استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ماذا لو كانت عهد التميمي ابنتكم؟!

السبت 6 يناير 2018 01:01 ص

منذ أسبوعين وهي تأتي كل بضعة أيام إلى غرف ضيوف الإسرائيليين في الوقت الذي يتم فيه تمديد اعتقالها. مرة أخرى ضفائرها الذهبية، الشخصية ذات اللسان السليط، وهي ترتدي ملابس السجناء ومكبلة، تبدو أكثر مثل فتاة من رمات هشارون مما هي من قرية النبي صالح.

لكن المظهر غير العربي لعهد التميمي لم ينجح في مس القلوب هنا. إن سور سلب الإنسانية والشيطنة الذي بني في حملات التحريض والدعاية وغسل الأدمغة ضد الفلسطينيين، يهزم أيضا الشقراء من النبي صالح. كان يمكن أن تكون ابنتكم، أو ابنة الجيران، مع ذلك فإن التنكيل بها لا يثير أي مشاعر من العطف والشفقة أو الإنسانية. بعد نوبة الغضب على جرأتها، جاء الانغلاق. إنها «مخربة»، لا يمكن أن تكون ابنتنا ـ هي فلسطينية.

لا أحد يسأل نفسه ما الذي كان سيحدث لو أن عهد التميمي كانت ابنته. ألن تكونوا فخورين بها مثل والدها الذي عبر عن تفاخره في مقاله المثير للاحترام («ابنتي، هذه هي دموع النضال»، «هآرتس»، 29/12). ألم تكونوا تريدون ابنة كهذه، استبدلت جنون الشباب بنضال شجاع من أجل الحرية؟ هل كنتم تفضلون ابنة عميلة؟ أو ربما تافهة؟

ماذا كنتم ستشعرون لو أن جنود جيش أجنبي دخلوا في الليل إلى بيوتكم واختطفوا ابنتكم من الفراش أمام ناظريكم، قيدوها واعتقلوها لفترة طويلة، لأنها قامت بصفع جندي غزا بيتها، وصفعت الاحتلال الذي يستحق أكثر من الصفع؟

هذه الأسئلة لا تقلق أحدا. عهد هي فلسطينية، أي مخربة، لذلك هي لا تستحق أي عطف.

لا يوجد شيء يمكنه أن يثقب السور الواقي الذي يدافع عن الإسرائيليين أمام الشعور بالذنب، أو أمام الشعور بعدم الرضا عن اعتقالها المثير للغضب، وأمام التمييز ضدها من قبل الجهاز القضائي، الذي لم يكن ليمسها أبدا لو أنها كانت مستوطنة يهودية.

أيضا يد القاضي الأوتوماتيكية، الرائد حاييم باليلتي، لم ترتجف عندما قرر أن «مستوى خطر» عهد، الفتاة غير المسلحة، ابنة الـ 16 سنة، يبرر استمرار اعتقالها، أيضا القاضي هو مجرد برغي صغير في الآلة، يقوم بمهمته ويعود في المساء إلى بناته وأولاده ويتفاخر بالقيام بمهمته الحقيرة.

إسرائيل تختفي خلف شاشة حديدية لا يمكن خرقها. أي شيء ترتكبه إسرائيل ضد الفلسطينيين لا يمكن أن يثير أية شفقة، وحتى الفتاة الجميلة مثل عهد. أيضا حتى لو حكم عليها بالمؤبد بسبب الصفعة، أو الاعدام فسيكون تلقي حكمها بفرح واضح أو لامبالاة. ليس هناك أي مشاعر إنسانية أخرى تُجاه أي فلسطيني.

جمعيات المعوّقين التي تقوم بالنضال من أجل حقوقهم لم تنبس ببنت شفة عندما قام قناص من الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على رأس معوّق مبتور الساقين على كرسي متحرك في قطاع غزة.

الجمعيات النسوية التي تناضل بإصرار وبقوة ضد كل تحرش جنسي لم تحتج حتى الآن على إغلاق الملف بشأن معتقلة فلسطينية اشتكت بأنها اغتصبت من قبل شرطي حرس حدود. وأعضاء وعضوات الكنيست لم يحتجوا على عار الاعتقال السياسي لزميلتهم خالدة جرار التي تم تمديد اعتقالها في الأسبوع الماضي لنصف سنة من دون محاكمة.

إذا لم تنجح عهد التميمي في أن تثير هنا مشاعر العطف والشعور بالذنب والصدمة، فعندها فقط تكون استكملت عملية الانكار، الاخفاء والقمع، وهي المشروع الأهم للاحتلال بعد الاستيطان.

لم يكن هنا في أي وقت لامبالاة فظيعة كهذه، لم يسيطر هنا في أي وقت خداع الذات والكذب، ولم تظهر هنا شكوك أخلاقية ضئيلة بهذا القدر تجاه الظلم، لم ينجح التحريض بهذه الدرجة في أي وقت.

الإسرائيلي أصبح غير قادر على التعاطف مع فتاة شجاعة، حتى لو بدت مثل ابنته ـ لأنها فلسطينية.

ليس هناك فلسطيني يمكنه أن يمس روح الإسرائيليين، ليس هناك ظلم يثير هنا الضمير الذي قضي عليه نهائيا.

من فضلكم، لا تزعجونا، نحن قساة القلوب بصورة تثير الرعب.

* جدعون ليفي كاتب صحفي إسرائيلي

المصدر | هآرتس - ترجمة المصدر

  كلمات مفتاحية

فلسطين (إسرائيل) عهد التميمي الاحتلال القدس انتفاضة القدس الاستيطان