الإمارات ترتب مستقبل نفوذها بحضرموت اليمنية

الاثنين 1 يناير 2018 01:01 ص

كثفت دولة الإمارات عضو قيادة التحالف العربي الذي تقوده السعودية تحركاتها في محافظة حضرموت شرقي البلاد، لترتيب مستقبل نفوذها بأكبر المحافظات اليمنية وأغناها بالثروة النفطية.

وتزامنا مع اشتداد المعارك في الساحل الغربي وشبوة والبيضاء، إلى جانب اشتعال جبهات نهم بصنعاء والجوف، استدعت الإمارات محافظ حضرموت اللواء «فرج سالمين البحسني»، الذي بدوره غادر المكلا متجها إلى أبوظبي في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ووفقاً لما نشره المكتب الإعلامي لمحافظ حضرموت، فإن الزيارة جاءت بدعوة رسمية من دولة الإمارات، لمناقشة الملف الأمني والعسكري، والمشاريع الخدمية والتنموية بالمحافظة.

واستغلت الإمارات إشرافها على تشكيل ما يعرف بقوات النخبة الحضرمية التي تولت مهمة تحرير مدينة المكلا من سيطرة القاعدة في أبريل/نيسان 2016، في بناء نفوذها في المحافظة، والتحكم بموانئها البحرية، وإنشاء معتقلات ضمت المئات من الموقوفين على ذمة الارتباط بتنظيم القاعدة.

وفي أبرز محطات الزيارة المستمرة، التقى محافظ حضرموت ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» الذي وجه بفتح مطار الريان الدولي في المكلا، بعد أن حولته قوات بلاده إلى سجن منذ تحرير المدينة من سيطرة القاعدة.

كما وجه «بن زايد» السلطات المعنية في بلاده باعتماد فتح خط لطيران الاتحاد مع مطار الريان فور تشغيله مباشرة.

وعلى الرغم من الأهمية التي يمثلها افتتاح مطار الريان بعد ثلاث سنوات من إغلاقه، وما تطلبه ذلك من تنسيق مع السلطات الشرعية في اليمن، لكن اللقاء لم يشهد حضور أي ممثل للحكومة الشرعية أو وزارة النقل.

 وأظهر توجيه «بن زايد» بافتتاح مطار الريان، حجم التدخلات الإماراتية في القرار السيادي لليمن، إذ إن الإعلان عن افتتاح المطار جاء من أبوظبي لا من عدن، وعلى لسان ولي عهد أبوظبي وليس رئيس الحكومة اليمنية.

وفي وقت سابق، كانت الإمارات قد نقلت سجناء من معتقل مطار الريان، إلى السجن المركزي بالمكلا، وسط تشديدات أمنية مكثفة، وفقا لمصادر محلية.

انتهاكات الإمارات

وبدا أن أبوظبي تحاول الإفلات من الضغوط الدولية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لنفوذها في جنوب اليمن وشرقه، خصوصاً تلك المتمثلة بإنشاء 18 سجنا سريا في المحافظات المحررة وفي مقدمتها عدن والمكلا، شهدت حالات تعذيب وحشية، بحسب «أسوشييتد برس» في تحقيق نشرته في يونيو/حزيران الماضي.

وبالنظر إلى توقيت هذه التحركات، فإنها أتت بعد أشهر من تقرير الوكالة عن انتهاكات القوات الإماراتية في اليمن حتى لا يبدو الأمر كأنه ردة فعل وإقرار بما نشرته الوكالة، بحسب مراقبين.

أما عن فتح خط طيران الاتحاد لرحلات أبوظبي ـ المكلا، فإن الأمر، هدف بحسب متابعين إلى امتصاص سخط أبناء حضرموت على إغلاق المطار كل هذه المدة، علاوة على أن اليمنيين غير مسموح لهم بدخول الإمارات منذ قرابة ثلاث سنوات.

وفي سياق الترتيبات الإماراتية لوضع حضرموت قبيل حسم الحرب، أعلن «بن زايد» أيضا عن منحة بـ100 مليون دولار لتعزيز الأجهزة الأمنية والعسكرية بالمحافظة، ودعم البنية التحتية وفي مقدمتها ملفا الكهرباء وقطاع الصحة، اللذان يشهدان تدهورا كبيرا.

كما شملت زيارة محافظ حضرموت إلى الإمارات لقاءات مع مسؤولين في قطاعات الطاقة والصحة والنفط والبتروكيماويات بدولة الإمارات، أوضح المكتب الإعلامي للمحافظ أنها تأتي للتنسيق للارتقاء بالخدمات في هذه القطاعات.

واجتمع محافظ حضرموت اللواء «البحسني» في لقاءين منفصلين في كل من أبوظبي ودبي، مع رجال أعمال إماراتيين دعاهم خلالها إلى الاستثمار في المحافظة، مشيراً إلى أن الأجواء أصبحت مهيئة للاستثمار، وأن جميع المستثمرين سيحظون برعاية كاملة من السلطة المحلية بالمحافظة.

ووفقاً لما نشره المكتب الإعلامي للمحافظ، فقد أبدى رجال الأعمال رغبتهم في تنفيذ مشاريع استثمارية سيكون لها أثر كبير على مستوى المحافظة.

وكان لافتاً الحضور القبلي خلال زيارة محافظ حضرموت إلى الإمارات، إذ إن نسبة كبيرة من سكان الأخيرة، هم من أصول حضرمية مثل قبائل المناهيل، والكثيري، والعامري.

وسجّل لقاء محافظ حضرموت بولي عهد أبوظبي، حضور شيخ مشايخ قبائل آل كثير بحضرموت، «عبدالله صالح الكثيري»، كما شهدت أبوظبي لقاءات منفصلة استضافها شيخ المناهيل في الإمارات «خالد بن طناف»، حضرها زعماء قبائل حضرمية.

نفوذ أبوظبي

وحمل الحضور القبلي على هامش زيارة المحافظ إلى الإمارات دلالتان، الأولى: حرص أبوظبي على تثبيت نفوذها بحضرموت مستقبلاً من خلال الاستفادة من ورقة القبيلة، أما الثانية ففي إطار مساعي الإمارات لوضع قدم في وادي حضرموت، لأن مديرياته الـ18 خارج النفوذ الإماراتي، نظراً لتماسك قوات المنطقة العسكرية الأولى وعدم تأثرها بظروف الحرب، علماً أن هذه القوات ينتمي أفرادها لمختلف المحافظات اليمنية، سيما الشمالية منها.

في المحصلة، بدا أن التحركات الإماراتية المتسارعة في حضرموت، أتت لترتيب تموضعها في المحافظة الأهم من ناحية الموقع والثروة، واستباق أي ترتيبات أخرى للسلطات الشرعية أو أي قوة إقليمية في المحافظة.

كما أنه من غير المستبعد أن تكون تحركات أبوظبي الأخيرة في إطار التنافس السعودي الإماراتي على النفوذ في المحافظة، خصوصاً أن السعودية متمتعة هي الأخرى بنفوذ واسع بحضرموت، في اعتمادها على العامل الجغرافي، مع ارتباط المحافظة بشريط حدودي واسع مع المملكة، فضلاً عن نفوذها في أوساط القبيلة الحضرمية.

وتخوض مجموعة القوات والقيادات المحسوبة على الإمارات، والأطراف الداعمة لسيطرة «قوات النخبة الحضرمية» على كامل حضرموت، ما يشبه حربا باردة ضد ما تبقى من قوات الجيش اليمني المؤلفة من منتمين لمحافظات شمالية وجنوبية، والتي ترفض تسليم مواقعها وتتعرض لتحريض وتهديدات.

وتحتل حضرموت، ما يقرب من ثلث مساحة اليمن، ونتيجة لذلك، جرى تقسيمها إلى منطقتين عسكريتيين، الأولى في جزء الوادي، والثانية في جزء الساحل.

وتتولى الإمارات إدارة الوضع الأمني والعسكري في محافظات جنوب اليمن، وتتهمها منظمات دولية بارتكاب جرائم اختطاف وتعذيب بحق نشطاء ومواطنين، كما يتهمها مناوئون بأنها تعمل على تقويض شرعية الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» وحكومته في تلك المحافظات من خلال دعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى للانفصال.

  كلمات مفتاحية

الإمارات اليمن حضرموت بن زايد