صعود مفاجئ لنجل الأمير يثير التكهنات حول مستقبل الحكم في الكويت

الخميس 11 يناير 2018 11:01 ص

رفع راية وقف الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيس للبلاد، ضمن رؤية مستقبلية تتضمن بناء مدينة اقتصادية، ودخل سلم القيادة عبر بوابة وزارة الدفاع.

إنه الشيخ «ناصر» النجل الأكبر لأمير الكويت «صباح الأحمد جابر الصباح» الذي أثار صعوده -حسب صحيفة «العربي الجديد»- التكهنات حول آلية التغيير المرتقبة في سلم السلطة الكويتية، خلفاً لكل من الأمير الحالي البالغ الـ89 من العمر، وولي عهده البالغ الـ80 من العمر والمصاب بمرض مزمن.

من هو «ناصر الصباح»؟

المعلومات عن الشيخ «ناصر صباح الأحمد الصباح» شحيحة؛ فهو ولد في الكويت عام 1948 (يبلغ من العمر 69 عاما)، ولم يؤدِ أي دور سياسي رئيسي، مكتفياً بإدارة عدد من الشركات التجارية كرجل أعمال مستقل عن الأسرة الحاكمة.

كما عُرف عنه ولعه بتمويل المتاحف وشراء الآثار والسلع النادرة، إضافة إلى اهتمامه الغريب بالجغرافيا السياسية، وإيمانه الصارم بسياسات السوق المفتوحة والاستثمار العالمي.

أول خطوة سياسية اتخذها الشيخ «ناصر» كانت عام 1998؛ حين كتب مقالاً رفضت الصحف الكويتية نشره، فقام بطباعته بأوراق عادية ونشره كمنشورات سياسية في الشوارع الكويتية بعنوان «سيدي سرّحهم وتوكل»، وكان يقصد به: «سيدي ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الصباح سرّح الفاسدين من مناصبهم وتوكل على الله».

وأتت تلك الرسالة، آنذاك، في سياق حملة قام بها والده، وزير الخارجية آنذاك، الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح»، لنقل جزء من صلاحيات ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء له، في ذلك الوقت بسبب مرض الأخير، قبل أن يفصل البرلمان الكويتي بين المنصبين، معيّناً «صباح الأحمد» (الأمير الحالي) رئيساً للوزراء في سابقة تاريخية.

وعُيّن الشيخ «ناصر»، عقب هذا المقال، مستشاراً لولي العهد عام 1999، لكن هذا المنصب -حسب أوساط سياسية- كان محاولة صورية لإسكاته؛ إذ إن المنصب كان تشريفياً في أروقة الحكم الكويتية.

وفهم رجل الأعمال غير الخبير بالسياسة هذه الرسالة؛ ففضل العودة إلى ممارسة أعماله التجارية والابتعاد عن المجال السياسي مرة أخرى، قبل العودة إلى السياسة من باب منصب تشريفي آخر عقب تولي والده مقاليد الحكم، وهو منصب وزير شؤون الديوان الأميري.

إذ اكتفى الرجل، خلال وجوده في المنصب، بترتيب البروتوكولات الخاصة باستقبال وتوديع الضيوف، دون التدخل بشكل واضح في المعمعة السياسية التي هزت البلاد بين عامي 2011 و2016، وأسفرت عن إسقاط رئيس مجلس الوزراء الشيخ «ناصر المحمد الصباح»، عقب تفجّر موجة احتجاجات شعبية ضده بسبب قضايا فساد، إضافة إلى مقاطعة المعارضة للانتخابات البرلمانية مدة 4 سنوات، بسبب إصدار أمير البلاد مرسوم انتخاب جديدا دون الرجوع إلى مجلس الأمة (البرلمان) أو إلى الإرادة الشعبية.

فضلاً عما ترتب عن هذه المقاطعة من سحب لجنسيات العشرات من المعارضين، وتفجر مشكلة البدون في احتجاجات دامية شمالي البلاد استطاعت القوى الأمنية إخمادها.

صعود مفاجئ

ورغم تاريخه الطويل من مخاصمة السياسة أو ملامستها بمناصب شرفية، شهد الشهر الماضي صعودا مفاجئا وسريعا للشيخ «ناصر» في سلم القيادة الكويتية.

ففي 7 ديسمبر/كانون الأول الماضي، نشر المشرف على حساب «محبين ناصر صباح الأحمد» على موقع «تويتر»، صورتين؛ الأولى لأمير الكويت، والثانية لنجله الشيخ «ناصر».

 

 

 

 

وكتب المشرف على الحساب، الذي يتابعه أكثر من مئة ألف متابع، معلقًا: «رجل المرحلة القادمة.. الشيخ ناصر صباح الأحمد الجابر الصباح.. هذا الشبل من ذاك الأسد الله يحفظهم».

وعقب ذلك بأيام، تولّى الرجل منصب وزير الدفاع، ومنصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى رئاسة المجلس الأعلى للتخطيط كبديل لرئيس الوزراء الحالي الشيخ «جابر المبارك الصباح».

«رؤية 2035»

وبعد تعيينه وزيراً للدفاع للمرة الأولى، ونائباً أول لرئيس مجلس الوزراء، شرع الشيخ «ناصر» في الحديث عن آماله وتطلعاته حول ما أسماه «رؤية 2035»، ومن أهدافها وقف الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيس للبلاد، وبناء مدينة اقتصادية شمالي الكويت، باسم مدينة «الحرير» إضافة إلى مشروع تطوير 5 جزر كويتية، وجعلها وجهة سياحية؛ وذلك لمنافسة مشروع البحر الأحمر المزمع تنفيذه في السعودية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رؤية جديدة

ودفعت كل تلك المعطيات المراقبين لوضعه في صدارة المرشحين لتولي قيادة البلد الخليجي خلفًا لأبيه الذي يصنف الحاكم رقم 15 للكويت، التي يحكمها «آل الصباح» منذ القرن الثامن عشر.

وذكر مقرّبون من الشيخ «ناصر» أن اهتماماته في الجغرافيا السياسية، ورغبته بتحويل الكويت إلى «ميناء دولي» على غرار دبي، دفعته للانفتاح بشكل أكبر على العراق وإيران، إضافة إلى الصين الطامحة بشكل كبير إلى دخول المنطقة عبر بوابة الكويت.

غير أن هذه الطموحات العالية لنجل الأمير الأكبر، تصطدم بقلة خبرته السياسية ووجود الملفات السياسية العالقة داخل البلاد، إذ لا يمكن تشييد مدن عالمية وتحويل شمال البلاد إلى عاصمة استيراد وتصدير في ظل اضطراب الأوضاع الداخلية.

 

 

 

 

وتنظر كل الأطراف في الكويت إلى الشيخ «ناصر» بنظرة مختلطة بين الأمل بتخليصه للبلاد من حالة الجمود السياسية التي تعانيها، بفعل سحب جنسيات المعارضين وسجن نواب البرلمان على خلفية قضية دخول مجلس الأمة وعشرات الملفات الداخلية الأخرى العالقة، وبين نظرة الخوف من انضمامه لمعسكر من معسكرات أجنحة الحكم المتصارعة بشدة فيما بينها طمعاً بمنصب ولاية العهد المقبل.

وتشير مصادر إلى أن «الكثير من المعارضين المقيمين في الخارج بفعل الأحكام السياسية الصادرة بحقهم، ينظرون للشيخ ناصر الصباح على أنه الأمل الأوحد للخروج بعفو شامل وبدء حياة سياسية جديدة في الكويت».

يشار إلى انتقال السلطة في الكويت، يتسم منذ عقود بالسلاسة، ومن المرجح أن يواصل أفراد الأسرة تلك السياسة العائلية في المستقبل؛ لضمان استقرار بلادهم الواقعة في وسط إقليمي مضطرب.

  كلمات مفتاحية

ناصر الصباح الكويت بن سلمان السعودي