فيلم «ذا بوست»: «سبيلبيرغ» يذكر «ترامب» بنهاية «نيكسون»

الثلاثاء 23 يناير 2018 08:01 ص

بدأ عرض «فيلم ذا بوست The Post» قبل قرابة شهر فحسب في الولايات المتحدة، عن قصة حياة ناشرة جريدة «ذا واشنطن بوست»، «كاثرين غرهام»، وقام بكتابة السيناريو والحوار عن الكتاب «غوش سينغر»، و«إليزابيث هانا».

والفيلم يشير اسمه إلى حروف من الجريدة الأمريكية المذكورة ويهدف لتذكير الرئيس الأمريكي الحالي «دونالد ترامب» إلى ما يجره التضييق على الصحافة من مصائب قادت نظيره الراحل «ريتشارد نيكسون» لفضيحة «ووترغيت» الشهيرة.

«سبيلبيرغ» يصالح المشاهد

برع «سبيلبيرغ» في تقديم أفلام غير بسيطة التكوين أو مُعقدة القراءة، ومثل هذا النوع من المخرجين لما يحب أن يعود عن الخط الذي التزم به لسنوات من حياته، غالبًا لا يستطيع الإمساك الجيد بخيوط السينما العادية أو المباشرة البسيطة؛ فيأتي فيلمه الذي أراده مباشرًا.. بين المباشرة والتعقيد مسخًا «بين.. بين».

عمومًا جاء فيلم اليوم بسيطًا إلى درجة الإغراق في المباشرة والفجاجة؛ فالمخرج ينتصر للشجاعة في اتخاذ الآراء، وأهمية الصبر والتضحية من أجلها، وهي ذات المعاني التي جادل بقوة في جدواها الحياتية من مثل فيلمه الأشهر «استلهام»، و«ذئب وول استريت»، على سبيلي المثال.

وعلى الطريقة المسرحية التي تعمد إلى إبراز انفعالات الممثلين والصراخ بالمعاني، وما وراء الكلمات، تبدأ المشاهد الأولى للفيلم، ووفق منظومة تسمى عربيًا بـ«الهلة»، او تأخير ظهور وإطلال وخروج، وبالتالي «هلة» الأبطال الرئيسية للفيلم، بافتعال أو الغوص وراء حدث درامي أقل تعقيدًا، ومن المحتمل أن يكون مهمًا دراميًا لكنه ليس الأساس في العقدة.

يبدأ الفيلم في عام 1966، بتنبه أحد الباحثين «دانييل إلزبرغ» (ماثيو ريس) بمركز أبحاث مقرب من السلطة، أن وزير الدفاع «روبرت ماكنامارا» (بروس غرينوود) مقتنع تمامًا بعبثية الحرب على فيتنام، لكنه يدعي البطولة أمام عدسات الصحفيين وأقلامهم، ومع تكرار الأمر يُهرب «ريس» الوثائق السرية الدلة على تورط أمريكا في فيتنام.

لكن تأثير الوثاثق المهربة يتأخر حتى عام 1971، وليظهر على شاشة الفيلم «توم هانكس» في واحد من أفشل أدوراه (يذكرنا بدوره في فيلم مجسم من أجل الملك)؛ فهو مدير تحرير جريدة «الواشنطن بوست» الحريص على وضع بطن حذائه في وجه الجميع، وهو يتحرك كالطاووس من مكان لآخر مكتفيًا بالمحاضرات عن الساسة الخونة؛ وكأنهم غطاء للصحفيين المغرورين.

وبناء على وضع الجريدة المتردي، يعمد «بن برادلي» إلى نشر المستندات المسربة، رغم سابق علمه بغلق جريدة «النيويورك تايمز» لنشرها من قبل.

وفي مقابل «هانكس» (بن برادلي) المنتشي المغرور، جاء دور «ميريل أستريب» (كاثرين غرهام) ناشرة نفس الجريدة المتأنقة الحذرة، التي كانت مجرد صحفية صغيرة، فيما تناوب أبوها وزوجها على ملكيتها حتى انتحار الأخير.

ورغم تنبؤ الجميع لها بالفشل إلا أنها نجحت في منصبها، بل وإدارة أزمة الوثائق المُسربة التي تمس الأمن القومي والخاصة بفيتنام، وجاء دورها كمالك للجريدة في إطار من الحزم والذكاء والجاذبية الشخصية (الكاريزما) جيد بشكل عام بخاصة أنها أول بطولة لها مع «سبيلبيرغ».

امتلأ الفيلم بعشرات الشخصيات المساعدة ذات الإطلالة القليلة على الشاشة في ظل مفهوم نجوم المسرح الرئيسيين «هانكس/استريب» ممن لا يتسع المكان والسياق لذكر بعضهم؛ فالأمر يخص عشرات الشخصيات.

المزيد من الحرية

قاد التسريب المذكور لتغيير أمريكي واسع يسمح بالصحافة بالنشر بمزيد من الحرية، وأيضًا قاد نفس الجريدة لفضيحة «ووترغيت»، وبالتالي إقالة «نيكسون» الذي كان توعد في نهاية الفيلم بعدم دخول صحفي من الجريدة للبيت الأبيض، وانتهى الأمر بخروجه مثلما تلمح نهاية الفيلم.

قال صحفيو جريدة «الواشنطن بوست» إن الفيلم جاء مثاليًا، ربما في إشارة إلى عالم «سبيلبرغ» المليء بالأفكار وإرجاع كل جزئية من الأحداث للعقل، وإيجاد مبرر موضوعي سينمائي لها؛ لذلك أجهد نفسه في نصف الفيلم الثاني في البحث حول كيفية وصول المستندات للجريدة، وموقف إدارتها الخائف والمهزوز والمتهور منها، تاركًا خيطًا مهمًا مثل صداقة «بن برادلي» للراحل «جون كنيدي» وخفايا تلك العلاقة.

جاءت موسيقى الفيلم التصويرية لـ«جون ويليامز» جيدة في نصفه الأول، ومليئة بالانفعالات والتوتر بشكل قارب الإزعاج في نصف الفيلم الثاني.

تم ترشيح الفيلم لـ6 جوائز «غولدن غولب»، ويتم النظر إليه عى أنه منافس قوي على الأوسكار المقبل.

فيلم «ذا بوست» نموذج صارخ للسياق الخاص بطرح بعض الأفلام  والاعتماد على تزويدها بممثليين وفريق عمل مشهور للمدارة على مستواها المتوسط أو الأقل قليلًا!

  كلمات مفتاحية

فيلم أمريكي ذا بوست The Post سبيلبيرغ هانكس استريب ترامب نيكسون حرية الصحافة ووترغيت