طبول الحرب تقرع في المنطقة.. هل تتحول التهديدات لحقيقة؟

الأربعاء 17 يناير 2018 10:01 ص

مناوشات وتصعيدات تشهدها منطقة الشرق الأوسط بين أطراف إقليمية، في ظل التوترات التي ازدات في الفترة الأخيرة، بين عدد من الدول ومحاولة كل فريق تطبيق أجندته ورؤيته الخاصة.

فعلى خلفية الأزمة الخليجية الأخيرة، وقطع دول الحصار (مصر والإمارات والسعودية والبحرين) علاقاتها مع قطر في 5 يونيو/حزيران الماضي، بدعوى «دعمها للإرهاب»، وهو ما نفته الدوحة معتبرة أنها تواجه «حملة افتراءات وأكاذيب»، شهدت الفترة الأخيرة تطورا جديدا وتبادلا في الاتهامات.

«اتهامات متبادلة»

اتهمت قطر الإمارات بانتهاك مجالها الجوي ثلاث مرات من قبل مقاتلات إماراتية دون سابق علم للسلطات القطرية المختصة أو موافقتها، معلنة أنه يعد انتهاكا صارخا لسيادة الدوحة وسلامة حدودها وأراضيها، علاوة على كونه خرقا سافرا لأحكام القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق والأعراف الدولية.

وأعلنت قطر، مساء الجمعة، أنها اشتكت إلى الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريش» ورئيس مجلس الأمن الدولي «ليو جاي»، الجمعة، اختراق طائرة نقل عسكرية إماراتية مجالها الجوي.

بدورها ردت الإمارات على الاتهامات القطرية، وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، أن «الطائرة العسكرية كانت تحلق خارج الأجواء القطرية»، معلنة عن إدانتها ما اعتادت عليه دولة قطر في الفترة الأخيرة من تصعيد غير مبرر.

كما اتهمت الإمارات، يوم الإثنين، مقاتلات قطرية باعتراض طائرتين مدنيتين خلال رحلتهما إلى العاصمة البحرينية المنامة، وهو الأمر الذي نفته قطر.

وجددت الأزمة الأخيرة بين الدوحة وأبوظبي، مخاوف المراقبين للمشهد من التصعيد العسكري، خاصة بعد الزيارة الأخيرة لأمير قطر «تميم بن حمد» للعاصمة التركية أنقرة ولقائه الرئيس «رجب طيب أردوغان»، وما تحمله من دلالات في هذا التوقيت.

يذكر أن تركيا وقطر بينهما اتفاقيات عسكرية مشتركة، تنص على تشكيل آلية من أجل تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التدريب العسكري، والصناعة الدفاعية، والمناورات العسكرية المشتركة، وتمركز القوات المتبادل بين الجانبين.

وجرى بموجب هذا الاتفاق فتح قاعدة عسكرية تركية في قطر، والقيام بتدريبات عسكرية مشتركة، كما نص الاتفاق على إمكانية نشر قوات تركية على الأراضي القطرية.

وفي شهر سبتمبر/أيلول العام الماضي، أثار تصريح لأمير الكويت الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح» عن «وقف عمل عسكري»، في بداية الأزمة الخليجية جدلا حول ما إذا كان قد جرى طرح هذا الخيار أم لا، خاصة مع عدم نفي أطراف الأزمة هذا الخيار.

مصر والسودان

وانتقالا لجزء آخر من الصراع الإقليمي، إذ تشهد العلاقات بين السودان ومصر توترا، ومشاحنات في وسائل الإعلام، على خلفية عدة قضايا خلافية، أهمها النزاع حول المثلث الحدودي في حلايب وشلاتين المستمر منذ سنوات.

ونشر الجيش السوداني الآلاف من جنوده على الحدود مع إريتريا، بعد دفع مصر بالتنسيق مع الإمارات بقوات مدججة بأسلحة حديثة وتعزيزات عسكرية إلى قاعدة «ساوا» الإريترية.

وحذر مسؤول سوداني، من تهديدات أمنية من الجارتين مصر وإريتريا، بعد تحركات عسكرية للدولتين في منطقة «ساوا» المتاخمة لولاية «كسلا» شرقي البلاد.

وفي لهجة سياسية أكثر جرأة، قال وزير الإعلام السوداني «أحمد محمد عثمان»، إن نشر قوات مصرية ومتمردين من دارفور على الحدود مع إريتريا، يستهدف الإطاحة بالرئيس السوداني «عمر البشير».

ورغم نفي الرئيس الإريتري «أسياس أفورقي»، وجود أي قوات مصرية في قاعدة «ساوا» في إقليم «القاش بركا» الإريتري المحاذي لولاية كسلا على الحدود السودانية الشرقية، متهما أطرافا في السودان وإثيوبيا بمحاولة خلق صدام بين الخرطوم وأسمرة، أعلن الجيش السوداني وصول قوات من وحدات «الدعم السريع» وذلك بالتزامن مع تحذيرات من وزير الخارجية السوداني عن وجود «تهديد» في تلك المنطقة.

وأكد وزير الخارجية السوداني «إبراهيم غندور»، أن بلاده لم تتحدث عن حشود عسكرية لدولة بعينها على حدود بلاده، لكنه تحدث عن تهديد لأمن السودان من الشرق.

وتتهم مصر السودان بدعم موقف إثيوبيا بشأن سد «النهضة» الإثيوبي، الذي تخشى القاهرة أن يؤثر سلبا على حصتها السنوية، البالغة 55 مليار متر مكعب، من نهر النيل، المورد الرئيسي للمياه بالنسبة لها.

من جانبه، أكد الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» أن بلاده لن تشن حربا ضد أشقائها في السودان أو إثيوبيا، مناشدا وسائل الإعلام بعدم الإساءة لأي من جيران مصر.

وأضاف أن البعض يردد أنه طالما مصر لن تدخل في حروب فلماذا يتم انفاق أموال على الجيش وشراء أسلحة، موضحا أن الإنفاق على القوات المسلحة يحمي الأمن القومي المصري طبقا لمفاهيم الأمن في أن يكون لديها قدرة عسكرية لحماية السلام وليس الحرب أو الاعتداء على أحد.

 

 

 

 

الحدود التركية السورية

وانتقالا إلى الحدود التركية السورية التي تشهد تصعيدا عسكريا كبيرا في الفترة الأخيرة، خاصة بعدما أعلن التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» بقيادة الولايات المتحدة، عن «تشكيل قوة حدودية قوامها 30 ألف فرد».

وهو الأمر الذي اعتبره الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» استفزازا للجانب التركي، معتبرا أن الولايات المتحدة الأمريكية «أقرت بتشكيلها جيشا إرهابيا على الحدود، والمهمة التي تقع على عاتقه هي وأده في مهده».

وأكد الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، رفض بلاده المطلق لتشكيل «قوة أمنية حدودية» شمالي سوريا، عمادها مسلحو تنظيم «ب ي د/بي كا كا»، وذلك في اتصال هاتفي مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ناتو»، «ينس ستولتنبرغ»، الثلاثاء.

ولم يكتف «أردوغان» بالتصريحات فقط، إذ توعد بأن قوات بلاده ستدمر قريبا أوكار الإرهابيين في سوريا، بدءا من مدينتي عفرين ومنبج، بريف محافظة حلب الشمالي.

وشدد «أردوغان» على أنه ما من أحد سيتمكن من عرقلة تركيا في مساعيها الرامية لمكافحة التنظيمات الإرهابية في سوريا.

وأشار إلى أن «العملية العسكرية على مواقع تنظيم وحدات حماية الشعب الإرهابي في عفرين ستكون بمشاركة المعارضة السورية، هذا النضال من أجلهم، نحن نساعد إخوتنا هناك من أجل حماية أراضيهم».

فيما قال وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو»، إنه في حال فضلت الولايات المتحدة منظمة إرهابية على تركيا، فإن موقف بلاده سيكون مختلفا.

وفي ردٍ على التصعيد التركي، أعلن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، بقيادة الولايات المتحدة، أن منطقة عفرين (شمال سوريا) التي تتحضر تركيا لتنفيذ عملية عسكرية فيها، تقع خارج نطاق مسؤولياته.

وتستنكر أنقرة الدعم الأمريكي العسكري للأكراد في سوريا؛ حيث تخشى من طموحاتهم المعلنة بإنشاء دولة لهم في سوريا، في مرحلة أولى، وتشمل في مراحل تالية أجزاء من جنوب شرقي تركيا وشمالي سوريا والعراق وغربي إيران.

كانت «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يمثل مقاتلي «وحدات حماية الشعب» (ي ب ك)، الذراع المسلحة لـ«ب ي د»، عمودها الفقري، حصلت على أسلحة، بينها مدرعات، من إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، خلال السنوات الأخيرة، بحجة الاعتماد عليها في محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية».

الحرب في اليمن

وفي تصعيد حوثي ضد التحالف العربي الذي تقوده السعودية، هدد رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين (يوازي رئاسة البلاد لديهم) «صالح الصماد»، بقطع خطوط الملاحة في البحر الأحمر حال استمر تصعيد التحالف العربي باتجاه مدينة «الحديدة» غربي اليمن.

بدوره، اتهم التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، ميليشيا «الحوثي»، بتدريب أفرادها على تهديد حركة الملاحة الدولية.

وقال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن «تركي المالكي»:«ميليشيا الحوثي تهدد حركة الملاحة الدولية بالصواريخ الحرارية، وكذلك الملاحة الجوية فوق صنعاء وتدرب عناصرها على استهداف حركة الملاحة».

وكشف أن ميليشيا الحوثي، عرضت كاميرات حرارية ذات تقنية عالية لتهديد حركة الطيران العالمي، مؤكدا أن «الصواريخ الحرارية أصبحت بأيدي هذه الميليشيا».

ونوه «المالكي»، بأن التحالف لديه مسؤولية بمنع تهديد الملاحة الدولية البحرية، ويبذل كافة الجهود لمنع تهريب الأسلحة إلى اليمن.

وتابع بالقول: «على المجتمع الدولي واجب المبادرة لإخضاع ميليشيا الحوثي للمتطلبات الدولية».

التهديد الملاحي لم يكن الخطر الوحيد الذي تواجهه السعودية من الحوثيين، حيث أكد وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» أن الحوثيين أطلقوا على أراضي المملكة العربية السعودية 88 صاروخا باليستيا زودتهم بها إيران، معتبرا أن إيران هي المصدر الأكبر للخطر في المنطقة، بسبب دورها في لبنان واليمن وسوريا.

وشدد وزير الخارجية السعودي على أن «الاتفاق النووي مع إيران بحاجة لمنع طهران من تخصيب اليورانيوم»، داعيا إلى «فرض عقوبات دولية ضد ايران لانتهاكها القانون الدولي من خلال تزويدها مسلحي جماعة الحوثي باليمن بالسلاح ودعم الإرهاب»، مؤكدا أن «الحوثيين مسؤولون عن الحالة الكارثية في اليمن».

وفيما يخص الحصار المفروض على اليمن، قال «الجبير» إن «الموانئ مفتوحة في اليمن، لكن الحوثيين يسرقون المساعدات».

يذكر أنه منذ نحو 3 أعوام، تشهد اليمن حربا عنيفة بين القوات الحكومية الموالية لـ«هادي»، مسنودة بقوات التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، ومسلحي جماعة «الحوثي»، من جهة أخرى.

ولكن السؤال المطروح في ظل كل هذا التصعيد في المنطقة.. هل تنتقل الحرب إلى ساحات أخرى؟

  كلمات مفتاحية

قطر السعودية مصر السودان اليمن الإمارات تركيا سوريا أمريكا

«نيويورك تايمز»: الخطة الأمريكية شمالي سوريا ستشعل حربا جديدة