استفتاء أربيل.. أزمة سلمتها 2017 إلى 2018

الخميس 28 ديسمبر 2017 09:12 ص

رغم مرور أكثر من 3 أشهر على أزمة استفتاء الانفصال الذي أجراه إقليم كردستان العراق من جانب واحد، والتي وصفت بأنها الأبرز عراقيا في 2017، إلا أنها لا زالت تراوح مكانها مع نهاية العام.

وبحسب متابعين للشأن العراقي، فإن تلك الأزمة بتداعياتها المحلية والدولية، ومع عدم وجود أي أفق لحل قريب لها، باتت مرشحة لتكون أيضا بطل 2018.

ترحيل الأزمة للعام المقبل، وربما للنصف الثاني منه، يأتي في وقت تتصاعد فيه الأوضاع داخل الإقليم على خلفية الاستفتاء الذي جرى في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، وما تبعه من إجراءات اتخذتها بغداد ضد أربيل.

فعلى خلفية الاستفتاء، الذي لاقى رفضا دوليا واسعا، أطلقت القوات العراقية الاتحادية خلال حملة أمنية خاطفة في أكتوبر/تشرين أول الماضي، سيطرتها على الغالبية العظمى من مناطق متنازع عليها بين الجانبين بينها كركوك (شمال)، دون مقاومة من قوات البيشمركة (قوات إقليم الشمال)، التي كانت تنتشر في تلك المناطق منذ 3 سنوات.

وأعادت الحكومة انتشار القوات الاتحادية في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها وأغلقت حدود الإقليم وأوقفت الرحلات الجوية الدولية من وإلى مطاري أربيل والسليمانية، ووسط هذا كله ظهرات احتجاجات داخل الإقليم على سوء أحوال المعيشة مؤخرا، أسفرت عن قتلى وجرحى.

وزاد سخط السكان على حكومة الإقليم بعد عجز الأخيرة على دفع رواتب الموظفين بشكل كامل، حيث تلجأ إلى ادخار جزء منه نتيجة الأزمة المالية التي يمر بها الإقليم.

ورغم تدخل المحكمة الاتحادية العراقية لحسم جدل أزمة الاستفتاء، وإصدارها قرارا بأن الاستفتاء غير دستوري، إلا أن هذا الجدل لم يُحسم بعد، لأن حكومة الإقليم ترفض إلغاء نتائج ذلك الاستفتاء، وهو شرط بغداد لقبول الدخول في أي حوار.

صفقة في 2018

«إحسان الشمري» المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي»، توقع أن ثمة تغييرات قد تحصل في عام 2018، إلا أنه في الوقت نفسه لا يتوقع حلا قريبا للأزمة.

وقال «الشمري» لـ«الأناضول»: «أتصور أن هناك حلول ستطرأ أو تغييرات على مستوى المواقف المتشنجة أو ينتهي التعنت السياسي من قبل حكومة الإقليم الذي تحت ضغط كبير في ما يتعلق بالموارد المالية وعدم وجود طيران وتعطل كثير من مسارات الحياة وارتباطها بالحكومة الاتحادية».

وكشف «الشمري» عن «محاولات حثيثة لحكومة الإقليم لعقد صفقة تنهي الأزمة (لم يوضح تفاصيلها)»، إلا أنه استبعد أن يوافق «العبادي» على ذلك في عمر حكومته المتبقي منها قرابة خمسة أشهر، فمن المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية في مايو/أيار المقبل، وبعدها تشكل حكومة جديدة.

وأضاف: «الإقليم يحاول أن يدفع باتجاه صفقة سياسية، لكن لا يبدو هناك مؤشرات نحو عقد هذه الصفقة لأن العبادي يرفض مثل هكذا توجه».

وأوضح «الشمري»، أن «المدة المتبقية للحكومة (العراقية) ستعمل على حل بعض الملفات الآنية ما يرتبط بالنفط والمطارات إلخ.. لكن ستبقى كثير من الملفات العالقة كقوانين النفط والغاز وغيرها من الملفات المزمنة، أعتقد أنها سترحل إلى الدورة المقبلة على مستوى البرلمان والحكومة».

وكان رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، قال في مؤتمر صحفي الشهر الماضي، إن الإقليم فقد نحو 50% من موارد النفط، بعد سيطرة الحكومة العراقية على محافظة كركوك (شمال) والمناطق المتنازع الأخرى المتنازع عليها بين الطرفين.

النائب في البرلمان العراقي عن الجبهة التركمانية (لها نائبان من أصل 328) «أرشد الصالحي»، لم يبتعد في رأيه كثيرا عما قاله «الشمري»، وقال: «خلال هذه المرحلة ستحاول حكومة الإقليم وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني الرئيس السابق للإقليم) صهر الثلوج بين بغداد وأربيل لفترة انتقالية لحين الانتخابات، ومن ثم تبدأ بحركة أخرى تجاه بغداد».

وقبل أيام أعلن حزبا «حركة التغيير» و«الجماعة الإسلامية»، انسحابهما من حكومة الإقليم، تزامنا مع الاحتجاجات التي تشهدها عدة مدن بالإقليم، بسبب سوء أحوال المعيشة.

وفي المقابل، شكك النائب في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، (19 مقعدا في البرلمان) «أردلان نور الدين»، بنوايا بغداد لتجاوز الأزمة.

وقال: «رحبنا بجميع قرارات المحكمة الاتحادية ومنها إلغاء نتائج الاستفتاء رغم عدم وجود ممثل قانوني لحكومة الإقليم أمام هذه المحكمة، وحكومة الإقليم ليس لديها أي مانع في إجراء الحوار وطلبت ذلك أكثر من مرة وأبدت استعدادها لكن لم تجد آذانا صاغية من بغداد، ولم نلمس رغبة من الحكومة الاتحادية في طي صفحة الماضي».

وعزا «نور الدين» موقف بغداد هذا حفاظا على المكاسب التي حققتها حكومة العبادي لغرض استخدامها كورقة انتخابية على حد قوله.

فيما بدا النائب في البرلمان عن حركة «التغيير» (9 مقاعد بالبرلمان) «مسعود حيدر»، أكثر تفهما لقرارات المحكمة الاتحادية، فقال: «المحكمة أعلى سلطة في البلد وهي معنية بالفصل في الخلافات بين بغداد والمحافظات أو الإقليم وقراراتها باتة وغير قابلة للطعن».

إلا أن «حيدر» يجد ضرورة تطبيق الدستور بكل مفاصله لضمان حلحلة الأزمة بين بغداد وأربيل في المرحلة المقبلة، ويقول: «نتمنى أن يكون هناك تنفيذ للدستور العراقي وألا تكون هناك انتقائية في تطبيق مواد الدستور سواء من طرف الإقليم أو طرف الحكومة الاتحادية.. ونحتاج قيادة قوية في الإقليم تناط إليها المهام».

وتطرق «حيدر» إلى الالتزامات على طرفي الأزمة تحملها ويلخصها قائلا: «على مستوى الإقليم نحتاج حكومة إقليم قوية تقوم بمعالجة المشاكل مع بغداد ومعالجة مسألة الرواتب في الإقليم والتحضير للانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات ( مايو/أيار 2018)، أما من جانب الحكومة الاتحادية فهناك التزامات دستورية تجاه موظفي الإقليم لحين حسم القضايا وتهدئة الأوضاع».

ولا يخفى أن ثمة صراع داخلي يعيشه الإقليم تسبب وما يزال بعدم وجود رؤية موحدة تجاه شكل القيادة القادمة في حكومته.

وقد أشار إلى ذلك بشكل جزئي الباحث الاستراتيجي والأستاذ في جامعة النهرين ببغداد (حكومية) «حسين علاوي» وقال: «شرط الحكومة للحوار أيضا واضح جدا يجب أن يكون الوفد القادم للتفاوض يمثل كل الإقليم (كل الطيف السياسي بالإقليم) ولا يمثل حكومة الإقليم في أربيل» دون أطراف أخرى.

وأضاف: «هناك الآن مساعي كبيرة داخليا أو إقليميا أو دوليا، هناك جهد فرنسي كبير وجهد أمريكي واضح، وحتى هناك جهد إقليمي للضغط على حكومة الإقليم».

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

كردستان العراق أزمة أربيل استفتاء