باحث أمريكي يكشف دوافع استثمارات «رجال بن زايد» الرياضية

الأربعاء 31 يناير 2018 07:01 ص

نشر الباحث الأمريكي «نيكولاس ماجين»، تقريرا مطولا حول دوافع  أبوظبي في الاستثمار بالأندية الرياضية الأوروبية، وعلاقاتها الدولية إقليميا وعالميا.

وتناول الباحث عددا من الاتهامات التي تتردد إزاء بعض المسؤولين في الدولة.

واستهل «ماجين» تقريره بحادثة تعذيب الشيخ «عيسى بن زايد» لعامل آسيوي كان يعمل لديه، بطريقة وحشية.

ومع واقعة التعذيب المروعة في صحراء أبوظبي، كان حشد  يهتف ويغني في ملاعب مانشستر سيتي تأييدا لمالكه الشيخ «منصور بن زايد»، شقيق الشيخ «عيسى».

وقال: المشهدان، جنبا إلى جنب، تم عرضهما في فيلم وثائقي.. «الشيخ عيسى» يسوم العامل سوء العذاب، بالصعق الكهربائي ورش الملح على جروحه وقيادة السيارة على جسد العامل، مع  أهازيج الشيخ «منصور»، حيث يواصل مؤيدو النادي الإشادة بالعائلة المالكة في أبوظبي، التي مولت صعودها إلى الدرجة الأولى في كرة القدم الأوروبية.

ويصف «ماجين» مشهد الهتافات مع مشهد التعذيب بأنه أبرز صورة لمدمني كرة القدم الأشرار، على حد تعبيره.

كانت صحيفة الغارديان قد كتبت تقريرا بعنوان (خطط مانشستر سيتي للسيطرة العالمية)، حيث وثق ديفيد كون وجيمس مونتاغ اتفاقيات النادي مع أبوظبي، وتوصلا إلى تفاصيل مثيرة، وكلاهما كان دقيقا في التدقيق في أعمال أبوظبي ودوافعها، إلا أن التقييمات المتفائلة لمشروع مانشستر سيتي تفوق بكثير المشاريع الحرجة.

وقال «ماجين» ربما حان الوقت لنلقي نظرة أخرى على ما وراء هذا المشروع ولماذا؟

رجال بن زايد

وبحسب الباحث، فقد كان الوجه الأول لاستيلاء أبوظبي على النادي، في سبتمبر/أيلول 2008، هو «سليمان الفهيم»، الذي قال «أجد نفسي رئيسا، كمالك، حتى بياننا الصحفي الرسمي قال إنني المالك. كان أمرا لطيفا، وأنا أحب ذلك. أنا أحب ذلك عندما وضعوا صورتي في الأخبار».

ويضيف: الرجال الذين كانوا حقا وراء صفقة الاستحواذ على النادي لا يحبون رؤية صورة الفهيم في الأخبار. مانشستر سيتي مملوكة إسميا من قبل الشيخ «منصور، رغم  أنه متحمس جدا لاستثمار ما يقرب من مليار جنيه إسترليني، ولكنه لم يحضر إلا مباراة واحدة فقط خلال 9 سنوات.

أبوظبي هي أغنى وأقوى الإمارات السبع بدولة الإمارات العربية المتحدة، والرجل الذي يسيطر على أبوظبي ويملي السياسة هو شقيق الشيخ «منصور» ولي العهد «محمد بن زايد آل نهيان»، بحسب «ماغين».

والرجال الذين يديرون مانشستر سيتي هم الملازمون الرئيسيون لـ«محمد بن زايد» وليس لـ«منصور». ومن أبرزهم «خلدون المبارك، رئيس النادي منذ عام 2008، واليد اليمنى لولي العهد. كما أن «مبارك هو أيضا الرئيس التنفيذي لشركة مبادلة التي يرأسها «محمد بن زايد»، وتملك أصولا بقيمة 50 مليار جنيه استرليني، وتستثمر مبالغ ضخمة من المال في جميع أنحاء العالم في قطاعات متنوعة مثل العقارات، والمستحضرات الصيدلانية، والطيران.

ويرى «ماجين» أن «محمد بن زايد» هو أيضا القوة الدافعة وراء جهود دولة الإمارات لتطوير صناعة دفاع محلية، مما يعني أنه يمكن الآن تصنيع الأسلحة وبيعها لجيشه النشط على نحو متزايد.

إن «بن زايد»، الذي كان قويا ويحتاج تبرير حربه في أماكن مثل اليمن، التي ساعد في تدميرها، أصبح بسرعة مجمعا عسكريا - صناعيا من رجل واحد، بحسب «ماجين».

وهناك عضو رئيسي آخر في فريق «بن زايد، هو الأسترالي «سيمون بيرس، وهو أيضا مدير مانشستر سيتي، ورئيس الاتصالات الاستراتيجية في أبوظبي.

جعل «بيرس» اسمه في شركة العلاقات العامة بورسون مارستيلر، وعمل مع عملاء مثل نيكولاي سيوسيسكو، وبلاك ووتر، وقام بأعمال أدت إلى قول شهير بشأنه: «عندما يحتاج الشر إلى العلاقات العامة، فإن الشر سوف يجري اتصالا سريعا عليه».

لقد وظفت أبوظبي «سيمون بيرس» بشكل مباشر، كما أنه مكلف بحماية وتعزيز سمعة العاصمة الإماراتية.

ويقول «ماجين»: هذا ليس تكهنات، بل يمكن من خلال قراءة تسريبات إيميل «يوسف العتيبة» (السفير الإماراتي لدى واشنطن)، أنه كان يصف «بيرس»، بأنه داهية وذكي.

ولسوء حظ «العتيبة»، وصلت به السذاجة إلى استخدام حساب بريد إلكتروني لم يكن مشفرا بشكل صحيح، فتم الاستيلاء على رسائله الإلكترونية، وكشفت (إنتيرسيبت) عن المحتوى الفاضح لرسائل عتيبة الإلكترونية في العديد من المقالات الرائعة، على حد تعبير «ماجين».

دوافع اهتمام أبوظبي بالرياضة

في رسالة بريد إلكتروني مرسلة إلى «العتيبة» في مايو/أيار 2013، قدم «بيرس ملخصا إليه، بشأن الآثار المترتبة على إبرام صفقة الامتياز، والتي ظهرت مؤخرا في وسائل الإعلام.

يقول «بيرس»«الآن بعد أن أصبح اللعب على المكشوف، فإن تأخير اتخاذ قرار آخر بشأن الامتياز والملعب يخلق خطرا إضافيا على المشروع وكذلك على سمعة المجموعة المالكة».

في قائمة الاعتبارات السلبية، يشير «بيرس» إلى أن نقاط الضعف في الإمارات؛ سوف يتم طرحها على أنها شاذة، ولديها ثروة، وحيث النساء والعلاقات مع (إسرائيل).

وتقدم إيميلات «بيرس» نظرة رائعة على دوافع أبوظبي لشراء أندية كرة القدم، ومن المؤكد أن هناك زاوية للعلاقات العامة لهذه المبادرات، إلا أنها أعمق من مجرد غسل السمعة، بحسب «ماجين».

لا يريد «بيرس» من وسائل الإعلام والجمهور العام ربط فريق مدينة نيويورك مع حكومة أبوظبي، وإنما مع مجموعة سيتي فوتبول، لأن نقاط الضعف لحكومة أبوظبي يمكن أن تعرض المصالح التجارية لها للخطر.

«بيرس» يدرك أن السياسات الحكومية مع الصورة التقدمية تحتاج إلى سيتي فوتبول من أجل تحقيق الازدهار.

ويرى «بيرس» أن نقاط ضعف الإمارات، هي تجريم المثلية الجنسية وسجلها الضعيف في حقوق المرأة وعدم الاعتراف بدولة (إسرائيل).

ويتابع «ماجين»: «حققت أبوظبي لعبتها الكبيرة في مانشستر عام 2013، عندما دخلت في صفقة عقارية بقيمة مليار جنيه إسترليني مع مجلس مدينة مانشستر، وأبقى تقرير يحدد الترتيبات التجارية التفصيلية للمشروع المشترك سريا، لأنه ينطوي على النظر في المعلومات المعفاة المتعلقة بالشؤون المالية أو التجارية لأشخاص معينين».

وحاولت «الغارديان» الحصول على التقرير من خلال حرية المعلومات، إلا أن المجلس نفى هذا الطلب، مشيرا إلى خطر الإخلال بالمصالح التجارية.

 ومن غير الواضح ما إذا كان المجلس يعني المصالح التجارية له، أو المصالح التجارية لإمارة أبوظبي، التي تدار في حالة التعامل مع هذه الصفقة من قبل شركة مسجلة قبالة الشاطئ في الملاذ الضريبي من جيرسي.

وبعد أن علمت «هيومن رايتس ووتش» بالروابط التجارية الوثيقة مع حكومة أبوظبي، كتبت هي ومنظمة العفو الدولية إلى اثنين من كبار الشخصيات في مجلس مانشستر، وطلبا منهما اتخاذ بعض المبادئ البسيطة والمبنية على المبادئ التي من شأنها دعم ضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في الإمارات، والتحقق من أن علاقات مانشستر التجارية مع كبار الشخصيات في حكومة الإمارات لا تضر سمعة المدينة.

ويشير «ماجين» إلى أن أكبر مستوى قيادة في أبوظبي قد أحرق كثير من المبادئ وألقى ناشطين في السجن.

نفوذ وتغطية على الديكتاتورية

ومن الواضح أن نادي مانشستر سيتي لكرة القدم، وفريق مدينة نيويورك، يمكنان أبوظبي من الحصول على موطئ قدم في مراكز السلطة والنفوذ، وتوفير منصة للسعي إلى مزيد من الفرص التجارية التي تعزز نفسها وتقوي تأثيرها السياسي هناك.

ما هو غير واضح هو: هل الغرض الأساسي من وراء ذلك هي مصالح كرة القدم؟

رسائل البريد الإلكتروني لـ «بيرس» تشير إلى أن وضع ديكتاتورية مسيئة في ظل هذه الأضواء الساطعة هو استراتيجية عالية المخاطر، لكنه يبدو واثقا تماما من قدرته على إدارة مخاطر السمعة.

«بيرس» يقوم بذلك بثلاثة طرق: أولا، من خلال عرض مالك الأندية كرجل أعمال خير (منصور)، بدلا من رجل الدولة القوي (محمد بن زايد)؛ وثانيا عن طريق إغراق وسائل الإعلام بوفرة حول كيفية تقدم دولة الإمارات؛ وثالثا عن طريق مهاجمة مصداقية أو دوافع الجماعات والأفراد الذين ينتقدون انتهاكات دولة الإمارات، لسوء الحظ، أنه جيد جدا في وظيفته، يقول «ماجين».

ووصف «ماجين» الدور الذي يقوم به بعض حكام أبوظبي، كفيروس خبيث.

الانتهاكات الحقوقية في الإمارات

يضيف «ماجين» إن الأمور ليست أفضل بكثير داخل دولة الإمارات، حيث قدح مجددا بمؤهلات وضمير الشيخ محمد بن زايد، ووصف جهاز أمن الدولة هناك بالمجرم والثعبان، الذي له أفعال وتأثيرات مدمرة.

وعلى نحو خاص، يشير الباحث إلى الناشط الحقوقي الكبير «أحمد منصور» المعتقل منذ مارس/آذار الماضي بسبب تغريدة في الشأن العام.

ومقابل نشاط «أحمد منصور السلمي»، والذي يعاقب عليه، فإن الشيخ «عيسى بن زايد» لم يحاسب بأي شكل من الأشكال على الإجرام الصريح، فقد برأته محكمة إماراتية من التعذيب.

وقال إن أفراد عائلة آل نهيان، الذين اتهموا بارتكاب جرائم خطيرة في الخارج، لم يكونوا قادرين على الاعتماد على القضاء الفاسد لإخراجهم من المحاسبة.

في يوليو/تموز 2008، وقبل أشهر قليلة من الاستيلاء على  مانشستر سيتي، ألقي القبض على ثماني شيخات من «آل نهيان» بتهمة الاتجار بالبشر في بروكسل.

واستغرق الأمر 9 سنوات حتى تصل القضية إلى المحاكمة، ولكن في يونيو/حزيران 2017 أدينت الشيخات الثماني غيابيا بذات التهمة.

دور أبوظبي في اليمن

ثم هناك اليم (يقول «ماجين»)، وقد لعبت أبوظبي دورا رئيسيا في التدمير المتعمد وغير الضروري لأحد أفقر بلدان العالم، وتتحمل مسؤولية كبيرة عن الكارثة الإنسانية التي تتكشف هناك.

ويضيف: «قصف التحالف، الذي تقوده السعودية، المدارس والمستشفيات وحفلات الزفاف والجنازات، وقتلوا الأطفال والمدنيين».

وفي سبتمبر/أيلول 2015، وثقت منظمة العفو الدولية نمطا من الغارات استهدفت مواقع مكتظة بالسكان، بما في ذلك مسجد ومدرسة وسوق.

وأرسل «العتيبة» رسالة إلكترونية حدد فيها استراتيجية غريبة للحد من سياسية السقوط.

وقال «العتيبة»«على الأقل، نحث على الحذر عند اختيار الأهداف العسكرية»، مما يشير إلى أنه كان سعيدا جدا للاستهداف العشوائي.

وكان من بين الأشخاص الذين أرسل إليهم البريد الإلكتروني رئيس مدينة مانشستر سيتي خلدون المبارك.

وخلص «ماجين» بالقول إنه في حين أن أبوظبي قد لا تكون الحكومة الأكثر تعسفا في العالم، فهي بسهولة الحكومة الأكثر تعسفا بإدارة نادي لكرة القدم.0

المصدر | الإمارات 71 + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات أبوظبي محمد بن زايد الشيخ منصور بن زايد