«بلومبيرغ»: السعودية تغلق «أفخم» سجن في العالم

الجمعة 19 يناير 2018 11:01 ص

من المقرر أن يستأنف فندق «ريتز كارلتون» الرياض الحياة كفندق 5 نجوم في الشهر المقبل، ولكن حملة التطهير التي حولت الفندق إلى السجن الأكثر فخامة في العالم لا تزال تحمل قدرا من المخاطر على الزعيم السعودي الشاب.

وكان ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» -البالغ من العمر 32 عاما-  قد احتجز عددا من أقاربه وعشرات آخرين عبر حملة لمكافحة الفساد في هذه المنشأة، التي تضم 492 غرفة، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ولا يزال البعض منهم موجودا، في حين خرج البعض الآخر أو وضعوا تحت الإقامة الجبرية أو منعوا من السفر. ويتيح موقع الفندق على الإنترنت -حاليا- الحجز اعتبارا من 14 فبراير/شباط المقبل، الأمر الذي يشير إلى إنهاء أحد فصول الحملة التي كانت تهدف إلى استرداد ما يصل إلى 100 مليار دولار من المال المزعوم أنه قد فقد نتيجة الفساد والكسب غير المشروع.

وتعتبر عمليات الاعتقال جزءا من حملة «بن سلمان» الرامية إلى تحويل المجتمع السعودي والاقتصاد وتعزيز سلطته. وفي الوقت نفسه، توترت العلاقات داخل العائلة المالكة، التي كانت ركيزة الاستقرار السعودي لعقود طويلة، بعدما أثيرت التساؤلات حول نوايا «وريث العرش» الاستبدادية المتزايدة، وسط احتمال مواجهة بعض الأعداء الأقوياء الجدد.

وقال «ثيودور كاراسيك» كبير مستشاري شؤون دول الخليج في واشنطن إن «الأمير محمد يخشى أن يحاول المعتقلون السابقون الاندماج في مجموعات صغيرة لتقويض قيادته وعرقلة المزيد من الإصلاحات». وأضاف أنه «سيخلق عداوة مع بعض أفراد العائلة المالكة رغم تعهداتهم له بالولاء».

وفي آخر عدد تم الكشف عنه علنا -​​في أوائل ديسمبر/كانون الأول كان هناك 159 محتجزا في «الريتز»، ولكن تم الإفراج عن بعضهم منذ ذلك الحين. وقالت السلطات السعودية إنها تفاوض المعتقلين على تسويات مالية مقابل حريتهم، وصورت الحملة كإجراء لازم للقضاء على الممارسات التجارية الفاسدة. ولم يتم الإعلان عن أي اتهامات.

وكان الأمير «الوليد بن طلال» -الذي بلغت قيمة ثروته الصافية نحو 18 مليار دولار- الوجه العام للمملكة العربية السعودية أمام العديد من المستثمرين الأجانب، أبرز السجناء وأكثرهم رفعة.

وقد كان يتفاوض على الإفراج عنه، على الرغم من أن المطالب قد تجبره على التخلي عن السيطرة على المملكة القابضة، شركته التي يملكها والتي تمتلك حصصا في شركات عملاقة مثل سيتي جروب وشركة تويتر.

وقد استسلم آخرون وعادوا إلى «كنف» الأمير. وقيل إن الأمير «متعب بن عبدالله» -الرئيس السابق للحرس الوطني وابن الملك الراحل «عبد الله»- قد دفع مبلغ مليار دولار لإطلاق سراحه. وتم تصويره مؤخرا في سباق للخيل مع الأمير «بن سلمان».

وقال «جيمس دورسي» المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة: «في هذه المرحلة، ليس من الواضح ما الذي يعنيه الفساد، والعقوبات المفروضة على الفساد، وما هي الأدلة، وماذا يشكل دليلا عليه». وأضاف: «ما نراه هو اعتقالات مفاجئة ليلا لأسباب غير معروفة، حيث يزداد الضغط على المعتقل للخضوع إلى شروط مالية وتقييدية تملى عليه».

ويخوض ولي العهد -الذي يقود لجنة مكافحة الفساد- قمع أي معارضة لخططه الرامية إلى إعادة تشكيل البلاد وتخفيف سلطة المحافظين السعوديين المتشددين، الذي ارتكزت عليهم المملكة منذ عقود. وقبل أن تعلن الحكومة نيتها رفع الحظر المفروض على السائقات من السيدات العام الماضي، اعتقلت أجهزة الأمن رجال دين مستقلين وشخصيات حرجة أخرى.

وقال «جيم كرين» وهو أكاديمي متخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس: «أيا كان ما يفكر فيه المرء في أسباب حملة التطهير التي طالت الأمراء والنخب، فإن هناك مبررا منطقيا لهذه الأعمال. فأسرة «آل سعود» كبيرة جدا ومتجذرة بعمق في مؤسسات الدولة، بحيث تبدو السعودية كدولة حزب واحد أكثر من كونها ملكية تقليدية».

غير أن حملة مكافحة الفساد لم تحل مشاكل المملكة، وتثير شبح عدم الاستقرار في أكبر مصدر للنفط في العالم. وقد انتقد بعض المواطنين السعوديين -الذين يتحملون وطأة ارتفاع تكاليف المرافق العامة وضريبة المستهلك الجديدة التي أدخلت هذا العام- نخبة المملكة على السماح لهم بالعمل دون عقاب.

ويراهن «بن سلمان» على الدعم الشعبي لجهوده الرامية إلى تقليص دور الأسرة المالكة السعودية. وقالت السلطات السعودية إنه لا أحد فوق القانون.

وقد نشرت الحملة الخوف بين سكان الرياض. وفي الأسابيع الأولى من الحملة، أعرب السعوديون في الجلسات الخاصة عن قلقهم من أن يكونوا مهددين. فقد كانوا يعرفون أصدقاء محتجزين في الفندق وأشخاص آخرين تم استدعاؤهم للاستجواب.

وحول «الريتز»، مع أشجار الزيتون التي يبلغ عمرها 600 عام في الفناء على الطراز المغربي، ومنتجع صحي وحدائق مزخرفة، انتشرت شائعات لا أساس لها. وشملت تلك الشائعات تعرض بعض المعتقلين للتعذيب، وإبقاء أبواب غرف الفندق مفتوحة لمنع محاولات الانتحار، مع معاملة آخرين باحترام مع قدرتهم على الحصول على خدمة الغرف.

وعندما يبدأ وصول الضيوف مرة أخرى الشهر المقبل، سوف يكونون قادرين -على الأقل- على تقرير متى يغادرون. ويمكن إجراء الحجوزات بدءا من 2489 ريالا (664 دولارا) في الليلة، وفقا لموقع الفندق.

وقال «دورسي»: «كان من الأفضل لبن سلمان أن يقوم بعملية عقابية هيكلية بدلا من عملية تعسفية تخلق نظاما من التخويف. وفي هذه الحالة، من الصعب أن نتصور أن العديد من الأعداء الذين خلقهم بن سلمان لا يستعدون الآن لتحيز الفرصة وانتظار الوقت المناسب للرد».

المصدر | بلومبيرغ

  كلمات مفتاحية

ريتز كارلتون حملة مكافحة الفساد محمد بن سلمان الوليد بن طلال