«عملية عفرين».. تركيا حسمت أمرها والجميع يترقب ساعة الصفر

الخميس 18 يناير 2018 10:01 ص

تصاعدت بشكل كبير الاستعدادات العسكرية التركية على الحدود مع سوريا، التي ترافقت مع تحركات سياسية؛ ما يشير إلى أن انطلاق عملية عفرين، شمال غربي سوريا، بات قاب قوسين أو أدنى.

ولا يبدو أن التطمينات الأخيرة الصادرة من واشنطن بشأن ما أثير عن سعيها لتشكيل ما يسمي بـ«القوة الحدودية»، ستغير من موقف أنقرة بشأن إطلاق عملية عفرين؛ حيث يبدو أن الأخيرة قد حسمت أمرها تماما.

كان الرئيس التركي، «رجب طيب أردوغان»، قال، في آخر تصريح له، إن العملية تبدأ غدا أو بعد غد في إشارة إلى شدة قربها.

تكثيف التعزيزات العسكرية

يأتي هذا بالتزامن مع تكثيف التعزيزات العسكرية واللوجيستية التركية على الحدود السورية، وفي أماكن تمركزها في الداخل السوري في محيط عفرين.

وخلال الساعات الـ24 الأخيرة، نشرت وكالة «الأناضول» الرسمية 3 أخبار عن قوافل عسكرية متوجهة إلى الحدود السورية.

التعزيزات العسكرية وصلت إلى مناطق حدودية مع سوريا في ولايتي كليس وهطاي، وشملت 20 دبابة، وناقلات جنود مدرعة، وصهاريج وقود، وعربات عسكرية مدرعة، ووحدات من القوات الخاصة.

كذلك، تواصلت النشاطات الاستخباراتية التي تقوم بها أنقرة لجمع المعلومات والبيانات اللازمة لتنفيذ العملية، وتحديد الأهداف ونقاط التمركز والملاجئ في عفرين.

والخميس، رد الجيش التركي على مصادر نيران أطلقها تنظيم «وحدات حماية الشعب» الكردية (ي ب ك) في سوريا من مناطق يسيطر عليها في عفرين باتجاه الأراضي التركية، حسب مصادر عسكرية لـ«الأناضول».

ورفع الجيش التركي حالة التأهب القصوى استعدادا لشن عملية عفرين، فيما قالت أنقرة إن تلك المدينة، التي يسيطر عليها تنظيم (ب ي د)، باتت «مركزاً لتغذية الهجمات الإرهابية داخل تركيا من خلال مد إرهابيي بي كا كا (حزب العمال الكردستاني) بالسلاح والذخائر عبر تسلل عناصره من جبال الأمانوس بولاية هطاي جنوبي تركيا».

وتعتبر أنقرة «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي (ب ي د) وذراعه العسكرية « ي ب ك»، الجناح السوري لـ«بي كا كا» المصنف إرهابيا تركيا وأوروبيا وأمريكيا.

تفاصيل عملية عفرين

من جانبها، نشرت صحيفة «خبر 7» التركية تقريراً يتضمن تفاصيل العملية العسكرية المرتقبة للجيش التركي في عفرين، يظهر تمركز القوات التركية في 4 مناطق تطل على مدينة عفرين، وانتشارها على المشارف الجنوبية للمدينة، فضلاً عن الاستعدادات التامة لقوات الجيش السوري الحر في الداخل والمدعومة من قبل أنقرة، وانتشارها شرق عفرين.

وحسب المصدر نفسه، فإن التعليمات الصادرة عن القوات التركية المتواجدة على امتداد 100 كم من منطقة «ريحانلي» إلى كيليس التركيتين تؤكد على ضرورة البقاء في حالة تيقظ مستمر؛ منعا لتسلل محتمل لعناصر تنظيمي «بي كا كا» و«ب ي د» نحو الأراضي التركية؛ إذ أن جهاز الاستخبارات التركي حصل على معلومات حول نية عناصر هذين التنظيمين التسلل إلى الأراضي التركية.

وانتشرت عناصر تنظيم «ي ب ك» في شرق عفرين، وحفرت الخنادق والأنفاق هناك، حسب الصحيفة التركية.

وتضيف الصحيفة أن المخابرات التركية استطاعت رسم خارطة أهداف دقيقة لأماكن تمركز عناصر «ي ب ك»، ومسارات الأنفاق، والمغارات والملاجئ التي يختبئون فيها، فضلاً عن تحديدها عدد العناصر والقادة العسكريين، وحجم المعدات العسكرية التي يمتلكونها، ومخيمات التدريب التي أنشأتها الولايات المتحدة لهم، وتوعد الجيش التركي بالقضاء على كافة هذه الأهداف وإزالتها.

وحسب مصادر استخباراتية وعسكرية نقلت عنها الصحيفة التركية، فإن الجيش التركي ينوي القيام بعملية مزدوجة ومتزامنة، تتمثل في إنزال جوي للقوات الخاصة التركية، بالتزامن مع تحركات عسكرية برية.

ومن المخطط أن تتحرك العربات المصفحة في الوقت الذي تتم فيه عملية الإنزال الجوي للقوات الخاصة، التي ستنفذ مهمات خاصة وخاطفة.

وسبق العملية العسكرية المرتقبة على عفرين، استهداف مدفعي من قبل الجيش التركي خلال اليومين الماضيين، لأهداف «بي كا كا» و«ب ي د» في عفرين، كما ردت المدفعية التركية على استهداف عناصر التنظيمين المذكورين، المدنيين المتواجدين بالقرب من الحدود التركية عبر إطلاق الصواريخ على مناطق تواجدهم.

تحركات سياسية

وعلى الصعيد السياسي، وفي إطار التنسيق على ما يبدو استعدادا للعملية المرتقبة، غادر رئيس هيئة الأركان التركي، الفريق الأول «خلوصي آكار»، يصاحبه رئيس المخابرات التركية، «هاكان فيدان»، الخميس، إلى موسكو، لإجراء مباحثات مع نظيره الروسي، الجنرال «فاليري غيراسيموف»، حول الأوضاع في سوريا، حسب نبأ عاجل أوردته «الأناضول».

كما عقد مجلس الأمن القومي التركي، الأربعاء، اجتماعه الأول في العام الجديد، وكانت عملية عفرين المرتقبة الموضوع الرئيسي للاجتماع الأمني.

وعقب انتهاء الاجتماع الذي استمر قرابة 5 ساعات، قال الناطق باسم الحكومة التركية، «بكر  بوزداغ»، إن صبر بلاده قد نفد، وإن تركيا مصممة على اتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الشأن؛ وذلك في معرض تعليقه على إعلان تشكيل التحالف الدولي البدء في تشكيل «القوة الحدودية» في سوريا.

وقال بيان صادر عن مجلس الأمن القومي التركي، عقب الاجتماع: «لن نسمح بتشكيل ممر إرهابي على حدودنا، كما لن نسمح بتشكيل جيش إرهابي هناك، وسيتم اتخاذ كل أشكال التدابير اللازمة في هذا الصدد».

تصريحات أمريكية متضاربة

وفي واشنطن، بدأت تخرج تصريحات متضاربة بشأن إعلان القوة المذكورة، والذي كان سببا في تفجير الأوضاع، وغضب تركيا.

وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون»، الأربعاء، أن «القوة الأمنية الحدودية» المخطط تشكيلها في سوريا تحت قيادة تنظيم «ب ي د» الكردي، ليست «جيشا جديدا» أو «قوة حرس حدود تقليدية».

ويتناقض ذلك مع تصريحات المتحدث باسم التحالف الدولي، العقيد الأمريكي «ريان ديلون»، الأحد الماضي، الذي قال إن واشنطن بصدد تشكيل «قوة أمنية حدودية» شمالي سوريا، قوامها 30 ألف مسلح، بالتعاون مع «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تشكل عناصر (ي ب ك) قوامها الأعظم.

وقال المتحدث باسم «البنتاغون»، «أريك باهون»، إن بلاده «تواصل تدريب القوات الأمنية المحلية في سوريا»، موضحا أن التدريب «جاء لزيادة الأمن من أجل عودة النازحين، ولضمان عدم ظهور تنظيم داعش (الدولة الإسلامية) مجددا في المناطق المحررة، وغير الخاضعة لسيطرة أحد، وهذا ليس جيشا أو قوة حرس حدود تقليدية».

ولفت «باهون» إلى أن بلاده مدركة لمخاوف تركيا المتعلقة بالأمن، واعتبر أن القلق الأمني لتركيا مشروع، وأن الولايات المتحدة ستكون شفافة تماما مع أنقرة بخصوص جهودها في سوريا للتغلب على تنظيم «الدولة الإسلامية».

وزيادة في الطمأنة لتركيا، قال وزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون»، الخميس: «نحن مدينون بتوضيحات لتركيا، لا ننشئ أي قوة حدودية في سوريا».

وأضاف في تصريحات صحفية: «مسألة القوة الحدودية أمر تم تصويره وتعريفه بأسلوب خاطئ، وبعض الأشخاص تحدثوا بطريقة خاطئة. لا ننشئ أي قوة حدودية».

وأوضح أن نية بلاده هي تدريب العناصر المحلية في المناطق المحررة من تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا.

ومضى قائلًا: «نرى أن هناك هجمات لتنظيم داعش في شمال غربي سوريا وعلى طول حوض الفرات؛ ولذلك فالغاية هي تقديم المزيد من التدريب ومحاولة إغلاق سبل الفرار أمام داعش».

بينما رد رئيس الوزراء التركي «بن علي يلدريم»، الخميس، مؤكدا أن بلاده «لن نسمح أبداً بتشكيل جيش إرهابي على حدودنا الجنوبية».

وأشار إلى أنه صدرت عن الإدارة الأمريكية بيانات متناقضة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، مضيفا: «طبعاً هذا يدل على الارتباك الذهني، إلا أن عزم تركيا واضح».

تركيا حسمت قرارها

تصريحات من «يلدريم» تؤكد على أن تركيا حسمت قرارها، وأن التصريحات الأمريكية التي تحاول طمأنها، لن تغير من الأمر شيئا.

وتعقيبا على ذلك، قال مركز «جيوبوليتيكال فيوتشرز» الأمريكي: «نحن بحاجة إلى مواصلة مراقبة تركيا. إن اللهجة الحادة لتركيا بخصوص التدخل العسكري في سوريا لم تكن عادة تعني أنها ستتدخل فعلا، لكن الأمر مختلف هذه المرة».

وأضاف: «التعزيزات العسكرية التركية التي تم نشرها على الحدود مع سوريا، والتقارير عن تنسيق أنقرة الضربات الجوية مع موسكو، والخطاب الأكثر حدة من جانب المسؤولين الأتراك، كلها تعني أن هناك عملية تركية وشيكة».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا عملية عفرين سوريا أمريكا