استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

رئاسة مصر.. بوادر تنافسية تنتهى إلى انتخابات المرشح الواحد

الأحد 28 يناير 2018 08:01 ص

لم تفصل سوى أيام قليلة بين ظهور بعض البوادر التنافسية للانتخابات الرئاسية 2018 وبين الانتهاء عملا إلى انتخابات المرشح الواحد.

من جهة أولى، صنعت حملة المحامى المحترم الأستاذ «خالد علي» حراكا شبابيا حقيقيا ما أن شرعت في جمع التوكيلات الشعبية المطلوبة للترشح.

تفاعلت الحملة فى العاصمة القاهرة وفي محافظات عدة مع مواطنين إما يبحثون عن التغيير، أو ينتمون إلى تيار اليسار الديمقراطي الذي يعبر عنه الأستاذ «خالد علي»، أو يريدون الاحتجاج على أوضاع اقتصادية وسياسية يرفضونها.

حشدت الحملة أيضا تأييد بعض الأحزاب المعارضة كأحزاب التيار الديمقراطي وحزب مصر القوية، وتأييد بعض المجموعات الشبابية مثل 6 أبريل وحركة الاشتراكيين الثوريين التى أجبرها إغلاق الفضاء العام على الابتعاد عن المشاركة السياسية منذ 2013 وبدت خلال الأيام القليلة الماضية عازمة على العودة إليها من بوابة الانتخابات الرئاسية.

من جهة ثانية، أحدث إعلان رئيس الأركان الأسبق الفريق سامي عنان ترشحه للرئاسة حراكا سياسيا من نوع مختلف ارتبط لدى بعض النخب المدنية المعارضة بإحياء الأمل في شراكة بين العسكريين والمدنيين تعيد البلاد إلى مسار تحول ديمقراطي.

ذلك الأمل الذى عبر عنه اختيار الفريق «عنان» للمستشار «هشام جنينة» والدكتور «حازم حسني» نائبين وتكليفهما بملف حقوق الإنسان (جنينة) وملف التمكين السياسي والاقتصادي (حسني).

أما لدى البعض الآخر من النخب المدنية المعارضة فقد تعلق الحراك الذى رتبه إعلان الفريق عنان بحسابات برجماتية مفادها أن الفريق يملك فرصا فعلية لمنافسة رئيس الجمهورية الحالي في الانتخابات القادمة لكونه ينتمي إلى المؤسسة العسكرية، ومعلوم التوجهات للأجهزة الأمنية النافذة، ولمعرفته بدولاب عمل الدولة المصرية وسبل بناء الولاء داخلها على نحو يقلل من احتمالية مقاومة أو رفض المؤسسات والأجهزة النافذة له حال فوزه في الانتخابات.

غير أن تلك البوادر التنافسية سرعان ما تلاشت بإلغاء ترشح الفريق «سامي عنان» بعد بيان القيادة العامة للقوات المسلحة بشأنه في 23 يناير/كانون الأول 2018، والخطوات المتسارعة التى اتخذت ضده فى أعقاب البيان وتمثلت فى الاستدعاء للتحقيق، واستبعاد الهيئة الوطنية للانتخابات لاسمه من قاعدة الناخبين.

وفى 24 يناير/كانون الثاني 2018، أعلن المحامى خالد علي، وبعد أن نجحت حملته في جمع توكيلات شعبية اقترب عددها من 15 ألفا وفقا لتقديرات صحفية متنوعة، انسحابه من الترشح للانتخابات الرئاسية وعزا قراره إلى تدخلات المؤسسات والأجهزة الرسمية في العملية الانتخابية وإهدار حق المصريين في انتخابات تعددية وتنافسية حقيقية.

بين إلغاء ترشح «عنان» على نحو قسري والانسحاب المسبب لـ«خالد علي»، انتهى مشهد الانتخابات الرئاسية 2018 عملا إلى انتخابات الرئيس الحالي ـ المرشح الواحد ـ الفائز المؤكد.

(بعيدا عن كل ما يثار لحظة كتابتي لهذه الكلمات من أقاويل بشأن عزم حزب الوفد الدفع بمرشح «اللحظة الأخيرة» إلى الانتخابات، أقاويل لم أصدقها بداية ثم حين تواترت تملكني الحزن على ما آلت إليه أحوال الحزب صاحب التاريخ المديد والدور الناصع في السياسة المصرية قبل 1952 والدور المهم خلال ثمانينات وتسعينات القرن العشرين).

يدلل تلاشى البوادر التنافسية لانتخابات 2018 الرئاسية على انتفاء كامل لرغبة نظام الحكم الراهن في توظيف الانتخابات كآلية ديمقراطية.

فصنف معين من المرشحين المحتملين مرفوض (الفريق شفيق والفريق عنان)، والتعددية والمنافسة الحقيقيتان مرفوضتان، وأمور كاستخدام العملية الانتخابية لفتح فضاء عام مغلق وتكثيف أصوات الاحتجاج على أوضاع اقتصادية وسياسية بعينها (هدف خالد علي) أيضا مرفوضة.

وفي استبعاده لمرشحين بعينهم ورفضه للمنافسة الحقيقية، يصدر نظام الحكم عن قراءة لحال السياسة في مصر مفادها السيطرة المطلقة لرئيس الجمهورية على أدوات السلطتين التنفيذية والتشريعية، وقدرة الأجهزة الأمنية على مواصلة إغلاق الفضاء العام دون مواجهة تحديات أو مخاطر كبرى، والضعف الشديد لحركات وأحزاب المعارضة التي يعنيها اليوم في 2018 التوظيف الديمقراطى للعمليات الانتخابية وأرهقتها سنوات التعقب والتضييق منذ 2013.

ولقراءة نظام الحكم لحال السياسة في مصر امتداد يمثله إدراكه الواقعي للمشهد الإقليمي والدولي الذي تشكله رغبة القوى المؤثرة في الشرق الأوسط والقوى العالمية في استمرار رئيس الجمهورية الحالي في منصبه وخوفها من احتمالية تعرض مصر لما تراه هي تغيرات غير مرغوبة في قمة هرم الحكم والسلطة.

قراءة كهذه للسياسة الداخلية وللمشهد الإقليمي والدولي تقطع بانتفاء رغبة نظام الحكم في توظيف الانتخابات ديمقراطيا، مثلما تنفي عنه التوجه الجاد لتغيير احتكاره للسياسة ولفتح الفضاء العام المغلق ولإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان المتراكمة.

هل كانت، إذن، محاولة المشاركة في انتخابات 2018 الرئاسية من قبل «خالد علي» كمرشح للصوت الاحتجاجي ولصوت اليسار الديمقراطي، و«سامي عنان» كمرشح محتمل لتحالف ديمقراطي الهوى من العسكريين والمدنيين (وسابقا على ترشح «عنان» مسعى «أحمد شفيق») متهافتة وعديمة الجدوى؟

بكل تأكيد لا.

فالمحاولة كانت مثل المرآة التي عكست حقائق السياسة في مصر، وأجلت للرأي العام في بلادنا ملامح السيطرة المطلقة لنظام الحكم على أدوات السلطتين التنفيذية والتشريعية وتفاصيل الهامش شديد المحدودية الذي يتحرك به المعارضون.

محاولة ترشح «علي» و«عنان»، رغم القصر الزمني الشديد لأيامها، أنتجت حراكا سياسيا بين شرائح من الشباب وبعض النخب المدنية يمكن أن يبنى عليه مستقبلا.

* د. عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد، عضو مجلس الشعب السابق.

المصدر | الشروق المصرية

  كلمات مفتاحية

مصر انتخابات 2018 الرئاسية أحمد شفيق سامي عنان خالد علي عبد الفتاح السيسي انتخابات المرشح الواحد نظام السيطرة المطلقة