رئاسيات مصر المقبلة: لا مسرح ولا مرح!

الأربعاء 10 يناير 2018 04:01 ص

بعد دفعة التسريبات الصوتية الأولى، التي أظهرت توجه نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى تسويق قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتماد مدينة القدس عاصمة لدولة (إسرائيل) ونقل السفارة الأمريكية إليها، نُشرت تسريبات صوتية جديدة تؤكد عزم النظام على إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة دون أي منافس جدّي أمام السيسي، الذي يُنتظر أن يرشح نفسه لولاية ثانية.

في هذه التسريبات يطلب الضابط في المخابرات الحربية المصرية من مذيعي أقنية وفنانات سينما ودراما أن يروجوا لترشيح السيسي عن طريق تخويف الشعب المصري من مصير مماثل لما يجري في اليمن وسوريا. كذلك يوجه الضابط بعدم انتقاد الفريق المتقاعد أحمد شفيق في الوقت الراهن لأن مفاوضات تجري معه كي يمتنع عن الترشيح، وإلا فإن ملفات فساد سوف تُفتح ضده في المحاكم، وسوف يصبح هدفاً لهجوم «يلعن أسلافه»!

وبالفعل، وبعد أن كان قد أكد عزمه على الترشيح لانتخابات الرئاسة قبل خمسة أسابيع فقط، عاد شفيق فأصدر بياناً أعلن فيه عدوله عن قراره، مضيفاً أنه «بالمتابعة للواقع، فقد رأيت أني لن أكون الشخص الأمثل لقيادة أمور الدولة خلال الفترة القادمة».

وفي بيان لاحق قال متحدث باسم حزب الحركة الوطنية، الذي يتزعمه شفيق، إن الفريق «لم يتعرض لضغوط ولا يقبل بذلك، بل اتخذ قراره بقناعة تامة».

في المقابل أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، التي تولت الكشف عن سلسلة التسريبات الصوتية، أنّ أحد محامي شفيق أبلغها بخضوعه إلى ضغوطات كبيرة للامتناع عن الترشيح.

ورغم اتهامه بقضايا فساد عديدة خلال توليه مناصب حساسة في عهد الرئيس المتنحي حسني مبارك، من قيادة سلاح الجو إلى وزارة الطيران المدني ورئاسة الوزارة، فإن شفيق (76 سنة) يتمتع بشعبية ملموسة بلغت أوجها في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في مصر، سنة 2012، والتي خسرها أمام محمد مرسي بفارق ضئيل.

كذلك فإن تاريخه العسكري يمنحه حصانة خاصة، تجلت في قول ضابط المخابرات المصرية أن شفيق ابن القوات المسلحة وهو «على الراس من فوق»، شريطة عدم منافسة السيسي. مرجح بالتالي أن يجري إبعاده عن المنافسة، خاصة وأن النظام لم يعد يكترث بالتجميل الخارجي للانتخابات الرئاسية، وبات يفضل اللعب المكشوف والصريح.

ومن المحزن أن مصر العريقة تشهد هذا الدرك المتدني من ابتذال السياسة والإعلام والفن، في وقت يعاني فيه الشعب من غائلة الأسعار وهبوط مستوى المعيشة وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القدرة الشرائية خاصة في ضوء انحدار قيمة العملة الوطنية.

كل هذا تحت وطأة مغامرات اقتصادية كارثية، مثل توسيع قناة السويس والعاصمة الجديدة، وإصدار سندات في الأسواق الدولية بقيمة تتجاوز خمسة مليارات دولار أمريكي، وصعود إجمالي الدين الخارجي إلى قرابة 78 مليار دولار خلال النصف الثاني من 2017.. هذا إذا وضع المرء جانباً حقيقة أن مصر تعيش في ظلّ قانون الطوارئ، الذي أصدر السيسي قراراً بتمديده قبل أيام.

الأرجح، بذلك، أن انتخابات أواخر مارس/آذار المقبل لن تشهد مفاجآت من أي نوع، ولعلها سوف تخلو حتى من المهازل المسرحية، وسيُحرم المصريون من المرح المأثور!

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر تسريبات المخابرات الحربية نظام السيسي تسويق قرار ترامب مدينة القدس إسرائيل نقل السفارة الأمريكية الانتخابات الرئاسية المصرية