خيوط علاقة «حفتر» بعميل استخبارات إسرائيلي وصفقة تقسيم ليبيا

الأربعاء 27 ديسمبر 2017 02:12 ص

تصاعدت الأنباء عن علاقة رجل الاستخبارات الإسرائيلي «آري بن ميناشي» بالجنرال الليبي المتقاعد «خليفة حفتر» والمجموعات الانفصالية في ليبيا، في الوقت الذي تم تتويج هذه العلاقات بتوقيع عقود بملايين الدولارات من أجل دعم مساعي الانفصال وإضفاء شرعية دولية عليها، بحسب تقرير نشره موقع «العربي الجديد».

ومازال الغموض محيطا بشخصية «حفتر»، وصلاته بدول ومنظمات وشخصيات حول العالم، خاصة أن وسائل إعلام محلية ودولية تحدثت عن صلاته الوثيقة بعديد المنظمات والشخصيات الجدلية منذ لجوئه إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإقامته فيها لمدة 20 عاما.

فبالإضافة إلى علاقته بشركة «بلاك ووتر» الأمنية، تناقلت وسائل إعلام وثائق تثبت تعاقده مع شركة «سترايت غروب» الكندية، لشراء أسلحة وصلت فيما بعد إلى قوات بالزنتان عن طريق الإمارات.

ومن غير المعروف إن كان «بن ميناشي» تعرف على قادة ليبيا من خلال «حفتر» أم لا، لكن المؤكد أن علاقته بليبيا ليست جديدة، ففي أعوام 2013 و2014 كان «بن ميناشي» على صلة بدعاة المطلب الفيدرالي شرق البلاد.

وزار «بن ميناشي» بنغازي في سبتمبر/أيلول 2013 للقاء زعامات التيار الفيدرالي ومنهم «الزبير السنوسي»، قائد التيار آنذاك، قبل أن يتبلور الحراك الفيدرالي ويصبح جسما سياسيا أعلن عنه نهاية أكتوبر/تشرين الأول من ذات العام تحت اسم «المكتب السياسي لإقليم برقة».

وتركزت علاقة «بن ميناشي» برئيس المكتب «إبراهيم الجضران» الذي تحدثت صحف غربية عن توقيع عقد بينهما بقيمة 2 مليون دولار، لإقناع دول كبرى بالاعتراف بحق برقة في الحكم الذاتي.

انتهت مسيرة «بن ميناشي» المرتبط بعلاقات مع شخصيات سياسية كبيرة حول العالم، بامتلاكه شركة استشارات في مونتريال الكندية  للترويج لسياسات دول العالم الثالث لدى الدول الكبرى، كوكيل مفاوض عنها.

سفينة «مورننق غوري»

وبحسب أحد الشخصيات التي استقالت من «الحزب الديمقراطي الفيدرالي» الليبي، فإن «بن ميناشي» تحصل على جزء من أموال العقد المقدر بــ«2 مليون دولار»، لكنه لم يكمل مهمته ولم ير المكتب السياسي لبرقة أي نتائج ملموسة، سيما بعد تورط المكتب في حادثة سفينة «مورننق غوري» التابعة لشركة كورية، والتي جاءت بوساطة «بن ميناشي» لتوريد شحنة نفط من ميناء السدرة في مارس/آذار 2014، قبل أن تتمكن سلطات حكومة المؤتمر الوطني بطرابلس من التفاهم مع المجتمع الدولي لإجبارها على الرسو في أحد موانئ طرابلس بعد وصولها المياه الإقليمية لمالطا.

وفي الفترة ذاتها، تناقلت وسائل إعلام أمريكية وثائق نشرتها وزارة العدل الأمريكية على موقعها الإلكتروني، تثبت علاقة حكومة برقة بشركة كندية مقرها مونتريال وعقد مبرم معها بقيمة 2 مليون دولار لدعم قضية استقلال برقة، وحشد الاعتراف بها خاصة لدى الولايات المتحدة وروسيا.

غير أن «الجضران» نفى في أحد لقاءاته الصحفية توقيع العقد، تعليقا على حديث صحفي لـ«بن ميناشي»، أكد فيه أنه يمتلك عقدا بمليوني دولار مع أنصار الفيدرالية المرتبطين بمن أوقفوا العمل في الموانىء النفطية، مضيفا أن زبائنه «لا يريدون تقسيم البلد لكنهم يسعون فقط للتفاوض حول اتفاق لتقاسم العائدات النفطية بين طرابلس وشرق البلاد».

ويبدو أن هذه العلاقة استمرت، إذ أظهر تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، أن «بن ميناشي» لا يزال على اتصال بشرق البلاد وبالتحديد مع زعيم جناحها العسكري «حفتر»، من خلال عقد بقيمة 6 ملايين دولار للضغط نيابة عنه وعن البرلمان على الإدارة الأمريكية وحكومات مختلفة في العالم، من أجل تغيير سياساتهم إزاء ليبيا بما يخدم مصالح «حفتر» والبرلمان.

وبحسب تقرير «العربي الجديد»، فرغم علاقة «حفتر» الوطيدة بالولايات المتحدة التي عاش فيها سنوات، إلا أن تغير إداراتها وربما تفضيله التواصل مع موسكو للوصول إلى أهدافه العسكرية في ليبيا، أضعف من هذه العلاقة، مما دعاه إلى الاستعانة بشخصيات مثل «بن ميناشي».

ونقل التقرير عن مقربين من «حفتر» قولهم إن وكلاءه ومنهم نواب من أنصاره في البرلمان، التقوا «بن ميناشي» في القاهرة بعد أن رفضت الأردن أن تكون عمان مكانا للقاء، بسبب ارتباط الخبير الإسرائيلي بعلاقات استخباراتية مع ضابط أردني سابق مطلوب لديها.

وأفصحت المصادر أن «حفتر» لا يعول كثيرا على «بن ميناشي»، وأن الأموال التي قدمت للأخير لم تكن بموافقة مباشرة منه، وإنما باقتراحات من قبل أنصاره في شرق البلاد، لكنه في الوقت نفسه لم يرفض هذه الاتصالات والتعاقدات، مشيرة إلى أن «حفتر رجل ذكي لا يمكن أن يتورط بشكل مباشر وشخصي مع علاقات مشبوهة كهذه».

«حفتر» و(إسرائيل)

في خضم الصفقات بين «حفتر» و«بن ميناشي»، برزت علاقة الأول مع (إسرائيل)، في لقاء أجرته صحيفة «كوريرا لايلا سيرا» الإيطالية معه في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أعلن حفتر عن رغبته في التعاون مع (إسرائيل) وتلقي الدعم بمختلف صوره منها، وقال مجيبا عن سؤال حول استعداده لتلقي الدعم من (إسرائيل): «ولم لا، فعدو عدوي هو صديقي».

والتقى «حفتر» في مارس/آذار 2015 في العاصمة الأردنية، عمان، بممثلين عن الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، كما نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، تقريرا مطولا عن أعمال «حفتر» في ليبيا في ذات التاريخ، عنونته بــ«سيسي ليبيا»، مشيرة فيه إلى أنه سيلتقي مسوؤلين إسرائيليين في عمان.

وبحسب تقرير «العربي الجديد»، فإن «بن ميناشي» يهودي عراقي، مولود في طهران عام 1952، وموظف سابق في الحكومة الإسرائيلية، وظهر لأول مرة في وسائل الإعلام في عام 1989، عندما اعتقل في الولايات المتحدة واتهم بمحاولة بيع ثلاث طائرات عسكرية إلى إيران، في انتهاك للقانون الأمريكي لمراقبة تصدير الأسلحة.

وقضى «بن ميناشي» ما يقرب من عام في السجن في نيويورك، وتمت تبرئته في المحاكمة حيث قبلت هيئة محلفين دفاعه، الذي استند إلى أنه كان يتصرف بناء على أوامر من رؤسائه في (إسرائيل).

كتب «بن ميناشي» مذكراته تحت عنوان «أرباح الحرب»، التي قال فيها «كنت ضابط المخابرات العسكرية العليا لفترة، ثم كنت مستشارا للاستخبارات الخارجية للرئيس شامير لمدة عامين».

ويأتي ورود اسم «بن ميناشي» والحديث عن علاقاته بانفصاليي ليبيا، و«حفتر»، بالتزامن مع تصاعد الحديث عن خطط جديدة لتقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات.

  كلمات مفتاحية

حفتر تقسيم ليبيا مشاريع انفصال بن ميناشي الاستخبارات الإسرائيلية