مصر وإريتريا ضد السودان وإثيوبيا.. تحالفان يسيران نحو المواجهة

الخميس 18 يناير 2018 05:01 ص

تسارع لافت في وتيرة الصدام بين القاهرة وأسمرة من جانب، والخرطوم وأديس أبابا على الجانب الآخر، على خلفية أزمة سد النهضة، وأزمات حدودية، وتحركات عسكرية، تحمل نذر الصدام والمواجهة بين 4 دول أفريقية تعد من دول حوض النيل.

مرتدياً بزته العسكرية، قال الرئيس السوداني، «عمر البشير»، الأسبوع الماضي، في ولاية سنار (جنوب شرق)، إن قوات بلاده مستعدة لصد ما وصفه بـ«عدوان المتربصين والمتآمرين والمتمردين».

قبلها بقليل في اليوم نفسه، أعلن مساعد البشير، «إبراهيم محمود»، أن السودان يتحسب لتهديدات أمنية من جارتيه مصر وإريتريا، بعد تحركات عسكرية للدولتين في منطقة «ساوا» الإريترية، المتاخمة لولاية كسلا السودانية (شرق).

وفق الصحفي المهتم بشؤون منطقة القرن الأفريقي، «ماجد محمد على»، فإن «المحور المصري- الإريتري موجود منذ زمن، ولم يتشكل الآن».

وبدأ ذلك منذ عهد الرئيس المصري المخلوع، «محمد حسنى مبارك» (1981-2011)، بعد أن شعرت القاهرة بعجزها عن إيقاف مشروع سد النهضة الإثيوبي، في مراحله الأولى (بعد اكتمال مرحلة مسح السد وتصميمه في 2010).

الأكاديمي السوداني، «حاج حمد محمد خير»، يرى في حديثه لـ«الأناضول»، أن مصر وإريتريا ودولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان، عام 2011، عبر استفتاء شعبي، لا تملك رؤية وأهداف استراتيجة طويلة المدى تسعى إلى تحقيقها على المستوي الإقليمي ومنظماته (جامعة الدول العربية، الاتحاد الأفريقي)، لذلك يصعب وصف علاقاتها الثنائية بأنها محور.

وأضاف أن «التقاطعات الإقليمية والدولية الباحثة عن مصالحها في المنطقة هي التي تحرك هذه الدول الأفريقية نحو الخلاف، في ظل غياب الوعي والدافع الوطني للنخب الحاكمة في كل من السودان ومصر وإثيوبيا وإريتريا».

تطورات متسارعة

وأعلن السودان، في مايو/آيار الماضي، أنه ضبط أسلحة مصرية مع متمردين في إقليم دارفور (غرب)، متهما جارته مصر بدعم المتمردين، وهو ما نفته القاهرة مراراً.

ومع تسارع الأحداث، منذ أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، تصاعد الحديث في وسائل الإعلام السودانية والإثيوبية عن مصر وإريتريا كحليفين مناهضين لكل من الخرطوم وأديس أبابا.

ولمثل هذا التحالف ما يبرره، بحسب وسائل إعلام، فمصر أخفقت في التفاهم مع إثيوبيا بشأن السد، ولديها خلاف مع السودان بشأن مثلث «حلايب وشلاتين وأبورماد» الحدودي.

كما أن بين أسمرة وأديس أبابا عداء منذ استقلال إريتريا عن إثيوبيا، عام 1991، فضلا عن الاتهامات المتبادلة بين إريتريا والسودان بدعم المتمردين في البلد الآخر.

واستقبل الرئيس المصري، «عبد الفتاح السيسي»، نظيره الإرتيري، «أسياس أفورقي»، الثلاثاء قبل الماضي، فيما نشرت الخرطوم تعزيزات عسكرية على حدودها الشرقية مع إريتريا، وأغلقت المعابر الحدودية معها، السبت الماضي.

على الجانب الآخر، زار رئيس الأركان السوداني، «عماد الدين مصطفى عدوي»، أديس أبابا، الإثنين الماضي، حاملاً رسالة من «البشير» إلى رئيس وزراء إثيوبيا، «هيلي ماريام ديسالين».

والتقى «عدوي» أيضا مفوض السلم والأمن لدى الاتحاد الأفريقي، «إسماعيل شرقي»، في خطوة قال مراقبون إنها تستهدف إطلاع إثيوبيا والاتحاد الأفريقي على التطورات مع مصر وإريتريا.

وساهم التقارب المصري- الإريتري، لاسيما في ظل تعثر مفاوضات سد النهضة، في ازدياد مخاوف إثيوبيا من احتمال استهداف السد، الذي تعتبره مشروعها القومي.

بالمقابل، ومنذ فترة، تعززت العلاقات بين أديس أبابا والخرطوم، وأصبح التنسيق بينهما على مستوى عال، لاسيما مع توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية، حتى إن السودان بات يعتبر أمن إثيوبيا «خطا أحمر».

وأمس الثلاثاء، أعلنت السودان وإثيوبيا عن نشر قوة مشتركة لتأمين الحدود بينهما، بالإضافة إلى حماية سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا بالقرب من الحدود السودانية.

ظاهرة وقتية

حسب الكاتب والمحلل السياسي، «أنور سليمان»، فإن «ظهور المحورين المصري- الإريتري، والسوداني- الإثيوبي لا يعدو كونه أكثر من ظاهرة وقتية قد لا تمتد إلى فترة أطول من الزمن، ويعبر عن قوى إقليمية أخرى».

واستفحال الخلافات حول قضايا بعينها ليس كافياً، لدى مراقبين، لصنع محورين (مصر وإريتريا مقابل إثيوبيا والسودان)، باعتبار أن هذه المنطقة تحظي بتركيز دولي عليها، باعتبارها تمس أمن البحر الأحمر، الذي يعد محركا اقتصاديا ترتكز عليه حركة التجارة العالمية.

مقابل تشكيكه في إمكانية استمرار التحالف المصري الإريتري، اعتبر الأكاديمي السوداني، «حاج حمد محمد خير» أن «تحالف السودان وإثيوبيا هو تحالف قوي يمكن أن يمتد أكثر».

وتابع: «على طول الحدود المشتركة بين البلدين يوجد متمردون على الجانبين، وتحرص الحكومتان على العلاقة المشتركة لحماية حدودهما».

وشدد على أن «سد النهضة الإثيوبي ليس أساساً للتحالف بين الخرطوم وأديس أبابا، بل الأساس هو التعاون الأمني وتأمين الحدود».

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، «هيلي مريام ديسالين»، زار الخرطوم، أغسطس/آب الماضي، وبحث  مع «البشير»، تشكيل قوة مشتركة لتأمين السد وحدود البلدين بشكل عام.

لكن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» حاول تهدئة المخاوف السودانية الإثيوبية، قائلا أمس الأول، إن بلاده لن تشن حربا ضد أشقائها في السودان أو إثيوبيا، مناشدا وسائل الإعلام بعدم الإساءة لأي من جيران مصر.

كما نفى الرئيس الإريتري «أسياس أفورقي»، وجود أي قوات مصرية في قاعدة «ساوا» في إقليم «القاش بركا» الإريتري المحاذي لولاية كسلا على الحدود السودانية الشرقية، متهما أطرافا في السودان وإثيوبيا بمحاولة خلق صدام بين الخرطوم وأسمرة.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

مصر السودان إثيوبيا إريتريا سد النهضة مياه النيل