الأمن المصري خلال 2017 .. إخفاقات وإقالات و«عبد الغفار» باق

الجمعة 29 ديسمبر 2017 01:12 ص

من «سيناء» شرقا، إلى «الواحات» غربا، ومن «الإسكندرية» شمالا إلى «المنيا» جنوبا، ومن العاصمة القاهرة، إلى مدن دلتا النيل، تمددت إخفاقات الأمن المصري، في توسع لخارطة العنف هو الأول من نوعه الذي تشهده مصر عبر تاريخها الحديث.

خلال عام، تكبدت «الداخلية المصرية» التي توسعت في عمليات التصفية، وبناء السجون، وإقامة مشروعات اقتصادية، خسائر بشرية فادحة، جراء عمليات عنف، وهجمات على كمائن، واستهداف بعبوات ناسفة، بالإضافة إلى تضرر سمعتها كوزارة سيادية تحصل على ميزانية ضخمة، لكنها فشلت في إجهاض تهديدات أمنية أراقت دماء مئات المصريين من المسلمين والأقباط.

2017 شهد العديد من قرارات الإقالة لقيادات أمنية مصرية، دون أن تطال الوزير «مجدي عبدالغفار»، على الرغم من وقوع 4 هجمات دامية ضد الأقباط، ومجزرة بشعة ضد المسلمين، وعمليات سطو على بنوك، وهجوم على سياح، وهجمات دامية ضد قوات شرطية.

دماء «النقب» و«بلازا»

بداية دامية، منتصف يناير/كانون الثاني، باستهداف كمين «النقب»، بمحافظة الوادي الجديد، جنوب القاهرة، ما أسفر عن مقتل 8 من رجال الشرطة وإصابة 3 آخرين، في هجوم تبنته جماعة «أنصار بيت المقدس»، التي غيرت اسمها إلى «ولاية سيناء» عقب مبايعتها لـ«تنظيم الدولة» في سوريا والعراق في نوفمبر/تشرين الثاني 2014.

واستمرارا لعمليات استهداف الكمائن الأمنية، قتل ضابطان وأصيب 3 آخرين في تفجير عبوة ناسفة قرب كمين أمني «بلازا 1» بمدينة «العريش»، بمحافظة شمال سيناء، شمال شرق البلاد.

وجاء الحادث قبل أقل من مرور 24 ساعة من مصرع عقيد بوزارة الداخلية المصرية، وإصابة آخرين في تفجير رتل عسكري بمدينة «العريش»، بمحافظة شمال سيناء.

فبراير/ شباط، شهد عمليت ذبح راح ضحيتها 7 أقباط على يد تنظيم «الدولة الإسلامية» بمدن شمال سيناء، تلاها عملية نزوح جماعي من المحافظة للأقلية المسيحية، وسط اتهامات للأمن بتجاهل تأمين الوجود القبطي بالمدينة.

أقباط.. وانتحاريون

لكن الأسوأ كان يخفيه شهر أبريل/ نيسان، الذي سيظل محفورا في الذاكرة الأمنية والقبطية، جراء وقوع تفجيرين دمويين أسفرا عن مقتل 45 شخصا على الأقل بينهم سبعة من رجال الشرطة وإصابة 125 آخرين.

التفجيران، اللذان تبناهما تنظيم الدولة الإسلامية، استهدفا كنيسة مارجرجس بطنطا، (دلتا النيل)، وكنيسة مارمرقس بمحافظة الإسكندرية شمالي البلاد، بالتزامن مع «أحد الشعانين» وهو من أعياد المسيحيين، وسط اتهامات حادة للأمن المصري بالتقصير، والفشل في منع الانتحاريين من تنفيذ الهجومين، في الوقت الذي بث «الدولة الإسلامية» تسجيلا تضمن تهديداً باستهداف المسيحيين داخل مصر.

بقي وزير الداخلية المصري اللواء «مجدي عبد الغفار» في منصبه، رغم فداحة الحادث الذي كان الثالث من نوعه خلال أشهر الذي يستهدف دورا كنسية، لكنه أصدر قرارا بإقالة اللواء «حسام الدين خليفة» مدير أمن محافظة الغربية، وعدد من قيادات الأمن الوطني (جهاز استخباراتي داخلي).

وكان مفجر انتحاري ينتمي لتنظيم «الدولة الإسلامية» قد أوقع 25 قتيلا في الكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وبعدها بساعات قرر الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» فرض حالة الطوارئ في البلاد منذ تاريخه إلى الآن.

مايو/ آيار الماضي، تجدد الهجوم على الأقباط، لكن بشكل مختلف، باستهداف حافلة لهم في محافظة «المنيا»، جنوبي مصر، راح ضحيته 29 شخصاً، بينهم أطفال، وإصابة 24 آخرين، بينهم إصابات خطيرة.

وتبنى «الدولة الإسلامية» الهجوم، الذي أثبت وجود تقصير أمني وقت حدوثه، وعدم وجود خدمات أمنية في الطريق المؤدي لدير الأنبا صموئيل حيث مسار الحافلة، تم على إثره إقالة اللواء «فيصل دويدار»، مدير أمن محافظة المنيا من منصبه.

وقبيل انتهاء العام الجاري بساعات، ورغم إعلان حالة التأهب الأمني في البلاد قبيل أعياد الميلاد، وتنفيذ الجيش المصري عملية انتشار لتأمين احتفالات الأقباط، استهدف هجوم مسلح، كنيسة بمنطقة حلوان، جنوبي القاهرة، ما أسفر عن مقتل وإصابة 15 شخصا، غالبيتهم من الأقباط. (طالع المزيد)

وأعلنت «الداخلية المصرية»، تمكنها من قتل أحد منفذي الهجوم، والقبض على آخر، بينما لاذ الثالث هربا من موقع الحادث، الذي يعد رابع هجوم دموي يستهدف الأقباط هذا العام.

«مدينة نصر والبدرشين والغردقة»

خلال مايو/أيار، سقط ضابطان وأمين شرطة، وأصيب 5 آخرون، في هجوم استهدف كمين «مدينة نصر»، شرقي القاهرة، وتبنته «حركة سواعد مصر- حسم»، مؤكدة مقتل 6 من الشرطة المصرية وتدمير مركبتين عسكريتين.

يونيو/حزيران، شهد مقتل ضابط مصري، وإصابة آخر و3 مجندين، في هجوم بعبوة ناسفة استهدف حافلة جنود تابعة للأمن المركزي كانوا يستقلونها بطريق الأتوستراد قرب المعادي جنوبي القاهرة.

في يوليو/تموز، تداول المصريون على نطاق واسع مقطع فيديو للهجوم الذي استهدف دورية للشرطة، بمدينة البدرشين، بمحافظة الجيزة، قرب القاهرة، وأسفر عن مقتل 5 من عناصر الشرطة، في عملية استغرقت دقيقتين و18 ثانية، ونفذتها 3 عناصر كانوا ينتظرون إلى جوار دراجة نارية على جانب طريق، وتربصوا بدورية شرطية، وأجهزوا عليهم، واستولوا على أسلحتهم. (طالع الفيديو)

من «البدرشين»، إلى «الغردقة» على ساحل البحر الأحمر، وقع حادث طعن بسكين على أحد شواطئ المدينة، راح ضحيته 3 سائحات (ألمانيتان وتشيكية)، وتم القبض على الجاني، وأعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» مسؤوليته عن الهجوم، الذي جاء بعد يوم واحد من تحذير الخارجية الألمانية من وقوع «هجمات إرهابية» في مصر تستهدف المصريين والأجانب، ودعوتها مواطنيها إلى تجنب السفر إلى هذا البلد.

البنوك كانت هدفا لعدة هجمات، ففي ديسمبر/ كانون الأول الجاري، استهدف مسلحون قوة تأمين أحد البنوك (البنك العقاري) بمدينة العريش، بمحافظة شمال سيناء، شمال شرقي البلاد، ما أسفر عن مصرع ضابط و6 جنود آخرين.

والشهر قبل الماضي، استهدف مسلحون فرعا محلية للبنك الأهلي المصري (حكومي)، في مدينة رفح بذات المحافظة، وسرقوا الخزينة الرئيسية بالفرع، وبها ملايين الجنيهات.

كما استهدف مسلحون، شركة صرافة مملوكة لبنك مصر، وسط القاهرة، وفي وضح النهار، واستولوا على  نحو 900 ألف جنيه (نحو 50 ألف دولار)، يوليو/تموز الماضي.

وفي محاولة لتحقيق أي إنجاز، وبعد هروب دام 7 أشهر، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، تمكنها من إلقاء القبض على وزير الداخلية المصرية الأسبق، «حبيب العادلي»، لتنفيذ حكم قضائي نهائي صادر بحبسه 7 سنوات، دون أن تفصح الوزارة عن كيفية القبض على «العادلي»، الذي تردد أنه كان يقدم المشورة لولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، وهو ما نفته الرياض.

«الواحات» و«الروضة»

شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حمل خسائر فادحة للأمن المصري، لم يتكبدها منذ ثمانينيات القرن الماضي، بوقوع 58 قتيلا بينهم 23 ضابطا (7 أمن وطني، و16 أمن مركزي وعمليات خاصة)، بالإضافة إلى 35 مجندا، في الواحات جنوب غرب القاهرة، بحسب «رويترز».

جراء فداحة الخسائر، وتداول اتهامات بالتقصير، أقال «السيسي»، الفريق «محمود حجازي» من رئاسة أركان الجيش، بينما أعلنت وزارة الداخلية إقالة رئيس قطاع الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا)، ومساعد الوزير لقطاع أمن الجيزة، ومدير إدارة الأمن الوطني بالجيزة. (طالع المزيد)

ولم تتوقف تداعيات الهجوم عند ذلك الحد، حيث نفذ الجيش المصري غارات على مواقع ليبية قال إنها تأوي مسلحين على علاقة بالهجوم، وأجرت قوات مصرية عمليات تمشيط للصحراء الغربية، أسفرت عن تصفية العشرات، وتحرير ضابط الشرطة المختطف «محمد الحايس»، واعتقال متهم بالتورط في الهجوم، يدعى «عبدالرحيم محمد عبدالله المسماري» (ليبى الجنسية).

وعلى الرغم من وجود تحذيرات مسبقة، سطر الجمعة 24 نوفمبر/تشرين الثاني، كواحد من أكثر الأيام دموية في تاريخ البلاد، بسقوط 310 قتلى، ونحو 128 جريحا في مجزرة «مسجد الروضة»، بمدينة «بئر العبد»، بمحافظة شمال سيناء، أثناء أداء صلاة الجمعة.

الهجوم، الذي لم تعلن أي جهة عن تبنيه حتى الآن، استهدف طريقة صوفية بالقرية المنكوبة، سبق أن هدد «أمير الحسبة»، عبر صحيفة «النبأ» المقربة من التنظيم (لم تحدد اسمه)، باستهدافها، دون تحرك أمني للحيلولة دون ذلك، فضلا عن التأخر في التدخل لمطاردة المهاجمين، وإنقاذ الضحايا، والعمل سريعا على دفن الضحايا دون استخراج تقارير الطب الشرعي الخاصة بظروف وملابسات مقتلهم. (طالع المزيد)

الحادث مر دون إقالة أي مسؤول، سوى وعود بتنمية القرية التي فقدت ربع رجالها، وتهديدات بالثأر، تلاها إطلاق عملية أمنية وعسكرية واسعة في شمال ووسط سيناء، لكن «ولاية سيناء» رد قبل أيام بعملية نوعية، بقصف مطار العريش العسكري، واستهداف طائرة وزير الدفاع المصري الفريق «صدقي صبحي»، ووزير الداخلية «مجدي عبد الغفار» اللذان كانا يتفقدان المدينة، وراح ضحية الهجوم قائد الطائرة ومدير مكتب وزير الدفاع. (طالع المزيد)

محاولة اغتيال «صبحي» و«عبدالغفار» كتبت شهادة إخفاق ذريع للأمن المصري، الذي تعرض أعلى مسؤولين فيه للاستهداف في مطار عسكري، يحظى بحراسة مشددة، وتأمين مكثف، ما يؤكد أن 2017 كان عاما صعبا، فشلت فيه «القوة الغاشمة» التي توعد بها «السيسي»؛ في استعادة الأمن والاستقرار للبلاد، وصار خلاله رجال الأمن يبحثون عن الأمن.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الداخلية المصرية مجدي عبدالغفار الواحات مجزرة الروضة الأقباط ولاية سيناء