«بدون قيد».. دراما سورية تتجاوز الشاشة الصغيرة إلى اليوتيوب

الجمعة 19 يناير 2018 02:01 ص

تدور أعمال الدراما التليفزيونية، في العالم كلّه، ضمن حلقة مغلقة يمكننا أن نشبهها بالسلسلة الغذائيّة المكونة من عناصر عدة.

ويقدم الكاتب مقترحا نصياً لشركة الإنتاج، قد يقابل بالرفض على الرغم من جودة الفكرة ومتانة السيناريو. فالمُنتج لا يرغب بصناعةِ عمل لا يجد لنفسه متسعا في سوق العرض، والحديث هنا عن المحطات الفضائية التي ترتهن بدورها للمعلن.

المنتج يدفع لتسويق منتجه في فترات عرضِ مسلسلاتٍ يُفضّل أن تكون جماهيرية، وإن كان على حساب القيمة والمضمون.

ولأن الجماهيرية في بلدان العالم الثالث مرتبطة، نظريا، بالموضوعات الغرائزية، تجد المعلنين يفضلون أعمالا من صنفِ «باب الحارة» و«صرخة روح» و«صبايا» وغيرها. هكذا، يجد أصحاب المشاريع الّتي سنصفها، اصطلاحاً، بـ«الهادفة» صعوباتٍ تحول دونَ الاتفاق مع جهة منتجة تحتضن عملا لا يكترث بصناعة «ضجة» تجذب المعلن الّذي يشكل «ربَ بيت الفضائيات».

دراما مجانية

«بدون قيد» دراما مجانية لم تُربط بالمنصّات الافتراضية الساعية للرّبح، رفعت حلقاته كاملة على يوتيوب بتاريخ 19 ديسمبر/كانون الأول 2017، وحققت بعضُ حلقاته نسب مشاهدة مرتفعة للغاية، إذ تجاوزت حلقة الافتتاح عتبة خمسة ملايين مشاهدة.

نجح المخرج «أمين درّة» في ضبط إيقاع عمله بما يتناسب مع حلقة مدّتها تنتوع بين ثلاث وخمس دقائق. الانتقال السّريع بين الأحداث لم يعمِ عين مخرج مسلسل «غدي» عن ضرورة تمكين المبررات الدرامية الواقفة خلف سلوك هذه الشخصية أو تلك.

ممثلو «درّة» تفاوتوا في أداءاتهم بين الجيد والمقبول، لكنّهم تمكنوا، في الخلاصة، من تقديم اللازم والكافي لمشروعٍ من هذا الصنف.

الحاجة لمنصات مثل «نتفلكس»

ضمن هذا السّياق، نستطيع أن نفهم حاجة عالمنا العربي، والمنطقة عموماً، إلى «آيفليكس» و«نتفليكس» وغيرها من المنصّات التي تعني، في واحد من معانيها، أن يختار الجمهور «صنف الدراما» الذي يرغب بمشاهدتها دون أن تفرض عليه الفضائيّات مسلسلاتٍ تُوضع على خارطة شهر الصّوم بإيعاز من المعلنين. وتعني، أيضاً، أنّ السّوق أصبحت حرّة تماماً، ومتاحةً أمام كلّ صنوف التجريب والتفلّت من السّائد والمألوف.

الـ«نت سيريز»، أو «الدراما عبر الإنترنت» تجربة تأخرت ولادتها في سوريا. الرجوع إلى بدايات الحرب، وإلى عام 2012، على وجه الدّقة، سوف يحيلنا إلى تجربة «فلاش سوري كتير» (نص علي وجيه/ إخراج وسيم السّيد) والّتي شكّلت المحاولة البكر للخروج بالدّراما من الشّاشات إلى الهواتف المحمولة عبر منصّة يوتيوب. تالياً، قدّم الشاب «مجيد الخطيب» تجربة موازية في «طربيزة الحوار».

محاولتان نجحتا، ربّما، في لفت النّظر إلى صنف مُحدث من صناعة المسلسلات.

مؤخرا، أبدى عدد من مستخدمي الشبكات الاجتماعية، في سوريا ولبنان على وجه الخصوص، إعجابهم بمسلسل «بدون قيد». عنوانٌ يشبه ظرف ولادة العمل أكثر من كونه ملائماً لدراما.

نجح العمل في تحقيق نسبة مشاهدات مرتفعة على يوتيوب من خلال حكاية متوازنة لا تصطفّ مع أيّ من طرفي الصراع في سوريا، إذ شاهدنا أمثلة عن عيوبِ المُشتبكين كلّهم، وتعاطفنا مع بعضِ عسكريي الجيش وبعض من اضطّروا إلى التطرّف في اصطفافهم مع المعارضة السورية.

قصة «بدون قيد»

دراميّاً، نحن أمام 3 حكاياتٍ و3 أبطال. «وفيق» (رافي وهبي)، ضابط الأمن الّذي يرفضُ أن يمتثل لإملاءاتِ واحد من سلطويي البلد، فيُعاقب برصاصةٍ في رأس ابنه الوحيد «وسام» (يزيد السّيد) الأمر الّذي يدفع والدة الأخير (ندين تحسين بك) للانتحار.

هكذا، يضطر العقيد إلى الهربِ من حزام العاصمة، ليلتقيَ في معبر حدودية مع «كريم» (ينال منصور) المُدرِّس الشاب الّذي اقتيدَ إلى فرع الأمن إيّاه وجرى التحقيق معه من قبلِ ضابطٍ يمثّل الوجه الأسود للمخابرات السورية (علاء الزعبي) قبل أن يُصار إلى إطلاق سراحه وإرغامه على العمل مخبراً ضمن محافظة درعا. «ريم» (عبير الحريري) بطلة الحكاية الثالثة، يجري التضييق عليها من قبل مجتمعٍ ذكوريّ متحالفٍ مع فساد مالي، فتغادر البلاد رفقة ابنتها الوحيدة لتلتقي مع البطلين سابقيّ الذكر في الكازيّة إيّاها.

الحكايات الثلاث كلاسيكية ولا جديد فيها، لكنّ فرادة المسلسل تكمنُ في أسلوب العرض الّذي يتيح للمتفرّج أن يتنقل بين خيوط العمل وصولا إلى الحبكة وتلاقي المصائر في الحلقة الأخيرة، حيث اتّكأ «ربيع سويدان» و«مروان حرب»، صاحبا فكرة العمل، بالتعاون مع «باسم برّيش الّذي كتب السيناريو بالإفادة من قصة لـ«رافي وهبي»، على المتوازيات التي تتقاطع في لحظات عدة.

هذه اللاكلاسيكية في فن القص ملعوبة في سينمات ومسلسلات أجنبية ذائعة الصيت، نستذكر في هذا الخصوص (لوست، بابل، سلسلة الحمقى) وغيرها من الدرامات القائمة على استكمال الحكايات من وجهات نظر مختلفة تعود كلٌّ منها لأحد الممثلين.

  كلمات مفتاحية

مسلسل سوريا منصة إنترنت فضائيات دراما متعددة كلاسيكية