«بيلد».. الصحيفة الألمانية التي سرقت مونديال 74 من «كرويف»

الاثنين 15 يناير 2018 06:01 ص

«الكلمة تقتل كما يقتل السيف» مقولة تؤكد قوة وتأثير الكلمات، وهو ما اعتمدت عليه صحيفة «بيلد» الألمانية في قتل أحلام المنتخب الهولندي وجماهيره في التتويج بكأس العالم 1974.

وجمعت المباراة النهائية من مونديال 1974 بين المنتخب الهولندي ونظيره منتخب ألمانيا الغربية، وكانت الكرة الهولندية تعيش أزهى عصورها في سبعينات القرن الماضي على يد المدرب الوطني «رينوس ميتشيلز» الذي نجح في ابتكار أسلوب هو الأمتع على الإطلاق في تاريخ اللعبة.

وأسس «ميتشيلز» مع فريق أياكس طريقة أرعبت الخصوم الذين لم يقدروا على ابتكار طريقة دفاعية تحميهم من اكتساح الخصم، إذ اعتمد على الاستحواذ المطلق للكرة مع التبديل المتكرر في مراكز لاعبيه، ونتج عن ذلك تتويج الفريق الهولندي بثلاثة ألقاب متتالية  لدوري أبطال أوروبا أعوام 1971، 1972، 1973.

وأراد الاتحاد الهولندي استغلال نجاح «ميتشيلز» مع أياكس وقرر إسناد قيادة المنتخب الأول له في نهائيات كأس العالم 1974 بألمانيا.

نجح «ميتشيلز» في قيادة كتيبة هولندية أبرز عناصرها الأسطورة «يوهان كرويف»، فسحقوا الأرجنتين برباعية وتغلبوا على ألمانيا الشرقية بثنائية نظيفة، والبرازيل بالنتيجة ذاتها، قبل أن يضربوا موعداً مع مستضيف البطولة ألمانيا الغربية في المباراة النهائية، بتاريخ 7  يوليو/تموز 1974 في الإستاد الأولمبي بميونيخ.

ووسط خوف من الجماهير الألمانية ومتابعي كرة القدم آنذاك حيث أدركوا فريق الطواحين يستحيل عليه أن يُقهر، بل فكّر البعض بضرورة خروج ألمانيا من المباراة النهائية بخسارة بعيدة عن الإذلال، هنا جاء دور صحيفة «بيلد» التي لعبت دورًا مركزيًا في التأثير على أداء المنتخب الهولندي ومعنوياته قبل المواجهة المرتقبة.

عُرف عن هذه الصحيفة مصداقيتها في الأوساط العالمية، وأرادت المقامرة بذلك واستغلاله من باب الخدمة الوطنية، فعمدت على نشر تقرير سيهز الأوساط الكروية قبل المباراة النهائية بيوم واحد، كان عنوان التقرير «كرويف والشمبانيا والبنات العاريات».

وادعت «بيلد» في تقريرها رواية مفادها أن 4 من نجوم المنتخب الهولندي بينهم نجمه الأول «يوهان كرويف»، استمتعوا بحوض للاستحمام مع فتاتين ألمانيتين عاريتين قبل مباراة فريقهم مع البرازيل، شكّل هذا التقرير صدمة للاعبين وللمدرب «ميتشيلز» الذي صرّح أن لاعبوه تفاجؤوا بهذا الأمر، وتحدى المدرب الهولندي الصحيفة أن تظهر صورة واحدة أو دليلا قاطعا على تلك الحادثة.

وعرف عن «كرويف» تعلّقه الشديد بزوجته وحبّه البالغ لها، فقضى ليلة المباراة بأسرها على الهاتف في محاولة بائسة لإقناعها ببراءته، الغريب أن زوجات لاعبي الفريق الهولندي لم ينكرن الحادثة، فأكدن ما حدث مرفقات تأكيدهن أمام الصحفيين بجملة نفت عن أزواجهنّ التهمة، فقال أكثرهن: «نعم، لقد حدث ذلك، لكن زوجي لم يكن هناك».

تأثر لاعبو المنتخب الهولندي بهذه الفضيحة التي لم تظهر الصحيفة لها دليلاً حتى الآن، فالعديد من لاعبي الطواحين قضوا ليلتهم الأخيرة على سماعات الهاتف، ولم يستطع  «كرويف» أن ينام تلك الليلة إلا بعد أن وعد زوجته بعدم الابتعاد عنها لأكثر من 72 ساعة وفق ما تمت إشاعته آنذاك، وإلا فسيكون الطلاق أمراً حتميّاً.

دخل منتخب هولندا المباراة النهائية وبدأها بكل قوة ودون أن تلمس ألمانيا الكرة ومن 16 تمريرة حصل «يوهان كرويف» على عرقلة كلفت ألمانيا ركلة جزاء ترجمها بنجاح «نيكسنر» في الدقيقة الثانية.

واستمر التفوق الهولندي الكاسح حتى الدقيقة 20 من زمن الشوط الأول قبل أن تبدأ قوى لاعبيه تنهار بسبب الإرهاق الشديد الناتج عن عدم النوم ليلة اللقاء.

وعند الدقيقة 25 نجح «برايتنر» في تعديل النتيجة لصالح ألمانيا من ركلة جزاء، قبل أن ينهي «غيرد مولر» أحلام الطواحين بهدف ثان في الدقيقة 43، وفشلت هولندا المنهكة من استعادة الزمام حتى انتهت المباراة بفوز أصحاب الأرض.

عقب هذا المباراة قال «كرويف»: «لقد تغيرنا قليلا في تلك الليلة، كنا نبدأ في معرفة ما كان عليه أن تكون الأمور لتصبح أفضل، كان الجميع ينظر إليك.. الجميع يعاتبك، حالما نُشر المقال أتانا الضغط والإجهاد الشديدين، وكانت نساء اللاعبين على الهاتف».

وبقيت علاقة «كرويف» مع زوجته كارثية بعد كأس العالم 1974، وعانى الأمرّين لإعادة علاقتهما لطبيعتها، وبعد 4 أعوام كان عليه أن يشارك مع الطواحين في نهائيات كأس العالم بالأرجنتين عام 1978، لكن زوجته رفضت ذلك رفضاً قاطعاً خوفاً من خيانته لها.

كما أنه لا يحق لـ«كرويف» الابتعاد عن إقامته مع العائلة في برشلونة لأكثر من 72 ساعة بعد فضيحة «بيلد»، فاعتذر عن السفر من أجل الحفاظ على زوجته، ووضع سوء الأوضاع السياسية في الأرجنتين ذريعة له، وزاد على ذلك أن أعلن اعتزاله اللعب نهائيا من أجل التهرّب من كسر العهد الذي قطعه لحبيبته، وفور نهاية كأس العالم عاد عن اعتزاله بالطبع.

لعبت هولندا دون «كرويف» في مونديال 1978 وظهرت الفجوة التي خلّفها غيابه عن كتيبة الطواحين البرتقالية، وكان هذا المونديال هو الأسوأ على الإطلاق حسب العديد من المحللين بسبب ضعف المنتخبات المشاركة به.

وخسر المنتخب الهولندي نهائي 1978 أمام الأرجنتين صاحبة الضيافة بنتيجة 3-1 بعد التمديد، حيث أكدت جماهير الطواحين أن وجود «كرويف» كان سيجعل من فريقهم بطلاً للعالم لا محالة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كأس العالم منتخب هولندا كرويف