من روسيا لجغرافية عفرين.. 4 عوامل تحكم مصير «غصن الزيتون»

الثلاثاء 30 يناير 2018 03:01 ص

كشف المحلل السياسي التركي «متين گورجان»، نقلا عن مصادر في أنقرة، أن المسؤولين السياسيين والأمنيين في بلاده عازمون على توسيع عملية «غصن الزيتون» في منطقة «عفرين» إلى منطقة منبج أولا، ثم إلى شرق نهر الفرات لتقويض التعاون الأمريكي مع «وحدات حماية الشعب» الكردية (ي ب ك) على الأرض. 

لكنه أورد 4 عوامل هامة رأى أنها ستوثر على مسار عملية عفرين، التي قد تدوم هذه العملية حتى بداية الصيف المقبل، حسب تحليل نشره عبر موقع «المونيتور» البريطاني.

أول تلك العوامل هي تضاريس عفرين وظروفها المناخية.

فعلى عكس باقي أنحاء سوريا، فإن منطقة عفرين جبلية في جزء منها مع كثافة أشجار غير عادية؛ ما يحد من حركة المدرعات.

كما يأتي الضباب والأمطار الغزيرة في شهر يناير/كانون الثاني، وكل هذه الظروف المناخية القاسية والتضاريس تصف في صالح دفاعات «ي ب ك».

ويمكن، أيضا، أن ينسحب مسلحو «ي ب ك» نحو المدن المكتظة بالسكان، ويجبر الناس حتى على البقاء في مناطق القتال، كما فعل تنظيم «الدولة الإسلامية»، لحماية أنفسهم من الغارات الجوية ونيران المدافع البعيدة المدى.

وإذا اعتمد «ي ب ك» على هذا التكتيك، ستقع خسائر فادحة في أرواح المدنيين؛ وقد يُستغل ذلك كأداة دعاية رئيسية ضد تركيا.

أما ثاني تلك العوامل فهي الموقف الروسي.

إذ يبدو أن أنقرة حصلت على ضوء أخضر من موسكو لشن هجومها؛ نظرًا إلى أنّ روسيا تسيطر على كامل المجال الجوّي السّوري غرب نهر الفرات.

ولا شكّ في أنّ روسيا تعتبر أنّ العمليّة ستحدِث شرخًا أكبر بين في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، تركيا والولايات المتحدة، على ضوء دعم الأخيرة لـ«ي ب ك».

إضافة إلى ذلك، تقدّر روسيا على الأرجح أنّ «ي ب ك»، في مواجهة احتمال الهزيمة على يد تركيا وحلفائها في الجيش السّوري الحرّ، ستكون الآن أكثر انفتاحًا على اقتراح موسكو السّابق بتسليم عفرين مجدّدًا لنظام «بشار الأسد».

وسيتمثّل أحد مؤشّرات المخاطرة الأساسيّة في ما إذا كانت موسكو ستزوّد تركيا بإمكانيّة الوصول على مدار السّاعة إلى المجال الجوّي فوق عفرين، أم ستفرض قيودًا على الغارات، كما كان الوضع في عمليّة درع الفرات.

وإذا اختارت فرض القيود، من المرجّح أن تكون روسيا هي المسيطرة على إيقاع العمليّة، فتقوم بمزامنتها مع تقدّم جيش «الأسد» في محافظة إدلب جنوب عفرين.

ومن شأن هذا أن يسمح لروسيا بإمهال جيش «الأسد» المزيد من الوقت لتعزيز سيطرته على الأراضي في محافظة إدلب؛ ما يضعه في موقع أفضل يخوّله الاستيلاء على ما تبقّى من الأراضي التي سسيطر عليها تنظيم «ي ب ك» في عفرين، والانتصار في دير الزور لإبقاء الأخير تحت الضّغط.

وثالث العوامل هي موقف قوات «الأسد».

إذ أن تركيا، التي تردّدت كثيرًا في مسألة جواز بقاء «الأسد» في السّلطة، حسب «متين گورجان»، تتفاوض مع الأخير بشأن احتمال العمل سويًا ضدّ تنظيم «ي ب ك»، وذراعه السياسية، حزب «الاتّحاد الدّيمقراطي» الكردي (ب ي د).

لكنّ رّئيس النظام السّوري يعرف أنّ ما يفضّله الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» هو سوريا بدون «الأسد»؛ لذا قد ينتهي الأمر بجيش النظام إلى مساعدة «ي ب ك» إلى حدّ ما.

وقد يقرّر «الأسد» أن يساعد على إجلاء «ي ب ك» التي تبدو محاصرة في عفرين، أو يساعدهم على تلقّي التعزيزات من شرق الفرات.

وقد تتمثّل إحدى سياسات «الأسد» الأخرى بـ«الانتظار والترقّب»، معتقدًا أنّه في نهاية المطاف، سيجري تسليم عفرين إلى الحكومة.

أما رابع الاعتبارات فهي قدرة قوات «الجيش السوري الحر» المدعومة من أنقرة على الصمود.

فمقاتلو  «الجيش السوري الحر» ليسوا أفضل من يمكن الاعتماد عليه، وقد يختفون فجأة لدى مواجهة مقاومة قوية، كما حدث في مدينة الباب في خلال عملية «درع الفرات».

وهذا الضّعف قد يجبر أنقرة على نشر المزيد من وحدات المغاوير/المشاة محلّ وحدات «الجيش السوري الحر»؛ ما يزيد من خطر خسارة الجنود الأتراك في حرب المدن.

ومن ثمّ يأتي الرّأي العام التركي.

وعلى الرّغم من غياب بيانات متّسقة وموثوقة من استطلاعات الرّأي، تشير الخبرة المكتسبة من عمليّة «درع الفرات» إلى أنّ الحكومة لن تواجه صعوبة كبيرة في حشد الدّعم الشّعبي لهجوم عفرين.

إذا نجحت تركيا في إنهاء العمليّة سريعًا، بحلول أغسطس/آب مثلاً، من الممكن أن تحتفظ البلاد بمكانتها الاجتماعيّة الاقتصاديّة.

لكن كلّما طالت العمليّة وزاد عدد الأراضي التي تشملها، بخاصّة إذا أدّت إلى مواجهة مع الولايات المتّحدة، زاد احتمال أن تؤذي استقرار تركيا الاقتصادي والسّياسي وتماسكها الاجتماعي.

وفي 20 يناير/كانون الثاني الجاري، أعلنت رئاسة الأركان التركية، انطلاق عملية «غصن الزيتون» بهدف «إرساء الأمن والاستقرار على حدود تركيا وفي المنطقة والقضاء على إرهابيي (بي كا كا/ب ي د/ي ب ك) و(الدولة الإسلامية) في منطقة عفرين، وإنقاذ سكان المنطقة من قمع الإرهابيين».

وشددت، في بيان، على أن العملية «تجري في إطار حقوق تركيا النابعة من القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب، وحق الدفاع عن النفس المشار إليه في المادة 51 من اتقافية الأمم المتحدة مع احترام وحدة الأراضي السورية».

وسرعت أنقرة من تلك الخطوة بعد أيام من إعلان واشنطن بدء التحالف الدولي، الذي تقوده، تأسيس قوة حدودية شمالي سوريا، على الحدود من تركيا، قوامها الأغلب من عناصر «ب ي د»، قبل أن تتراجع وتعطي تصريحات متناقضة، معتبرة أن الإعلان فهم بشكل خاطئ، وأن ما تتحدث عنه هو قوة محلية داخلية، وليست حدودية؛ بهدف منع عودة مسلحي «الدولة الإسلامية».

وتعتبر أنقرة «ب ي د»، وجناحه المسلح «ي ب ك»، امتدادا لـ«حزب العمال الكردستاني» (بي كا كا)، الذي يخوض، منذ عقود، تمردا في تركيا، مصحوبا بهجمات إرهابية، وتصنفه أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كـ«منظمة إرهابية».

المصدر | الخليج الجديد + المونيتور

  كلمات مفتاحية

تركيا سوريا أردوغان غصن الزيتون عفرين