثمة احتمال يطرح نفسه وبقوة، وتمكن قراءته من خلال قرار صانع السياسة المالية بالسعودية بخفض مخصصات الإنفاق العسكري، وهو تفكير القيادة السياسية في الوصول لحل سلمي ينهي النزاع في اليمن، ويبقي الصراع السعودي الإيراني في إطار الأدوات الناعمة، لكن على ما يبدو فإن إيران تشعر بأن تحت يدها ورقة ضغط لا يمكن التفريط بها لاستنزاف السعودية ماليًا واقتصادياً، وهي استمرار النزاع باليمن، حيث صرح مسؤول إيراني مؤخرا بأنهم لا يدعمون الحوثيين عسكريًا، ولو كانوا يفعلون ذلك لأعلنوه بشجاعة.

وإذا تحقق احتمال الوصول لحل سياسي للأزمة اليمنية، بعد أن لمّحت إدارة «دونالد ترامب» إلى وجود الحوثيين في الحل السياسي باليمن، فسوف يساعد ذلك صانع السياسة المالية السعودية بتفعيل قراره بخفض مخصصات الإنفاق العسكري في 2018 وما بعدها، لكن ذلك سيتوقف على طبيعة خريطة النزاع بالمنطقة، التي يخطط لها أن تستمر لسنوات قادمة.

تخفيض مخصصات الإنفاق العسكري بميزانية 2018، لم يأت بشكل منفرد، ولكن أتى ضمن تخفيض مخصصات 4 قطاعات، وبالتالي فهناك أزمة فرضت نفسها على توزيع مخصصات الإنفاق العام، خاصة في ظل قرارات أحادية تتخذ من قبل القيادة السياسية سواء فيما يتعلق بمشروعات مثل طرح مشروع «نيوم» بتكلفة 500 مليار دولار، أو الوعود بضخ استثمارات سعودية في بلدان أخرى.

وثمة شواهد متعددة ببنود الميزانية السعودية تدل على استمرار الأزمة المالية خلال السنوات القادمة، منها ما ذكره البيان المالي من أن التوازن المالي بالميزانية سيتحقق في 2023 بدلا من 2020، في حين أن توقعات أوبك أشارت إلى أن أزمة انهيار أسعار النفط ستنتهي في 2020.

والشاهد الثاني في استمرار الأزمة التمويلية، تصاعد قيمة الدين العام السعودي وبلوغ تقديراته 555 مليار ريال في 2018، ووصوله إلى 854 مليار ريال في 2023، وبدلًا من انتهاج سياسة تصفير الدين العام، أصبحت الميزانية السعودية تعتمد آلية التمويل بالدين.

وبلا شك فإن سياسة التمويل بالدين في ظل الإمكانيات المالية السعودية، وطبيعة التوجهات الاقتصادية الجديدة، ستكون ذات ظلال سلبية، لأن السياسة الجديدة تعتمد تخلي الدولة عن النشاط الاقتصادي لصالح القطاع الخاص، وبالتالي يتوقع ارتفاع المديونية العامة، فضلًا عن أن الميزانية بما هي عليه الآن يغلب عليها الإنفاق الجاري بنحو 81%، أي أن الديون لن تستخدم في تمويل الاستثمارات، بل في تمويل النفقات الجارية، بما يكرس لأن تكون أزمة المديونية مزمنة بالميزانية السعودية.

كل الشواهد تدل على تصعيد النزاع بين التحالف الخليجي والحوثيين في اليمن، بل يتوقع البعض أن تشهد الفترة المقبلة نزاعًا مباشرا بين إيران والسعودية، بعد أن طالت صواريخ الحوثيين قصور الأمراء والملوك السعوديين، كما حدث يوم 19 ديسمبر/ كانون الأول 2017.

لكن الميزانية السعودية لعام 2018 - والتي أعلن عنها في نفس يوم وصول صاروخ الحوثي إلى قصر اليمامة - حملت مفاجأة غير متوقعة، حيث جاء في صفحة 75 من البيان المالي للميزانية أن مخصصات الإنفاق العسكري ستنخفض إلى 210 مليارات ريال مقابل 224 مليار ريال في 2017، وبتراجع قيمته 14 مليار ريال، وبنسبه 6.3%.

وحسب أرقام البيان المالي لميزانية 2018 بالسعودية، فإن حجم الإنفاق العسكري يمثل 21.4% من إجمالي الإنفاق العام البالغ 978 مليار ريال، مقابل 24.1% في 2017 من إجمالي إنفاق عام بلغ 926 مليار ريال.

وبعيدا عن أجواء التوتر والنزاع المسلح، فمن الطبيعي أن يشهد الإنفاق العسكري تخفيضًا لصالح مخصصات بنود أخرى تهدف لرفع معدلات التنمية، لكن في ضوء نزاع مفتوح، وحرب لم يستطع أحد الطرفين حسمها على مدار أكثر من عامين، من الصعب أن تنخفض مخصصات الإنفاق العسكري، خاصة أن الحلول السياسية تغيب عن الساحة، أو مستبعدة في الأجل القصير.

فإحصاءات معهد استوكهولم للسلام تبين أن السعودية مازالت تحتل مرتبة متقدمة على قائمة الدول ذات الإنفاق المرتفع على التسلح، ففي 2016 بلغ حجم الإنفاق السعودي على التسلح 63.6 مليار دولار.

ونحسب أن التقديرات التي تضمنتها الميزانية السعودية لعام 2018 عن حجم الإنفاق العسكري، سوف يتم تجاوزها، وفي أقل التقديرات لن تقل عن حجم إنفاق عام 2017.

المصدر | الخليج الجديد+ العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية الإنفاق العسكري التسليح اليمن إيران