«القدس العربي»: مفاجأة أمريكية للتحالف المضاد لقطر؟

الخميس 1 فبراير 2018 09:02 ص

أدى انكشاف العديد من أسرار الأزمة الخليجية، التي اندلعت قبل قرابة تسعة أشهر، إلى إعادة حسابات كثيرة، ليس في قطر، التي كانت هدفاً للأذى والحصار من قبل أربع دول فاعلة في المنظومة العربية، بل كذلك في المدارات الإقليمية والعربية والعالمية.

غير أن أخطر ما في تلك الحملة لم يكن الحصار بحد ذاته، وهو أمر استطاعت الدوحة تجاوزه من خلال توسيع وتمكين خطوطها البحرية والجوية مع الكويت وعمان وتركيا وإيران، ولا الضربة القاسية للنسيج الاجتماعي والاقتصادي الذي يربط بين شعوب الخليج، والتي أدّت لتضرّر قرابة مليوني شخص، بل في تكشّف أن مخطّطي هذا الحصار فكّروا عمليّاً في التعرّض لقطر عسكريّاً.

عند قراءة تصريحات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» في بداية الأزمة، وبالنظر إلى زيارات صهره «جاريد كوشنر» لولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، وما تبع ذلك من تشديد القبضة الحديدية لبن سلمان على المملكة، وتنفيذه حملة اعتقالات ضد رجال الأعمال السعوديين، تنامى إحساس حقيقي داخل منطقة الخليج بالقلق أساسه أن من يجرؤ على تلك الخطوات «الطائشة» داخل بلاده لا يستبعد أن يتجرأ على مزيد من هذه الخطوات خارج المملكة.

ويبدو أن هذا هو ما حصل فعلا مع «الخضة» اللبنانية التي أدى إليها احتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في الرياض، والغضب الأردني ـ الفلسطيني مع اعتقال رئيس مجلس إدارة البنك العربي «صبيح المصري»، وأخيراً مع التعرّض بالشتائم والإهانة لوزير كويتيّ (ناهيك طبعاً عن الحرب الطاحنة في اليمن).

كان مفهوماً طبعاً قيام الدوحة بالتحسّب باكراً لإمكانيات التصعيد المختلفة، التي افتتحتها الأزمة، حيث شددت العلاقات مع تركيا، ودعمت قاعدتها العسكرية فيها، وعززتها بالجنود، كما أجرت مناورات عسكرية مع جيوش بلدان أوروبية.

لم تغفل الدوحة طبعا عن الصدع الذي حاولت دول الحصار فتحه بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أمر عالجته النخبة السياسية والدبلوماسية القطرية بهدوء ورويّة، مكّناها من تبيان الضرر الذي تمثّله إجراءات دول الحصار على التوازنات الاستراتيجية في الخليج والعالم، وكذلك على مصالح الأمريكيين أنفسهم.

وكان طبيعياً أن تقوم «المؤسسة» الدبلوماسية والسياسية الأمريكية العريقة بمحاولات حثيثة لتعديل بعض الأوضاع الخطيرة التي صنعها التدخّل الفج للرئيس الأمريكي وصهره في قضايا شائكة ومعقدة، في السعودية نفسها، وفي الخليج العربي، وفي القضية الفلسطينية (وفي أمريكا نفسها طبعا).

وقد تبدّى غضب المؤسسة الأمريكية وتبرّمها مما يحصل، عبر الاستقالات التي تقدم بها سفراء، كما فعلت «دانا شل سميث»، سفيرة أمريكا السابقة في قطر، حين وجهت نقداً واضحاً لبعض إجراءات ترامب قبل رحيلها من منصبها، من دون نسيان أن تمتدح «البلد الجميل» الذي عاشت فيه 3 سنوات.

ويكشف ما حصل أول أمس من قول الولايات المتحدة الأمريكية إنها مستعدة للعمل بصورة مشتركة مع قطر «لردع ومجابهة التهديدات الخارجية لوحدة الأراضي القطرية» عن استعادة واشنطن البوصلة المنطقية فيما يخص أزمة الخليج، وهو إعلان يغلق عمليّاً الخطط الطائشة التي راودت المخططين لهذه الأزمة الخليجية، ويفتح فصلاً جديداً باتجاه إنهائها.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تحالف حصار قطر أسرار الأزمة الخليجية الحوار الاستراتيجي القطري الأميركي السعودية أبوظبي المدارات الإقليمية والعالمية الخطوط البحرية والجوية الكويت عمان تركيا إيران النسيج الاجتماعي والاقتصادي الخليجي شعوب الخليج دونالد ترامب زيارات جاريد كوشنر محمد بن سلمان النخبة السياسية القطرية