تفاصيل صادمة لواقعة اغتصاب شرطي إسرائيلي لشابة فلسطينية بالقدس

السبت 30 ديسمبر 2017 05:12 ص

رغم مرور 6 سنوات على جريمة اغتصاب امرأة فلسطينية من قبل ضابط إسرائيلي، ومزاعم السلطات الإسرائيلية بعجزها عن كشف هوية المتهم، وعملها على إغلاق ملف القضية، بعد انقضاء 10 أشهر فقط من التحقيقات، أثيرت تساؤلات حول تقاعس الشرطة وإغفالاها أمورا مهمة كانت ستساعد في كشف المتهم سريعا.

ولفت تقرير لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية،  إلى أن المبرر الذي استخدمه الاحتلال في إغلاقه للقضية؛ هو أن «الفاعل مجهول»، مما يشير إلى أنه بالرغم من عدم قدرة المحققين على معرفة الجاني، إلا أنهم بحثوا عنه بعد أن صدقوا رواية الشكوى، التي تم الاستماع إليها باستخدام جهاز الكشف عن الكذب، وتم التوصل إلى أنها صحيحة.

وروت الصحيفة الإسرائيلية الحادثة، في تقرير نشر على صفحاتها الإلكترونية، قائلة: «لقد بدأ الأمر في منتصف ليل أحد الأيام، حيث تم اعتقال امرأة فلسطينية شابة اسمها ليلى، على حاجز تفتيش؛ للاشتباه بأنها دخلت الأراضي الإسرائيلية دون تصريح دخول، وتم أخذها إلى مركز للشرطة. وبعد استجوابها بعدة دقائق في غرفة، تم نقلها إلى غرفة أخرى، حيث كما قالت، تم التحرش بها جنسيا من قبل المحقق، الذي بدوره غادر الغرفة بعد ذلك بوقت قصير».

وقالت «ليلى»: إن «رجلا بزي شرطة الحدود، دخل عليها واغتصبها. كانت شكواها واضحة ورزينة، فقد وصفت تماما كيف حاولت المقاومة، وكيف أنه استخدم طاولة كانت في الغرفة ليتغلب عليها».

وفي اليوم التالي، أخبرت «ليلى» زوجها بما حدث. مر يوم آخر، وبشكل غير معتاد، اصطحبها زوجها إلى مكاتب وحدة تحقيقات الشرطة الإسرائيلية في القدس. وهناك أبلغت المحققين بكل تفاصيل ما حدث، وقالت بأنها شعرت بالعار. وأضافت بأنها شعرت بالاشمئزاز في تلك الليلة، وسارعت بغسل الملابس التي كانت ترتديها.

وبعد الانتهاء من تسجيل شكواها، اصطحب المحققون ليلى إلى غرفة طوارئ. وكانت نتائج الفحص لا تظهر تعرضها إلى أي اغتصاب، ومن الواضح أن ذلك بسبب الوقت الذي مضى على الأمر، إلا أنهم عثروا فعلا على كدمة في يدها اليسرى.

وكان هناك دليل يدعم روايتها، فقد قال شهود عيان، إنها غادرت مركز الشرطة بشكل مرتبك، وأضافوا بأنها تقيأت بعد ذلك بدقائق قليلة. إضافة لذلك، أخبرت زوجها بالاغتصاب، في اليوم التالي مباشرة.

وبحسب التقرير، فإن تفحص أدوات التحقيق أظهرت أنه لم يتم اتخاذ معايير مهمة للتحقيق، وحتى الأساسي منها، حسب قول بعضهم.

وذكرت «هآرتس» في تقريرها، أنه «في المجمع الأمني بأكمله، حيث يقع مركز الشرطة، كان هناك 67 شرطيا خلال ذلك الوقت. وبسبب الوقت المبكر الذي وقع به الحادث، فإن جميع عناصر الشرطة الموجودون في ذلك الوقت، هم من المشتبه بهم، وهوياتهم معلومة».

وأنكر محقق المناوبة الليلية خلال التحقيق معه، أي علاقة له بالاغتصاب، بالإضافة إلى التحرش الجنسي.

وخلال اختبار الكذب للمتهم، تم التوصل إلى أنه يقول الحقيقة، وأغلقت القضية.

رغم ذلك، فقد تم سؤاله فيما إذا كان من الممكن أنه قد ترك «ليلى» وحدها في غرفة التحقيق، فأكد أنه تركها لبضعة دقائق؛ ليستخدم المرحاض.

معايير مهمة

ورغم العدد القليل من المشتبه بهم، فإن وحدة تحقيقات الشرطة، لم تجد أنه من المناسب أن يتم عرض صف من المشتبه بهم أمام «ليلى»؛ للتعرف على الجاني، أو حتى عرض صور عليها للمشتبه بهم، أو حتى لكل عناصر الشرطة التي كانت موجودة في المجمع الأمني.

حيث قال مسؤول شرطة سابق رفيع المستوى، إنه «إهمال كبير. حين يكون هناك عدد صغير من المشتبه بهم، فإن صف التعرف على الجاني هو إجراء أساسي».

تسجيلات الكاميرات

وطبقا لتقرير الصحيفة الإسرائيلية، لم يتم العثور في ملف القضية، على أي وثيقة تشير إلى أن المحققين حاولوا الحصول على تسجيلات كاميرات المراقبة في مركز الشرطة.

وبكل الأحوال، فقد أشار مصدر من وحدة تحقيقات الشرطة، إلى أنه في بداية التحقيق، تم تفحص الكاميرات ليتضح أنها موجهة فقط نحو بوابة الدخول، وأنها لا تسجل شيئا، وإنما تعرض صورا في الوقت الفعلي فقط.

تحقيق لم يؤد إلى شيء

بعد مضي شهر على الشكوى، تم استدعاء «ليلى»، وفي إجراء غير اعتيادي، تم إحضار فنان رسم وجوه من الشرطة. وفي ذلك الوقت، قامت «ليلى» بطريقة ما بتعديل وصفها لشعر ووجه المعتدي عليها، لكن حتى الرسم الجديد، الذي نتج عن وصفها، لم يؤد بالمحققين لأي شيء جديد، في بحثهم عن المشتبه به.

وهناك أيضا في ملف القضية، مذكرة كتبتها محققة صاحبت ليلى وتحدثت معها عن حادثة الاغتصاب. وأشار المحققون إلى أن «ليلى» أخبرتها عما حدث، مضيفة أن الشرطي قد ارتكب جريمتي اغتصاب أخريين بحقها، من ضمنها اغتصاب شرجي.

كانت هذه المعلومات الإضافية مصدر دهشة لوحدة تحقيقات الشرطة، لكن عند سؤال المحققة عن سبب عدم ذكرها ذلك عند تقديم الشكوى، أوضحت «ليلى» بأن من أخذ شكواها كان رجلا، وتحرجت من ذكر ذلك أمامه.

ومرت 3 سنوات، دون أن يتصل المحققون مع «ليلى» مطلقا، وتقدم محاميها «مؤيد مياري»، بطلب لمعرفة ما الذي كان يحدث بالقضية. الرد الذي حصل عليه صدمه. قبل سنتين، تبين أو تم اتخاذ قرار إغلاق القضية؛ على أساس أن «المعتدي مجهول». لذا فقط بعد 10 شهور من تقديم الشكوى.

إغلاق القضية

وذكرت «هآرتس»، أن «مياري» قدم التماسا ضد إغلاق القضية، وطلب الحصول على ملف التحقيق، وخلال ذلك، عانى من سلسلة من العوائق من قبل عناصر وحدة تحقيقات الشرطة، والتناقضات التي لم يتم التدقيق بها. حيث كتب، لم يتم تقديم أحد للمحاكمة، لا على المستوى الجنائي أو حتى التأديبي».

رغم كل هذا، مر الوقت، وفقط في العام 2015، أمر نائب المدعي العام «يهودا شافر»، بإعادة فتح القضية، ثم، وفي بداية عام 2016، تم اتخاذ قرار إغلاقها مرة أخرى، دون أن يتم التحقيق مع أي شخص.

حيث قالت وحدة تحقيقات الشرطة، «حتى بعد تنفيذ قرار التدقيق المطلوب، لم نكن قادرين على تحديد شخص مشتبه به بارتكاب الجريمة».

وعند استرجاع القضية، تبين أن أغلب التحقيقات التي جرت، كانت تتعلق بكاميرات المراقبة، وإعادة تفحص شهادة المحقق الذي أطلق سراح «ليلى» دون أي وثائق، الذي يشتبه به بأنه ساعد المغتصب، من خلال تركه متعمدا لوحده في الغرفة مع المرأة الشابة.

صف التعرف على الجاني

قرر المحامي «مياري»، أن يعرض على «ليلى» صورا لبعض عناصر الشرطة الذين كانوا في المركز في تلك الليلة، وقامت على الفور بالتعرف على صورة أحدهم، على أنه الشخص الذي قام باغتصابها.

أدى تجاوز إجراء عملية صف التعرف على الجاني، إلى تأخر الشرطة خمس سنوات في استدعاء الشخص الذي تعرفت عليه ليلى في الصورة، للتحقيق معه، تحت التحذير بإسناد الاشتباه إليه.

وكان الشرطي في هذه المرحلة في عام 2016 خارج الخدمة. وكانت أغلب إجاباته على الأسئلة المطروحة «لا أتذكر».

علاوة على ذلك، واجه صعوبة في تذكر التعارضات التي قال بها قبل 5 سنوات، لكنه قال بأنه كان متأكدا بأنه لم يرتكب أي عملية اغتصاب. وقال للمحققين، إن «الأمر رهيب وصادم، لكن ليس لي أي علاقة بالأمر».

وبعد وضعه على جهاز كشف الكذب ثبت أنه يقول الحقيقة وتم إغلاق القضية.

على الرغم من وقوع الحادث قبل أكثر من 5 سنوات، أعيد فتحه، وتم التحقيق مع رجال الشرطة، لم تبلغ وحدة تحقيق الشرطة الإسرائيلية على الإطلاق عن الإجراء برمته.

وقال مصدر في الشرطة بغضب، إن «وحدة التحقيق في الشرطة أدت إلى حدوث فوضى هنا.  كيف يمكن ألا يتم الإبلاغ عن مثل هذا الحادث الخطير؟ تدعي صاحبة شكوى أنها تعرضت للاغتصاب في مركز للشرطة، ولم يبلغ أحد في وحدة تحقيق الشرطة ومفوض الشرطة أو أحد موظفي إدارة الموارد البشرية، أو أي شخص على الإطلاق. هذا سلوك صادم ومخز».

وأنهت صحيفة «هآرتس» تقريرها، بالإفصاح عن رد الشرطة الإسرائيلية، الذي وصلها بعد الاستفسار عن جريمة الاغتصاب، وكان نصه، «نأسف مجددا؛ لأن وحدة تحقيقات الشرطة اختارت عدم إبقاء الشرطة الإسرائيلية على اطلاع بنتائج هذا التحقيق، تماما كما هو حال عدد من الحالات الأخرى. وفور تلقي هذا الاستعلام أجري توضيح، وتبين أن التحقيق أجري وأغلق في وحدة التحقيق التابعة للشرطة. وفي غياب تقرير منظم، أو نقل معلومات أو أي تحديث من وحدة تحقيقات الشرطة، فإننا نأسف لعدم تمكننا من التعليق على هذه القضية؛ لأن تفاصيلها ليست معروفة لنا».

  كلمات مفتاحية

القدس اغتصاب شرطي إسرائيلي الاحتلال الإسرائيلي