احتجاجات إيران.. دعم غربي متفاوت وصمت عربي ودعوة تركية للاستقرار

الخميس 4 يناير 2018 09:01 ص

ما بين التصعيد الأمريكي والإسرائيلي، والدعم الأوروبي لحق المتظاهرين في التعبير عن آرائهم، والدعوة التركية الصريحة للاستقرار، والصمت العربي، خرجت المواقف الرسمية الدولية، للاحتجاجات الإيرانية، المستمرة منذ أسبوع.

الرئيس الإيراني «حسن روحاني»، اتهم صراحة أمريكا و(إسرائيل) بدعم الاحتجاجات، في الوقت الذي ألمح بتورط ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان».

كما انتقد «روحاني» أي تدخل خارجي في بلاده، وقال للرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»: إن «من يدّعي أن المجتمع والحكومة الإيرانية إرهابيون ليس له الحق أن يعبّر عن دعمه للشعب الإيراني وهم لا يحملون الرحمة تجاه إيران».

تصعيد أمريكا و(إسرائيل)

موقف «روحاني»، جاء بسبب رد الفعل الأمريكي والإسرائيلي على الاحتجاجات الحالية، الذي كان أكثر وضوحا منه في 2009، حيث أعلنت الدولتان دعمهما للمتظاهرين، مطالبين بتغيير النظام، وإن كان الموقف الأمريكي تراجع عن هذا المطلب بعد أيام.

«حان وقت التغيير»، كانت تغريدة «ترامب»، بعد يومين من الاحتجاجات، في إشارة إلى دعم المتظاهرين.

وأضاف «ترامب»: «على الحكومة الإيرانية احترام حقوق شعبها، بما في ذلك حق التعبير.. العالم يراقب»، متابعا: «الأنظمة القمعية لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، وسيأتي اليوم الذي يواجه فيه الشعب الإيراني خياراته».

وفي تغريدة أخرى، قال «ترامب»، «إيران تفشل على كل المستويات، على الرغم من الاتفاق البشع الذي أبرمته معها إدارة الرئيس باراك أوباما»، في إشارة إلى الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع الدول الكبرى وعلى رأسهم أمريكا في عام 2015، ويرفضه «ترامب».

وأضاف: «الشعب الإيراني العظيم كان مقموعا لعدة سنوات.. فهم جوعى للطعام والحرية.. بجانب حقوق الإنسان».

كما أن نائب الرئيس الأمريكي «مايك بنس»، أكد دعم إدارته للاحتجاجات حين غرد بالقول: «ما دام الرئيس ترامب رئيسا، وأنا نائبا له، لن نكرر الأخطاء المعيبة، عندما تجاهل الآخرون (باراك أوباما) المقاومة البطولية للشعب الإيراني ضد النظام الوحشي».

وتابع: «المقاومة الجسورة التي يبديها الشعب الإيراني اليوم تمنح الأمل والإيمان لكل أولئك الذين يكافحون من أجل الحرية وضد الاستبداد. يجب ألا نتخلى ولن نتخلى عن الشعب الإيراني».

«إيفانكا» ابنة «ترامب»، دعت أيضا إلى الوقوف بجانب الشعب الإيراني، واصفة المتظاهرين ضد النظام بـ«الشجعان».

كما أعلنت الخارجية الأمريكية إدانتها لاعتقال المتظاهرين، وقالت المتحدثة باسم الوزارة «هيذر نويرت» إن الولايات المتحدة تحث جميع الدول على تقديم الدعم العلني للشعب الإيراني والمطالبة بالحقوق الأساسية وإنهاء الفساد.

وأعلنت أيضا، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة «نيكي هيلي»، عن تضامنها مع الاحتجاجات التي اندلعت في إيران، وقالت: «في بداية العام، آمالنا وصلواتنا مع الملايين الذين يعانون في ظل قمع الحكومات مثل كوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا وخاصة إيران، حيث يرفع الشعب الإيراني المقموع منذ سنوات صوتهم الآن».

بيد أن نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون العراق وإيران «أندرو بيك»، كشف أن بلاده «لا تريد الإطاحة بالنظام الإيراني، وإنما تغيير سلوكه».

وأضاف أن «الإدارة الأمريكية تراقب الوضع عن كثب في إيران، وتلحظ المفارقات بين هذه التظاهرات وتلك التي نظمت عام 2009».

يشار إلى أنه خلال مظاهرات 2009 بإيران، رفض الرئيس السابق «باراك أوباما» التدخل الأمريكي، مبررا ذلك بأن تدخل واشنطن قد يمنح فرصة للنظام الإيراني، إلا أنه أكد خلال حديثه لقناة «إن سي بي إس نيوز» الأمريكية، أن «العالم يراقب سلوك إيران»، مضيفا: «أشعر بقلق بالغ من أن حكومة إيران ينبغي أن تدرك أن العالم يراقبها».

أما (إسرائيل) فبرز موقفها بعد أيام من المظاهرات، على لسان رئيس وزرائها «بنيامين نتنياهو»، عندما أشاد بالمحتجين في إيران.

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي تلميح «روحاني» إلى تورط (إسرائيل) بأنه «ليس فقط باطلا. بل هو مضحك».

ورد «نتنياهو» في فيديو نشره عبر صفخته على «فيسبوك»، على الرئيس الإيراني، قائلا: «لن أكون مثل روحاني وأهين الشعب الإيراني.. الإيرانيون شجعان يتدفقون للشوارع.. يتطلعون للحريات الأساسية التي سلبت منهم على مدى عشرات السنين».

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي: «للأسف تراقب حكومات أوروبية كثيرة ما يحدث في صمت في الوقت الذي يتعرض فيه الشبان الإيرانيون الأبطال للضرب في الشوارع.. هذا ليس بصواب وعن نفسي لن أبقى صامتا».

واختتم «نتنياهو» كلمته بالقول: «عندما سيسقط هذا النظام أخيرا، وهو سيسقط يوما ما، سيكون الإيرانيون والإسرائيليون أفضل أصدقاء مرة أخرى.. أتمنى للشعب الإيراني أن ينجح في سعيه النبيل إلى نيل الحرية».

كما أعلن وزير الاستخبارات الإسرائيلي «يسرائيل كاتس»، في حديثه لمحطة إذاعية، أمله أن ينجح المتظاهرون في تحقيق مطالبهم، وأهدافهم في الحرية والديمقراطية.

دعم أوروبا

الاتحاد الأوروبي، ودوله كان موقفهم دعم المتظاهرين في حقهم التعبير عن آرائهم، فأعرب الاتحاد عن أمله في أن تضمن طهران حق التظاهر.

وقالت متحدثة باسم وزيرة الخارجية الأوروبية «فيديريكا موغيريني»: «تابعنا التظاهرات التي قام بها المواطنون الإيرانيون خلال الأيام الماضية. كنا على اتصال بالسلطات الإيرانية، ونتوقع أن يكون الحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير مضمونا بعد التصريحات العلنية للرئيس حسن روحاني».

جاء موقف فرنسا خلال (الثورة الخضراء) خلال تصريحات الرئيس الفرنسي السابق «نيكولا ساركوزي»، حيث أعلن أنه يجب على طهران الحذر وعدم  دفع الأمور إلى ما أسماه نقطة اللاعودة، وقال خلال مشاركته في قمة الاتحاد الأوروبي: نأمل ألا تصل القيادة الإيرانية إلى نقطة اللاعودة.

ونددت وزارة الخارجية الفرنسية بالاعتقالات العشوائية وأعمال العنف التى استهدفت المتظاهرين. ودعت المفوضة العليا لحقوق الإنسان فى الأمم المتحدة السلطات الإيرانية لاحترام حق التظاهر. وفى رد فعلها على الاحتجاجات الحالية، أعربت باريس عن قلقها البالغ إزاء عمليات القتل والاعتقالات للمحتجين.

وفي فرنسا، دعا الرئيس «إيمانويل ماكرون»، نظيره الإيراني إلى ضبط النفس، وأعرب عن قلقه من التطورات الأخيرة في إيران.

وذلك قبل أن يعلن «الإليزيه»، تأجيل زيارة وزير الخارجية «جان إيف لودريان»، إلى طهران، التي كانت مقررة نهاية الأسبوع الجاري، وذلك عقب اتصال جرى بين «ماكرون»، و«روحاني».

كما انتقد الرئيس الفرنسي، نبرة التصريحات التي تصدر عن الولايات المتحدة و(إسرائيل) والسعودية حول الاحتجاجات، محذرا من أنها «تكاد تدفعنا» إلى الحرب، مؤكدا استعداده لزيارة إيران بشرط عودة الهدوء إلى هذا البلد وضمان مراعاة حريات مواطنيه.

وطالبت ألمانيا، السلطات الإيرانية باحترام حقوق المتظاهرين، والالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، وأعرب وزير خارجيتها «سيغمار غابرييل»، عن قلقه إزاء التطورات الأخيرة في إيران، والعدد الكبير من الاعتقالات على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.

وأشار «غابرييل» إلى ضرورة تجنب «الانجراف نحو العنف»، داعيا الحكومة الإيرانية إلى احترام حقوق المتظاهرين، والسماح لهم بالتجمع، والتعبير عن مطالبهم بحرية.

بدوره، طالب وزير الخارجية البريطاني «بوريس جونسون» السلطات الإيرانية بإجراء نقاش هادف ومشروع حول المشاكل التي كشف عنها المحتجون في البلاد، مشيرا إلى أن بلاده تتابع الأحداث هناك عن كثب.

وقال «جونسون» في تعليق نشره على صفحته على «فيسبوك»: «نعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك نقاش هادف حول القضايا المشروعة والمهمة التي يثيرها المتظاهرون، ونحن نتطلع إلى السلطات الإيرانية للسماح بذلك».

كما أعرب «جونسون» عن أسفه لسقوط قتلى في الاحتجاجات الإيرانية، مطالبا كل الأطراف بالابتعاد عن العنف، واحترام حقوق الإنسان الدولية.

دعوة تركية للاستقرار

أما تركيا، فكان موقفها حاسما للاستقرار، حين أعرب الرئيس «رجب طيب أردوغان»، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني «روحاني»، عن أمله في أن تنتهي الاحتجاجات في إيران خلال أيام.

وأكد «أردوغان»، أن «بلاده تولى أهمية كبيرة للمحافظة على السلام والاستقرار الاجتماعي لإيران».

في ذات السياق، قال المتحدث باسم الحكومة التركية «بكر بوزداغ»، إن بلاده تعارض تولي وتغيير السلطة في بلد ما عن طريق التدخلات الخارجية أو استخدام العنف أو الطرق المخالفة للدستور والقوانين.

وأشار «بوزداغ» إلى أن الهدوء والسلم والاستقرار في إيران مهم، موضحا أن «وقوع أزمات أو فوضى أو نزاعات في إيران سيلحق الضرر بها وبشعبها والمنطقة».

ودعا المتحدث التركي، الحكومة والشعب الإيرانيين للتحرك بحكمة وحذر أمام التحريض والاستفزازات المخطط لها.

دعت وزارة الخارجية التركية إلى تغليب الحكمة للحيلولة دون تصاعد الأحداث في إيران، وتجنب التدخلات الخارجية المحرضة التي من شأنها مفاقمة الأوضاع.

وجاء في بيان للوزارة: «نؤمن بضرورة تجنب العنف وعدم الانجرار وراء الاستفزازات، مع الأخذ بعين الاعتبار، تصريحات روحاني في هذا الإطار، التي أقر فيها بحق الشعب في التظاهر السلمي، لكن دون انتهاك القوانين والإضرار بالممتلكات العامة».

فيما تطورت المتابعة الروسية الحذرة للحدث الإيراني، من إقرار في البداية، بأن التظاهرات تعبر عن «سخط شعبي على الأوضاع المعيشية والاقتصادية» وفقاً لبيان حذّر الروس في إيران من التواجد في المناطق التي تشهد اشتباكات، إلى خطاب اقترب في مضمونه من الرواية الرسمية لطهران التي تحمّل «الأعداء» مسؤولية تفاقم الموقف وتتحدث عن «مؤامرة خارجية».

وموسكو وهي تحذر من «تدخل خارجي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في البلاد» كشفت عن مخاوف جدية لديها من انزلاق الأمور نحو سيناريو «المواجهات العنيفة وسفك الدماء».

صمت رسمي عربي

في مقابل ذلك، كان الصمت الرسمي العربي هو المسيطر، عدا موقف إماراتي خجول خرج مع بداية الاحتجاجات، دون أن يتكرر.

ولم يصدر موقفا رسميا من الإمارات، بيد أن شخصيات محسوبة على النظام ومقربة منه، أعلنت تأييدها لما اعتبرته «ثورة إيرانية».

ورأى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية «أنور قرقاش»، هذه الاحتجاجات «فرصة للمراجعة العاقلة وتغليب مصلحة الداخل على مغامرات طهران العربية».

وأضاف «قرقاش» في تغريدة له عبر «تويتر»: «مصلحة المنطقة وإيران في البناء الداخلي والتنمية، لا استعداء العالم العربي».

واختفى الموقف الرسمي السعودي، وتسبب المستشار بالديوان الملكي السعودي «سعود القحطاني»، في توريط ولي العهد «محمد بن سلمان» في الاحتجاجات، عندما أعاد نشر مقطع فيديو على حسابه بـ«تويتر»، للأمير «بن سلمان»، كان يقول فيه: «نعلم أننا هدف رئيسي للنظام الإيراني، ولن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، وسننقل المعركة إلى إيران».

ورغم اختفاء الموقف السعودي، إلا أن تصريحات وزير الخارجية اليمني «عبدالملك المخلافي»، التي أعرب فيها عن آمال بلاده في نجاح ما وصفه بـ«الانتفاضة الإيرانية»، مطالبا العالم بأن يستمع جيداً لمظلومية الشعب الإيراني، اعتبرها مراقبون ممثلة للموقف السعودي.

وأكد «المخلافي»، في سلسلة تغريدات له عبر «تويتر»، أن «الانتفاضة الإيرانية تكشف حاجة الشعوب الإيرانية إلى أن تعيش في سلام ورخاء مع شعوب المنطقة بعيدا عن الأحلام المجنونة لنظام الملالي في تصدير الثورة والخراب والدمار إلى المنطقة، الذي أصاب الإيرانيين أيضا في معيشتهم التي انخفض مستواها بسبب ما تنفقه إيران على هذه الأحلام المجنونة».

وفي الوقت الذي لم يصدر موقفا من البحرين، اكتفت الخارجية بتحذير مواطنيها من السفر إلى إيران.

كما اختفت المواقف الرسمية القطرية والكويتية والعمانية والأردنية والمصرية.

أما على الصعيد الشعبي، فظهر تأييد كبير من قبل العرب الذين وجدوا في التظاهرات فرصة كبيرة للتخلص من النظام الإيراني ودوره في المنطقة، خاصة السوريين الذين أعربوا عن تضامنهم مع الثورة الإيرانية، وأملهم في أن تنجح بإبعاد النظام الإيراني الذى يتدخل فى بلادهم.

وتشهد إيران، منذ الخميس الماضي، مظاهرات بدأت في مدينتي مشهد وكاشمر (شمال شرق)؛ احتجاجا على غلاء المعيشة، وامتدت لاحقًا لتشمل مناطق مختلفة، من بينها العاصمة طهران.

وتعتبر هذه أكبر موجة تظاهرات منذ الحركة الاحتجاجية ضد إعادة انتخاب الرئيس السابق المحافظ «محمود أحمدي نجاد» عام 2009.

وكانت آخر حصيلة قتلى المظاهرات قد بلغت 23 مدنيا على الأقل، فيما أوقفت السلطات الإيرانية أكثر من 1000 من المشاركين في الاحتجاجات، وفق بيانات رسمية، وأخبار تناقلتها وسائل إعلام محلية.

وبينما خرجت التظاهرات لأسباب اقتصادية داخلية أساسا، امتدت احتجاجات الإيرانيين إلى انتقاد السياسة الخارجية لبلادهم وخوضها معارك في المنطقة؛ ما أدى لتفاقم الأوضاع الاقتصادية؛ وانعكس ذلك في هتافات لهم من قبيل: «لا غزة، لا لبنان، حياتي في إيران».

وجاءت الاحتجاجات الإيرانية، بعد نحو 3 أسابيع على تقديم «روحاني» ميزانية العام المقبل بقيمة 104 مليارات دولار، لكن الحكومة أعلنت عزمها رفع أسعار الوقود والخدمات والضرائب.

ويعاني الاقتصاد الإيراني من نقص في الاستثمارات ونسبة بطالة تبلغ 12%، حسب الأرقام الرسمية، علما أن بعض المحللين يقدرون أن تكون أعلى من الواقع.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران احتجاجات مظاهرات مواقف رسمية السعودية تركيا الاتحاد الأوروبي ترامب