تساؤلات حول علاقة بريطانيا الاستراتيجية مع أمريكا

الاثنين 2 فبراير 2015 06:02 ص

لأول مرة منذ نحو عقد ونصف العقد، نحن لا نخوض حرباً بصورة رسمية. وقد رحلنا عن أفغانستان والعراق، ولو أننا تركنا في كلا البلدين بقية وجود عسكري، ربما في مهمة تدريب، أو ربما من أجل ممارسة تأثير، أو ربما للتجسس.

ومسألة عدد العناصر "الأمنية"، أو حتى "العسكرية" التي تركناها وراءنا تبقى غامضة. وكما قال لي مصدر دفاعي: "الأمر مرهون بمتى وكيف يتم التعداد".

وقد عرضت خمسة كتب ممتازة راجعتها مجلة لندن ريفيو أوف بوكس "مراجعة الكتب" اللندنية تقييماً نزيهاً للطريقة التي خرجت بها بريطانيا من هاتين الحربين.

وبعد أن قرأ الروائي والصحفي جيمس ميك الكتب لخمسة جميعاً، استخلص أن بريطانيا تعرضت لـ"أسوأ من هزيمة".

وكما أظهر تصويت البرلمان البريطاني برفض شن هجوم عسكري على سوريا بنهاية أغسطس/ آب،2013 فإن من المستبعد أن يصدر تفويض برلماني يجيز لبريطانيا أن تشن مرة أخرى حروباً مثل حربي العراق وأفغانستان.

ومن الممكن أننا دخلنا، أخيراً، عهداً لا تذهب فيه بريطانيا إلى حرب إلا للدفاع عن مصالحها الخاصة، وربما أيضاً المصالح المباشرة لأوروبا، وحتى لحلف الأطلسي.

ومن الصعب حقاً المجادلة بأن العمليات العسكرية البريطانية الكارثية في البصرة وهلمند حققت شيئاً يذكر أكثر من استعداد الناس هناك.

وفي كلتا هاتين الحربين اللتين تملصنا منهما، كنا في تحالف وثيق مع الولايات المتحدة.

وفي أعقاب أحداث سبتمبر/ أيلول 2001 الصادمة، التي اعتبرت هجوماً على مجمل العالم الغربي، كان محتماً أن تقف الحكومات الغربية جنباً إلى جنب من أجل تحديد، وربما القضاء على التهديد.

ولكن من الصعب أن نجد حالات كثيرة استنتج فيها العالم أن الحروب التي خاضتها أمريكا منذ الحرب الكورية قد انتهت إما بانتصار أمريكي، وإما على الأقل أن أمريكا خاضت "حرباً عادلة".

حرب فيتنام كانت كارثة، مثلها مثل عمليات قصف كمبوديا. ويبدو أن التاريخ بدأ منذ الآن يحكم بأن حربي العراق وأفغانستان لم تكونا أفضل حالاً.

فهل من الحكمة، إذاً، أن ننقاد وراء أمريكا إلى الحرب عن طيب خاطر؟ اليوم، يتبين لنا أن رئيس الوزراء هارولد ويلسون كان بمنتهى الحكمة والشجاعة عندما رفض الانضمام إلى مغامرتي أمريكا في فيتنام وكمبوديا.

ولكن منذ ذلك الحين، لم تظهر بريطانيا حكمة وشجاعة مماثلتين.

إذاً، هل ستراجع بريطانيا الآن علاقتها الاستراتيجية مع أمريكا؟ لا تسيئوا فهمي. أنا عشت في أمريكا، وأحب العديد من سماتها، إلا أنني أتخوف من بعض المميزات التي تجعل الولايات المتحدة كياناً مختلفاً جداً عن حلفائنا الأوروبيين.

وبينما يتماحك السياسيون بشأن الاحتياجات الدفاعية والأكلاف لبريطانيا، ربما حانت اللحظة الآن، مع هذا العام الجديد، لكي نتفحص ما هي حقاً احتياجاتنا الدفاعية الحقيقية. فماذا سنفعل بشأن رادعنا النووي؟ وماذا سنفعل بحاملتي طائراتنا العملاقتين الجديدتين في بحريتنا اللتين تفتقران إلى العدد الكافي من السفن الحربية اللازمة للدفاع عنهما؟ وفوق كل شيء، عندما تقول واشنطن "تعالوا"، فهل يتعين علينا أن نقول مرة أخرى "نعم، نحن جاهزون"؟

* جون سنو صحفي وإعلامي بريطاني.

المصدر | جون سنو | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

علاقة استراتيجية بريطانيا أمريكا أفغانستان العراق أوروبا حلف الأطلسي