لماذا لن تغير الاحتجاجات سياسة إيران الخارجية؟

الأحد 7 يناير 2018 06:01 ص

في 28 ديسمبر/كانون الأول عام 2017، اندلعت الاحتجاجات في مدينة «مشهد»، وهي مدينة تقع في شمال شرق إيران. وبحلول الوقت الذي كانت فيه بقية العالم تحتفل بدخول العام الجديد، انتشرت المظاهرات الكبيرة إلى المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد. وبحلول 2 من يناير/كانون الثاني، كان قد تم قتل أكثر من 20 شخصا وسط الاضطرابات. كما سارع المسؤولون الإيرانيون إلى الاستجابة لأكبر مظاهرات منذ «الحركة الخضراء» عام 2009، وهي موجة من الاحتجاجات عارضت إعادة انتخاب المتشدد «محمود أحمدي نجاد» للرئاسة. وكالعادة، شارك الرئيس «دونالد ترامب» أفكاره حول ما كان يحدث عبر موقع تويتر.

يرغب الكثيرون في الولايات المتحدة وحلفائها في أن تؤدي الاحتجاجات إلى تحول جذري في السياسة الإيرانية، ويقول الواقع إن الحكومة الإيرانية من غير المرجح أن تغير مسارها. وفي الواقع، يجب على الإدارة والمراقبين أن يضبطوا آمالهم وتوقعاتهم فيما يمكن أن يحققه المتظاهرون.

ولا تعتبر علاقات إيران مع الجماعات الإرهابية - وغيرها من الجهات الفاعلة غير الحكومية - في الجوار مجرد مسألة أيديولوجية أو حتى اقتصادية. ومما لا شك فيه أن النظام الثوري قد سعى في الأيام الأولى للجمهورية الإسلامية إلى إقامة علاقات مع مختلف الجماعات الشيعية، وتحدي ما اعتبروه الأنظمة الفاسدة التي تحالفت مع النظام المنهار. لكن اليوم، تدور هذه العلاقات بشكل أكبر حول الأمن أكثر من العقيدة الثورية.

ومن بين المزايا الأمنية التي تتمتع بها إيران - في ظل علاقاتها مع الجهات الفاعلة غير الحكومية - الردع، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والمساعدة في عمليات مكافحة التجسس، ومكافحة الإرهاب، وتوسيع النفوذ. وعلى سبيل المثال، تستفيد الحكومة الإيرانية من علاقتها الشاملة مع حزب الله للحصول على معلومات استخباراتية وردع (إسرائيل) والولايات المتحدة. ومن خلال علاقاتها الأكثر تواضعا مع الحوثيين في اليمن تحصل إيران على القدرة على استدراج منافستها السعودية في مستنقع مكلف مقابل تكلفة منخفضة، وساعدها تعاونها التكتيكي مع القاعدة - في تسعينيات القرن الماضي وعام 2000 - في تجنب أن تصبح هدفا للمجموعة، ومن خلال دعمها لجماعات طالبان، استطاعت تقييد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مقاطعة خراسان في أفغانستان.

ومما لا شك فيه أن علاقات إيران بهذه الجماعات تأتي بتكلفة ما. وبسبب الآثار المعنوية والاقتصادية والإضرار بسمعة البلاد، تعرقل هذه العلاقات اندماج البلاد بالكامل في المجتمع العالمي. وتتسبب العقوبات المتبقية على إيران لدعمها للجماعات الإرهابية - مقترنة بالأموال التي تنفقها على هذا الدعم - في جعل الانتعاش الاقتصادي - الذي تشتد الحاجة إليه - أكثر صعوبة. وفي الوقت الذي تسعى فيه البلاد لجني ثمار الاتفاق النووي، تعاني البلاد من العقوبات الأخرى إلى جانب تلك الناجمة عن تحدياتها الداخلية، بما في ذلك الفساد وسوء الإدارة الذي يحتج بسببه الإيرانيون اليوم.

ولكن بحساب التكاليف والفوائد، ترى إيران أن الفوائد الأمنية لعلاقاتها مع مختلف الجهات الفاعلة غير الحكومية تتجاوز تكاليفها الاقتصادية. وهذا هو السبب في أن عقود العقوبات والعزلة لم تؤد إلى خفض دعم إيران لتلك المجموعات. وفي الواقع، مع انهيار السلطات المركزية، وصعود الجماعات الإرهابية المتنافسة مثل داعش، ​​يعمق ذلك الاعتقاد بين المسؤولين الحكوميين بأن البلاد يجب أن تكون قادرة على العمل مع الجهات الفاعلة غير الحكومية من أجل تعزيز مصالحها وتلبية احتياجاتها الأمنية. ومن غير المحتمل أن يغير المتظاهرون هذه النظرة الخارجية بشكل أساسي.

وعلى الرغم من أن بعض المتظاهرين قد طعنوا في السياسة الخارجية لإيران في الأيام الأخيرة، ركز معظمهم على المسائل الاقتصادية والقضايا السياسية التي تؤثر على الوضع الاقتصادي، مثل الفساد وانعدام الشفافية وسوء الإدارة. ومن المرجح أن تتم الاستجابة من قبل الحكومة وفقا لذلك. وقد يسارع المراقبون الدوليون إلى الإشارة إلى أن بعض الشعارات التي تم سماعها في شوارع إيران تتعلق بمسائل السياسة الخارجية، ولكن الأمر ليس شيئا جديدا. وفي عام 2009، كان الإيرانيون يرددون بالفعل هتافات مثل «لا غزة ولا لبنان أعطي حياتي لإيران». وتعبر الشعارات بالتأكيد عن استياء الإيرانيين من العديد من سياسات قيادتهم، بما في ذلك تلك التي تتجاوز حدود بلادهم. ولكن اعتبارات السياسة الخارجية عادة ما تكون منخفضة في قائمة أولوياتهم، بالمقارنة مع القضايا التي تؤثر على حياتهم اليومية.

من غير المحتمل أن يغير المتظاهرون سياسات النظام تجاه الجهات الفاعلة غير الحكومية. ولما كانت واشنطن تقيم ما يجب القيام به فيما بعد الاحتجاجات في إيران، فينبغي لها أن تعدل توقعاتها بشأن مدى التغيير الذي يمكن أن تحدثه تلك الاحتجاجات.

المصدر | فورين أفيرز

  كلمات مفتاحية

الاحتجاجات الإيرانية إيران دونالد ترامب مشهد