«ستراتفور»: احتجاجات إيران مهمة ومختلفة.. لهذه الأسباب

الاثنين 1 يناير 2018 06:01 ص

اندلعت احتجاجات مناهضة للحكومة هذا الأسبوع في عدة مدن في جميع أنحاء إيران، بما في ذلك مدينة مشهد المحافظة شمال شرقي البلاد. واستنادا إلى الصور والتقارير التى انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدا أن الحشود تقدر بالآلاف غير أن الاضطرابات قد ازدادت بشكل واضح، إلى الحد الذي دفع قوات الأمن لاستخدام الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق المتظاهرين، كما أدت الاشتباكات لاحقا إلى سقوط عدد من القتلى.

وتعد التفاصيل قليلة حول حجم المظاهرات ونطاقها وتنظيمها، وكلها عوامل حاسمة في نجاح الاحتجاجات في تحقيق أهدافها السياسية. ومع ذلك، فإن أحداث هذا الأسبوع تعد ملحوظة لسببين؛ الرسالة التي تحملها، وموقع الاحتجاجات في قلب إيران.

عواقب السياسة الخارجية

ويأتي تأجج الاحتجاجات بسبب الاستياء الشعبي من الحكومة في طهران، وضد الظروف الاقتصادية المتدهورة في البلاد. وأظهرت مقاطع الفيديو التي تم التقاطها هتافات مثل «الموت لروحاني» (في إشارة لرئيس البلاد حسن روحاني) وهتافات مناهضة للمرشد الأعلى والحرس الثوري، فضلا عن شكاوى ضد ارتفاع أسعار السلع الأساسية والفساد بين المسؤولين. وانتقد المتظاهرون أيضا الإدارة لتركيزها الكبير على المشاكل في الخارج -مثل الحرب في سوريا- بدلا من تركيز الجهود على حل التحديات في الداخل.

ولا يعد التوتر الداخلي الناجم عن اقتصاد المؤسسات والكسب غير المشروع شيئا جديدا في إيران. وفي الواقع، أصبحت تلك قضية مركزية في الانتخابات الرئاسية لهذا العام. ورغم نجاح «روحاني» في تحرير الصادرات الإيرانية ورفع الحواجز أمام الاستثمار الأجنبي، من خلال التفاوض على الاتفاق النووي مع الغرب عام 2015، إلا أن الاقتصاد الإيراني لا يزال يعاني من ارتفاع معدلات البطالة، ولا سيما بين أعداد الشباب الكبيرة في البلاد. وعلاوة على ذلك، فإن الكثير من الاستثمارات الأجنبية التي وعد بها «روحاني» الناخبين لم تتحقق بعد. وأدى قرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» -في أكتوبر/تشرين الأول- بعدم التصديق على الاتفاق النووي، وكشفه عن استراتيجية شاملة لمواجهة الطموحات الإيرانية في الشرق الأوسط، إلى إضعاف اهتمام المستثمرين المحتملين بالبلاد.

وتظهر معارضة المتظاهرين للسياسة الخارجية للحكومة التداعيات التي يمكن أن تترتب على أنشطة طهران في الخارج، وخاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي والمشاحنات الإقليمية الإيرانية مع أكبر منافسيها وأقربهم، المملكة العربية السعودية. وكانت سياسات الرئيس السابق «محمود أحمدي نجاد» الخارجية والاقتصادية التي اتسمت بالعدوانية -إلى جانب مساعيه الحازمة في برنامج الأسلحة النووية- أدت إلى احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009، وبعد بضعة أعوام، شلت العقوبات الغربية الاقتصاد الإيراني.

مواقع جديدة للاحتجاجات

ومن الجدير بالذكر أيضا أن الاحتجاجات -هذه المرة- اندلعت خارج المواقع المعتادة للاضطرابات في البلاد. وكان من المعتاد وجود التظاهرات بين السكان المهمشين في إيران، مثل الأكراد في الشمال الغربي، والأحواز في الجنوب الغربي، والبلوش في الجنوب الشرقي. وكانت الجماعات الانفصالية من هؤلاء السكان يطلقون هجمات مسلحة حتى في بعض الأحيان. لكن احتجاجات هذا الأسبوع تجري في مدن أقرب إلى المراكز السكانية الأساسية في إيران. ومن بينها العاصمة طهران وحتى مدينة مشهد، وهي معقل للمحافظين السياسيين وموطن ضريح الإمام الرضا، أحد أقدس المواقع لدى الشيعة، ويديره رجل الدين المتشدد «إبراهيم رئيسي». ورغم أن العديد من رجال الدين المحافظين في المدينة يعارضون سياسات «روحاني»، وأن الملاحظات المقلقة بشأن صحة الاقتصاد الإيراني شائعة في خطب صلاة الجمعة هناك، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كانوا قد قدموا أي دعم للاحتجاجات من عدمه.

ومع توسع الاحتجاجات وانتشارها عبر طبقات المجتمع المختلفة، فإن التطور في الخطوط الجغرافية والديموغرافية -مثلما حدث في مظاهرات الحركة الخضراء عام 2009- يبدو جديرا بالمراقبة. وعلى الرغم من أن إيران لديها القدرة على قمع احتجاجات بعنف إذا لزم الأمر، فإن البلاد عرضة للاضطرابات التي قد تحدث تغييرا سياسيا شاملا. وتدرك الجمهورية الإسلامية الحديثة -التي ولدت أساسا من رحم الثورة- تماما أن هذه سابقة خطيرة يجب أن تحتويها بشكل سريع وحذر.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

إيران احتجاجات إيران السياسة الخارجية الإيرانية مشهد روحاني خامنئي