المعارضة المصرية 2017.. حضور بمواقع التواصل واختفاء قسري عن الشارع

الأربعاء 27 ديسمبر 2017 12:12 م

لم يكن عام 2017 أفضل من سابقيه بالنسبة للمعارضة المصرية، بكافة أطيافها، جراء تعرضها لأزمات مفتعلة، وانقسامات داخلية، وحصار خانق، وحجب لوسائل التعبير، لكن نهاية العام حملت بداية حراك سياسي وحزبي قبيل الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

من اليمين إلى اليسار، وجراء إخفاء قسري، غابت الأحزاب المصرية عن المشهد السياسي بشكل واضح، وبفعل فاعل، وأغلبها طالت أنصاره اعتقالات عشوائية، وحملات تشويه في وسائل إعلام حكومية، بالإضافة إلى قبضة أمنية لاحقت العمل النقابي والطلابي، وطاردت مرشحي الرئاسة المحتملين.

وليس مبالغا القول أن نيران الانقلاب العسكري في البلاد، طالت حلفاء الأمس، الذين شاركوا في تظاهرات 30 يونيو/حزيران، التي مهدت لانقلاب 3 يوليو/تموز 2013، في تغييب واضح لليبراليين واليساريين الذين كانوا يأملون في الحصول على قضمة من الكعكة بعد الإطاحة بالإسلاميين من سدة الحكم.

تدابير احترازية

مطلع يناير/كانون الثاني، كان الإفراج عن مؤسس مؤسس حركة 6 أبريل المعارضة، «أحمد ماهر»، بعد إنتهاء احتجازه 3 سنوات لمخالفة قانون التظاهر، بارقة أمل في عودة الحركة للشارع، لكن الإجراءات الاحترازية، وإخضاع «ماهر» للمراقبة الشرطية، بالإضافة إلى ناشطين آخرين، دفعت بالحركة إلى الانزواء باتجاه مواقع التواصل، والتعبير عن مواقفها من خلال بيانات وتدوينات عبر «فيسبوك». (طالع المزيد)

وفي الشهر ذاته، اعتقلت السلطات المصرية رئيس حزب «مصر القوية» بمحافظة الأسكندرية، شمال البلاد، وذلك بعد اختطاف والده وإجباره على إرشاد القوة الأمنية عن منزل نجله «حسام النجار».

وعملا بنظرية «العين الحمرا»، كشر النظام المصري عن أنيابه في مواجهة عدد من الأحزاب يراها تمثل خطورة على بقائه، وأجرى النائب العام المصري تحقيقات في بلاغات تتهم 6 أحزاب بالتورط في دعم الإرهاب، وهي التهمة الجاهزة لملاحقة المعارضين في البلاد.

البلاغات طالت أحزابا على صلة بالإسلاميين، وهي حزب «النور» السلفي، الذراع السياسية للدعوة السلفية، وحزب «الوطن» السلفي، وحزب «الوسط» الذي يترأسه «أبو العلا ماضي»، وحزب «الاستقلال» (الشعب الجديد سابقا)، وحزب «غد الثورة» بزعامة المعارض «أيمن نور»، المقيم في الخراج، إضافة إلى حزب «البناء والتنمية» الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، والذي كان يترأسه سابقا «طارق الزمر»، المدرج على قوائم الإرهاب. (طالع المزيد)

وسبق أن حلت السلطات المصرية، حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمون»، التي كان ينتمي إليها «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في البلاد.

ويطارد سيناريو الحل والتجميد، الأحزاب المشار إليها، في ما هو أشبه بسيف مسلط على الرقاب؛ للحيلولة دون الخروج على الخطوط الحمراء التي وضعها نظام الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، الذي تعيش البلد في عهده تحت حكم الطوارئ.

لم ينج الملياردير المصري «نجيب ساويرس» من «العين الحمرا»، وأطيح به خارج المشهد السياسي المصري، بعد انقلاب داخل حزبه «المصريين الأحرار» بإيعاز أمني، نفذه رئيس الحزب «عصام خليل»، الذى ألغى مجلس أمناء الحزب الذي كان يترأسه «ساويرس»، والأخير اعتبر ما حدث له بأنه «غدر»، و«انقلاب».

وفي سبتمبر/آيلول، اتهم «فريد زهران»، رئيس «الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي» (ليبرالي)، الأمن المصري، بإغلاق مكتبة مملوكة له، ومصادرة محتوياتها، وسط القاهرة، دون أسباب.

الحجب والجنسية

مطلع مايو/أيار الماضي، بدأ النظام المصري في فرض عملية حجب واسعة النطاق، طالت مئات المواقع الإخبارية والحقوقية على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى مصادرة صحف، وفرض المزيد من إجراءت التحفظ على شركات إعلامية، اعتبرها تمثل خطرا عليه، الأمر الذي حد كثيرا من قدرات المعارضة المصرية على التواصل مع الشارع، وإبراز رأيها في الأحداث التي تمر بها الساحة.

ومن أبرز المواقع المحجوبة «الجزيرة مباشر» و«هاف بوست عربي» و«مدى مصر»، و«عربي 21»، وصحيفة «المصريون»، وشبكة «رصد»، و«بوابة القاهرة»، و«مصر العربية»، و«البديل» و«البداية»، وموقع «الشبكة العربية لحقوق الإنسان»، وغيرها من المواقع المحسوبة على تيارات معارضة، ومناوئة للانقلاب العسكري في البلاد.

لم يكتف النظام بذلك، وسارع إلى طرح مشروع قانون تعديل أحكام قانون «إسقاط الجنسية المصرية»، الذي توسع في حالات إسقاط الجنسية لتشمل كل من صدر ضده حكم قضائي «يثبت انضمامه إلى أي جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أي كيان، أيا كانت طبيعته أو شكله القانوني أو الفعلي، سواء كان مقرها داخل البلاد أو خارجها، وتهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة أو بأية وسيلة من الوسائل غير المشروعة».

لكن ثمة حراك تشكل مع إعلان 7 أحزاب معارضة، في بيان، مطالبة «السيسي»، بإطلاق سراح آلاف المعتقلين من الشباب، بدلا من استضافة الشباب من كل أنحاء العالم لكي يتحدثوا عن مشكلاتهم وهمومهم، في الإشارة إلى مؤتمر «شرم الشيخ»، شمالي البلاد، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحت شعار «نحتاج للتحدث»، في وقت يقبع فيه أكثر من 60 ألف معتقل أغلبهم من الشباب في السجون المصرية، وفق تقارير حقوقية.

وتضمنت قائمة الأحزاب الموقعة على البيان، كلا من «التحالف الشعبي الاشتراكي، وتيار الكرامة، والدستور، ومصر الحرية، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والعدل، والعيش والحرية (تحت التأسيس)».

«علي» والجزيرتان

يمكن القول أن المرشح الرئاسي «خالد علي»، كان رأس حربة الحراك السياسي المحدود في الشارع المصري، محدثا اختراقا نوعيا في المشهد، تبلور مبكرا منذ العام الماضي في قيادته الاحتجاجات ضد اتفاقية التنازل عن جزيرتي «تيران وصنافير» للسعودية، وحصوله على حكم نهائي من حكم المحكمة الإدارية العليا بمصرية الجزيرتين، في يناير/كانون الثاني الماضي.

يونيو/حزيران، كان لافتا في أداء المعارضة المصرية، التي نجحت في حشد الشارع للخروج في مظاهرات حاشدة بمختلف المحافظات، عرفت باسم «جمعة الأرض، اعتراضا على تمرير اتفاقية الجزر، وسط دعوات لمحاكمة «السيسي»، بتهمة الخيانة والتفريط في الأرض، رد عليها النظام بحملة اعتقالات طالت المئات، وأجهضت حراك الشارع، الذي عاد للتظاهر بعد نحو 6 أشهر، لكن هذه المرة، كان ضد قرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

عزز «علي» تحركاته، بالإعلان عن ترشحه لانتخابات الرئاسة العام المقبل، مطالبا بتعديل قانون الانتخابات، وإلغاء حالة الطوارئ خلال العملية الانتخابية، لكن النظام سارع بمعاقبته وتقديمه للمحاكمة بتهمة التلويح بإشارة خادشة للحياء، والحكم عليه بالسجن 3 أشهر، ما قد يحرمه من خوص السباق الرئاسي حال صدور حكم نهائي بإدانته.

لم تستسلم المعارضة المصرية، وسارعت إلى إصدار بيان وقعته 7 أحزاب، بينها «التحالف الشعبي» (يساري)، و«الدستور» (ليبرالي)، و«مصر القوية» (إسلامي وسطي)، إضافة إلى حركتي «شباب 6 أبريل» و«الاشتراكيين الثوريين»، إضافة إلى 115 شخصية عامة، بينهم المرشح الرئاسي السابق «حمدين صباحي»، رفضوا من خلاله محاولات استبعاد «خالد علي» من السباق الرئاسي، من خلال تلفيق تهمة واهية له.

حراك رئاسي

قبل نهاية العام، أعلنت 8 أحزاب، و150 من الناشطين والشخصيات العامة المصرية إطلاق جبهة سياسية جديدة تحت اسم «الحركة المدنية الديمقراطية»، مستبعدة من تشكيلها من يحملون فكرا إسلاميا، مثل حزبي الوسط الذي يترأسه «أبوالعلا ماضي»، ومصر القوية الذي يترأسه «عبدالمنعم أبوالفتوح»، المرشح الرئاسي السابق الحاصل على 4 ملايين صوت خلال انتخابات الرئاسة في 2012.

ولم تسفر تحركات الجبهة التي كانت تأمل صناعة موقف موحد في انتخابات الرئاسة، عن حراك فاعل، جراء فقدانها الجماهيرية، وآليات التواصل مع الشارع، مع البقاء أسيرة لبيانات الغرف المغلقة وصفحات التواصل.

ولم يحمل 2017 منافسا حقيقيا لـ«السيسي»، إذ لم يعلن عزمه الترشح سوى «خالد علي»، بينما أحجم المرشح الرئاسي السابق «حمدين صباحي» عن تكرار التجربة، كذلك انزوى بعيدا المرشح الرئاسي السابق «عبدالمنعم أبو الفتوح»، وأعلن السياسي المقيم بالخارج «أيمن نور» رفضه أن يكون «محللا» للرئيس الحالي، وأخيرا انسحب رئيس وزراء مصر الأسبق الفريق «أحمد شفيق»، بعد تحريك دعاوى قضائية ضده واعتقال عدد من أنصاره، وألمح البرلماني السابق «محمد أنور السادات» إلى احتمالية انسحابه جراء تعرض حملته الانتخابية لتضييق أمني.

ومبكرا، غاب عن المشهد، صاحب مبادرة «الفريق الرئاسي»، العالم المصري «عصام حجي» مستشار الرئيس السابق «عدلي منصور»، والذي اشترط ضمانات لخوض الانتخابات الرئاسية، منها «إنهاء حالة الطوارئ (أعلنت أبريل/نيسان الماضي بمختلف أنحاء مصر لمدة 3 أشهر إثر تفجيرين كبيرين)، والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والمتهمين في قضايا تخص حرية الرأي والتعبير، وإلغاء التصريح الأمني لإقامة مؤتمرات انتخابية، والإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخبية، ونقل عملية الفرز عبر وسائل الإعلام».

وخلال العام الجاري، عملت الأجهزة الأمنية المصرية على حرق أو تشويه أي شخص جاد يعلن عزمه الترشح للرئاسة، حتى تخلو الساحة تماما لـ«السيسي» الذي أعلن ضمنا عزمه الترشح ليشغل المنصب لولاية ثانية، مدعوما بحملة حكومية «علشان تبنيها» لجمع توقيعات لدعم ترشحه، شارك فيها مسؤوولون ومحافظون وبرلمانيون، وتحظى بدعم أمني وإعلامي واضح.

على غرار الأزمة التي تعانيها معارضة الداخل، ظلت المعارضة المصرية المقيمة في الخارج (قطر وتركيا)، عرضة لانقسامات، جراء حالة من الجمود ضربت تحالف «دعم الشرعية» (تحالف مؤيد لمرسي)، وفي القلب منه جماعة «الإخوان»، إثر الإصرار على عودة الرئيس الأسبق إلى سدة الحكم، وما تلا ذلك من انسحابات، وتبادل للاتهامات، فاقم من مأزقها ملاحقة النظام المصري لرموزها بأحكام قضائية، ووضعها على قوائم النشرة الحمراء لـ«الإنتربول»، وإصدار قرارات بالتحفظ على أموالها وممتلكاتها، وسط دعوات لتوحيد الصف قبيل الذكرى السابعة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وقبل انطلاق المارثون الرئاسي الذي قد يمنح «السيسي» ولاية ثانية تمتد حتى 2022.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

معارض مصري أحزاب مصرية 6 أبريل خالد علي أحمد ماهر نجيب ساويرس