في «عام المرأة المصرية».. ماذا كسبت نساء مصر من 2017؟

الثلاثاء 26 ديسمبر 2017 06:12 ص

مع وصول عام 2017 إلى نهايته، يعود إلى الأذهان ما شهدته المرأة المصرية خلال هذه الفترة، خاصة بعد تحديد أول رئيس مصري بعد الانقلاب العسكري، «عبدالفتاح السيسي» عام 2017، بأنه «عام المرأة المصرية»، ومناداته بتوفير كل الفرص والمجالات لتمكينها وتقدير منزلتها في المجتمع.

لكن حقوقيين وسياسيين يقولون إن المرأة في مصر حققت انتصارات بالفعل، وفقا لما يتم تداوله في الإعلام المحلي بأنواعه، لكنه لا يتعدى كونه انتصارا شكليا، فيما لم تنل المرأة المصرية الكثير من حقوقها وما زالت هناك العديد من القوانين التي تظلمها، وأن عام المرأة سوف ينتهي دون «إنجاز كبير» لها.

العنف ضد المرأة

غالبا ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فبحسب المركز القومي لحقوق الإنسان، بلغت نسبة العنف ضد المرأة مستويات مرتفعة بما لا يتماشى مع رؤية الدولة الطموحة، حيث وصلت قيمة تكلفة العنف ضد المرأة فى المجتمع المصري مؤخرا، 6 مليارات و150 مليون جنيه، أي ما يزيد على 300 ألف دولار أمريكي، وهو ما يعادل قيمة صادرات مصر من المنسوجات القطنية.

كما كشفت مدير عام إدارة التعاون الدولي والاتصالات الخارجية بالمجلس القومي للمرأة في مصر، «نجلاء العادلي»، أن المعلومات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تشير إلى أن التكاليف الاقتصادية الناتجة عن العنف ضد المرأة بينت أن المرأة والأسرة يتكلفان 1.49 مليار جنيه سنويا نتيجة عنف الزوج فقط، بما يزيد على 100 مليون دولار.

من ناحية أخرى، أجرت وكالة الأنباء الفرنسية لقاءً صحفيا مع الناشطة السياسية والحقوقية، الصحفية «منى الطحاوي»، وسألتها فيه عما إذا كان إعلان «السيسي» لعام 2017 بـ«عام المرأة»، أي ثمار واقعية على نسبة الاضطهاد المُمارسة بحق النساء في مصر.

وحول ذلك، قالت الناشطة: «كل ما يقوله السيسي هو نفاق! عليك أن تتذكر أنه - قبل كل شيء - إنه رجل عسكري، وبالتالي فهو نقيض للنسوية، كما يجب أن تتذكر أنه خلال الثورة، عندما كانت هناك موجة هائلة من الاعتداءات الجنسية في ميدان التحرير، كان السيسي في المجلس الأعلى للقوات المسلحة (2011-2012)، قبل أن يصبح رئيسا للجيش (2012 - 14)».

وأضافت: «هناك شيء مؤكد: حقوق المرأة لا يمكن أن تتقدم في مصر ما دام الجيش أو الدكتاتوريون أو الأصوليون الدينيون في السلطة، ولا يمكن أن يأتي التحرر إلا من النسويات المصريات والنساء المصريات اللواتي يكافحن من أجل حقوقهن على أساس يومي».

القاهرة «الأخطر» على النساء

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، نشرت «رويترز»، تقريرا عن أخطر 10 مدن على المرأة في العالم، كانت القاهرة في المركز الأول، وذكر التقرير أن المرأة في مصر تتعرض لانتهاكات عديدة، وأن ظروف المعيشة غير جيدة لها، وأنها بحسب العاملين في المجتمع المدني، تعاني كثيرا من جميع أشكال العنف.

قالت الصحفية «شهيرة أمين» والناشطة في مجال حقوق المرأة، حول ذلك إن «كل شيء في المدينة صعب بالنسبة للمرأة، فالمرأة تعاني في كل المجالات، مضيفة «بمجرد سيرها في الشوارع ستتعرض للتحرش اللفظي والجسدي».

وتقول «منى أبوبكر»، الناشطة النسوية، إن مصر تواجه عدة أزمات في هذه القضية، فرغم وجود قوانين تناهض ذلك، ووجود مؤسسات وكيانات كإدارة متابعة جرائم العنف والتحرش ضد المرأة، التابعة لوزارة الداخلية التي تم إنشاؤها عام 2013، لكن كل هذه الخطوات لا تتعدى كونها شكليات ومسميات لا علاقة لها بالواقع، على حد قولها.

وأضافت «أبوبكر» أنه توجد بعض الإشكاليات الخاصة بتفعيل القوانين والسياسات الموجودة بالفعل، تجعل الجناة يفلتون من العقاب، واستخدام المادة 17 المتعلقة برأفة القضاة، مع مرتكبي جرائم العنف ضد النساء.

وتابعت: «رغم وجود إستراتيجات وسياسات لمناهضة العنف ضد النساء، فإنه يصعب رصد الإنجازات والإخفاقات الخاصة بهذه السياسات أو وجود تقارير دورية من قبل المجلس القومي للمرأة لمتابعة ما يحدث على أرض الواقع».

الاعتقال والملاحقة الأمنية

على الناحية الأخرى، أعلنت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات أن حوالي 2000 امرأة وفتاة تعرضن للاعتقال من قبل قوات الأمن، منهن قاصرات لم يتخطين الـ18، منذ الانقلاب العسكري يوم 3 يوليو/تموز 2013.

وتفيد أحدث الإحصائيات بوجود 44 معتقلة حاليا في السجون المصرية من بينهن 13 محكوم عليهن بأحكام نافذة، و34 محبوسات احتياطيا، و6 مخفيات قسرا، و106 ممنوعات من السفر، و93 تمت مصادرة أموالهن.

وكشف مركز «هشام مبارك لحقوق الإنسان» عن تعرض أكثر من 90 سيدة للقتل خارج إطار القانون، إلى جانب وقوع 50 حالة اغتصاب، وأكثر من 500 حالة فصل من الجامعة.

وتقول الناشطة الحقوقية «سلمى الخشن»: «فما إن أعلن السيسي عن عام المرأة حتى بدأت سلسلة من الاعتقالات التي استهدفت النساء»، مضيفة أن «الأمن يعتقل الزوج والزوجة ليواجه أطفالهما المجهول».

من جانبها، أشارت «منار الطنطاوي» زوجة الصحفي المعتقل «هشام جعفر» إلى معاناة زوجات وأمهات المعتقلين خلال جلسات المحاكمة والزيارات في السجن.

وقالت لـ«الجزيرة نت» إن هناك الكثير من النساء اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي خلال تفتيشهن قبل دخول جلسات المحاكمة والزيارات «وعندما تعترض النساء يتم تهديدهن بالحبس أو منعهن من الزيارة أو حضور المحاكمة».

ويشبه الحقوقي «عمرو عبدالهادي»، في حديثه لـ«الجزيرة نت»، تعامل النظام المصري مع النساء بـ«تعامل الكيان الصهيوني مع نساء فلسطين» معتبرا ذلك انتهاكا صارخا للدستور والقانون وكل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.

وذكّر «عبدالهادي» بما قام به الجيش عام 2011 -حينما كان «السيسي» وقتها وزيرا للدفاع- بالاعتداء على المتظاهرات في ميدان التحرير في أكثر من اعتصام، إلى جانب إجراء ما سمي بـ«كشوف العذرية».

فقاعة المرأة في «الأحوال الشخصية»

تقول الدكتور «ميرفت صدقي»، خبير تنمية شؤون المرأة، إنه رغم دعوات «السيسي» لإعطاء المرأة المصرية مكانتها، لكن المرأة لم تجد تحركا حقيقيا لتعديل قوانين الأحوال الشخصية رغم الدعوات المتتالية لجعل ذلك «درة تاج المرأة في عامها»، معتبرة إياها لا تسهم في تلبية الاحتياجات المجتمعية المتزايدة لتوازن المراكز القانونية داخل الأسرة، مشيرة إلى أن هذا القانون يهدد الأمن القومي؛ لمساهمته في حالة عدم الاستقرار للأسرة وعدم توفير عدالة ناجزة مع إطلاق حرية الزواج للمرأة.

وطالبت «ميرفت» بأشياء عديدة ناقصة في قانون الأحوال الشخصية، منها تنظيم حق الاستضافة والرؤية والحضانة بما يراعي مصلحة الطفل، وتوسيع حق المرأة في طلب التطليق بسبب تقصير الزوج، وجعل الولاية حقا للمرأة الرشيد تمارسه بحرية حسب اختيارها ومصلحتها.

خفض مخصصاتها في «عام المرأة»!

وقالت «منال ربيع»، الناشطة في شؤون المرأة، إن أحوال النساء المصريات لم تتحسن كليا في 2017، موضحة: «لا يمكن تحقيق كل طموحاتها في عام واحد، لكن الإعلان عن ذلك وتخصيص عام للمرأة ترفع من معنوياتها فقط، لكن الأوضاع في حقيقتها تكشف حقائق أخرى».

كما أعربت عن أسفها لخفض مخصصات موازنة المجلس القومي للمرأة، وتراجعها بنسبة 9.6% مقارنة بموازنة العام الماضي، وذلك في كشوف البيانات التفصيلية للموازنة العامة للدولة التي أعلن عنها مؤخرا.

عشرات المبادرات بلا نتائج

الدكتورة «رانيا يحيى»، عضو المجلس القومى للمرأة، تؤكد أن المجلس «يقدم توصيات لحل مشاكل المرأة في كل مكان بالتعاون مع الجهات التنفيذية والوزارات المعنية لمساعدتها».

موضحة أن هذا العام «شهد عدة فعاليات وحملات ومبادرات كانت المرأة فيها صانعة القرار مثل اليوم العالمي للسلام، ومصر تستطيع، ومبادرة التاء المربوطة، فضلا عن مشاركتها في منتدى شباب العالم»، وقالت: «الرئيس مهتم بدور المرأة وخصص جلسات تحدثت عن قيمتها داخل المجتمع»، مشيرة إلى أن هناك حملات لمناهضة العنف ضد المرأة فى أكاديمية الفنون و14 جامعة على مستوى الجمهورية: «وضعنا استراتيجية للنهوض بالمرأة، وهناك اهتمام من قبَل مجلس الوزراء وجار متابعتها كل 3 شهور».

وهو ما وصفته بـ«الجهد الضخم»، لكنها بررت استمرار القصص المأساوية للنساء فى مقابلة مع صحيفة «الوطن» المصرية، بقولها: «صحيح أننا على الطريق حيث يتم تغيير القوانين المتعلقة بالميراث والختان والتحرش، وصحيح أن لجان المجلس كلها تعمل على الأمر، وكذلك الدولة، لكن الأعداد كبيرة جدا، عددنا مائة مليون لذا يتطلب الشعور بالتحسن الفعلى سنوات، حيث لا تزال الدولة بأجهزتها غير قادرة على إنقاذ كل الحالات الصعبة دفعة واحدة».

وبالتالي، رغم النبرة المتفائلة التي تتداولها الشخصيات الرسمية عبر وسائل الإعلام الحكومية، فإنه حينما يؤول الأمر إلى جرد النتائج ولمس أي تغييرات حقيقية على أرض الواقع، تظهر في الأفق تبريرات الأعداد الضخمة للمجتمع المصري، التي دائما ما تكون كافية لتفسير الفشل في لمس أي تحسُّن، مهما كان طفيفا.

ولكن تظل النظرة السائدة لدى المراقبين، بأن المرأة المصرية لا يمكنها أن تظل في انتظار ما ستقدمه الدولة ومرافقها من أجل تحقيق آمالها، لأن ذلك قد يطول إلى أمد بعيد، ولكن عام المرأة المصرية الحقيقي، سيكون عندما تقرر المصريات ذلك.

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المرأة المصرية مصر المرأة حقوق المرأة نساء عام المرأة السيسي تحرش عنف تمكين