«ترامب» 2017.. حليف للسعودية راع لـ(إسرائيل) وعدو لإيران

الأربعاء 27 ديسمبر 2017 06:12 ص

لفتت شبكة «سي إن إن» في تقرير لها إلى أن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» لم يدخر جهدا طوال عام 2017 لاستقطاب جبهات عداء عديدة، فمنذ دخوله البيت الأبيض حاول «ترامب» خلق واقع سياسي دولي مختلف لكن التوفيق السياسي لم يصبه.

الجمعة، 20 من يناير/كانون الثاني 2017، استلم «ترامب» الرئاسة بعد عام ونصف العام من الصراع والمواجهة في الحملة الانتخابية الأمريكية الأكثر شراسة وإثارة للجدل.. وهكذا أصبح «ترامب» هو الرئيس الأمريكي الـ45، والأول الآتي من خارج المؤسسة التقليدية لصناعة الرؤساء، وهو ملياردير يفتقد الخبرة السياسية، ولم ينتخب من قبل لتولي أي منصب في أمريكا، وليساهم بشكل مباشر في تعميق وازدياد الأزمات الخارجية للبلاد مما سنتناوله في التقرير التالي.

منع دخول مسلمين وأحكام قضائية

تناولت مجلة «نيوزويك» الأمريكية، منذ قرابة 10 أيام، قرار حظر دخول رعايا دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، الذي وعد به «ترامب» أثناء حملته الانتخابية ونفذه لاحقا، وقالت: يبدو أنه نجح في ذلك.

وأضافت أنه بدأ منذ مراسم تنصيبه تنفيذ عدة سياسات في هذا السياق وكان لها نفس النتائج، ومنها فرض أعباء جديدة على جميع طالبي التأشيرات كجزء من مبادرات التدقيق الشديد.

وأشارت إلى انخفاض عدد اللاجئين المسلمين بشكل كبير خلال 2017، بناء على بيانات من وزارة الخارجية الأمريكية؛ وتدنى تدفق اللاجئين المسلمين بنسبة 94% خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني الماضيين.

وأوضحت المجلة أن الولايات المتحدة قبلت في 2016 ما يقرب من 45 ألف لاجئ مسلم، مقارنة مع أكثر بقليل من 11 ألفا في 2017.

وأضافت أن الإدارة الأمريكية خفضت تدفقات اللاجئين بشكل عام، لكن حصة المسلمين انخفضت بشكل كبير جدا من 50% في يناير/كانون الثاني إلى أقل من 10% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ومن جانبها أيدت المحكمة العليا الأمريكية، في أوائل ديسمبر/كانون الأول الجاري، قرار «ترامب» بحظر دخول مواطني 7 دول من بينها 6 دول مسلمة إلى الولايات المتحدة، وكان الأخير وقع في 6 من مارس/أذار الماضي، أمرا تنفيذيا يحظر دخول مواطني إيران وليبيا وسوريا واليمن والصومال وتشاد إلى البلاد.

وسمحت المحكمة العليا الأمريكية بدخول أمر «ترامب» حظر السفر على مواطني 7 دول، 6 منها ذات أغلبية مسلمة، حيز التنفيذ بشكل كامل، بحسب الفرنسية.

والنسخة الثالثة من المرسوم والتي تم توقيعها في 24 من سبتمبر/أيلول الماضي، تمنع بشكل دائم عبور الحدود الأمريكية على المنحدرين من 7 دول، وتعلق أيضا دخول مسؤولين حكوميين فنزويليين.

غير أن قاضيا في هاواي علق سابقا هذا المرسوم بنسخته الثالثة، معتبرا أنه لم يشرح بوضوح كيف سيضر دخول هؤلاء المهاجرين «بمصالح الولايات المتحدة».

وكانت محاكم أدنى درجة قصرت الحظر في السابق على من ليست لهم روابط أسرية محددة أو روابط أخرى بالولايات المتحدة.

وقالت المحكمة العليا إنه ينبغي تعليق أوامر المحاكم الأدنى درجة، التي منعت جزئيا تنفيذ أحدث أمر بالحظر.

وواجه الحظر طعونا قضائية منفصلة قادتها ولاية هاواي والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية قالت إن الحظر الأخير، مثله في ذلك مثل النسختين السابقتين، ينطوي على تمييز ضد المسلمين في انتهاك للدستور الأمريكي وإن قوانين الهجرة الأمريكية لا تجيزه.

نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس

ومن قرار حظر دخول موطني دول إسلامية إلى القرار الخارجي الأشد خطورة الذي اتخذه «ترامب» خلال العام الأول من حكمه، قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة معلنا الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، في 6 من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ومع الرفض الرسمي الصادر عن دول مختلفة بدرجات متباينة للقرار إلا أن الرفض الجماهيري الإسلامي للمظاهرات، بداية من الجمعة 8 من يناير/كانون الثاني من القاهرة إلى إسطنبول، ومن غزة إلى شيكاغو، ومن العراق إلى لبنان، ومن باكستان إلى إندونيسيا، كان لافتا للأنظار .. وجابت مظاهرات الغضب بقاع العالم ضد القرار الأمريكي بإعلان القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، في وعد جديد أشبه بـ«وعد بلفور» عام 1917.

من مصر، هتف المتظاهرون بساحة الجامع الأزهر: «يا حكامنا سكتوا ليه؟ (لماذا صمتوا) انتوا قبضتوا ولا أيه؟»، و«يادي الذل ويادي العار باعوا الأقصى بالدولار».

وفي تركيا، انطلقت تظاهرات حاشدة من أمام مسجد محمد الفاتح في مدينة إسطنبول؛ نصرة لمدينة القدس، ورفضا للقرارات الأمريكية ضدها.

واستجابة لدعوت النفير العام، خرج سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، رفضا للدعم الأمريكي المقدم للاحتلال، وسط دعوات لانتفاضة ثالثة.

ومن ساحة المسجد الأقصى، ووسط حصار أمني مكثف من قوات الاحتلال، خرج الآلاف من الفلسطينيين، منادين بتبني خيار المقاومة ضد الاحتلال من أجل استعادة القدس.

وفي العاصمة الأردنية عمان، خرجت تظاهرات حاشدة تضامنا مع المدينة المقدسة، ورفضا للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

ومن جانبها أقرت «الأمم المتحدة»، في 21 من ديسمبر/كانون الأول الجاري بأغلبية 128 صوتا، مشروع قرار يؤكد اعتبار مسألة القدس من «قضايا الوضع النهائي، التي يتعين حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة».

وبينما غابت عن جلسة الجمعية العامة 21 دولة، امتنعت 35 دولة عن التصويت وعارضت القرار 9 دول من إجمالي الدول الأعضاء في «الأمم المتحدة» الـ193.

وكان «ترامب» استبق القرار قبلها بـ24 ساعة، بإصدار تحذير شديد اللهجة للدول التي تنوي التصويت ضد قراره بشأن القدس خلال الجلسة الطارئة للجمعية العامة لـ«الأمم المتحدة».

وهدد بوقف المساعدات المالية عن تلك الدول، قائلا: «إنهم يأخذون مئات الملايين من الدولارات وربما مليارات الدولارات ثم يصوتون ضدنا، حسنا، سنراقب هذا التصويت، دعوهم يصوتوا ضدنا، سنوفر كثيرا ولا نعبأ بذلك».

واستخدمت الولايات المتحدة قبلها بـ3 أيام، حق النقض الفيتو، ضد مشروع قرار قدمته مصر لـ«مجلس الأمن» ويحذر من التداعيات الخطيرة للقرار الأمريكي ويطالب بإلغائه.

تحجيم إيران و«حزب الله»

أما محاولة الاستعداء الأمريكي للجانب الإيراني فجعلت الأخير يحاول محاصرة الولايات المتحدة بصورة كبيرة، ما تسبب في فشل السياسة الخارجية الأمريكية فشلا ذريعا أمامها.

وسبق أن أعلن «ترامب» استراتيجيته للأمن القومي، مركزا فيها على مواجهة مخاطر الإرهاب العالمي، ومواجهة إيران و«حزب الله»، والصين وروسيا وكوريا الشمالية.

من هنا حاول «ترامب» تفكيك الجيوش والميليشيات التي تدور في الفلك الإيراني، ومواجهة المكاسب التي حققتها طهران.. لكن رد إيران لم يتأخر، إذ تمثل بالإصرار على التصعيد من خلال استهداف الرياض مجددا بصاروخ باليستي.

ومن جانب آخر هناك وضوح بمسار الرئيس الأمريكي بأن إنهاء «حزب الله» ليس مطروحا، بل تحجيم نفوذه واقتصار نشاطه وتأثيره في الداخل اللبناني، وفيما يشعر «حزب الله» بذلك.. يؤكد أنه ماض في سياسته بسوريا، ولن يتنازل لا هو ولا إيران، ولا تراجع عن الخط المفتوح بين طهران وبيروت.

كذلك، فمن المتوقع أن الضغط سيزداد على «الحوثيين» في اليمن، وإعلان «الحوثيين» أن المعركة مع السعودية ستأخذ منحى جديدا يرتكز على هذا النوع من الصواريخ. وهذا ما ستعمل السعودية على الاستفادة منه لتجييش الرأي العام العالمي، واستنفار عواصم القرار لمواجهة «الحوثيين» المدعومين من طهران،.. ومن المتوقع أن يزداد الضغط على «الحوثيين» في اليمن، بالاستناد إلى دعم دولي وأمريكي.

معاقبة كوريا الشمالية

رغم أن الصراع مع بيونغ يانغ عاصمة كوريا الشمالية مستمر منذ فترات طويلة، لكنه لم يتصاعد بتلك الطريقة منذ تولي «ترامب».

واستفز الرئيس الأمريكي كوريا الشمالية، ودفعها لاختبار صواريخ باليستية عابرة للقارات يمكنها الوصول إلى السواحل الأمريكية، بعد تصريحاته العدائية المستمرة، وتشديده لأكثر من مرة العقوبات على بيونغ يانغ في «الأمم المتحدة».

كما فرض «مجلس الأمن»، مؤخرا، عقوبات جديدة على كوريا الشمالية ستحد من مخزونها النفطي الحيوي الداعم لبرنامجي بيونغ يانغ الصاروخي والنووي.

وتبنى المجلس بإجماع أعضائه مشروع قرار أمريكي، ينص أيضا على إعادة الكوريين الشماليين العاملين في الخارج، والذين يشكلون مصدر دخل لنظام «كيم جونغ أون».

وتعتبر هذه هي الحزمة الثالثة من العقوبات التي يتم فرضها على كوريا الشمالية هذا العام، وسط غياب أي مؤشر لرغبة من الولايات المتحدة أو كوريا الشمالية بالانخراط في محادثات من أجل إنهاء الأزمة في شبه الجزيرة الكورية.

ويشدد مشروع القرار الجديد، المرتكز على العقوبات السابقة، القيود على إمداد بيونغ يانغ بالنفط والنفط الخام، وهي إمدادات بغالبيتها مصدرها الصين.

وتفرض العقوبات حظرا على نحو 90% من المشتقات النفطية إلى كوريا الشمالية، وستحدد سقفا لتزويدها بالنفط الخام.

كان دبلوماسيون أفادوا، الأربعاء الماضي، بأن الرئيس الأمريكي والصين يناقشان عقوبات جديدة على بيونغ يانغ بعد الصاروخ الباليستي الأخير الذي أطلقته في 29 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وخاضت إدارة الرئيس الأمريكي مفاوضات مع الصين وروسيا استمرت شهرا من أجل إقرار الحزمة قبل الأخيرة من العقوبات في الخامس من أغسطس/آب الماضي، لكن أسبوعا واحدا كان كافيا لتبني الحزمة الأخيرة في 11 سبتمبر/أيلول.

الصين وروسيا

أما روسيا فانتقد الكرملين الإستراتيجية الأمريكية الجديدة للأمن القومي بأوصاف لافتة: «استبدادية»، «امبريالية»، و«غير قابلة بعالم متعدد الأقطاب». كما اتهمتها بكين بأنها «تشوه الحقائق وتتعمد الافتراءات» وتعيد إنتاج «ذهنية الحرب الباردة»، وبالنظر إلى حال النظام الدولي الراهن يمكن القول: إن الفوارق باتت طفيفة بين الأقطاب الثلاثة.

واتهم «ترامب» موسكو بإنشاء «جبهة غير مستقرة في أوراسيا» من خلال زيادة القدرات العسكرية و«محاولة إضعاف النفوذ الأمريكي في العالم وخلق انشقاقات مع حلفائنا وشركائنا»، كما اتهم بكين بـ«تقويض أمن وازدهار» الولايات المتحدة و«السعي إلى ازاحتها من آسيا».

وقد يكون جديد هذه المنافسة بين الأقطاب الثلاثة أن الولايات المتحدة لم يعد لديها «شركاء» مثل الأوروبيين تعتمد عليهم، بسبب تفردها وأخطاء سياساتها، فيما يجلب لها شريكها الوحيد -(إسرائيل)- مزيدا من العداوات.

تحالف هش مع «بن سلمان»

«رجل ترامب في الشرق الأوسط»، تحت هذا العنوان تحدثت شبكة «سي إن إن» الأمريكية عن أن ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان»، يعد الحليف الأقرب للرئيس الأمريكي في المنطقة العربية.

وأشارت إلى أنه رغم أن «بن سلمان»، ذو الـ32 عاما، يتخذ مسارا غير منتظما لتحرير المملكة اجتماعيا واقتصاديا، إلا أن حسابات فيما يخص السياسة الخارجية كانت خاطئة إلى حد بعيد، وورط السعودية في حرب كبدتها خسائر فادحة في اليمن، ودخل في صراع مع قطر، علاوة على تورطه في خلافات واضحة مع إيران، وهو ما ظهر جليا في أزمة استقالة رئيس الوزراء اللبناني، «سعد الحريري».

ووصفت المجلة ذلك التحالف بـ«الهش»، خاصة وأن «ترامب» كان يحمل راية التقارب السعودي الإسرائيلي لمواجهة نفوذ إيران المتنامي، ولكن هذا تسبب في زيادة المشاعر العدائية تجاه المملكة.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

ترامب حظر دخول مسلمين نقل السفارة الإسرائيلية القدس روسيا إيران حزب الله كوريا الشمالية بن سلمان