استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أيقونات مفعمة بإرادة الحياة

الاثنين 1 يناير 2018 07:01 ص

كريم، عهد، إبراهيم، وآخرون وآخرون.. يصدموننا بهول الواقع العربي، ويذكروننا بمئات يماثلونهم ولم تكن هناك كاميرات لتصويرهم في جحيم الموصل والرقة وتعز وبنغازي.

يا لأرق الأهل وقلقهم على أطفال لم يبصروا سوى الموت والدمار والتنكيل، وربما قضوا فيها أو وجدوا أنفسهم منتقلين من دفء بيوت بالكاد ألفوها إلى مخيمات لجوء خانقة في الحر قارصة في البرد، من دون أن يفهموا ما الذي يجري لهم وحولهم.

كريم عبدالله (السوري)، عهد التميمي وفوزي الجنيدي (الفلسطينيان)، بثينة (اليمنية)، أيقونات الجيل العربي الجديد، أيقوناتنا جميعا، وشهود بالصدفة على قسوة الحياة في منطقة عربية باتت نهبا لكل أنواع التدخلات، تجرب فيها أحدث الأسلحة وتبدد فيها الأحلام والطموحات.

اقتلع القصف الوحشي «كريم» من حضن أمه، قتلها وجعله يتيما وهو الوليد لتوه، بل اقتلع عينه اليسرى، فصرخ من شدة الألم وبكى طويلا ثم هدأ ولم يعرف ما الذي يحصل له؛ لكن عينه اليمنى تشع بالأسئلة التي نفترضها ولا يستطيع أن يطرحها.

ولد «كريم» تحت الحصار المديد الذي تعيشه الغوطة الشرقية لدمشق منذ أعوام، لم يقرأ في «وول ستريت جورنال» أن أكثر من ستة ملايين تضامنوا معه حول العالم، ولم ير صورا لمئات ألوف الأشخاص وهم يغطون عيونهم اليسرى تمثلا بحاله.

فهذا هو الشكل المتبقي من التفاعل الإنساني في زمن تدهور قيمي وتقاعس دولي عن ردع الشر والاستبداد.

ما الذي انتظره الإسرائيليون من عهد التميمي بعدما قتلوا خالها وحين انتهك بيتها جنديان بكامل سلاحهما؟ أن ترحب بهما مثلا؟ أن تقبل الإهانة وتسكت؟ أن تختبئ؟ وهي التي لم تخرج بعد من سن الطفولة.

مثلها مثل فوزي الجنيدي الذي أوقف وقيدت يداه وغطيت عيناه وأحاط به ثلاثة وعشرون جنديا ولم يفعل أكثر من التظاهر نصرة للقدس المحتلة، التي قرر رئيس أميركي متهور التصرف بوضعها ورمزيتها وقدسيتها.

وفي التظاهرات التي عمت مناطق فلسطين—وهي أبسط وسائل المقاومة السلمية—جرى قتل إبراهيم أبو ثريا في غزة، ذلك الشاب المقعد الذي بترت قدماه بقصف إسرائيلي قبل تسعة أعوام. لم يكن مسلحا، ولم يكن يقاتل أو يهدد أحدا..

كان يصرخ ويهتف؛ لكن رصاصة قاتلة استقرت في رأسه. أهي جريمة حرب أم جريمة ضد الإنسانية؟ في أي حال، ليس هناك في النظام الدولي من يمكن اعتباره مرجعا للحق والعدل.

تذكروا الطفل إيلان الذي لفظته أمواج البحر إلى الشاطئ التركي، تذكروا الطفل عمران الذي صدمه دمار المبنى الذي تقطنه عائلته، تذكروا الأطفال والمسنين والنساء الذين لم يكونوا سوى أرقام خرساء في دوامات الموت المجاني أو التهجير القسري.

فبعد العمران الذي شهد أكبر كارثة منذ العصور المظلمة، ها هي البنى الإنسانية تتعرض لأشرس الهجمات والتشوهات؛ إذ يراد لأتراب «عهد» و«فوزي» و«كريم» أن يترعرعوا خائفين ومستسلمين أمام واقع القوة الغاشمة، ولأهلهم أن يرضخوا لجبروت الظلم، ولشعوبهم أن تخضع لآلات القتل والاضطهاد.

تلك الأيقونات تتخطى القيود وعزلة الزنزانات، وتتفوق على عتمة العيون المقتلعة والأقدام المبتورة، لتعم العالم وتؤكد أن إرادة الحياة هي الأقوى.

لقد آلمت عهد التميمي الإسرائيليين إلى حد أن أحد الكتاب دعا إلى إطلاق سراحها للانتقام منها لاحقا «من دون شهود وبعيدا عن الكاميرات»!

* عبدالوهاب بدرخان - كاتب صحفي لبناني 

  كلمات مفتاحية

جيل عربي جديد عهد التميمي فوزي الجنيدي كريم عبدالله بثينة اليمن سوريا فلسطين إبراهيم أبوثريا جرائم ضد الإنسانية جرائم الحرب