تقرير: معاداة المداخلة لـ«الإخوان» وبعدهم عن السياسة سر توسعهم بليبيا

الخميس 18 يناير 2018 05:01 ص

قال «تيلور لاك» مراسل «كريستيان ساينس مونيتور» في تقرير له إن الخبراء حذروا من المداخلة وتأثيرهم على المجتمع الليبي، لافتا إلى أن تنظيم «الدولة الإسلامية» ظل في مركز الاهتمام الإعلامي في حين تقوم (المداخلة) ببناء حضور لها وتوسيعه بهدوء في كل أنحاء ليبيا.

وفي التقرير تطرق «لاك» لتعريف الجماعة وسياستها وتأثيرها على المجتمع الليبي، فـ«المداخلة» بحسب «لاك»، هم جماعة سلفية سعودية متشددة استفادت من مرحلة ما بعد الثورة في ليبيا التي انتشرت فيها الفوضى ويقومون بفرض تفسيرهم الإسلامي المتشدد على المجتمع بالإكراه.

ويتبع المداخلة أفكار وتعاليم الشيخ السعودي، «ربيع بن هادي المدخلي» البالغ من العمر 84 عاما والمقيم حاليا بالمدينة المنورة.

وتم إنشاء الحركة التي تبتعد عن السياسة كرد فعل على نجاح حركة «الإخوان المسلمون» التي حظيت بشعبية في مصر والسعودية ودول الخليج في العقد الأخير من القرن الماضي.

وعملت حكومات عربية على استخدام الحركات السلفية التي تدعو لطاعة ولي الأمر كأداة لمواجهة الجماعات الإسلامية المعارضة.

وكان الدعم المطلق الذي يقدمه المداخلة للديكتاتوريين وابتعادهم عن السياسة وعداؤهم الشديد لحركة «الإخوان المسلمون» سببا في تسامح نظام «معمر القذافي» معهم عندما ظهروا في ليبيا بداية القرن الحالي.

ولهذا السبب كان المداخلة آخر الجماعات التي تخلت عنه رغم ما ارتكبه من عنف ومظالم ضد المواطنين الليبيين، وظلوا مع ذلك يدعو لاتباع ولي الأمر وطاعته حتى نهاية الثورة.

طاعة ولي الأمر

ويشير «لاك» إلى العنصر المهم في أيديولوجية الجماعة السلفية هذه وهي الطاعة للحاكم، فعلى خلاف حركات سلفية أخرى وجماعة «الإخوان المسلمون» التي تطالب بأسلمة نظام الحكم أو تطبيق الشريعة يطالب المداخلة بالطاعة للحكام حتى لو كانوا من العلمانيين.

 ويعتبر المدخلي الذي صاغ أفكار المجموعة أن سلطة الحكام على رعاياهم «دينية» وإن كانوا علمانيين، ولو لم تكن لديهم سلطة لما أوصلهم الله إلى الحكم في المقام الأول، ويستخدمون النصوص الدينية لانتقاد معارضيهم أو وصمهم بالهرطقة والكفر.

الابتعاد عن السياسة

ولفت «لاك» إلى أن المبدأ الثاني للمداخلة هو الابتعاد عن السياسة ومعارضتهم الشرسة للديمقراطية، حيث يقولون إن السياسة تخلق الانقسام بين المسلمين وتحث على الولاء للأحزاب لا الله، بشكل يفتح الباب أمام الجماعات غير الإسلامية للزحف نحو المجتمع.

ويؤمن المداخلة أن للمرأة دورا محدودا خارج البيت وتحتاج دائما إلى محرم من أجل السفر، وينظرون للموسيقى والتليفزيون والأدبيات غير الإسلامية باعتبارها وسائل تقود للإثم، أما الاختلاط مع غير المسلمين فهو تهديد للمجتمع ويقود للضلال.

قوة عسكرية وشرطة أخلاق

وبحسب «لاك»، ابتعد المداخلة عن صناديق الاقتراع والسياسة في مرحلة ما بعد الثورة، وقاموا بهدوء بإنشاء قوة عسكرية وشرطة أخلاق وتحالفوا مع القوى اللاعبة على الأرض بحيث أصبحوا من اللاعبين المهمين على الساحة الليبية.

ففي الغرب شكل المداخلة قوة شرطة لحراسة شوارع طرابلس وملاحقة الجريمة والممارسات غير الإسلامية وإحباط أية خلايا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.

وأصبحت القوة التابعة لهم ناجحة بدرجة باتت الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة تعتمد عليها كقوة أمن رئيسية لوزارة الداخلية في العاصمة.

أما في وسط ليبيا فقد شكل المداخلة قوة مسلحة من آلاف المقاتلين لعبت دورا مهما في طرد تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة سرت والمعاقل الأخرى على الساحل، ولا تزال القوى التابعة لهم في القرى والبلدات تحرس الشوارع بعد خروج الجهاديين منها.

وأهم نجاح للمداخلة هو في شرق ليبيا حيث قام فرع من الحركة بالتحالف مع «خليفة حفتر» الذي تدعمه مصر وروسيا، ومنح هذا الجماعة الحرية التامة للسيطرة على المساجد والوقفيات والمؤسسات الدينية مقابل مساعدته عسكريا والدعوة للبيعة له من خلال المنابر.

نزع الشرعية عن المنافسين

وبحسب «لاك» يتبع المداخلة في كل ليبيا نفس الاستراتيجية والتي تقوم على إسكات ومهاجمة ونزع الشرعية عن المنافسين لهم، بمن فيهم الليبراليون والديمقراطيون وجماعة «الإخوان المسلمون»، ومنافسيهم من السلفيين والجماعات الجهادية الأخرى.

وقد نجحوا في تعزيز أي لاعب يتحالفون معه ووضعوا منافسيهم في موقع الدفاع عن النفس، ويرى المراقبون أن المداخلة استطاعوا جذب المجتمعات التي يعملون فيها من خلال الخدمات التي يقدمونها لهم في غياب الدعم من الحكومة المركزية.

ونقل «لاك» في تقريره عن «فردريك ويهري» من وقفية كارنيغي قوله إن المداخلة يدفعون بخطاب يقول: «نحن سلفيون، لسنا فاسدين ونقوم بملاحقة المخدرات وتنظيف المجتمع من الخمور ونقدم الأمن»، وهذا خطاب جذاب للمجتمعات المحلية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قام المداخلة بوقف معرض للكتب الكرتونية في طرابلس واتهموا الجهة القائمة على تنظيمه بأنها استغلت ضعف الدين والانجذاب للثقافة الأجنبية.

وقبل ذلك اعتقلت الشرطة التابعة لهم ثلاثة في مدينة بنغازي كانوا يحضرون ليوم الأرض حيث اتهموا بتشجيع الأفكار «الماسونية».

وأصدر حاكم عسكري أمرا بمنع المرأة من السفر دون محرم إلى شرق ليبيا بناء على فتوى من المداخلة، رغم إلغاء الأمر بسبب المعارضة الشعبية.

وقام أتباع الحركة بحرق الكتب ويديرون عددا من الإذاعات في مختلف أنحاء ليبيا، وسمح للمداخلة بدخول السجون والإشراف عليها في شرقي وغربي ليبيا.

ويقول «لاك» إن الأثر الدائم للمداخلة على ليبيا سيكون إسكات الأصوات المعارضة، واستهداف الناشطين في مؤسسات المجتمع المدني الذي اضطر العديد منهم للهرب، وتعرض آخرون للقتل حسب «هيومن رايتس ووتش».

المصدر | الخليج الجديد+ القدس العربي

  كلمات مفتاحية

ليبيا المداخلة الإخوان المسلمين