مقاتلون أجانب يعودون إلى الميليشيات الكردية في سوريا لمحاربة تركيا

الأحد 28 يناير 2018 06:01 ص

في أحد البساتين كان يقف عدد من الرجال الذين يرتدون زيا عسكريا، فيما يغطي بعضهم وجهه ويمسكون ببنادق هجومية، معلنين أنهم سافروا إلى منطقة المعركة في شمال سوريا للدفاع عن الشعب الكردي.

كان أحدهم يتحدث الفرنسية، وآخر أمريكي.

وأحدهم مواطن صيني بريطاني، أكد لاحقا في مقابلة هاتفية أنه كان في سوريا، في المنطقة وسط المعركة مع تركيا.

في المقطع الذي نشر على موقع يوتيوب الجمعة، كانت خلفيات هؤلاء الرجال في الفيديو متنوعة على ما يبدو. ومع ذلك، فإن جميعهم يعرفون أنفسهم بأسمائهم الكردية التي اعتمدت بعد انضمامهم طوعا إلى ميليشيات مسلحة في واحدة من أخطر مناطق الحرب في العالم.

وهم الآن من بين عشرات المقاتلين من جميع أنحاء العالم الذين انضموا إلى وحدات حماية الشعب الكردية، والمعروفة أيضا بالأحرف الأولى  Y.P.G.

ويقول هؤلاء إنهم موجودون لمساعدة الأكراد، وهي مجموعات عرقية كانت مهمشة منذ فترة طويلة، من دون وطن خاص بهم، ولكنهم يسيطرون على رقعة من الأراضي في الصراع السوري.

في حين أن الأكراد في سوريا كانوا شركاء مع الولايات المتحدة في محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، واستعادوا عددا من القرى والمدن من الجماعات المتطرفة، فإنهم يواجهون تطورا جديدا في أحدث فصل من الصراع المعقد.

وتقول تركيا إن الأكراد الذين يسيطرون على جيب عفرين، في محافظة إدلب شمالي سوريا، يشكلون تهديدا إرهابيا، وقد شن الأتراك مؤخرا هجوما لإزاحتهم.

والآن، بعض ممن يقاتلون جنبا إلى جنب مع الأكراد يتعهدون بمحاربة تركيا. وبالنسبة لهؤلاء الأجانب، فإن دعمهم الشخصي لرؤية الجماعة يتلاءم إلى حد كبير مع مصالح التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في معظم أجزاء الحرب. وتقدم الولايات المتحدة الدعم المادي والتدريب لقوات وحدات الدفاع التي يسيطر عليها المقاتلون الأكراد في حملتهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ولكن تركيا تعتبرهم منظمة إرهابية لأن العديد من قادتها لهم علاقة بحزب العمال الكردستاني مما يضع المقاتلين الغربيين على خلاف مباشر مع حليف للناتو.

وهنا ما نحتاج لمعرفته حول الأجانب في وحدات حماية الشعب وما يفعلونه في سوريا.

كيف ينضم الأجانب إلى الميليشيات؟

خلال الحرب السورية، فتحت الميليشيات الكردية أبوابها للغربيين الذين يتطلعون للانضمام إلى القتال، ورحبت بهم في سوريا ومنحتهم فرصة التدريب. ويتمتع أفراد الميليشيات بحضور نشط في وسائل التواصل الاجتماعي موجه نحو المجندين الدوليين، ويقومون بانتظام بإرسال تحديثات، غالبا باللغة الإنجليزية، مع عدم اقتصار التركيز على الحرب فحسب، بل أيضا على رؤيتهم لمجتمع كردي مستقل، ويسمون حركتهم ثورة روج آفا، وهو الاسم الذي أعطاه الأكراد للمنطقة في شمال شرق سوريا التي يسيطرون عليها الآن.

وفقا للمقاتلين الدوليين وأسرهم، فإن المجندين يجرون اتصالا مع ممثل على الإنترنت، ومن ثم يتم نقل المحادثة إلى تطبيقات الرسائل المشفرة. وهناك، يقومون بترتيب السفر إلى المنطقة، وعادة ما يدخلون سوريا عبر إقليم كردستان العراق.

وفي أغسطس/ آب، أرسل موظفو المجموعة رسالة جماعية على الواتس آب يحثون فيها المتطوعين الدوليين الذين يرغبون في الانضمام إلى وحدات حماية الشعب للوصول إلى كردستان العراق قبل نهاية الشهر.

إلا أنهم لا يتوجهون مباشرة إلى ساحة المعركة، وقال «نوري محمود، المتحدث باسم (ي.بي.ج) في عين عيسى شمال شرق سوريا، إن الأجانب ينضمون إلى الجنود الأكراد المحليين فقط بعد تلقي التدريب الأيديولوجي والعسكري واللغوي. وقال إنهم مدربون على كيفية التكيف مع المجتمعات.

كم عدد الأجانب الذين لا يزالون مع الأكراد؟

إن الأرقام الدقيقة للأشخاص الذين يقاتلون مع وحدات الحماية، وكذلك مع الائتلاف الأوسع لقوات الدفاع السورية، غير واضحة. وقال «نوري محمود» إن هناك عشرات الأجانب في الاتحاد، لكنه لم يتمكن من إعطاء مجموع دقيق.

وكانت وزارة الخارجية غامضة بالمثل عندما سئلت عن عدد الأمريكيين الذين سافروا إلى سوريا للانضمام إلى الميليشيات الكردية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية عن طريق البريد الإلكتروني «لا يطلب من المواطنين تسجيل سفرهم إلى أي بلد أجنبي، لذلك لا يمكننا تتبع عدد المواطنين الأمريكيين الذين ذهبوا إلى بلد معين»، وأضاف أن الحكومة الأمريكية تحذر المواطنين الامريكيين خصوصا من السفر الى سوريا للمشاركة فى النزاع المسلح.

ولكن على الرغم من المخاطر، كان الناس يقومون بهذه الرحلة لعدة سنوات، وقال المتحدث باسم قوات الدفاع السورية في عفرين بروسك هاساكا، إن هناك حاليا 150 مقاتلا أجنبيا في صفوفهم.

وقال «هاساكا» «لدينا أمريكيون وبريطانيون ويابانيون وجزائريون وحتى صينيون»، مضيفا أن الكثيرين كانوا حريصين على القتال في عفرين. وأضاف أنها ليست واجبة بالنسبة لهم، لكنهم يشعرون أن عليهم واجبا تجاهنا. وأضاف هناك شيء يدعى العدالة والظلم».

لماذا استهدفت الحرب الكردية مقاتلين أجانب؟

لقد كانت الأيديولوجية اليسارية لما يسمى بثورة روج آفا جذابة بالنسبة للعديد من الغربيين الذين انضموا إلى وحدات الحماية، مع التركيز على حقوق المرأة والديمقراطية وحرية الدين، وكانت القوى الكردية تتصور أنها قادرة على تحقيق مستوى من الحكم الذاتي للأكراد في المنطقة، ويرى النقاد أن مبادرتهم في شمال سوريا يمكن أن تنفر أو تهجر المجتمعات العربية العرقية.

وعلى الرغم من أن العديد من الغربيين الذين انضموا إلى القتال ليسوا من أصل كردي، لكنهم يدعمون وعد الدولة الكردية، ويقول أصدقاء وعائلة «روبرت غرودت»، وهو أمريكي توفي أثناء القتال في سبيل دعم وحدات الحماية بالقرب من الرقة، سوريا، في عام 2017، أنه كان مدفوعا للانضمام إلى القضية لأنه كان يعتقد بعمق في المثل اليسارية للأكراد.

وقال «رون كوبي»، وهو صديق «غرودت ومحام يمثل أسرته، إنه وجد معنى لحياته في المجموعة.

وقال «كوبي» في مقابلة بعد وفاة «غرودت»«شعر روب بضرورة أخلاقية لمحاربة الظلم ومحاربة الظلم والعمل على بناء عالم أفضل، وبالتأكيد استقطبت ثورة روج آفا عددا من الناس». وأضاف «لم يكن عملا عسكريا مجردا بل كان معركة واضحة بين الصواب والخطأ».

قالت أم وأخوات «غرودت» إنه يؤمن بسياسة الحركة الكردية ويريد المساعدة في بناء مجتمع كردي. وقال في البداية لأسرته إنه يعتزم أن يكون طبيبا ولن يكون على خط المواجهة، ولكن ذلك تغير بسرعة. وفي مكالمات هاتفية، وصف الأكاديمية في سوريا حيث تلقى تدريبا عسكريا. وسرعان ما وجد نفسه يقاتل ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

أما بالنسبة لأولئك الذين يبقون على قيد الحياة في الحرب، فإن المزيد من الصراع يمكن أن ينتظرهم إذا قرروا العودة إلى ديارهم. وفي كل من بريطانيا والولايات المتحدة، يواجه العائدون على الأرجح تدقيقا من وكالات إنفاذ القانون فيما يتعلق بوجودهم في سوريا، ويمكن أن يواجهوا الملاحقة القضائية.

وقال المواطن البريطانى من أصل صيني «هوانغ لي»، إنه يدرك العواقب القانونية المحتملة إذا عاد إلى بريطانيا.

وقال لي في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) «آمل حقا أن أستطيع العودة لكنني لا أريد أن أُعتقل، أنا هنا لمحاربة الإرهابيين. لا أريد العودة إلى الوطن وأصبح إرهابيا».

وأكد «لي»، الذي اتصل هاتفيا، أنه وصل إلى عفرين، لكنه قال إنه لا يستطيع أن يقول أكثر لأن المنطقة التي كان فيها قد تعرضت للقصف مؤخرا.

المصدر | ن.تايمز

  كلمات مفتاحية

بريطانيا أكراد سوريا