في الذكرى السابعة للثورة المصرية.. شباب يتذكرون أحلامهم الضائعة

الخميس 25 يناير 2018 12:01 م

روى العديد من الناشطين والمشاركين بثورة 25 يناير/كانون الثاني بمصر، ذكرياتهم مع الثورة المصرية في ذكراها السابعة.

وقال «محمد العريان»، صحفي، إنه كان مترجلا مع رفيقه في أحد الشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير، وسط القاهرة، صبيحة يوم الجمعة 28 يناير/كانون الثاني 2011، بخطوة سريعة وحذرة لم يبطئ منها سوى بدافع الفضول لمعرفة ماهية تجمع عدد من الأفراد حول شخص يبدو من هيئته أنه قائدهم.

وأضاف أنه سمع ضابطا يكلف أفراد الشرطة بالانتشار في أماكن غطت جميع الميادين الرئيسية في القاهرة، ما يعني انتشار المظاهرات على نطاق واسع وهو ما أنار بداخلي «شعاع الأمل الأول لنجاح الثورة»، التي عانت خلال أيامها الثلاث الأولى من قمع وبطش ومواجهات عاتية بين المتظاهرين والشرطة.

وتمر دقائق قليلة على هذا المشهد، وفق «العريان»، ليفاجأ بانقطاع الاتصالات تماما، في تلك الجمعة، وعدم إمكانية التواصل مع باقي الرفاق، الذين اعتادوا التحايل على القيود التي فرضتها الأجهزة الأمنية، للمشاركة في المظاهرات، والوصول إلى ميدان التحرير، الذي اعتبروه قبلة الثورة ورمزها الأول.

وفي يوم 28 يناير/كانون الثاني 2011، الذي سمي بـ«جمعة الغضب»، قطعت السلطات خدمات الاتصالات الجوالة والإنترنت حتى الساعة الحادية عشرة قبل منتصف الليل، لتعود خدمة الاتصالات الجوالة، بينما ظلت خدمات الإنترنت مقطوعة حتى يوم 2 فبراير/شباط 2011.

انسحاب الشرطة

ووفق «العريان»، الذي شارك في الثورة المصرية منذ يومها الأول، فإنه في فجر يوم 29 يناير/كانون الثاني انسحبت الشرطة من المشهد تماما، ونزل بدلا منها الجيش بالمدرعات العسكرية، التي قيل آنذاك إنها تهدف إلى حماية المنشآت الحيوية، وليس قمع المظاهرات.

وأضاف أن مشاهد تدوين الأطفال على الهيكل المعدني للمدرعات والدبابات عبارات تطالب بإسقاط النظام كانت ولا تزال أكثر المشاهد المبهجة في الثورة المصرية.

وتابع: «أربعة أيام أخرى تمر على الثورة تتحول فيها المشاركة في مظاهرات واعتصام الميادين أشبه بالتنزه للمصريين في الساحات والميادين، وسط هدوء نسبي في الشوارع، ورغبة واضحة من السلطة في تقديم تنازلات لاسترضاء جماهير الثورة، الذين ازدادت أعدادهم أضعافا عقب مواجهات جمعة الغضب».

وشدد «العريان» على أن «ظهيرة يوم 2 فبراير، والملقب بـ(موقعة الجمل)، استعادت بقوة ذكرى أيام الدماء الأولى بعد هدنة استمرت نحو أربعة أيام، من يوم 29 يناير(كانون الثاني) إلى 1 فبراير (شباط) لكنها كانت معركة فاصلة في إزاحة النظام السياسي، الذي فقد التعاطف معه نهائيا، بعد سقوط ضحايا جدد في ذلك اليوم».

وفي ذلك اليوم هجم مؤيدون لنظام «مبارك»، كان بعضهم يركب جمالا، على المعتصمين في ميدان التحرير، على أمل تفريقهم، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك رغم وقوع اشتباكات دموية.

وبحكم عمله الصحفي تلقى «العريان» نبأ تنحي «مبارك» يوم 11 فبراير/شباط داخل مكتبه في إحدى الدوريات المطبوعة، ذائعة الانتشار آنذاك، مفتخرا بصياغته مانشيت (العنوان الرئيسي) للتنحي موقعا عليه اسمه هو وأربعة زملاء آخرين.

ويقول «العريان»، «حبست أنفاسي حتى أستكمل صياغة خبر التنحي واطمئن على ماكيت الجريدة، التي زفت الخبر بمانشيت (الشعب أسقط النظام)، وخرجت مسرعا مع زملائي نحتفل في ميدان التحرير، ونردد الهتاف الأشهر وقتها: (ارفع رأسك فوق أنت مصري)، والذي كنا جميعا نشعر بكل كلماته لا نردده فقط».

وبلغ عدد ضحايا الثورة المصرية نحو ٨٤٦ شهيدا، وفق إحصاء رسمي، لكن تقارير حقوقية محلية أفادت بسقوط حوالي ألف شهيد في جميع أنحاء مصر.

واستحوذت الأيام الأربعة الأولى من الثورة على النصيب الأكبر من الشهداء، نظرا لشدة البطش الأمني، قبل أن يتم اقتحام مراكز الشرطة، وإضرام النيران بالعديد منها، في الساعات الأخيرة من يوم 28 يناير/كانون الثاني 2011.

دموع الفرح

بين دموع الفرح وقرارها الابتعاد عن السياسية، تقول «هند مجدي»، مدربة أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، إن سعادتها برؤية مئات الآلاف من المصريين في ميادين مصر، يطالبون بإسقاط النظام السياسي وتطبيق الحرية والديمقراطية، جعلها تذرف الدموع.

وعادت «هند» (28 عاما) واعتزلت السياسية بعد أحداث 30 يونيو/حزيران 2013، قائلة: «أشياء كثيرة تحطمت بداخلي، أهمها الأمل والحلم، فقررت عدم المشاركة في أية فعاليات سياسية حتى يظهر أمل يجدد الدماء في عروقنا».

وتابعت: «المكاسب التي تحققت بعد الـ18 يوما للثورة المصرية كانت هائلة (...) الآن لا ميادين ولا نقابات ولا حريات ولا مظاهرات ولا أمل في التغيير».

وبنبرة آسى وحزن شديدين تختم الشابة المصرية بقولها: «كان كلنا سعادة وأمل في أن نصنع حلما وهدفا مشتركا ونبني البلد ونُحسن من معيشة البسطاء بتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع سقف الحريات في المجتمع، لكن ضاعت الأحلام».

وتأتي الذكرى السابعة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، هذا العام، في ظل قانون الطوارئ، الذي وافق على تمديده مجلس النواب (البرلمان) للمرة الثالثة لمدة 3 أشهر في عموم البلاد، اعتبارا من 9 يناير/كانون الثاني الجاري وحتى أبريل/نيسان المقبل.

وبموجب حالة الطوارئ، يحق للسلطات المصرية مراقبة الصحف ووسائل الاتصال والمصادرة، وتوسيع صلاحيات الجيش والشرطة في فرض الإجراءات التأمينية والتفتيش، والإحالة لمحاكم استثنائية وإخلاء مناطق وفرض حظر تجوال في مناطق أخرى، وسحب تراخيص الأسلحة وفرض الحراسة القضائية.

كما تحاصر أجواء الذكرى، التي من المتوقع أن تمر في صمت، بنود قانون التظاهر، الذي يفرض شروطا أمنية على حق تنظيم المظاهرات والتجمعات السلمية، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

ولا توجد تقديرات رسمية عن أعداد المحبوسين على ذمة قضايا تظاهر أو الصادر بحقهم أحكام، غير أن تقارير حقوقية ومحلية ودولية تعدهم بالآلاف.

اللافت أيضا، أن الذكرى السابعة تحل قبل أسابيع من انتخابات رئاسية كان يأمل المصريون أن تكون تجربة ديمقراطية، ربما تحدث تغييرا في هوية ساكن الاتحادية (قصر الحكم)، شرقي القاهرة، لكنهم فوجئوا بأحداث دراماتيكية أطاحت إلى الآن بـ4 مرشحين خارج السباق الرئاسي، لصالح الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي».

وتخشى دوائر الحكم في مصر، تكرار أحداث يناير/كانون الثاني 2011 من جديد، وتظن أن المزيد من القمع والقبضة الحديدية كاف لإجهاض آي آمال بالتغيير.

لكن ثوار ميدان التحرير (الميدان الذي شهد 18 يوما من الاعتصامات حتى تنحي مبارك)، يراودهم الأمل في انتفاضة شعبية من جديد تعيد اللحمة إلى رفقاء الثورة، باعتبار أن الجميع أخطأ في حق الثورة، وأن التجربة المصرية تعرضت لمؤامرات داخلية وإقليمية ودولية، وأن الأمل باق ومشروع في استعادة الثورة، التي نادت بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

مصر ثورة 25 يناير نظام حسني مبارك موقعة الجمل