مشروع قانون إسرائيلي بـ«إعدام الفلسطينيين» يثير قلقا دوليا

الخميس 4 يناير 2018 03:01 ص

أثار مشروع القانون الذي يتيح تنفيذ حكم الإعدام بحق فلسطينيين نفذوا عمليات ضد أهداف إسرائيلية، الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، مساء الأربعاء، بالقراءة الأولى -سخطاً على المستوى الفلسطيني، في ظل انتقادات أوروبية لذلك القانون.

كما حذّر مسؤولون إسرائيليون، من تداعيات إقرار القانون بالقراءة النهائية، معربين عن خشيتهم من تصاعد «العنف» ضدهم، فيما وصف مسؤولون فلسطينيون ذلك القانون بـ«الفاشي»، الذي يشرعن «الجرائم الإسرائيلية».

ويحتاج مشروع القانون الجديد الذي تقدم به وزير الدفاع الإسرائيلي، «أفيغدور ليبرمان»، إلى المرور بثلاث قراءات (بقيت قراءتان) في الكنيست ليصبح نافذًا.

ومارس «ليبرمان»، ضغوطا كبيرة من أجل تمرير القانون من خلال مصادقة أحزاب الائتلاف الحكومي عليه، بحسب ما أورده، الأربعاء، الموقع الإلكتروني لجريدة «هآرتس».

ولا تطبق (إسرائيل) حكم الإعدام مهما كانت التهمة، وتكتفي بالسجن لمدد طويلة قد تصل إلى مئات السنين.

ويأتي إقرار القانون بالقراءة التمهيدية، في وقت تشهد فيه معظم المدن الفلسطينية مظاهرات ومواجهات بين شباب فلسطيني والجيش الإسرائيلي؛ رفضًا لإعلان الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، في 6 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، اعتراف بلاده بمدينة القدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل).

غضب فلسطيني

ومن جانبها قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، الخميس، إن مشروع القانون يمثل «إرهاب دولة بامتياز».

وقالت في بيان صحفي، إن «القانون امتداد لتصعيد (إسرائيل) من إجراءاتها التعسفية ضد الفلسطينيين، وانتهاكاتها للقانون الدولي والمواثيق والبروتوكولات والعهود الدولية الخاصة بمبادئ حقوق الإنسان».

وأدانت الخارجية القانونَ، وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها المختصة بسرعة التحرك للحيلولة دون إقراره، مشيرة إلى أن (إسرائيل) أسقطت القناع عن وجهها الحقيقي، وكشفت زيف ادعاءاتها حول ديمقراطيتها.

أما حركة «حماس»، فحذّرت (إسرائيل) من مغبّة تطبيق هذا القانون، وقال «عبداللطيف القانوع»، المتحدث باسم الحركة، في تصريح: «سن القانون سيشعل جذوة الانتفاضة في وجه الاحتلال الاسرائيلي، وسيكون نذيرا لانفجار المنطقة بأكملها، ونحن نحذّر من تطبيقه».

وأكّد «القانوع» خطورة المصادقة الإسرائيلية على ذلك القانون، كونه يهدد حياة المعتقلين الفلسطينيين الذي نفذّوا عمليات ضد (إسرائيل).

واعتبر أن القانون «يتنافى مع كل المواثيق والأعراف الإنسانية الدولية»، لافتا إلى إن إقرار ذلك القانون لن «يثني إرادة الشبان المنتفضة بوجه الاحتلال الإسرائيلي»، مؤكداً على «ضرورة تصاعد الانتفاضة».

وطالب المتحدث باسم حركة «حماس» الرئيسَ الفلسطيني «محمود عباس» بـ«محاكمة قادة الاحتلال في المحكمة الجنائية الدولية، على جرائمهم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني».

ووصف «أحمد مجدلاني»، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، القانون بـ«العنصري».

وقال، في تصريحات صحفية له، الأربعاء: «القانون يتيح لأول مرة بمنطق ما يسمى قوانين الاحتلال محاكمة وإعدام المناضلين من أجل الحرية والاستقلال».

وأكّد «مجدلاني» أن القانون الإسرائيلي الأخير «يتنافى مع العهد الدولي لحقوق الإنسان، واتفاقات جنيف الأربعة»، ويعتبر أن الهدف الإسرائيلي من المصادقة على ذلك القانون هو «تصدير الخوف للفلسطينيين».

ودعا البرلمانات في العالم لـ«اعتبار القانون غير دستوري وغير شرعي، ويمسّ بأبسط حقوق المعتقل الفلسطيني».

بدوره، قال «قدورة فارس»، رئيس نادي «الأسير الفلسطيني» (غير حكومي مقره رام الله)، إن «(إسرائيل) تتجه نحو منح الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، صفة شرعية وقانونية».

وأضاف «فارس»، في بيان: «في الوقت الذي تتّجه فيه غالبية دول العالم نحو إلغاء عقوبة الإعدام بحقّ السّجناء الجنائيين، فإن دولة الاحتلال تلجأ إلى ابتكار أساليب فاشية جديدة لفرض أقسى العقوبات على أسرى الحرب الفلسطينيّين»، ويعد «نادي الأسير»، من كبرى المؤسسات الأهلية المختصة بالدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين.

واعتبر مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية الأولى، على مشروع قانون إعدام الفلسطينيين، بمثابة «جريمة جديدة ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي بتشريع قوانين للحطّ بالكرامة والحرّية الإنسانية المتعلّقة بالفلسطينيين».

بدورها، اعتبرت جمعية «واعد»، المختصة بشؤون المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ذلك القانون «سابقة خطيرة، وتبعاته كارثية».

وقالت الجمعية، في بيان، أمس الأربعاء: «ندعو لصحوة فلسطينية تجاه ملف الأسرى، لإنقاذ الحركة الأسيرة من المخاطر غير المسبوقة التي تتهددها»، ودعت الشارع الفلسطيني إلى «النفير من أجل كرامة وحرية الأسرى في ظل تمادي قادة الاحتلال الإسرائيلي والتنكيل بهم»، وفق البيان.

من جانبه، وصف «هشام أبومحفوظ»، «نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج»، القانون الإسرائيلي الأخير، بـ«التطور الجسيم، والانتهاك الصارخ بحق الفلسطينيين».

وقال «أبومحفوظ»، في تصريح صحفي، الخميس: «يكشف هذا التوجّه العنصري مجدداً حقيقة هذا الاحتلال وسعيه الدؤوب إلى شرعنة القتل والعدوان ضد شعبنا الفلسطيني».

ولفت إلى أن إقرار القانون يعكس «استهتارا إسرائيليا بمعايير حقوق الإنسان، والمواثيق الدولية المتعلّقة بالنزاعات والحروب، ومن ضمنها اتفاقية جنيف الرابعة التي تنطبق على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال».

تحذيرات إسرائيلية

أما في (إسرائيل)، فقد أثار إقرار القانون، قلق بعض المؤسسات الحكومية، والمراقبين.

فمن جانبه، حذر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، من أن إقرار مشروع القانون الذي يتيح إعدام فلسطينيين بشكل نهائي، سيؤدي إلى «موجة من عمليات اختطاف ليهود حول العالم».

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، منها جريدة «هآرتس»، عن «الشاباك»، أمس الأربعاء، توقعاته في حال إقرار مشروع قانون حكم الإعدام نهائيا، أن يتم «اختطاف يهود ليس في بلدان إسلامية فحسب، بل في بلدان غربية أيضا»، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وخلال جلسة التصويت على مشروع القانون في الكنيست الأربعاء، أبدى رئيس جهاز الشاباك «ناداف أرغمان»، اعتراضه عليه.

أما وزير الطاقة الاسرائيلي، «يوفال شتاينتز»، فقد انسحب من الجلسة، ووصف القرار بـ«السيئ».

وبحسب وسائل إعلامية إسرائيلية، فقد قال وزير الطاقة لوزير الدفاع الإسرائيلي، «أفيغدور ليبرمان» «لا يمكن القبول بمثل هذه القرارات الذي تؤثر سلبا على (إسرائيل)».

ورأى رئيس جهاز «الشاباك»، السابق، «عامي أيلون»، في مقال نشرته الجريدة الإسرائيلية المذكورة، الثلاثاء الماضي، أن ذلك القانون «غير رادع»، كما أنه سيعزز من «أسطورة الشهيد»، وينمّيها في أوساط الشباب الفلسطيني.

ولفت «أيلون»، في مقاله، إلى أن مشروع القانون الجديد «تستتر خلفه أجندة سياسية»، مشيراً إلى أن ذلك القانون وجد معارضة صريحة من «أجهزة الأمن والقضاء الإسرائيلي»، كما توقّع أن يتسبب تطبيق قانون إعدام الفلسطينيين إلى «تصاعد العنف».

وحذّر رئيس الشاباك السابق من «موت إسرائيليين جرّاء عمليات انتقامية ينفّذها فلسطينيون بسبب ذلك القانون».

فيما هاجم «نحمان شاي»، النائب في الكنيست الإسرائيلي (من حزب المعسكر الصهيوني المعارض)، الأسبوع الماضي، القانون، واعتبر أن «عقوبة الإعدام ستخلق ضغطاً دولياً لا يمكن لـ(إسرائيل) احتماله في هذه المرحلة»، ورأى «شاي»، أن «عقوبة الإعدام ستحوّل منفّذي العمليات ضد (إسرائيل) إلى أبطال، ناهيك عن كونها غير رادعة».

قلق أوروبي

من ناحيته، انتقد مكتب الاتحاد الأوروبي في (إسرائيل)، مشروع القانون الذي يتيح تنفيذ حكم الإعدام بحق فلسطينيين نفذوا عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

ونشر المكتب تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، الأربعاء، قال فيها إن عقوبة الإعدام «لا تتسق مع الكرامة الإنسانية»، بحسب ما نقل موقع صحيفة «هآرتس» العبرية.

وبيّن المكتب أن عقوبة الإعدام «تشكّل معاملة لا إنسانية ومهينة، وليس لديها أي تأثير رادع مثبت، كما أنها تجعل الأخطاء القضائية لا رجعة فيها وقاتلة».

المصدر | الخليج الجديد+الأناضول

  كلمات مفتاحية

إسرائيل مشروع قانون إعدام فلسطينيين عمليات أهادف إسرائيلية قلق إدانة ترقب