«جاويش أوغلو» يوضح ملامح سياسة تركيا الخارجية في 2018

الأربعاء 3 يناير 2018 08:01 ص

قالت تركيا، إنها ستستمر في اتباع سياسة خارجية مبنية على أساس رفع القيم الإنسانية ونصرة المظلومين في المنطقة وكافة أرجاء الأرض.

وتحدث وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو»، الأربعاء، عن ملامح سياسة بلاده الخارجية في 2018، ولا سيما المتعلقة منها بالقدس، وأزمة التأشيرات مع الولايات المتحدة، ومواقف دولة الإمارات تجاه تركيا، والوضع في إدلب السورية.

جاء ذلك خلال لقائه مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في العاصمة أنقرة لسرد سياسات بلاده الخارجية في العام الجديد، بحسب وكالة «الأناضول».

وأوضح «جاويش أوغلو»، أن بلاده تتبع سياسة خارجية مبنية على تعزيز القيم الإنسانية في العالم، وتطبق مبدأ باني تركيا الحديثة «مصطفى كمال أتاتورك» الداعي إلى نشر السلام في الداخل والخارج.

وشدد على أن «السياسة الخارجية لبلاده تولي اهتماما خاصا لرعاية المصالح القومية التركية».

تأشيرات أمريكا

ففي معرض حديثه عن رفع الولايات المتحدة التأشيرات عن المواطنين الأتراك، قال «جاويش أوغلو»، إن «واشنطن افتعلت أزمة التأشيرات، بحجة توقيف موظف قنصليتها العامة في إسطنبول متين طوبوز، إلا أنها أعادت منح التأشيرات لاحقا».

وحول ادعاءات الولايات المتحدة، بأن تركيا أعطت ضمانات لها بعدم توقيف الموظفين المحليين في البعثات الدبلوماسية الأمريكية لديها دون إخطارها مسبقا، قال إنه «قد تكون هناك مشاركة للمعلومات، هذا ليس تعهد».

وأكد «جاويش أوغلو»، أن الولايات المتحدة أدركت أنها لن تستطيع الحصول على النتائج التي ترجوها من تركيا، من خلال قيود التأشيرة التي وضعتها أمام مواطني تركيا.

وشدد على أن الأدلة التي تم التوصل إليها بأن «متين طوبوز» شخص بالغ الأهمية، متسائلا عن سبب أهمية هذا الشخص بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وتعليق واشنطن التأشيرات لأجله.

وأكد الوزير التركي، أنه «لا توجد هناك تحقيقات بشأن الموظفين في البعثات الدبلوماسية الأمريكية، وأن الوصول إلى طوبوز من خلال تحقيقات أخرى».

ولفت إلى وجود شخص آخر يعمل في القنصلية الأمريكية، لكنه لا توجد معلومات عنه إلى الآن، مشددا على أن «طوبوز» هو الذي اعترف باسم الشخص المذكور.

وردا على سؤال حول وجود شخص آخر مختبئ في القنصلية الأمريكية بإسطنبول، أوضح «جاويش أوغلو» أنه «لا توجد معلومات بهذا الشأن، لكن هناك أنباء بهذا الخصوص، لكن لا يوجد لدينا أي دليل».

ونوه أن بلاده ردت على الولايات المتحدة، وأن أنقرة اقترحت على واشنطن تشكيل مجموعة بين البلدين لبحث مكافحة وتمويل الإرهاب، مؤكدا أنه «جرى اجتماع أولي بهذا الخصوص في العاصمة أنقرة».

ولفت إلى أنه «سيعقد الاجتماع الأول لمجموعة العمل في 23 يناير/كانون الثاني الجاري».

أزمة القدس

وحول تذكيره بتهديد الولايات المتحدة بقطع الدعم عن دول في الأمم المتحدة قبيل التصويت الشهر الماضي، على قرار ضد تغيير وضعية القدس، وما إذا كانت واشنطن وجهت تحذيرا شبيها لتركيا في هذا الخصوص، قال «جاويش أوغلو»: «لا، هم أنفسهم يعلمون بأن تدخلا من هذا القبيل لن يجد نفعا، لأننا نحن من نقود هذا الأمر (رفض الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل)».

وتابع: «هم يعلموننا جيدا، ورأوا أنه لن تكون لذلك فائدة، وقلنا بوضوح وشددنا، في تصريحاتنا التي أدلينا بها من هناك (الأمم المتحدة) بأننا لا نخاف من التهديدات الأمريكية، لم يكن أي تواصل معنا لكنهم اتصلوا ببلدان عديدة».

واستطرد أن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة «كان من أهم التصويتات في التاريخ، ومن أهم تصويتات الأمم المتحدة، لا أقول فقط من حيث فلسطين، لكن مندوبي بعض (الدول) قالوا إنهم ذاهبون إلى العطلة، واختفوا عن الأنظار (خلال عملية التصويت في الجمعية العامة)».

الأزمة السورية

وفي قضية أخرى، جدد «جاويش أوغلو»، موقف بلاده تجاه الأحداث شرق نهر الفرات شمالي سوريا.

واعتبر أن التهديدات تجاه بلاده من هناك لا تزال مستمرة، وأن العديد من الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة لتنظيم «ب ي د»، تستخدم خلال هجمات ضد المدنيين والقوات الأمنية في تركيا.

وبشأن احتمالية شن بلاده عملية عسكرية ضد «ب ي د»، في منطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب شمالي سوريا، أكد «جاويش أوغلو» أن «كل شيء له وقته، يتم فيه التخطيط واتخاذ الإجراءات اللازمة، .. ماذا يقول رئيسنا: فجأة (في إشارة إلى تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والتي توعد فيها ب ي د بعملية مفاجئة)».

وأضاف: «خلال العام الجديد سنولي اهتماما أكبر للحل السياسي، وسنعمل على إعادة تفعيل محادثات أستانة وجنيف وسوتشي، بشكل نستطيع من خلالها التوصل إلى نتائج إيجابية».

وشدد «جاويش أوغلو»، على أهمية إجراء انتخابات شفافة ونزيهة في سوريا خلال المرحلة المقبلة، مبينا أن «أنقرة بدأت منذ الآن بالتشاور مع الأطراف الدولية وخاصة الاتحاد الأوروبي، بشان إعادة إعمار سوريا».

الانتشار في إدلب

وعن عملية انتشار الجيش التركي في محافظة إدلب السورية، وتشكيل مناطق خفض التوتر هناك، قال «جاويش أوغلو» إن الانتشار يسري ببطئ نتيجة وجود ألغام ومناطق تتمركز فيها منظمات إرهابية.

وشدد على أن بلاده قالت للولايات المتحدة وروسيا وإيران أن المنطقة توجد فيها منظمات إرهابية وينبغي تطهيرها، لكن دون قصف المنطقة بشكل عشوائي.

وأوضح الوزير التركي، أن بلاده تأنت في بادئ الأمر نتيجة حالات النزوح الكبيرة من مناطق شرقي سوريا ومن حلب نحو إدلب، مشددا أنه سمح أيضا لمنظمات إرهابية، الانتقال باتجاه المنطقة.

وأفاد في هذا الخصوص: «كنا نعلم بأنهم سيستغلون هذا الأمر (المنظمات الإرهابية) من أجل شن هجمات على هذه المناطق».

مظاهرات إيران

وعن المظاهرات في إيران، ذكر «جاويش أوغلو»، تصريحات المندوبة الأمريكية الدائمة لدى مجلس الأمن الدولي «نيكي هيلي»، أن بلادها ستدعو مجلس الأمن إلى اجتماع طارئ بشأن المظاهرات وأعمال العنف في إيران.

وقال في هذا الخصوص: «قد تحدث مشاكل داخل دولة ما، وفي النتيجة هناك بعد دولي لهذا الأمر لكن الآن لا يوجد، سبب إعادة طرح الولايات المتحدة لذلك هو المعارضة الشديدة للإدارة الأمريكية لإيران».

وتوقع الوزير التركي ألا يصدر قرارا ضد إيران في مجلس الأمن الدولي لأن 5 دول لديها حق النقض (الفيتو).

وأوضح أن بلاده «لا تستخف بالأوضاع الحالية في إيران، وتراقبها عن كثب، لكن ينبغي لمجلس الأمن الدولي الانشغال بالمواضيع المهمة التي تخص العالم وخاصة المشاكل بين الدول وإيجاد حلول لها».

مكافحة الإرهاب

من جهة أخرى، أشار «جاويش أوغلو»، إلى موقف بلاده في مكافحة الإرهاب، وقال إن «تركيا حظرت دخول 55 ألف شخص إلى أراضيها للاشتباه بارتباطهم بالإرهاب»، وأن «أنقرة ألقت القبض على إرهابيين من 125 دولة  حول العالم».

وشدد على أنه «يوجد في الوقت الراهن قرابة ألف و500 إرهابي في السجون التركية»، مشددا على أن الدول الأوروبية كانت لا تلقي بالا للإرهابيين حتى وقوع هجمات إرهابية كبيرة مثل التي وقعت في باريس وبروكسل.

ولفت إلى أن أوروبا كانت تسمح لبعض الإرهابيين بالتوجه إلى تركيا رغم ترحيلهم من قبل أنقرة.

العلاقات التركية الإماراتية

وعن العلاقات التركية الإماراتية، التي عادت إلى الواجهة عقب إعادة نشر وزير الخارجية الإماراتي «عبدالله بن زايد» تغريدة مسيئة للأتراك والرئيس التركي، قال «جاويش أوغلو»، إن «علاقات البلدين كانت جيدة جدا»، إلا أنها «شهدت برودة عقب إظهار تركيا موقفا واضحا من الانقلاب في مصر (يوليو/تموز 2013)».

وأشار إلى أنه زار الإمارات في أبريل/نيسان 2016، وأنه يلتقي من حين لآخر وفي مناسبات مختلفة مع مسؤولين إماراتيين.

وقال «جاويش أوغلو» في هذا الخصوص: «مؤخرا إعادة نشر وزير الخارجية (الإماراتي) تغريدة سخيفة، وتصريحات قرقاش (وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش)، حول إدارة العالم العربي (من قبل أنقرة).. نحن لا يوجد لدينا هوس حول إدارة العرب».

وتابع: «نحن نبذل جهودا كبيرة من أجل تحقيق وحدة العالم الإسلامي في 2018 وسنحقق ذلك، ورئيس جمهوريتنا يرأس منظمة التعاون الإسلامي، ينبغي عدم الغيرة من ذلك، فالإمارات العربية ليست منافستنا، نحن نحترمهم وينبغي عليهم احترامنا».

ودعا «جاويش أوغلو»، الإمارات إلى التخلي عن موقفها الحالي، قائلا: «لقد سجلنا ما قاموا به».

اليمن والخليج

وفيما يتعلق بالأزمة القائمة في اليمن، قال «جاويش أوغلو»، إن الحرب في هذا البلد تحولت إلى مأساة إنسانية حقيقية، وإن «العالم بات يدرك بأن الحرب لن تكون وسيلة لإحلال السلام في اليمن».

وأضاف أن بلاده ستتبنى سياسة فعالة تجاه اليمن خلال العام الجديد، وستعمل على تفعيل الحل السياسي فيه.

وذكر «جاويش أوغلو»، أيضا أن أنقرة ستستمر في دعم الحلول السياسية للأزمة الخليجية الحاصلة بين قطر وعدد من الدول العربية، ودور الوساطة الذي تقوم به الكويت.

كردستان العراق

وعن الوضوع في شمال العراق، كشف «جاويش أوغلو»، أن «تركيا تعد بوابة اقليم شمال العراق إلى العالم الخارجي»، وأن إدارة الاقليم ترغب في تحسين علاقاتها مع أنقرة مجددا.

وأوضح أن تركيا كشفت منذ البداية، عن أسباب رفضها للاستفتاء الباطل الذي أجرته إدارة الاقليم في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، وحذرت رئيس الإقليم «مسعود بارزاني» من عواقب الإقدام على هذه الخطوة.

وأكد «جاويش أوغلو» أن أنقرة ترغب في حل الأزمة القائمة بشمال العراق، عن طريق الحوار بين إدارة الاقليم والحكومة المركزية في بغداد، مشيرا في هذا السياق أن تركيا لم تتبع سياسة من شأنها الحاق الضرر بالمدنيين.

وتابع قائلا: «في المرحلة المقبلة ستلعب تركيا دورا مهما لحل الأزمة، فكلا الطرفين يرغبان في إنهاء الخلافات، وأنقرة مستعدة لتقديم الدعم اللازم لتحقيق الاستقرار في العراق، ولن نترك أشقاءنا التركمان في العراق لوحدهم، وسنستمر في الدفاع عن وجودهم في هذا البلد».

وأردف: «الإدارة الكردية في شمال العراق، أدركت بأن الدولة الوحيدة التي تعاملت معهم بصدق وقدمت لهم النصائح، هي تركيا، فمن دون تركيا لا معنى لوجود إدارة اقليم شمال العراق، لأن الإقليم مرتبط بتركيا».

أوروبا

وعن اتفاق «تحالف الحضارات» المبرمة بين تركيا وإسبانيا، صرح «جاويش أوغلو» بأن أنقرة تفاهمت مع مدريد على إعادة تفعيل الاتفاق خلال العام الجديد 2018.

وأشار إلى الحاجة الماسة لتحالف الحضارات في الفترة الراهنة أكثر من أي وقت مضى، لا سيما مع تعاظم العنصرية والعداء للأجانب والكراهية في العالم الغربي.

كما ذكر الوزير التركي، أن عام 2018، قد يحمل خطوات مهمة من شأنها تحسين العلاقات المتوترة بين تركيا وألمانيا، مفصحا في هذا الخصوص عن لقاء مرتقب سيجمعه بنظيره الألماني «سيغمار غابرييل» في مدينة هانوفر الألمانية، السبت المقبل.

ودعا «جاويش أوغلو» الحكومة الألمانية وحكومات بعض الدول الأوروبية إلى التزام الشفافية والبوح بشكل علني عن نواياها تجاه تركيا.

  كلمات مفتاحية

تركيا القدس سوريا كردستان العراق مكافحة الإرهاب أوروبا اليمن الأزمة الخليجية الإمارات